مركبات فضائية لتوليد الطاقة الشمسية من الفضاء

أبحاث أميركية ويابانية وصينية لتطوير أنواع منخفضة التكلفة يعاد استخدامها

TT

تلاقي التحضيرات لإطلاق «سبايس إكس فالكون 9» (Space X Falcon 9) اهتماما كبيرا من قبل أنصار أقمار الطاقة الشمسية الذين يدركون أن إطلاق المركبات الفضائية المتدنية التكلفة، التي يمكن إعادة إطلاقها مرات كثيرة، واحد من العناصر المهمة لتحقيق أحلامهم في الحصول على طاقة كهربائية كبيرة من الفضاء.

وعلى الرغم من السبل الكثيرة المتنوعة لتطوير أقمار الطاقة الشمسية «إس بي إس» SPS، فإن أنصار تطوير هذه الأقمار يتفقون على أنها ستشكل نهاية الكفاح الخطر والمرير لتلبية حاجات سكان العالم، الذين يتزايدون، إلى الطاقة. فهم يرون في الطاقة الشمسية الفضائية بديلا لاستخلاص الطاقة من الوقود الأحفوري، وبالتالي تقليل التكلفة لتأمين الإمدادات من المناطق المضطربة في العالم.

وعلى غرار «سبايس إكس» التي مقرها كاليفورنيا، تجري وكالة الاستكشافات الفضائية اليابانية (جاي إيه إكس إيه) أبحاثا حول الإطلاقات والرحلات الفضائية التي يمكن إعادة استخدامها بوصفها أسلوبا لتخفيض تكلفة هذه العمليات بشكل كبير. واليابان هي الدولة الوحيدة التي جعلت من الطاقة الشمسية التي تولد في الفضاء، ثم تبث ثانية إلى الأرض، هدفا لسياستها الفضائية، وقام مهندسو الوكالة بحساب عمليات الإطلاق إلى الفضاء التي يمكن إعادة استخدام مركباتها بوصفه أحد الأساليب لتخفيض الاستثمارات الضرورية لوضع محطات ذات قدرة عالية على توليد الطاقة، في مدارات ثابتة حول الأرض (جي إي أو). ويقول ساسومو ساساكي الأستاذ في جامعة مدينة طوكيو الذي درس العلاقة بين تكلفة الإطلاق وتكلفة الطاقة التي مصدرها الفضاء: «نحن بحاجة إلى نظام يمكن إعادة استخدامه». وأضاف، مستندا إلى نموذج لـ«جاي إيه إكس إيه» صمم في العام الماضي، الذي كان عبارة عن محطة تزن عشرة آلاف طن، وتولد غيغاواط واحدة من التيار الكهربائي، أن الطاقة هنا بتكلفة عالية جدا تبلغ 1.12 دولارا للكيلوواط الواحد لدى الإطلاق إلى مدار منخفض حول الأرض، الذي يكلف بدوره عشرة آلاف دولار للكيلوغرام الواحد من الوزن. وهذه تكلفة عالية بالنسبة إلى تكلفة الإطلاق بالمركبات المعاد استخدامها «آر إل في» RLV، التي تخفض تكلفة الكهرباء إلى 18 سنتا للكيلوواط الواحد.

ومركبات «آر إل في» من «سبايس إكس» تعمل وتشمل قوائم إنزال نموذجية أولية مركبة على مركبة «فالكون 9»، التي تنقل الحمولات إلى محطة الفضاء الدولية، واستخدامها للمحركات الصاروخية للتحكم بالمرحلة الأولى من عملية الإنزال في المحيط الأطلسي، ما هي إلا تطور واحد في جهود الرحلات الفضائية المتغيرة بسرعة، التي تحمل الأمل بالنسبة إلى الحصول على الطاقة الشمسية الفضائية. ويذكر ساساكي الحاجة إلى مركبة نقل مدارية لنقل أقمار الطاقة الشمسية (إس بي إس) من المدارات المنخفضة، إلى المدارات العالية؛ حيث ستعمل هناك، وهذا تطور يتداخل ويتمازج بصورة جيدة مع جهود «ناسا» لتطوير نظام دفع شمسي عالي الطاقة لأغراض استكشاف الفضاء العميق. ونظام المكوك هذا سينقل حسب رؤية ساساكي 50 طنا من الحمولات في رحلة ذهاب وإياب تصل مدتها إلى أربعة أشهر لتشييد محطة طاقة في المدارات العالية الثابتة. وكان جون مانكنز كبير التقنيين السابقين في «ناسا»، الذي عمل مع نوبييوكي كايا الأستاذ في جامعة «كوبي» لمدة عقود على أقمار «إس بي إس»، قد صمم أسلوبا معياريا من شأنه نقل نماذج أولية صغيرة من هذه الأقمار إلى مدار منخفض، وتعزيز قدراتها إلى مرتبة الميغاواط في المدار العالي الثابت.

وخلافا لليابان التي تعمل باتجاه اختبار قمر للطاقة الشمسية «إس بي إس» في مداره حول الأرض، لا تملك الولايات المتحدة برنامجا حكوميا يدعم تطوير أقمار كهذه، لكن قام مختبر الأبحاث التابع للبحرية الأميركية بتنفيذ برنامج صغير لاختبار جهاز خفيف الوزن على شكل نموذج أولي، دامجا خلية ضوئية مع جهاز إرسال للترددات اللاسلكية على صورة شطيرة، لتكون أحد مقومات تركيب محطة الطاقة الفضائية، وبالتالي إنتاجها تجاريا على نطاق واسع، بغية تخفيض التكاليف. فقضية الواطات الكهربائية في الكيلوغرام الواحد من هذه الوحدات هو أمر في غاية الأهمية. وكان جي شانغشن الأكاديمي الصيني الذي يقوم بأبحاث في أقمار الطاقة «إس بي إس» هذه في جامعة العلوم والتقنية بالعاصمة بكين، قد ذكر في الخريف الماضي أن التمويل على هذا القطاع ضئيل، نظرا إلى أن التركيز ينصب على الرحلات الفضائية المأهولة. لكن منذ ذلك الحين أولت الحكومة هذا الأمر مزيدا من الاهتمام عندما وصل الإنفاق السنوي على الأبحاث في الصين إلى نحو 30 مليون دولار، وهو مبلغ يزيد على ما تنفقه اليابان.

وينصب برنامج الصين في هذا المجال على مركبة فضائية كبيرة، لكنها خفيفة الوزن لغرض توليد الطاقة الشمسية في المدار العالي الثابت، رغم أنها تلاحق حاليا خيارين في الوقت ذاته، لجمع الطاقة عن طريق البث بالميكروويف، وبالليزر أيضا. والبث بالميكروويف سليم للغاية؛ إذ يمكن للطيور التحليق ضمن الشعاع من دون أي خطر، وستقام هوائيات كبيرة لا تحجب أشعة الشمس عن الوصول إلى الأرض، لتلقي بث هذه الإشعاعات، وتحويلها إلى كهرباء.