رادار صغير للمراقبة في العواصف الثلجية والترابية

بحجم علبة سجائر ويصلح بديلا لأشعة إكس وعينين لروبوتات المستقبل

TT

فضلا عن البطل الخارق «سوبرمان»، لا تستطيع العين البشرية الطبيعية أن ترى ما هو خلف الجدران والحواجز، لكن رادارا مصغرا من معهد فراونهوفر للفيزياء التطبيقية يمكنه أن ينظر وراء الورق والكرتون والخشب والمواد الصناعية الأخرى.

وسيستعرض علماء المعهد الرادار المصغر أمام زوار «معرض هانوفر للصناعة المتكاملة» (8 - 12 أبريل/ نيسان 2013)، وهو المرشح الأول لنيل جائزة المعرض لأفضل الاختراعات التقنية. والرادار عبارة عن رادار وجهاز استشعار للموجات المصغرة في آن واحد، يرسل الترددات بين 75 و110 غيغاهيرتز، ويضمن من ثم كشف المواد والأشكال، المتحركة والثابتة، عن بعد، ومن وراء الحواجز.

وحسب مصادر المعهد فإن الرادار المصغر قادر أيضا على الكشف والاستقصاء بدقة أثناء العواصف الثلجية الكبيرة، والعواصف الترابية والغيوم السميكة المحملة بالماء. وهذا ليس كل شيء، لأن قدرته على اختراق المواد، تمكن الرادار من إعطاء مقاييس أصغر المواد عن بعد، ورغم أكثر الظروف الحاجبة للرؤية كثافة.

هذا يعني أن هذا الرادار، الذي لا يزيد حجمه عن حجم علبة سجائر، وعلى عكس أجهزة الاستشعار البصرية، «يضيء» للمراقبين كافة الأجهزة الكهربائية، إضافة إلى الأجهزة غير الكهربائية، والمواد غير الموصلة، وكافة المواد غير الشفافة التي تمتد بين الأنسجة والورق والخشب والمواد الصناعية، وندف الثلج والضباب أيضا.

* تطبيقات متعددة

* وذكر الباحث أكسل هولسمان، من معهد فراونهوفر، أن الرادارW - Band - Radar يصلح لمختلف التطبيقات، فهو يصلح للحلول محل أشعة إكس في الطب، لأنه غير ضار صحيا، وأكثر دقة من أجهزة الأشعة التقليدية. وتمت تجربته في مراقبة أنظمة المواصلات في المدن بنجاح، وفي مراقبة دواخل مخازن الحبوب (السايلو)، وفي مراقبة الإنتاج في المصانع، وعموما في كل مكان تفشل فيه أنظمة الاستشعار الحرارية والبصرية. ويعمل الرادار بقدرة كهربائية لا تزيد على 10 مللي واط، وهو سبب سلامته الصحية، لأن الهاتف الجوال، مثلا، يعمل بدرة تتراوح حول 1000 مللي واط.

ومثلا، تعاني إدارات مخازن الحبوب من انعدام الرؤية داخل المبنى (السايلو) بعد تفريغ الحبوب في المخزن، إذ يثير تفريغ الحبوب عادة عاصفة غبارية داخلية تستمر لساعات، ويعجز خلالها المسؤولون عن رصد ما يجري خلال هذه الفترة، لكن استخدام رادار W - Band جعل هذا الأمر ممكنا.

ويعود الفضل في حجم الرادار الصغير إلى حقيقة أنه يعمل بموجات قصيرة لا تزيد على 3 ملليمترات. ويعمل الرادار على شبه الموصلات من «أرسنيد الغاليوم» (Gallium arsenid) إلى جانب مرسلة ضعيفة الإيصال الكهربائي، أهلت الرادار لمراقبة سياج في ميناء هامبورغ عن بعد 300 متر، وفي ظروف مطر وضباب عجزت خلالها الكاميرات عن مراقبة السياج.

وأضاف هولسمان أن أجهزة الرادار التقليدية، المستخدمة في هذه المجالات، وتعمل بالسيراميك، غالية وكبيرة الحجم ويتراوح وزنها بين 4 - 5 كيلوغرامات. وهي أجهزة يقتصر استخدامها حاليا على المجال العسكري، في حين أن W - Band - Radar مخصص لكافة التطبيقات، وخفيف لأن علماء المعهد صنعوه بطريقة تجميع الوحدات، وهو خفيف الوزن، مقتصد باستهلاك الطاقة.

* محاكاة الوطواط

* ويبدو أن العلماء استوحوا عمل W - Band - Radar من طريقة التأقلم الراداري الطبيعية لدى الوطواط، إذ يرسل رادار W - Bandالموجات أيضا ويتلقى الموجات المرتدة، ويقيس على هذا الأساس أطوال وأحجام وبعد الأشياء «المخفية»، على أساس الفرق بين طول الموجات المرسلة والموجات التي يجري استقبالها.

وطبيعي؛ فإنه مؤهل تماما أيضا لرصد الأشياء المتحركة وتسجيل أحجامها وأطوالها وسرعتها. والفرق واضح بين الوطواط ورادار W - Band لأن الأخير قادر على رصد الأشياء من مسافة 3 كلم، وكشف ما وراء الجدران الخشبية والكرتونية والصناعية من مسافة 300 متر. ويمكن للرادار عرض كافة الأشياء التي يكشفها، المباشرة أو غير المباشرة «عبر الجدران» على شاشة الكومبيوتر بواسطة كابل «يو إس بي».

وفضلا عن المهمات العسكرية والتجسسية وغيرها من التطبيقات، يمكن للرادار الصغير أن يلعب دورا مهما في المستقبل في محاولات إنقاذ حياة الناس، فقدراته على اختراق الجدران والأشياء، ودقته في رصد الحركة، يمكن أن تعين في الكشف عن الناس الأحياء «المقبورين» تحت أنقاض الزلازل، أو الكشف عن الغرقى، وما إلى ذلك من المهمات الطارئة.