مشروع أميركي جديد لرسم خريطة مفصلة لنشاط الدماغ البشري

البروفسور ياسر أبو مصطفى لـ «الشرق الأوسط» : يحمل إمكانات هائلة للتقدم في الذكاء الصناعي

TT

تستعد وكالات ومؤسسات فيدرالية أميركية ومؤسسات خاصة ونخبة من أبرز علماء الأعصاب الأميركيين للقيام بأحد أضخم المشاريع العلمية في القرن الحالي، والمتمثل في رسم خريطة مفصلة لنشاط الدماغ البشري والذي يتألف من مائة مليار خلية عصبية، والذي يمكن أن يكشف عن مزيد من المعلومات عما يحدث داخل الدماغ، للوصول إلى فهم أفضل والتوصل لعلاجات جديدة للكثير من الأمراض والاضطرابات العصبية والنفسية مثل أمراض ألزهايمر وباركنسون (الشلل الرعاش) والاكتئاب والانفصام. ويتوقع الإعلان عن هذا المشروع من قبل البيت الأبيض الأميركي في وقت لاحق من شهر مارس (آذار) الحالي.

* خريطة المخ

* وسوف يستخدم الباحثون في هذا المشروع الجديد، أدوات وتقنيات حديثة، لفهم كيفية إسهام نشاط الملايين من الخلايا العصبية في وظائف المخ المعقدة، لأن الأساليب الحالية لمسح وتصوير الدماغ، غير كافية، كما أنها لا تقرأ الدماغ بتفاصيل وافية، وبطيئة للغاية بالنسبة لتغير المعلومات آنية الحدوث في الدماغ، ومن المتوقع أن يشارك فيه علماء من مجالات علم الأعصاب والنانوتكنولوجي والبيولوجيا الصناعية، ويتوقع أن يستغرق المشروع نحو 15 عاما.

وقال الباحثون إن هناك الآن عددا من الأدوات والوسائل مثل التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) والتخطيط الكهربائي للدماغ (EEG)، التي تخبرنا عن وظيفة الدماغ وبنيته، ولكن بدقة منخفضة، لا تفي بحاجات تسجيل ما يحدث داخل الكثير من الخلايا العصبية بدقة تامة وفي الوقت الحقيقي، وفي مناطق واسعة من الدماغ.

ويلخص تقرير «خريطة نشاط الدماغ» المنشور في 7 مارس 2013، على الموقع الإلكتروني لمجلة «ساينس» الأميركية، أهداف هذا المشروع الطموح. وسوف يبدأ تطبيق هذه التكنولوجيات الجديدة، على أدمغة بسيطة في البداية، مثل دماغ الذباب، والذي يحتوي على نحو مائة ألف خلية عصبية.

* دماغ صناعي

* وفي حديث هاتفي لـ«الشرق الأوسط» حول آفاق وتطبيقات هذا المشروع، قال البروفسور الأميركي المصري الأصل ياسر أبو مصطفى، أستاذ الهندسة الكهربائية وعلوم الكومبيوتر، في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتاك) في باسادينا بولاية كاليفورنيا الأميركية، إن «هذا المشروع له أهداف طموحة للغاية وإمكانية الاستفادة منه كبيرة جدا في الكثير من المجالات، وخصوصا مجال العلوم البيولوجية، أما بالنسبة لمجال الذكاء الصناعي والدماغ الصناعي، فنحن حتى الآن ما زلنا نستلهم من عالم البيولوجيا ونأخذ منه الأفكار التي يمكن تحقيقها بهدف بناء نظام هندسي يمكن أن يحاكي هذه الوظائف الطبيعية، ومعظم الأنشطة التي نجريها تنحصر في عمليات التحاليل الرياضية والبرمجة الكومبيوترية، وهي مبنية على مبادئ بيولوجية بسيطة، ويعتبر مشروع رسم خريطة شاملة للدماغ مشروعا ناجحا، حيث ينقلنا من حالة الاستلهام البيولوجي إلى فهم البيولوجيا، فهو حافز حقيقي، حيث يمكن أن يؤدي في النهاية إلى التقدم في أنظمة الذكاء الصناعي التي تحاكي الدماغ البشري».

وبسؤال البروفسور أبو مصطفى، الخبير والمتخصص في مجال تعليم الآلة والذكاء الصناعي، حول هل من الممكن وإلى أي مدى سيفيد هذا المشروع في تصميم دماغ صناعي يحاكي الدماغ البشري، قال إن «هذا المشروع له أبعاد ومعان كثيرة في أذهان الكثير من الناس، فمثلا لنتحدث عن وظيفية الدماغ، نفترض أن هناك مريضا فقد جزءا من دماغه بشكل دائم، وهذا المشروع يمكننا من فهم شامل لكيفية عمل الدماغ، فإننا في هذه الحالة سنتمكن من استبدال هذا الجزء المتضرر، سواء كان داخليا أو خارجيا عن طريق التكنولوجيا، حتى يتمكن المريض من استعادة وظائف هذا الجزء من دماغه، وهذا أمر قد يبدو طموحا في البداية، لكنه أمر واقعي ويمكن تحقيقه».