النيكوتين يعزز مخاطر الموت المفاجئ للأطفال

TT

يعتبر الموت المفاجئ أحد أهم أسباب موت الأطفال الرضع في السنة الأولى من عمرهم، ويموت فجأة في ألمانيا سنويا اكثر من 500 طفل تتراوح أعمارهم بين 8 أيام وسنة، رغم ان الفحوصات المنتظمة كانت تشي بتمتعهم بصحة جيدة.

ورغم أن أسباب هذه الحالة لم يجر سبر غورها بشكل مسهب، إلا أن بوسع الأطباء التحذير من بعض عوامل المجازفة التي قد تعمل بمثابة إنذار مبكر من خطر الموت المفاجئ. ويعتبر الباحثون ان التدخين هو أحد العوامل المتهمة بالتسبب بالموت المفاجئ ومن الضروري تجنبه في الأقل أثناء الحمل والولادة والسنة الأولى من حياة الطفل. وتشير دراسات سابقة إلى أن تدخين الأم أثناء فترة الحمل بمعدل عشر سجائر في اليوم، يضاعف خطر الموت المفاجئ للوليد ثلاث مرات. ويزداد الخطر عشرة اضعاف على الطفل اذا كانت الأم تدخن بمعدل يزيد على عشر سجائر في اليوم. الأدهى من ذلك، هو أن إصرار الأم على عادة التدخين بعد الولادة يضاعف خطر الموت المفاجئ على الوليد 20 مرة. ونجح فريقان أوروبيان حاليا في كشف جزء من آلية تأثير النيكوتين على الأطفال وكيفية التسبب بالموت المفاجئ من خلال التجارب المختبرية على الفئران. أجريت الدراسة الأولى حول علاقة التدخين بقلب الجنين في إيطاليا في جامعات فلورنس وروما وباري، وستعرض في المؤتمر الدولي لأطباء القلب في برلين الذي ينعقد في الأسبوع الثاني من شهر سبتمبر (أيلول) الجاري 2002. عمل الباحثون على زرق أول أوكسيد الكربون لأجنة الفئران عبر الحبل السري الذي يربطها بأرحام الأمهات. وقاس العلماء كمية أول اوكسيد الكربون المزروقة، بحيث تعادل الكمية التي يتلقاها الطفل البشري لأم تدخن بكثرة. ومعروف أن التدخين يعمل على إحلال الأوكسجين في دم الأم والطفل بغاز اول اوكسيد الكربون. ولاحظ الباحثون الايطاليون وجود تغيرات خطرة في تخطيطات القلب التي أجروها لاحقا للفئران الوليدة وهي بعمر شهرين، كما رصدوا تغيرات فيسيولوجية طرأت على صحة الفئران وتشي بهذه الخطورة ايضا. واعتبر الباحثون هذه التغيرات دليلا على ان اول اوكسيد الكربون عرقل عملية تطور ونضوج خلايا القلب، كما اعتبروا التغييرات التي طرأت على تخطيط القلب بمثابة إنذار مبكر على حصول اضطراب نبض القلب. المحاولة الثانية لتفسير علاقة النيكوتين بموت الأطفال المفاجئ، جاءت بشكل دراسة من معهد باستور في باريس، وتعتمد على نظرية «النوم» المعروفة. فالأطفال، كما هو معروف، يوقفون أثناء النوم تنفسهم عدة مرات بمثابة «استراحات» متقطعة. وأحصى الباحثون حوالي 80 استراحة مدة كل منها بضع ثوان كل 100 دقيقة نوم عند الاطفال الرضع. ويعتقد الباحثون ان الطفل يعجز عن استعادة إيقاع تنفسه بعد احد هذه التوقفات ويتسبب ذلك بحدوث الموت المفاجئ. وأجرى العلماء الفرنسيون تجاربهم على الفئران المختبرية وقارنوها بنتائج الدراسة نفسها على فئران معدلة وراثيا، وسحب منها الجين الخاص بالتعرف على النيكوتين. أحاط العلماء الفئران وهي نائمة بأجواء قليلة الاوكسجين، كما هو الحال لدى الاستراحات التي يأخذها الطفل أثناء التنفس، ولاحظوا أن الفئران الاعتيادية كانت تستيقظ من النوم بسهولة اكبر من استيقاظ الفئران المعدلة وراثيا. وحينما زرق العلماء الفئران الاعتيادية بالنيكوتين لاحظوا انها صارت تستيقظ بصعوبة تشبه صعوبة استيقاظ الفئران المعدلة وراثيا. ويعتقد العلماء الفرنسيون ان ما جرى مع الفئران المختبرية ينطبق على الأطفال الرضع أيضا، لأن تدخين الأم الحامل يحفز مستقبلات النيكوتين لدى الجنين وهو لا يزال في رحم أمه. ويعمل هذا بدوره على إضعاف قدرة هذه المستقبلات على الاستجابة لقلة الاوكسجين ويضعف قدرتها بالتالي على اطلاق اشارة الاستيقاظ من النوم.