مناقشات حول منافع وأضرار السيجارة الإلكترونية

مبيعاتها تزداد وتنتشر بين الصغار رغم الافتقار إلى دراسات حاسمة حولها

TT

عندما قامت صديقة لي جالسة قبالتي على طاولة المطبخ بسحب ما يشبه السيجارة، كنت على وشك أن أطلب منها التوجه إلى الباب الأمامي لتدخينها، قبل أن أدرك أنها تنفخ بخارا لا رائحة له، وليس دخانا، لقد كانت تدخن «لفافة إلكترونية».

وتأتي مثل هذه اللفائف بأشكال متعددة، غير أن غالبيتها تتألف من بطارية، وعنصر تسخين، وسائل يتضمن الـ«نيكوتين»، والـ«بروبلين غليكول»، وبعض مضافات الطعم (المطّعمات). ويقوم عنصر التسخين بإحماء السائل ورذاذه، محولا إياه إلى بخار يقوم المدخن باستنشاقه.

ويمنح تدخين مثل هذه السجائر مدخنيها طعم النيكوتين ونكهته، من دون تعريضهم والأشخاص الذين حولهم إلى دخان التبغ. واختفاء الرائحة هو أحد أكبر عوامل الترويج والبيع، وفقا لكريغ وايز كبير مديري شركة «إن جوي» للسجائر الإلكترونية.

* سجائر إلكترونية

* وعلى الرغم من أن صانعي هذه السجائر لا يقدمون أي ادعاءات تتعلق بالسلامة الصحية لها، أو أضرارها، يفترض غالبية مدخنيها أن عدم وجود دخان التبغ المحترق، من شأنه القضاء على الضرر. «وما من شك أن مثل هذه السجائر توفر القليل من السموم، مقارنة بالسجائر التقليدية، لكن مسألة هذا القليل ما تزال غير واضحة»، كما يقول ستانتون غلانتس مدير مركز التثقيف وأبحاث السيطرة على التبغ في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، على الرغم من أن من المتوقع أن تبلغ مبيعات السجائر الإلكترونية مليار دولار هذا العام، مع وجود الكثير من الأنواع المختلفة. ويضيف غلانتس أن تدخين مثل هذه السجائر هو عادة جديدة، ولذلك لا تتوفر بعد دراسات كثيرة حولها، مما يعني ضرورة إجراء دراسات عشوائية لتقديم أجوبة حاسمة حول سلامتها.

وعلى الرغم من تعرض مدخني هذه السجائر إلى القليل من المواد المسببة للسرطانات، والمهيجات، مقارنة بالسجائر التقليدية، غير أن المكونات الموجودة في السوائل يمكنها أن تختلف من منتج إلى آخر، استنادا إلى عالم السلوكيات ألكسندر بروكهوروف من مركز «أندرسون» للسرطان في جامعة تكساس الطبية، «فالشركات تحاول دائما الخروج بنكهات جديدة في كل مرة، من دون أن نعرف ماهيتها، وما هو موجود فيها»، كما يضيف. لكن التحليلات التي قام بها الباحثون في إدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي إيه)، وجدوا مستويات قليلة من «نتروسماينز»، و«إيثلين غليكول»، و«دياثلين غليكول»، وهي مواد كيميائية لها علاقة بالسرطان والمخاطر الصحية الأخرى، وذلك في بعض هذه المنتجات، ولكنها كانت تشكل جزءا ضئيلا مقارنة بما يحصل عليه المدخن من لفافة التبغ العادية.

وخلافا لسجائر التبغ، فالسجائر الإلكترونية ليست خاضعة حاليا إلى أي تنظيم قانوني في الولايات المتحدة، مما يعني أن مكوناتها الأساسية ليست موحدة المواصفات. لكن إدارة «إف دي إيه» تعمل حاليا على مشروع مقترح لتنظيم هذا المنتج، كما كتب ناطق بلسان إحدى الشركات المنتجة لهذه السجائر في بيان. ولم تحدد «إف دي إيه» موعدا لصدور هذا التنظيم، وإن كان غلانتز يعتقد أن الضغوط السياسية قد تؤخر صدوره.

* منافع وأضرار

* في هذا الوقت يحاول الباحثون تحديد منافع هذه السجائر وأضرارها «لأنها منتج جديد لا نعرف الكثير عنه»، كما يقول بالاف بوكهرل عالم الصحة العامة في مركز السرطان التابع لجامعة هاواي.

وبعض هذه السجائر الإلكترونية تسمح لمدخنيها بتعديل كمية النيكوتين المستنشق، وحتى إيصاله إلى مستوى الصفر مع مرور الوقت، تمهيدا للإقلاع عن التدخين كليا. ومع ذلك لا توجد دراسات قيمة حاليا تظهر أن مثل هذه السجائر تتفوق على المنتجات الأخرى الموجودة في الأسواق حاليا على صعيد مساعدة المدخنين الإقلاع عن هذه العادة، ولا حتى أن «إف دي إيه» أقرت بقدرة هذه السجائر على مساعدة عملية الإقلاع عن التدخين.

وكانت لورين أوديوم الباحثة الصيدلانية في جامعة ميزوري في كنساس سيتي قد نشرت مراجعة علمية أخيرا حول استخدام هذه السجائر لأغراض التوقف عن التدخين. وذكرت أنها سمعت الكثير من الروايات حول تأثير هذه السجائر على الإقلاع عن التدخين، لكن كانت في أغلبيتها على شكل استطلاعات وتصريحات محرفة غير دقيقة، لكون الذين توقفوا عن التدخين، كانوا مستعدين للتصريح بذلك، خلافا للذين لم يتمكنوا من الإقلاع عنه، الذين رفضوا الاستجابة لمثل هذه الاستطلاعات والإقرار بفشلهم.

وتعمل أوديوم في عيادة تساعد على المدخنين على الإقلاع عنه، وذكرت أن مرضاها أبلغوها أن هذه السجائر ساعدتهم كثيرا، أو حتى على الإقلال من السجائر العادية التقليدية، وأحد أسباب هذا التفضيل، أن المرضى لم يرغموا على التوقف عن العادة السيئة، أي حركة اليد إلى الفم، أو الانقطاع عن النيكوتين التي هي من مكونات الإدمان.

ويخشى بعض الباحثين من أن تكون هذه السجائر الإلكترونية مدخلا للصغار لتدخين السجائر العادية وإدمان النيكوتين، فقد وجد تقرير صدر أخيرا عن مركز الأمراض والسيطرة عليها، أن استخدام السجائر الإلكترونية في المدارس الثانوية قد تضاعف بين عامي 2011 و2012، إذ تبين أن 1.78 مليون تلميذ صغير قد قاموا بتدخينها، بينهم 160 ألفا لم يدخنوا بتاتا السجائر التقليدية، مما يعني أنهم معرضون للإدمان عليها، اعتقادا منهم أنها أكثر أمانا من السجائر العادية، وفقا لأوديوم.

* خدمة «واشنطن بوست»