كاميرات رقمية ستقضي على أفلام التصوير

مجسات مطورة حساسة تلتقط الألوان بوضوح وتقلل انحراف الضوء

TT

اذا كان كارفر ميد على صواب فان أفلام التصوير معرضة الى خطر الانقراض. ويعتبر الباحث ميد (76 عاما) رائدا في صناعة الرقائق الالكترونية الحديثة في السبعينات، لكنه لم يتوقف أبدا عن الاختراع. وتعتزم شركته «فوفيون» الجديدة انتاج نوع مطور من مجسات التصوير الرقمية بالغة الحساسية digital image sensor يرى باحثون أنها ستكون أول اختراع يضاهي او يتجاوز القدرات التصويرية لأفلام 35 مليمترا.

وتقوم شركة «سيغما» اليابانية لانتاج الكاميرات والعدسات حاليا باستخدام رقيقة حساسة تنتجها شركة «فوفيون» في كاميرا أحادية العدسة تعتزم طرحها للأسواق نهاية الشهر الحالي بمبلغ قدره ثلاثة آلاف دولار. ومن المقرر ان يتم تسويق جيل جديد من كاميرات فوفيون الخريف المقبل، واذا لاقت اقبالا من قبل شركات صناعة الكاميرات الأخرى فانها سوف تباع العام المقبل لتصبح من اشهر الماركات الشعبية للكاميرات الرقمية وبسعر اقل من ألف دولار.

وتقوم شركة «ناشنال سيمي كوندكتور» بصنع أول جهاز حساس، او مجس، من اختراع فوفيون، الذي يحتوي على 3.35 مليون عنصر صورة (بيكسل). ومثل هذه النوعية سوف تضع ذلك الجهاز في قلب الأسواق التي تتعامل برقائق أجهزة التصوير الرقمية الحساسة في الكاميرات الرقمية للصور العادية وكاميرات الفيديو. وبسبب من التقنية اللونية الجديدة للكاميرا فان مصمميها يقولون انها تضاهي المجسات الحساسة الحالية التي تحتوي على سبعة ملايين عنصر صورة وتباع بستة آلاف دولار أو اكثر. وتعليقا على جهاز فوفيون يقول جورج غيلدر، وهو اقتصادي ومحلل في صناعة المعلومات «انه سيغير الصناعة في هذا المجال كليا»، بينما يقول المديرون في شركة «ايستمان كوداك»، وهي احدى اكبر الشركات المنتجة للكاميرات الرقمية للمستهلكين والمحترفين، انهم تحدثوا الى المسؤولين في شركة فوفيون حول امكانية استعمال أجهزة التصوير الرقمية الحساسة في أحد خطوط انتاجها.

* اختراق في عالم التصوير

* ويقول كريس شوت وهو محل بارز في شركة «انترناشنال داتا كوربوريشن» للأبحاث «لا اشك بأنها تكنولوجيا متقدمة، لكن المشكلة هي ان السوق ممتلئ بكبار المنافسين، اذ أن اكبر شركة في انتاج الكاميرات الرقمية في العالم هي «سوني» التي تعادل أضعاف شركة فوفيون.

ومع ذلك فان خبراء التصوير يقولون ان اختراع شركة فوفيون قد يكون من اكبر الاختراقات في مجال التصوير الرقمي منذ اختراع مجسات كاميرات التصوير بالأبيض والأسود في مختبرات بيل عام 1969، ذلك أن كاميرات فوفيون تسهل بطريقة كبيرة عملية التقاط الصورة الرقمية وفي الوقت نفسه تتفادى الانحرافات الضوئية التي كثيرا ما يتضرر منها التصوير الرقمي. تقوم أجهزة الاحساس الرقمية الحالية بالتقاط الضوء باستعمال فسيفساء من المرشحات اللونية من الأحمر والأخضر والأزرق، مما يحدد الألوان في لون واحد لكل عنصر صورة على سطح المجس. وتتطلب هذه التقنية أن تقوم رقيقة الكترونية بأداء نحو مائة من الحسابات لكل نقطة لتقريب اللون، مما قد يؤدي الى عدم دقة اللون. وتحد هذه العوائق بنوعية الصورة ومن قدرة الكاميرا على العمل في الضوء الخافت. ويقول ميد إن معظم الكاميرات الرقمية لا تقوم بعمل جيد في اعطائك الألوان التي تريدها.

وعوضا عن تقسيم الصور الى ألوان منفصلة وتوزيعها حول نقطة منفصلة، تعامل الجهاز الحساس لشركة فوفيون مع الالوان الثلاثة، فهو يلتقط اللون بقياس المدى الذي يمكن معه لفوتونات الضوء اختراق سطح المادة المطلوب تصويرها. وهذا يؤدي الى نوعية أحسن للصورة الناتجة عن عدد من النقاط، والى فقدان اقل للضوء، واحتياج اقل لتصحيح الحسابات التي يمكن أن تشوه الصورة. ويقول ميد «لم تعد هناك حاجة لاستخدام الفيلم».

ويقول دون فرانز، وهو ناشر مجلة «فوتو ايمجنغ نيوز» انه مع وجود اكثر من مليار من الكاميرات الفلمية في العالم فان من المتوقع أن يتعرض التصوير العادي الى الزوال. لكنه يشير الى أن سوق الكاميرات الرقمية ينمو بسرعة اذ بيعت نحو ثمانية ملايين كاميرا رقمية في أميركا العام الماضي وعشرة ملايين في العالم، في سوق دولية تقدر قيمتها بنحو .6 8 مليار دولار. ويرى اليكسيس جيرارد وهو مسؤول عن نشرة فيوتر ايميج ريبورت أن امتلاك كاميرا قادرة على قياس ثلاثة الوان في كل عنصر وفي عرض كامل كانت منذ أمد بعيد الهدف الأسمى بالنسبة للهندسة. ويقول خبراء إن أحد الجوانب المثيرة لكاميرا فوفيون أنها يمكن أن تسمح باختراع كاميرا مهجنة تعمل بصورة جيدة بالنسبة للتصوير الفوتوغرافي والتصوير بالفيديو. فكاميرات الفيديو الرقمية والكاميرات الثابتة تباع حاليا في أسواق متفرقة لأن اغلب أجهزة الاحساس لا تتفق بسهولة مع النوعية العالية للصور الثابتة لتنزل الى نوعية الصور المتحركة الهابطة.

وتعد تقنية فوفيون الجديدة للأجهزة الحساسة، التي تطلق عليها اسم «اكس 3»، نقلة من نوعين من الاجهزة الحساسة للتصوير كانت دخلت في استعمالات مجموعة كبيرة من المنتجات الاستهلاكية وهي سيموس (CMOS) التي ترمز الى شبه الموصلات المعدنية ـ المؤكسدة المكملة، والنوع الثاني وهو اكثر تعقيدا ويطلق عليه اسم (سي سي دي) ومعناه الجهاز المشحون المتقارن. ولم تعط فوفيون تفاصيلا دقيقة حول أساليب تصنيع أجهزة «اكس 3»، لكنها قالت ان هذه الأخيرة تخفض من تكاليف اختراع الأجهزة الحساسة كثيرا ويمكن لها أن تفتح الطريق أمام مصنعي الرقائق في أميركا في مجال أجهزة الاحساس الرقمية..

* نيويورك خاص بـ «الشرق الأوسط» شرح صورة كاميرا رقمية من طراز «دي سنال» عرضتها شركة «ماتسوشيتا اليابانية الالكترونية العملاقة نهاية العام الماضي، زودت بمجس (MO) بـ 350 الف عنصر صورة وتزن الكاميرا 98 جراما، وطرحت في الاسواق نهاية الشهر الماضي بثمن 350 دولارا.