عناية الأهل بالمرضى تصيبهم بالاكتئاب والخلافات العائلية

TT

ينظر العالم الى رعاية المرضى المزمنين والمسنين، مثل المعانين من الزهايمر والامراض السرطانية والخرف.. الخ، من منظار أخلاقي على طول الخط. وفي حين تنتشر في أوروبا الرغبة في ارسال الأب المريض الى دور رعاية المسنين يخجل معظم الشرقيين من التخلص من ذويهم بهذه الطريقة.

الا ان الاندماج في الحياة الاوروبية خلال الثلاثين سنة الماضية كمثل، جعل الاتراك في المانيا يسعون الى ارسال ذويهم الى هذه الدور بعد فرض بعض الشروط الاسلامية عليها مثل الطعام وتخصيص غرف الصلاة وغيرها. وارتفع عدد المسنين الاتراك في دور العجزة ودور رعاية المرضى الالمانية بشكل مذهل خلال السنوات العشر الاخيرة.

وما زالت قضية رعاية المرضى والمسنين تتفاعل يوميا من خلال الدراسات حول التأثير المتبادل بين المريض (المعتنى به) والممرض (المعتني). واذ تهتم بعض الدراسات بالتدهور النفسي والصحي للمرضى في دور العجزة ودور رعاية المرضى (بينها حالات انتحار) تتحدث دراسات أخرى عن التأثير السلبي لرعاية المسنين والمرضى على أهالي المرضى أنفسهم. وتشير بعض الدراسات الى حالات طلاق وهروب أحد الزوجين من البيت ومعارك وشجارات بسبب وجود مريض مزمن في البيت العائلي.

وتقول دراسة المانية حديثة من مدينة كولون الالمانية ان افراد العوائل الذين يعتنون بمرضاهم بأنفسهم ينتهون الى الاصابة بمختلف الامراض النفسية والنفسية ـ الجسدية. وذكرت الدراسة، التي اجراها معهد دورتموند للاستطلاعات (التابع لجامعة دورتموند) بتكليف من منظمة كاريتاس الكنسية الاجتماعية في كولون، ان 88% من الذين يرعون أحد افراد العائلة المرضى يشعرون بأنهم قد احترقوا وما عادوا يعيشون بشكل طبيعي.

ويكشف الاستفتاء ان افراد العائلة الذين يتحولون الى ممرضين يتعرضون الى ضغوط نفسية مزدوجة تصيبهم بسبب الرعاية المكثفة للمريض وبسبب الملاحظات والانتقادات والمشاكل التي تنشأ مع بقية افراد العائلة الاصحاء. ويعاني 75 في المائة من الممرضين المنزليين من آلام مزمنة في الظهر، من اضطراب النوم، من ارهاق دائم ومن الامراض النفسية والنفسية الجسدية الأخرى.

ويكافح 80 في المائة من الممرضين ضد التوترات التي تحدث في بيوتهم ومن التناقضات مع بقية أفراد العائلة بسبب وجود المريض في البيت. واعترف 75 في المائة منهم بأنهم قد تحولوا الى مرضى بحاجة الى رعاية ولا يجدون احداً آخر في العائلة مستعدا لتقديم الرعاية لهم. وتفكر نسبة تزيد على النصف بضرورة ارسال المريض الى دور للرعاية تخلصا من المسؤولية ومن التوتر النفسي والجسدي الشديدين.

شملت الدراسة التي اجراها معهد استطلاعات الرأي 60 شخصا ممن يقومون على رعاية أحد أفراد العائلة المريض أو المسن داخل منازلهم، واجري الاستطلاع بشكل سري ودون ذكر اسماء، حرصا على الحصول على ردود صريحة ممن شملهم الاستفتاء. وكان نصف الذين شملهم الاستفتاء يراعون مسنين على المقاعد السيارة والنصف الآخر من المعانين من أمراض مزمنة وتعجيزية أو من المقعدين.

وحسب احصائية منظمة كاريتاس الكنسية فهناك في المانيا نحو 2.1 مليون شخص ممن يحتاجون الى الرعاية والعناية اليومية. ويشكل المسنون نسبة 72 في المائة من المحتاجين للرعاية وتنال النسبة الاكبر منهم الرعاية في بيوتهم أو في بيوت أولادهم وبناتهم. وهذا يعني ان حوالي مليون الماني والمانية يقومون برعاية المسنين ويعانون من مختلف الضغوط النفسية جراء صعوبة التمريض.

ودعت منظمة كاريتاس الى زيادة مخصصات رعاية المرضى والمقعدين ورفع مخصصات الاستفادة من خدمات الخفارات المسائية التي تقدمها بعض مراكز رعاية المسنين في البيوت. كما دعت المنظمة الى اشراك اعداد أكبر من رافضي الخدمة العسكرية في قطاع رعاية المسنين. ومعروف ان الجيش الالماني يرسل رافضي الخدمة المسلحة الى العمل في الشؤون الاجتماعية.