مرض مناعي ذاتي مجهول الأسباب قد يسبب هوس النحافة

TT

كان نبلاء الرومان في العهود السحيقة يستفرغون ما في معداتهم عمدا كي يواصلوا اكلهم الشره في الولائم، ويستفرغ بعض المصابين بهوس النحافة اليوم عمدا ايضا كي يحافظوا على اوزانهم المثالية. تعددت الاسباب والنتيجة واحدة: اضطراب مرضي في التغذية.

وتوصل الباحثون السويديون الى ان الانسان سواء كان يعاني من هوس النحافة وتجويع النفس او العصاب التجويعي، فإنه ربما يعاني من مرض مناعة ذاتية مما يؤثر في عاداته في التغذية. ويقول الباحثون انهم عثروا على اضداد في اجساد النساء والفتيات المصابات بهوس النحافة وتجويع النفس.

ولا يعرف العلماء بعد سر العلاقة بين هذه الاجسام المضادة وهوس النحافة، ولا كيفية عملها على دماغ الانسان، الا انهم يعتقدون انه من المحتمل ان يهاجم هذا الجسيم خلايا الدماغ العصبية بشكل مباشر، او ان يشارك جهاز المناعة الجسدي بشكل غير مباشر في عمليات الاستقلاب، ويبعث بالتالي الى اضطراب في عمليات تناول الطعام وامتصاصه من قبل الامعاء.

ومعروف من خلال التجارب المختبرية على الفئران ان جزئي الدماغ المسميين تحت الوطاء Hypothalamus والجسم النخامي ينشطان بشكل استثنائي اثناء تقبل الطعام، مما يدل على انهما المسؤولان عن ادارة عملية الاستقلاب. وكشف العلماء السويديون من خلال تجاربهم على الفئران ان هذه الجسيمات المضادة كانت تنشط ايضا في هذين الجزءين الدماغيين المهمين.

وسبق لمجموعة دولية من العلماء ان حاولت معرفة الجانب غير النفسي من عملية هوس النحافة، فدرست اوضاع عدد كبير من المعانين من هذا المرض. وتوصل الباحثون الى احتمال وجود ضلع للكروموسوم IP في العملية من خلال دراستهم للعائلات التي يصاب بعض افرادها بهوس النحافة.

شملت الدراسة التي اجريت في بيتسبورغ 37 عائلة يعاني فيها 3 افراد في الاقل من عصاب الجوع المقيد Restrictive Bulimia Nervosa (استفراغ غير محثوث بالادوية). ويشك العلماء في وجود جين معين في الكروموسوم IP قد يكون سبب هذه الحالات. ونصح الباحثون عوائل المعانين من هوس النحافة بعدم الاكتفاء بالطبيب النفسي واللجوء الى اطباء الجينات البشرية سعيا وراء علاج ما لهذه الحالات. وجاءت هذه النصيحة بعد الارتفاع الملحوظ في حالات اعصاب الجوع بين فئة الشباب، خصوصا الشابات المراهقات.

وتشير دراسة اجريت في جامعة كيل الالمانية في شهر اكتوبر الماضي الى ان %45 من الفتيات المعانيات من هوس النحافة والجوع يعانين في ذات الوقت من انقطاع او عدم الطمث. وكانت اوزان معظم الفتيات اللاتي تم فحصهن في كيل تحت المعدل الصحي المطلوب ويعانين على المدى البعيد من اضطراب عمل الكلى واضطراب نبض القلب والتشنجات العضلية. هذا ناهيكم عن بعض حالات الانهيار وتسوس الاسنان وتضخم البنكرياس والتهابات اللوزتين.

ويرى العلماء وجود جملة عوامل تلعب دورا في اصابة الشباب بهوس النحافة وتجويع النفس بينها بالطبع «موضة الترشيق» والموقف الشخصي للمصاب مما يجري حوله. ويدخل هذا العامل ضمن العوامل النفسية الاجتماعية التي تعتبر ثابتة تقريبا بالنسبة للعلماء. اما غير الثابت علميا من الاسباب فهي العوامل الوراثية والمرضية الأخرى، خصوصا في العوائل التي تتكرر فيها حالات هوس الجوع. وتعتبر الدراستان الاخيرتان من بيتسبورغ (العامل الجيني) واستوكهولهم (مرض المناعة الذاتية) من الدراسات المهمة التي تسلط الاضواء على العوامل غير النفسية في نشوء حالات هوس الجوع.