الشخّارون أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة انقطاع التنفس الليلي الانسدادي

TT

يعاني ثلث سكان العالم من ظاهرة الشخير. وهي ظاهرة لا تزعج الزوج أو الزوجة فحسب، وانما تزعج الشاخر نفسه فتوقظه عدة مرات من نومه العميق وتؤثر في نشاطه الحياتي في النهار.

وتشير جمعية التنفس الاوروبية في دراسة حديثة لها الى ان الشخير تحول من ظاهرة مزعجة الى ظاهرة خطرة على حياة الشاخر وعلى حياة الآخرين ايضا. وتشير احصائية الجمعية المذكورةالى بأن 8% من الشاخرين من عمر 40 ـ 60 سنة، و2% من الشاخرات من نفس مجموعة الاعمار يعانون في ذات الوقت من متلازمة انقطاع التنفس الانسدادي Obstrucive Sleep-Apone-Syndrome (OSAS).

وظاهرة انقطاع التنفس بسبب الشخير، التي توقظ النائم من نومه، تقلق نوم الشاخر في الليل وتعزز بالتالي مظاهر التعب والنعاس في النهار وتفاقم حالة «عدم التركيز» التي يعاني منها الاشخاص العاملون والتي تزداد وضوحا لديهم ما بعد الخمسين، ولا شك ان تفاعل حالة التعب وقلة النوم مع عناصر التوتر والجهد اليومي يعرض الشخص الى امراض القلب والدورة الدموية قبل غيرها.

وهذا ليس كل شيء، لأن جمعية التنفس الاوروبية قرعت اجراس الحذر في اروقة دوائر النقل والمرور الاوروبية حينما حذرت من نوبات النوم الصغيرة التي تداهم المصابين بمتلازمة OSAS، وهم خلف مقاود سياراتهم. وطالبت الجمعية بمنع كافة المعانين من مرض OSAS، الذين لا يخضعون للعلاج من هذه الحالة، من قيادة السيارات. وذكرت الجمعية ان المصابين بمرض OSAS معرضون لخطر ارتكاب الحوادث على الطرقات 7 امثال غير المصابين به.

وكتب البروفسور دبليو ماك نيكولاس من المستشفى الجامعي في دبلن، الذي اعد الدراسة، في عدد ديسمبر من مجلة الجمعية التي تحمل نفس الاسم: ان 25% من حوادث الطرق ترتكب بسبب التعب والارهاق، واعترف ماك نيكولاس بعدم وجود دراسة حول حصة مرض OSAS من هذه النسبة الا انه اكد بأن هذه الحصة عالية. إذ تداهم نوبات النوم القصيرة 30% من مرضى OSAS مرة واحدة في الشهر على الاقل، ومن المحتمل ان تكون قد داهمتهم اثناء قيادة السيارة دون ان يشعروا بها.

ويبدو ان ما لم تكشفه دراسة ماك نيكولاس الاوروبية نجحت دراسة المانية في كشفه قبل وقت قصير. وتقول الدراسة التي اعدها المختصون من جامعة فيتين / هيرديكه ان 13% من المعانين من OSAS ينامون لفترة 5 ثوان في الشهر على الاقل على مقاود سياراتهم. كما اشار خبير طب النوم الدكتور يورغ شليبر من عيادة شليتنزل الى ان التعب خلف المقود مسؤول عن 71% من حوادث الطرق التي تبلغ 17000 حادثة سنويا كمعدل في المانيا.

ورغم ان جمعية التنفس الاوروبية تقيم مرض OSAS كثاني اكثر امراض التنفس شيوعا بين الناس بعد الربو الا ان اهتمام الاطباء به ضعيف حسب تقييم ماك نيكولاس. ويصيب المرض نحو 5 ملايين أوروبي وينتشر بين الرجال اربعة اضعاف انتشاره بين النساء.

ويتعامل الاطباء مع انقطاع النفس اثناء النوم لفترة بضع ثوان بسبب OSAS كحالة طبيعية. بل ان انقطاع النفس لمرتين في الساعة اثناء النوم لبضع ثوان لا يؤثر كثيرا على فعالية الانسان في اليوم الثاني. إلا ان حدوث حالات انقطاع النفس بمعدل 10 مرات في الساعة على الاقل، امد كل منها 10 ثوان، يحول الظاهرة الى حالة مرضية.

تنخفض نسبة الاوكسجين بشكل ظاهر في الدم اثناء هذه «الاستراحات» التنفسية وينخفض معها بالطبع وصول هذا الغاز الحيوي الى الدماغ والقلب. وتؤدي هذه الحالة الى حرمان المصاب من نومه العميق وجعله ينام لفترة ايام متصلة بشكل سطحي وقلق. وهذا هو منشأ شعور المصاب في الصباح بالتعب والارهاق على عكس الناس. وتكشف دراسة «جمعية التنفس الاوروبية» ان المعانين من مرض OSAS يتعرضون لجلطات القلب والسكتات الدماغية ثلاثة اضعاف ما يتعرض له غير المصابين. وتوصل فريق عمل اميركي ـ اسرائيلي الى تفسير هذه العلاقة السببية بين الجلطات ومرض انقطاع التنفس الانسدادي على اساس التغيرات التي تجري على كريات الدم بسبب قلة الاوكسجين، وذكر الباحثون ان قلة وصول الاوكسجين الى الدم تدفع كريات الدم للتراكم قرب بطانات الاندوثيليوم في الاوعية الدموية وتتسبب بحدوث تفاعل وعائي ـ تكلسي في جدران هذه الاوعية.

وسبق لدراسة المانية من جامعة بوخوم ان توصلت الى ان الاوعية الدموية في اجساد المصابين بمرض OSAS تفقد مرونتها (تتكلس) بالتدريج وترفع بذلك مخاطر امراض القلب والدورة الدموية عند المصاب. وهذا ليس كل شيء لأن النوم الدائم في مراحل النوم السطحية يضعف رغبة الانسان في ممارسة الجنس، لأن افراز جسم الذكر لهورمون تيستوستيرون ينخفض بشكل ظاهر بسبب قلة الاوكسجين والتوتر الناجم عن ضعف النوم. ثم يبدأ مفعول مرض OSAS بالانعكاس على مزاج الانسان فيحس المصاب بانخفاض قدراته العملية وضعف تركيزه ولهذا يبدي 81% من مرضى OSAS خشيتهم من فقدان عملهم حسب دراسة جامعة فيتين / هيرديكه في المانيا.