برامج كومبيوترية لتصنيع الأغذية في وادي السيليكون

الحشرات ستصبح مصدرا للغذاء قريبا

TT

تدرك ميغان ميلر أن الصراصير غنية بالبروتين، وتقول إنه يمكن تحضيرها وتحويلها إلى وجبة شهية. ولكن إذا كان هذا الأمر صعب التصديق، فماذا عن الجدجد (صرصار الليل) إذا ما جرى طحنها إلى دقيق لا ترى منه قوائمها ولا أجنحتها؟ ميغان تعتقد أن ذلك ممكن! فهي شريكة في تأسيس مزرعة ناشئة للحشرات في وادي السيليكون، كرست نفسها لتحضير قطع صغيرة من حشرة الجدجد، على شكل لقم يبلغ سعر الواحدة منها 2.50 دولار. ومن المتوقع طرحها في الأسواق العام المقبل.

وإذا كان صنع الطعام من الحشرات يبدو رائعا أو مقرفا، فإن هذا المنحى الذي اتخذته في معالجة مزارع الحشرات كتقنية جديدة ناشئة، بدلا من تجهيز الطعام العادي، هو ما يجعل شركتها محط اهتمام كبير.

وتقول ميلر عن خلفيتها إنها كانت تعمل في قطاع تطوير المنتجات الرقمية، وهي تطبق التفكير ذاته في العمل الجديد الذي استخدمته سابقا في عملها التقني. وهي إلى جانب إنشائها مزارع للحشرات، فإنها تعمل أيضا مديرة للأبحاث والتطوير في شركة «بونيير» للنشر.

وميلر ليست الوحيدة في تطوير الأغذية الشاذة والطعام الغريب الذي لم نعتده بعد، فهناك جوش تيتريك الذي أسس شركة «هامبتون كريك» للأغذية، الذي يقوم بصنع منتجات تقلد البيض مستخدما بعض النباتات. وقد تمكن فعلا من تأسيس شركة ناجحة رغم الصعوبات الكثيرة هنا، سواء على صعيد القوانين الحكومية أو عوامل المنافسة الشديدة، خاصة من قبل الشركات التي أسست نفسها جيدا خاصة على صعيد التوزيع. وربما يعزى نجاح مثل هذه الشركات إلى الأفكار الجديدة أو الغريبة التي خرجت بها على شكل منتجات لم تكن معروفة في السابق، حتى وإن كانت لا تمتُّ إلى الأغذية بصلة.

* برمجيات غذائية وباتت هذه الشركات الجديدة تتبنى أيضا طريقة عمل مبتكرة عن طريق استخدام مكونات ومذاقات جديدة، ومنهجيات نشطة، حيث يعمل مديرو المشاريع مع فرق صغيرة مع مبرمجين، الذين خرجوا ببرمجيات مثل «سكرم» التي من شأنها إنتاج منتجات سريعة. وتستخدم مثل هذه البرمجيات في صناعة الأغذية أيضا.

وتبدو بعض معامل إنتاج الأغذية في وادي السيليكون شبيهة بمعامل المنتجات الإلكترونية والرقمية، حيث ترى فيها المبرمجين والعلماء والمسوقين يتراكضون هنا وهناك على صوت الموسيقى العالية محاولين في معمل «هامبتون كريك» مثلا، تحويل أكداس النباتات إلى منتجات تقوم مقام البيض الطبيعي.

والموظفون هنا لا يعدون الغذاء الذي ينتجونه طعاما مستقبليا، بل على أنه منتج هو حصيلة تطبيق مبرمج كالذي يجري بيعه مثلا في مخازن «آي تيونز»؛ فقد شرعوا يتحدثون عن إنتاج الغذاء كما لو أنه سلعة كومبيوترية ذات تطبيقات متعددة.

«رغم أن قوام بيض الدجاج الطبيعي لا يتغير بتاتا، فإن فكرتنا تدور حول إدخال التحديثات بالنظام، تماما كتحديثات (أبل) لنظام تشغيلها (آي أو إس)»، كما يقول تيتريك، الذي أضاف: «كأن تكون صلصة المايونيز هي من النسخة 1.0 مثلا، والثانية من النسخة 2.0 التي ستكون أقل كلفة، وتدوم على الرفوف طويلا».

وكان تقرير قد صدر عن الأمم المتحدة قبل شهرين تقريبا حذر فيه من أنه في حلول عام 2050 سيبلغ تعداد العالم من البشر نحو 9 مليارات نسمة، ولن تكون المصادر الطبيعية على هذا الكوكب كافية لإطعام كل هذه الأفواه الجائعة، واقترح التقرير جعل الحشرات المصدر الأساسي البديل للغذاء، لذا يبدو أن وادي السيليكون بشركات الأغذية الجديدة التي ستتأسس فيه، وبمساعدة البرمجيات الكومبيوترية التي ستتحكم بتكوين الطعام، ستحاول إنتاج كميات من البروتين قدر المستطاع، لأن اللحوم وحدها لن تكفي. لذلك تقول ميلر: «سنحاول جعل هذا البروتين شعبيا ومستساغا في الثقافة العالمية قدر المستطاع، وإن كان هذا يبدو صعبا للغاية».

المصدر الآخر الذي تتحدث عنه الدوائر المختصة أيضا هو تحويل طحالب البحر المتوفرة بكثرة في العالم إلى بروتين غذائي، خاصة أنها غنية به جدا. لكن هذا يتطلب سلسلة من عمليات المعالجة ستتدخل فيها البرمجيات لتحويلها إلى مذاقات وأطباق متعددة، كما أشار تقرير أخير بهذا الصدد، إلى أن الجراد يعتبر واحدا من المصادر الغنية والنظيفة للبروتين، لا سيما أنه يتوفر بكثرة لدى اكتساحه المساحات الزراعية على شكل موجات كبيرة، عجزت الدوائر العالمية عن مكافحته بطريقة فعالة حتى اليوم. وأشار التقرير أيضا إلى أن التاريخ يشهد قيام البشر باستهلاك الجراد بالماضي، وكان يعد من الأغذية المهمة.