روبوتات يديرها رواد فضاء من مركباتهم المدارية.. وأخرى لأغراض الإغاثة السريعة

الهدف منها استكشاف سطح الكواكب البعيدة والعمل في مناطق الكوارث

الروبوت الفضائي «كيه 10»
TT

بينما يصل الروبوت الياباني الناطق «كيروبو» المصمم بتكنولوجيا تتيح التعرف على الصوت وملامح الوجه إلى محطة الفضاء الدولية في تجربة للتعرف على وسائل مساعدة الرواد في تأدية أعمالهم، تطور وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) روبوتات يتحكم فيها رواد الفضاء من مركباتهم أثناء سيرها على سطح الأجرام السماوية! وكما تقوم المركبات الآلية التي تدار من بعيد في مساعدة البشر على اكتشاف أعماق المحيطات من فوق سطح المياه، شرعت «ناسا» أيضا بدراسة المنهج ذاته من خلال دراسة كيفية مساعدة رواد الفضاء في يوم ما على اكتشاف العوالم الأخرى بواسطة الروبوتات.

* تحكم فضائي بالروبوت وقامت «ناسا» حديثا باختبار فكرة التحكم البعيد بالروبوتات «سيرفايس تيليروبوتكس» التي تقوم على مبدأ قيام رائد الفضاء وهو على متن مركبة مدارية فضائية بتشغيل روبوت من بعيد يعمل على سطح أحد الكواكب. وفي المستقبل سيكون بمقدور رواد الفضاء الذين يدورون حول الأجسام والكواكب الفضائية الأخرى مثل المريخ، أو القمر، أو الكويكبات الدائرة في النظام الشمسي استغلال هذه الطريقة للقيام بمهماتهم عن طريق الروبوتات كرموز تمثلهم على سطح تلك الكواكب.

وخلال التجربة التي تمت يوم 17 يونيو (حزيران) الماضي، قام المهندس الأميركي على الرحلة «إكسبيديشن 36» كريس كاسدي من «ناسا» بتشغيل المستكشف، أو المسبار الجوال الروبوت «كيه 10» (K10) في «روفرسكايب»، وهي منطقة خارجية لاختبار الروبوتات تبلغ مساحتها مساحة ملعبين لكرة القدم واقعة في مركز «إيمس» التابع للوكالة، وذلك من موقعه على محطة الفضاء الدولية على ارتفاع مئات الأميال من سطح الأرض. واستخدم كاسدي لأكثر من ثلاث ساعات هذا الروبوت للقيام بمسح إحصائي لمنطقة «روفرسكايب» الصخرية التي تشبه تضاريسها ألأرضية سطح القمر.

وفي 26 يوليو (تموز) الماضي قام مهندس المحطة لوقا بارميتانو من وكالة الفضاء الأوروبية بإكمال ما بدأه كاسدي بالتحكم من بعيد بالمسبار الجوال.

ومثلت هذه الاختبارات لأول مرة برنامج «ناسا» المفتوح المصدر «رابد» الذي يرمي إلى استخدام الروبوتات، بالتحكم بها من الفضاء الخارجي. وقد استخدم «رابد» مع مجموعة واسعة من النظم، بما فيها المسابر، والروبوتات الجوالة، والطائرة، والرافعة منها.

* روبوتات ذكية ويقول تيري فونغ مدير مشروع روبوتات الاتصال، ومجموعة الروبوتات الذكية في مركز «إيمس» للأبحاث في «موفيت فيلد» في كاليفورنيا التابع لـ«ناسا»: «لأنه بات من الشائع في عمليات الاستكشاف تحت البحر استخدام عصا التوجيه الصغيرة والتحكم المباشر بالغواصات التي تدار من بعد، تعتبر روبوتات (كيه 10) أكثر ذكاء، إذ تتجاوب الروبوتات مع رواد الفضاء على مستوى عال بحيث يبلغها هؤلاء إلى أين تتوجه، لتقوم هي بصورة مستقلة وبذكاء بالوصول إلى هناك بأسلوب أمين».

وستقوم «ناسا» بإجراء اختبار أخير مع محطة الفضاء الدولية خلال شهر أغسطس (أب) الحالي، وذلك عندما يقوم المهندسون ورواد الفضاء بفحص الهوائي الذي جرى نشره، ودراسة التفاعل والتجاوب بين البشر والروبوت.

«وخلال الرحلات المستقبلية التي تتعدى المدار المنخفض للأرض، فقد تكون بعض ألأعمال غير ممكنة بالنسبة إلى البشر للقيام بها يدويا، مما يتعين على الروبوتات إكمالها وإنجازها بالسماح للرواد بإدارة هذه العمليات من بعيد، من المحطات الفضائية، والمركبات، أو أي مكان آخر»، كما يقول فونغ.

والروبوت «كيه 10» هذا هو عربة رباعية العجلات يمكن توجيهها بارتفاع 4.5 قدم، وزنة 220 رطلا، ويمكنها التنقل بسرعة ثلاثة أقدام في الثانية الواحدة. وقد جهزت «كيه 10» بكاميرات عدة، وجهاز ليزر للمسح ثلاثي الأبعاد للقيام بعمليات المسح، فضلا عن آلية لنشر هوائي الراديو التي جرت محاكاتها.

وقد انطوت اختبارات «سيرفيس تيليروبوتكس» للعام الحالي على محاكاة مهمة مستقبلية ممكنة الإجراء تنطوي على وجود رواد فضاء على متن مركبة «أوريون» الفضائية التابعة لـ«ناسا» مسافرة إلى نقطة «الـ2 لانغرينج» بين الأرض والقمر، حيث الجاذبية بين الأرض والقمر يتعادلان، مما يتيحان للمركبة الفضائية الحفاظ على مدار ثابت بينهما، وهي تبعد 40 ألف ميل فوق الجانب البعيد من القمر.

ومن هناك يمكن لرواد الفضاء تشغيل الروبوت من بعيد للقيام ببعض ألأعمال العلمية على سطح القمر، كنشر تلسكوب لا سلكي. وطورت فكرة مثل هذه الرحلة دائرة «لونار يونيفيرستي نيتورك» التابعة لقسم الفيزياء الكونية في جامعة كولورادو في أميركا. «وسيتيح وضع مثل هذا التلسكوب اللاسلكي في الجانب البعيد من القمر، أعمال المراقبة للكون في بداية عهده بصورة خالية من الضجيج اللاسلكي للأرض»، وفقا إلى جاك بيرنز الأستاذ في الجامعة المذكورة، والمشارك في معهد العلوم القمرية في «ناسا».

* روبوتات إغاثة على صعيد آخر كشفت، وبأسلوب مسرحي، وكالة مشاريع الأبحاث العسكرية المتقدمة (داربا) عن الروبوت الكبير «أطلس» الذي يستجيب للكوارث الذي طورته شركة «ديناميكس» خارج مدينة بوسطن، في إطار منافسات «داربا روبوتكس تشالنج». ويؤمل أن يكون «أطلس» الخطوة الأولى نحو قيام الروبوتات، لا البشر، بالمساعدة في عمليات الإغاثة، لدى وقوع الكوارث، مثل حادثة فوكوشيما النووية في اليابان.

وقام الروبوت ببعض الاختبارات الأساسية أمام الجمهور الذين شاركوا بمؤتمر «دي آر إس»، بما في ذلك السير على آلة «تريد ميل» الخاصة بتمارين المشي الرياضية. وأوضح مدير «داربا» للبرامج غيل برات أن «أطلس» بصورته الحالية هو في كفاءة طفل بعمر سنة واحدة.

وينبغي ترك السلوك والحركات الأكثر تعقيدا إلى وقت آخر، حتى تعيد تلك الفرق مخططاتها إلى مختبراتها الخاصة، حيث ستقضي الساعات الطوال في برمجة الروبوتات لإنجاز الأعمال التي تسبق المنافسات، بين روبوتات «أطلس» المقرر إجراؤها في ديسمبر (كانون الأول)، على طريق سريعة في فلوريدا، التي ستفتح للجمهور. وقد اختير الموعد والمكان لتقليص احتمالات سقوط المطر، وخاصة أن «أطلس» ليس مضادا للماء.

و«أطلس» ذاته يجمع بين أجهزة مأخوذة من عدة شركات. وقد قامت «بوسطن ديناميكس» بتشييد غالبية الروبوت، مثل الجذع والذراعين والسيقان والأقدام. أما الرأس فقد صنعته مجموعة «كارنيغي للروبوتات»، ويتميز بمجموعة من المستشعرات المعقدة المصممة لمنحه إدراكا ثلاثي الأبعاد لما يحيط به، بما في ذلك جهاز لقياس الأبعاد بواسطة الليزر. وسيجري تجهيز الفرق المشاركة بالمنافسة عن طريق استخدام هذا الروبوت، بزوجين مختلفين من الأيادي، واحد مشيد من قبل «آي روبوت»، والآخر من قبل «مختبرات «سانديا ناشنال لابس». وستكون للفرق الحرية لمزج أنواع هذه الأيادي والملاءمة بينها، ليكون لـ«أطلس» يد يسرى من «آي روبوت»، وأخرى يمنى من «سانديا».

وكانت الفرق التي حضرت احتفال تقديم هذا الروبوت قد التقت «أطلس» لتعلم كيفية العمل مع الروبوت، بما في ذلك مسائل السلامة، لأنه يزن 150 كيلوغراما.

* مواصفات الروبوت وتشمل مواصفات روبوت «أطلس:

* الطول: ستة أقدام وبوصتان (188 سم).

* الوزن: 330 رطلا (150 كيلوغراما).

* كومبيوتر تحكم في الزمن الحقيقي مركب على متنه.

* مضخة هيدرولية على المتن مع إدارة حرارية.

* موصول بالشبكة بأسلاك، مع طاقة بجهد 480 فولتا ثلاثية الأطوار، بقوة 15 كيلوواط.

* ذراعان، وساقان، وجذع، ورأس.

* 28 مفصلا يعمل هيدروليا.

* رأس من «كارنيغي روبوتكس» بمستشعرات LIDAR وستيريو.

* مجموعتان من الأيادي، واحدة من تقديم «آي روبوت»، والأخرى من مختبرات «سانديا ناشنال لابس».

* «روبوت هوندا» وتطور شركة «هوندا» اليابانية هي الأخرى روبوتا آخر للمساعدة في الكوارث. وفي أعقاب زلزال مارس (آذار) 2011 والتسونامي الذي تبعه اللذين شلا محطة فوكوشيما النووية في اليابان، تلقت «هوندا» الكثير من الطلبات لإرسال روبوتها «أسيمو» للمساعدة في أعمال الإغاثة. ولكن لم يكن «أسيمو» مصمما للعمل خارج بيئة المختبرات والمكاتب. ناهيك بأن منطقة الكوارث كانت موبوءة بالإشعاعات.

وإثر هذه الحادثة تفاجأ الكثير من المراقبين من أن اليابان المشهود لها بصناعة الروبوتات المتطورة، لم تكن مستعدة بما فيه الكفاية، وكان عليها الاعتماد على الروبوتات الأميركية بدلا من ذلك. وفي الشهور التي أعقبت، سارعت الوكالات الحكومية اليابانية والشركات لتطوير روبوتات قادرة يمكنها الاستجابة للكوارث وعمليات الإغاثة. وقامت «هوندا» بالذات بتطوير مركبة بجنازير تدعى «هاي - أكسيس سرفاي روبوت»، بالتعاون مع مختبرات الأبحاث والتطوير اليابانية «ألست». لكن يبدو أن «هوندا» كان في جعبتها شيء أكثر تشويقا.

وكانت المعلومات الرسمية الوحيدة عن هذا الموضوع فقرة واحدة نشرتها «هوندا» تقول: «في أعقاب تطوير يد للروبوتات، ستقوم (هوندا) بتسريع تطوير الروبوتات المصممة أيضا لاستخدامها في عمليات الإغاثة، بما في ذلك منع حصول الدمار الناجم عن الكوارث والتخفيف من آثاره».

فإذا كانت «هوندا» فعلا تبني مثل هذا الروبوت، فإنه سيكون أطول قامة وأكثر قوة من «أسيمو»، ومشابها للنماذج الأولية الكثيرة التي طورتها الشركة في أواخر التسعينات، والتي أدت إلى تطوير «أسيمو» الذي كشف النقاب عنه أولا. واعتبرت هذه النماذج الأولية كبيرة جدا ومرعبة للتعايش مع البشر، لكنها كانت من الحجم الصحيح للقيام بأعمال في البيئات الخطرة.