.. ونظارة تجعلك تبدو ودودا للآخرين

توظف خصائص «المعاملة الجيدة بالمشاعر» عند الاستغراق في العمل الجدي

TT

هل وجدت يوما صعوبة في التركيز وأنت في مكتبك تعمل والناس حولك ينظرون إليك؟ وهل تبدو وكأنك بمنأى عن الغير ومتعاليا عندما تكون منكبا على عملك؟

إن كنت من هؤلاء، فإن الجهاز الجديد الذي طوره الدكتور هيروتاكا أساوا من جامعة «تسوكيوبا» في اليابان، ويمكن ارتداؤه ليساعد على ما يسمى بـ«المعاملة الجيدة بالمشاعر» (وهو المفهوم الذي يعبر عن الخصائص التي يجب أن يتمتع بها العاملون الطبيون مثلا الذين يتعاملون مع الجمهور، بحيث يتواصلون مع الأفراد بالود والتعاطف). وتقوم فكرته على أن بمقدور الأشخاص اعتماد تقنية الفضاء المعلوماتي لتعزيز راحة ومشاعر الأشخاص الذين يكونون حولنا. وفي هذه الحالة فإن الجهاز هو زوج من النظارات التي تقوم بعرض مقل العيون على عدساتها.

وتقوم هذه العيون الافتراضية في الجهاز بملاحقة الأشخاص وحركاتهم طبيعيا، لكي يظهر مرتدو النظارة بمظهر الصديق والقابل للتقرب من الآخرين حتى ولو كان مشغولا جدا ويقوم بعمل آخر، أو مرهقا لا ينم مظهره عن أي صداقة، أو قابلية للتقرب منهم. «وهذا الدعم العاطفي يقلل من عبء إدراك المستخدم ومعرفته بالأصول والتصرفات الاجتماعية»، وفقا إلى أساوا. والجهاز هذا الذي يدعوه أساوا «أجينسي غلاس» AgencyGlass له وظائف متعددة مختلفة. فعندما تميل برأسك إلى الخلف، تقوم العينان الافتراضيتان بالنظر إلى الأعلى لتبدوا كما لو كنت مستغرقا بالتفكير. وإذا هززت رأسك تقوم النظارة بالوميض والغمز، كل ذلك يجري عن طريق «جيروسكوب»، أو مقياس حركة وتسارع، بغية تعقب حركة الرأس، في حين تقوم كاميرا خارجية بتعقب الوجوه وحركتها. ويقول أساوا إنه قد جرى تحدي الفكرة هذه في مؤتمر عقد أخيرا في اليابان عندما قيل له: «أليس من الخطأ خداع الأشخاص الذين حولك؟!»، لكنه يجيب بأن الذين حولك يعرفون بأنك ترتدي هذه النظارات، مما يقلل من أي خداع.

وهو يستشهد أيضا بالخبير الاجتماعي أيه آر هوشايلد في كتابه حول المهن التي تتطلب «المعاملة الجيدة بالمشاعر»، التي هي مظهر خادع من الأدب الجم الذي هو ضروري لأي عمل، لكنه قد يكون ضاغطا ومسببا للتأزم والتوتر، وضارا بالصحة العقلية للعامل، كما يلخص الكتاب هذا بالفقرة أدناه: «تماما كما نفهم نادرا (المعاملة الجيدة بالمشاعر)، فنحن لم نقدر كلفتها بالنسبة للذين يقومون بها للحصول على لقمة العيش، كالعمال مثلا الذين يصبحون منفصلين بعيدين عن الشيء الذي يقومون به، أو مضيفة الطيران، التي تصبح بعيدة، لا عن تعبيراتها ومشاعرها وإحساساتها (فابتسامتها ليست هي ابتسامتها الحقيقية) فحسب، بل أيضا مما تشعر به فعلا. فهذا الفصل والابتعاد رغم أنهما يشكلان دفاعا جيدا ضد التوتر، لكنه يشكل أيضا خطرا مهنيا مهما، نظرا لأنه عن طريق مشاعرنا، نكون متواصلين مع الذين حولنا».

وتقنية الفضاء المعلوماتي أصبحت فكرة سديدة أكثر فأكثر. تماما مثل الهياكل الخارجية التي توضع على الأجسام، مثل «هال» و«إكسو». فبدلا من تكامل البشر مع الروبوتات، يقوم الباحثون بعكس هذه المعادلة، وجعل الروبوتات تتكامل مع البشر. لكن الفكرة من أن تقنية الفضاء المعلوماتي لن تؤمن الدعم الجسدي فحسب بل الدعم العاطفي أيضا، قد لامست إحساسا مرهفا لدى البعض. ومع ذلك، فإن لمستقبل الفضاء المعلوماتي العاطفي مضاعفات عميقة، كما ترى مجلة «الكهربائيين المهندسين الأميركيين». فقد قدم أوساوا عرضا مسبقا مما هو آتٍ بعمليات جهاز الابتسام بالفضاء المعلوماتي. ولكن إلى أي مدى يمكن لهذه التقنية أن تذهب؟ وبالتالي إمكانية استخدامها في تركيب هوية جديدة للأشخاص الذين يعانون من صعوبات في التعبير عن أنفسهم؟ ذلك سيبقى رهن المستقبل، وآراء الناس.