غبار قمري ومظلات شمسية وبراكين صناعية للحد من الانحباس الحراري

مخططات علمية جريئة لإنقاذ كوكب الأرض

TT

سيضع خبراء التغير المناخي خططا جديدة حاليا لمعالجة التسخين (الانحباس) الحراري للأرض في حال عدم تمكن البلدان العالمية تخفيض الانبعاثات الكربونية في الزمن المحدد. وكانت الهيئة الحكومية العالمية الخاصة بالتغير المناخي قد نظرت عبر الخطة باء (بلان بي) في إمكانية امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء، وعكس أشعة الشمس ثانية إلى الفضاء. والوثيقة هذه مهمة، نظرا لأنها ستستخدم كدليل توجيهي علمي بالنسبة إلى الحكومات، وهي تتفاوض حول اتفاق جديد خاص بالمناخ العالمي من المقرر اعتماده في العام المقبل.

لكن بعض الناشطين في قضايا البيئة يعتقدون بضرورة عدم محاولة إجراء أي إجراءات هندسية أرضية، أو جيولوجية. وهم يخشون من أن تكون مثل هذه التقنيات غير فعالة، وربما ضارة، وبالتالي قد تؤخر الجهود الرامية لتغيير نظام الطاقة العالمية من الزيت والفحم، إلى مصادر طاقة قليلة الكربون، مثل الرياح والطاقة الشمسية.

* تخفيف التسخين الحراري

* وفيما يلي بعض الأفكار الغريبة التي قدمت لتخفيف تأثيرات التسخين الحراري:

* الغبار القمري. قدم اقتراح باستخدام الغبار القمري، أو ذلك الناجم عن الكويكيبات الصغيرة كسحابة تغلف الأرض، لحجب الأشعة الشمسية. فقد اقترح العلماء في جامعة ستراثكلايد عام 2012 أسر أحد الكويكبات وسحبه إلى نقطة «لاغرانج»، وهي نصف المسافة بين الأرض والقمر، حيث يمكنه هناك إنتاج عاصفة من الغبار تحيط بالأرض، وتمنع عنها أشعة الشمس. واقترحوا لهذه الغاية الكويكب «1036غانيميد» الذي من شأنه إثارة غيمة بعرض 2600 كيلومتر تقريبا. بيد أن العلماء أقروا أن أي خطأ في حساباتهم، من شأنه أن يجعل هذا الكويكب يضرب الأرض، والقضاء على الحضارة البشرية، وعلى غالبية الحياة على هذا الكوكب الذي نعيش عليه. كما إنهم ليسوا متأكدين ما إذا كانت هذه السحابة الغبارية لها تأثيرها المطلوب، فإذا حجبت الكثير من أشعة الشمس، فقد تعيد الأرض إلى عصر جليدي جديد.

وفي تقرير قدمه كيرتس سترك من جامعة أيوا في أميركا عام 2007 فإن التنقيب على سطح القمر من شأنه أن يقذف بسحابة غبارية تدوم عقودا تحمي خلالها الأرض من الإشعاعات الشمسية. وقد توقع أن يجري حساب كمية الغبار، بحيث تتبدد حال إبطاء عملية التسخين الحراري.

وأقر سترك أن من شأن إشعاعات الليزر أن تفتت الكتل الصخرية القمرية وتحويلها إلى غبار، مما يمكن إرسال 300 طن منه إلى الفضاء لمدة عشر سنوات، لكنه اعترف أيضا أن الأسلوب هذا قد لا يلاقي شعبية أو قبولا. كما حذر من أن سماء الأرض في الليل قد تتغير بشكل جذري، مع حصول سحب قمرية براقة حوله. كما حذر من أن السماء في الليل ستكون أكثر بريقا من بريق اكتمال القمر. كذلك حذر من أن فلك مدار الأرض قد يدمر بفعل التموجات التي قد تحصل، فضلا عن خطر الحطام والأنقاض التي سيبلغ حجم الواحد منها مترا، التي ستشق طريقها إلى الأرض. ومن الناحية الإيجابية لاحظ سترك أن الليالي البراقة والساطعة قد تقلل من الحاجة إلى الإضاءة الصناعية الزائدة عن الحد. غير أن المشككين حذروا من أن هذا الإجراء قد يخل من توازن التأثيرات القمرية وثباتها على عملية المد والجزر، فضلا عن أن العلماء يعتقدون أن النتيجة لن يكون لها تأثيرها الكبير.

* مظلة شمسية. فكرة أخرى من البساطة بحيث إنها قد تكون من خواطر طفل صغير، إذ يقول العلماء إن مظلة شمسية كبيرة تركب بين الأرض والشمس من شأنها أن تتحكم بكمية الطاقة التي تصل إلى كوكبنا، فبالإمكان وضع درع كبيرة من المرايا في نقطة «لاغرانج» بين الأرض والشمس. وفكرة وضع درع مثل هذه ليست جديدة، ففي أواسط الستينات ناقش العلماء لأول مرة مواجهة أي ظاهرة مستقبلية للتسخين الحراري، عن طريق إطلاق ملايين الأجسام العاكسة الصغيرة، مثل كرات الغولف البيضاء عبر المحيطات الاستوائية لعكس الأشعة الشمسية. إلا أن دراسة أجرتها جامعة بريستول وجدت أن المظلة ألشمسية قد تبرد بصورة فعالة المناطق الاستوائية، لكن تأثيراتها قد تكون أقل اعتدالا في المناطق القطبية، نظرا لأن المناطق الاستوائية تتلقى المزيد من أشعة الشمس، من خطوط العرض البعيدة، حيث التسخين الشمسي مبدئيا يكون أقل نسبيا.

وبذلك تكون المظلة الشمسية غير كافية لحماية المناطق القطبية من التسخين الحراري، ومن ثم الحيلولة دون ذوبان الجليد في البحار القطبية. وحال إطلاق مثل هذه المظلة، فإنها ستقاوم التسخين الحراري بحجب أشعة الشمس جزئيا. وتشير التقديرات إلى أن تشييدها وإقامتها قد يستغرقان 25 سنة بتكلفة عدة تريليونات من الدولارات.

* سحب ساطعة

* قد تبدو الفكرة هذه من صنع الخيال العلمي، لكن الباحثين اقترحوا جعل السحب أكثر بريقا وسطوعا لعكس الأشعة الشمسية ثانية إلى الفضاء، فالسحب المتجمعة في طبقات الجو المنخفضة تغطي حاليا ثلث مساحة المحيطات. ويعتقد العلماء بزيادة مستوى هذا بياض السحب عن طريق رش قطرات مياه البحر إلى الهواء.

ويقترح خبراء المركز الوطني لأبحاث طبقات الجو في بولدر في كولاورادو في أميركا إمكانية قيام سفن برش قطرات مياه البحر بمعدل 50 مترا مكعبا في الثانية على مساحة واسعة من محيطات الأرض. ويزعم كاتبا التقرير هذا جون لاثان، وستيفن سولتر، أن الأسلوب هذا من شأنه أن يعاكس عملية تسخين الأرض بسبب غاز ثاني أكسيد الكربون. وتقول الجمعية الملكية إن الحاجة هنا تقتضي قيام 1500 سفينة لبذر السحاب وإنتاج التأثير المطلوب.

* إلقاء أكوام من برادة الحديد في البحر. قد لا يبدو من السياسات الخضراء الصديقة للبيئة، لكن بذر المناطق غير الخصبة من المحيطات من شأنه إزهار العوالق البحرية وتكثيرها التي تستطيع التهام آلاف الأمتار المكعبة من غاز ثاني أكسيد الكربون. وبعد ذلك تموت هذه العوالق آخذة معها الكربون إلى أعماق البحر، حيث تبقى هناك قرونا عدة. وفي عام 2012 قام فريق من معهد ألفرد ويغنر للأبحاث القطبية والبحرية في ألمانيا، بإضافة عدة أطنان من كبريتات الحديد إلى مياه المحيط قرب القارة القطبية الجنوبية. وشجعت هذه الإضافة من المغذيات المفقودة، إلى إزهار وبرعمة مساحة كبيرة من العوالق النباتية خلال أسبوع واحد. لكنها شرعت تموت بعد ثلاثة أسابيع، وتغوص إلى قاع المحيط، آخذة معها الكربون الذي امتزج بها.

واستنتج العلماء في مجلة «نيتشر» أن الكربون هذا قد يجري حفظه بعيدا عن جو الأرض لقرون من الزمن، وربما أطول من ذلك. ويرى الفريق هذا أن إخصاب حديد المحيطات، من شأنه دفن نحو غيغاطن واحد من ثاني أكسيد الكربون، كحد أقصى في السنة الواحدة، أي ثمن الانبعاثات العالمية ككل.

* براكين صناعية

* براكين صناعية. بعد ملاحظة أن البراكين تقوم بتبريد كوكب الأرض عن طريق قذف الكبريتات، شرع العلماء بإجراء تجارب لمعرفة ما إذا كان يمكن إنتاجها صناعيا. ومن شأن الكبريتات عكس الإشعاعات الشمسية وردها ثانية إلى الفضاء، قبل أن تسخن الأرض، منتجة تأثيرا تبهيتيا تعتيميا.

* ويؤدي وجود نحو كيلوغرام واحد من الكبريت في الجو إلى مجابهة التأثير التسخيني لنحو عدة آلاف الكيلوغرامات من ثاني أكسيد الكربون. لكن إطلاق المواد الكبريتية المتطايرة في أجواء الأرض قد يكون معقدا، واقترحت لهذه الغاية المناطيد، والطائرات المقاتلة، وقذائف المدفعية.

* وكانت جامعة هارفارد قد ارتأت استخدام المناطيد العالية التحليق، لكنها لا تستطيع نقل حمولات كبيرة. ويزعم النقاد أن يؤدي الأسلوب إلى إلحاق ضرر بالبيئة، مما قد يسبب موجات من الجفاف ونضوب طبقة الأوزون. كذلك قد يؤثر على نمو النباتات وتحمض المحيطات. ومن الناحية الجمالية فإنه قد يؤثر أيضا على غروب الشمس.