طب الطوارئ: اللحظات الأولى للإصابات.. لحظات ذهبية.. لإنقاذ الحياة

70% من الحالات المستعجلة تعالج بواسطة طبيب الطوارئ

TT

يعد طب الطوارئ فرعا من فروع الطب النادرة في السعودية، كما هو الحال في معظم دول العالم، إذ يعود تاريخ هذا الطب بشكل بسيط إلى حرب فيتنام وكوريا بعد أن اكتسب الأطباء الميدانيون من الطب الميداني خبرة طويلة بعدها عادوا إلى بلادهم وأنشأوا هذا الطب الجديد بمفهومه الحديث «طب الطوارئ»، حيث يتعامل الطبيب مع الحالات الطارئة كالإصابات والحالات الباطنية الحادة، فكونوا فريقاً وأنشأوا هذا التخصص. وقد أثبت هذا التخصص استقلاليته واعترف به في أميركا وكندا كتخصص مستقل بذاته يؤهل به الطبيب إلى استشاري.

وكشف الدكتور مبارك بن عبد العزيز الملحم استشاري الطوارئ والعناية المركزة في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث والمشرف على برنامج الزمالة السعودية لطب الطوارئ لـ«الشرق الأوسط»، أن لطب الطوارئ أهمية نكاد نعجز عن وصفها في السعودية ولأسباب كثيرة، منها كثرة الحوادث لدينا، فحوادث السيارات بشكل خاص كثيرة جداً نفقد فيها الكثير من الشباب في سن صغير وكذلك الحوادث الناتجة عن إهمال الأطفال وكذلك هناك الحالات الطارئة الباطنية التي تنتج عن إهمال المجتمع للمتابعة مع الأطباء. ولذلك نجد أن جميع أقسام الطوارئ في المستشفيات في المملكة العربية السعودية تزدحم بالمراجعين بحالات طارئة وحرجة وذلك لكون قسم الطوارئ هو صمام أمان المستشفى وهو الملاذ الوحيد للمريض في مثل هذه الحالات.

* حالات حرجة

* وبين الدكتور الملحم أن المهام والواجبات والأعمال التي يقوم بها الطبيب الاستشاري المتخصص في "طب الطوارئ" كثيرة. وباختصار هي تتمحور حول التشخيص السريع والعمل على استقرار الحالة الحرجة في أقل وقت ممكن. والساعة الذهبية للحالة هي الساعة الأولى سواء كانت حادث أو حالة باطنية وطبيب الطوارئ واجبه إنقاذ المريض في الساعة الأولى والعمل على استقرار الحالة، حتى يتم تسليمها إلى التخصص الذي يقوم بعناية الحالة سواء كان باطنة، أو جراحة أو قلب .. لذا فعلى طبيب الطوارئ التعامل مع حالات الكسور، الجروح، الحالات الباطنية الحادة والحالات الجراحية وتشخيصها تشخيصا سريعا وأيضاً التعامل مع الأزمات القلبية وتشخيصها بشكل سريع مهم جداً لإنقاذ المريض لأنه إذا لم يتم إنقاذه بالعلاج المحدد سيؤدي إلى كوارث ووفاة المريض، فطبيب الطوارئ لا بد أن يكون لديه العلم والمقدرة والشخصية النافذة التي سيتم التعامل مع الحالة الحرجة في هذا الكم الهائل من الازدحام في الطوارئ والكم الهائل من القلق والحالة النفسية التي تعم مرضى الطوارئ.

وأفاد استشاري الطوارئ والعناية المركزة في تخصصي جدة، أن الطبيب يقوم بالتشخيص والعمل على استقرار الحالة وتحويلها إلى العيادات حيث يتم تحويل ما يزيد عن 70% من الحالات من قسم الطوارئ. والمهمة الأخيرة لطبيب الطوارئ مهمة في إدارة حالات الكوارث والتعامل مع الإصابات الجماعية فيكون طبيب الطوارئ هو القائد لإدارة حالات الكوارث والإصابات الجماعية حيث يقوم بالتنسيق من حيث استنفار طاقات المستشفى ويقوم بتوزيع المهام وكذلك العمل على مباشرة الحالات حسب الفرز الأولي الدقيق.

* طوارئ الحج

* وعن دور استشاري الطوارئ في موسم الحج حيث تكثر الكوارث والحوادث والإصابات الجماعية كاحد مضاعفات الزحام ووجود أكثر من مليوني حاج في مكان محدود وفي وقت محدود ويتحركون في نفس الوقت في الحرم المكي وحول المشاعر وايضاً في المدينة المنورة، يقول دكتور الملحم «خلال هذا التجمع ينشأ العديد من الحالات الكارثية وهي بشكل ملخص الحرائق التي تحدث في الخيام وحوادث الطرق الجماعية كحافلات الركاب والتسمم الغذائي الذي يصيب أكثر من عشرات الحالات وكذلك الازدحام الذي يؤدي الى تصادم الحجاج بعضهم ببعض لعدم التزامهم بقوانين المشاة التي وضعتها الدولة». وحقيقة فإن طبيب الطوارئ والمسعف الطبي وكذلك العسكري حينما يذهبون للحالات الكارثية يقومون بالتنسيق مع بعضهم البعض أولاً لإخلاء المكان من الإصابات، فإذا كان حريق يخلى من جميع المصابين ومن ثم يجمع المصابون في منطقة واحدة تسمى تجمع المصابين وهذه المنطقة يكون فيها فريق طبي متكامل من أطباء وتمريض ومسعفين ويتم فيها فرز هذه الحالات إلى حالات حرجة تؤخذ بشكل مباشر بعد إسعافها إلى أقرب مستشفى، وحالات متوسطة يقوم الفريق بمعالجتها قدر الإمكان وإرسالها إلى المستشفيات وهناك حالات بسيطة يتم معالجتها ميدانياً ويخلى المريض إلى حال سبيله.

ويواصل «دور الفريق الطبي هام في فرز الحالات ومعالجة الحالات الحرجة وإنقاذها ومن ثم إرسال الحالات إلى المستشفيات المحددة والتي تستطيع التعامل مع هذه الحالات دون تأخير وهذا مهم جداً لعدم التكدس في الطوارئ بمستشفى معين دون آخر وتوزيعها بشكل جيد ومنسق».

* تخصص طبي

* وأمام النقص الحاصل في عدد الأطباء المتخصصين في مجال «طب الطوارئ» أكد الملحم أن برنامج التخصص في طب الطوارئ بدأ في عام 1999، وانضم إليه أعداد هائلة من خريجي الكليات الطبية وفي الشهر الماضي من هذه السنة فقط تم تخريج أول دفعة مكونة من أربعة أطباء سعوديين وتم تأهيلهم تأهيلا جيدا ليكونوا قياديين في طب الطوارئ، ومنذ بداية طب الطوارئ عام 1999 وإلى الآن فإنه مر بمراحل شاقة تخللها العديد من العقبات شأنه شأن أي تخصص جديد يريد أن يثبت استقلاليته وأهميته، إذ تمت الموافقة من هيئة التخصصات الصحية على هذا البرنامج وعدد المتقدمين يزداد عاما بعد عام، والآن يوجد في مدينة الرياض ما يزيد عن 50 طبيبا من مختلف أنحاء المملكة من مكة، جدة، الرياض، القصيم، المنطقة الشرقية ولكن تدريبهم يتم في الرياض. ويضيف أن طبيب الطوارئ عادة يستقبل الكثير من حوادث السيارات وهي تعتبر حوادث دائمة، وعندما يصل المصاب من موقع الحادث إلى المستشفى يكون عادة مصابا بإصابة بالغة في الرأس، وأخرى في العظام، وثالثة كسور في العمود الفقري، ورابعة تمزق في الطحال، وهي مجموعة من الإصابات التي يصعب على الطبيب الجراح مثلاً التعامل معها جميعاً بمفرده فيجب أن يكون هناك تنسيق بين جراح الأعصاب وطبيب العظام والجراح العام ويتم ذلك التنسيق بواسطة طبيب الطوارئ المتخصص الذي سبق له أن تعامل مع مثل هذه الحالات واكتسب قدرا كافيا من الخبرة حيث يسهل المهمة بسرعة لإنقاذ المريض ومساعدته على التنفس واستقرار الدورة الدموية، تثبيت الكسور وعمل الأشعة اللازمة حتى يتم التشخيص الدقيق ومن ثم التنسيق مع الجهات المعنية بنقله إلى المستشفى وإنقاذه.