التعامل مع الأصباغ والألوان يضعف العظام ويزيد الكسور

TT

تنتج الصناعة على المستوى العالمي نحو 15 الف طن من الكادميوم حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية. وتدخل هذه الكميات من الكادميوم في صناعة البطاريات والسبائك المعدنية وصناعة مختلف الألوان والأصباغ المستخدمة في مختلف نواحي الحياة. ويتعامل العلماء مع هذا المعدن الثقيل كأحد أهم السموم التي تنتشر في البيئة وتؤدي عند الإنسان إلى الإضرار بالكلى والتسبب بنشوء بعض الأمراض السرطانية.

ويقول علماء قسم الطاقة في مختبرات ارغون الوطنية إن الكادميوم قادر خلال بضع ساعات على فصل الكالسيوم عن العظام ويزيد بالتالي من مخاطر التعرض لتنخرها، او أن يزيد من سوء الحالة نفسها عند المرضى. ويعتبر تنخر العظام من الأمراض المرتبطة بتقدم السن والتغيرات الهرمونية، حيث يؤدي هذان العاملان إلى اختلال التوازن بين عمليتي بناء وفقدان المادة العظمية. ومكرسكوبيا تؤدي هذه العملية إلى غلبة كفتي ميزان خلايا «الاوستيوكلاست» العظمية المسؤولة عن تحلل المادة العظمية على كفة خلايا «الاوستيوبلاست» المسؤولة عن بناء المادة العظمية.

وتثبت التجارب التي أجراها العلماء في ارغون أن الكادميوم يدخل في عملية التوازن المذكورة بين الاوستيوكلا والاوستيوبلاست حينما يتسلل إلى جسم الإنسان السليم، كما أنه يؤدي بالطبع إلى تفاقم تنخر العظام إذا كان الإنسان يعاني سلفا من الحالة وخصوصا عند النساء.

وذكرت ماريكا بهاتاجاريا رئيسة فريق العمل الذي تفحص الكادميوم بأنه يقلل كثافة العظام من خلال تعزيزه لنمو خلايا الاوستيوكلاست عدديا ومن خلال تنشيطه لها أيضا. وتوصل الفريق إلى هذه النتائج عبر تجاربه على الفئران المختبرية التي تم تسميمها عمدا بالكادميوم. وقالت بهاتاجاريا إنهم زرقوا أوردة الفئران بجرعات ضئيلة من الكادميوم لا تتعدى خمسة أجزاء لكل بليون جزء من الدم. وثبت من الفحوصات الأولية أن للكادميوم تأثيرا واضحا على العظام حيث أظهر فحص براز الفئران بعد 8 ساعات فقط أنه يحتوي على تركيز عال من الكالسيوم. ورغم أن التجربة قد أجريت على الحيوانات المختبرية إلا أن رئيسة فريق العمل تعتقد أنها تنطبق على البشر أيضا. وعبرت عن قناعتها بأن الإنسان يعاني من تسمم الكادميوم ببطء من دون أن يشعر بذلك إلى أن يتقدم به العمر حيث تبدأ أعراض تنخر العظام بالظهور. ويبدو أن الكادميوم يتخلل عميقا في بنية الخلايا ويؤثر في نموها ونشاطها لأن علماء ارغون استطاعوا فصل نحو 20 مورثة تساهم في هذه العملية. وتم تصنيف هذه الجينات في مجموعتين، تعمل المجموعة الأولى على محاولة حماية الخلايا من السم في حين تعمل المجموعة الثانية على تسريع عملية تحلل العظام.

والمقلق في هذه الدراسة هو أن التجارب قد أجريت باستخدام جرعات ضئيلة تقل كثيرا عن الحد الادنى لتسلل الكادميوم إلى جسم الإنسان الذي حددته منظمة الصحة العالمية. وكانت المنظمة العالمية قد حددت هذا الحد الأدنى بين 0,12 ـ 0,49 ميكروغرام لكل كيلوغرام من وزن الجسم وأقل من ذلك بالطبع بالنسبة للأطفال. وكانت الجرعات التي منحت للفئران حسب وزن الجسم تقل كثيرا عن هذا المعدل، الأمر الذي يعني أن المنظمة الدولية لم تحمل قضية التسمم بالكادميوم محمل الجد. ودعا علماء ارغون المنظمة الدولية إلى إعادة النظر في هذا الحد الأدنى للكادميوم وتقليل إنتاجه على المستوى العالمي.

ومعروف علميا أن خطر الكادميوم على الإنسان يكون في أعلاه بين مدخني السجائر وخصوصا من يدخن اكثر من 20 سيجارة في اليوم. وعلى من يدخن علبة سجائر يوميا أن يعمل حسابا إلى أنه يتلقى بذلك جرعة من الكادميوم تراوح حسب نوع السيجارة بين 2 و4 ميكروغرامات.