د. يعقوب المزروع: السعودية خالية من شلل الأطفال

وكيل وزارة الصحة السعودية: حملات التطعيم المحدودة ستستمر للمحافظة على الوضع

TT

يعتبر شلل الأطفال من أمراض العصر القديم، وظل مرضاً مخيفاً عبر التاريخ، ونجمت عنه مئات الألوف من حالات الشلل في جميع أنحاء العالم حيث كان يصيب 350 ألف طفل سنويا، حتى تم اكتشاف اللقاح المضاد له في خمسينات القرن العشرين. ثم أطلقت مبادرة مكافحة هذا المرض منذ 16عاما وأدت إلى خفض حالات شلل الأطفال بنسبة 99 بالمائة، فأخذ في الانحسار التدريجي في السنوات الأخيرة تمهيداً للتلاشي في البلدان التي طبقت برامج وطنية قوية للتحصين ضده على نطاق واسع، واكتساب مناعة ضده تستمر طوال الحياة.

وطبقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، فان شلل الأطفال سيكون أول مرض يتم القضاء عليه في القرن الحادي والعشرين، والثاني في العصر الحديث بعد القضاء على الجدري.

ونتيجة لحدوث تفشيات وبائية في أفريقيا في العامين الماضيين وانتشار فيروس المرض إلى دول مجاورة كالسودان واليمن، ورغبة في توضيح وضع المملكة وسط هذه الظروف التي تعيشها المنطقة، أوضح وكيل وزارة الصحة للطب الوقائي الدكتور يعقوب المزروع أن المملكة أصبحت خالية من مرض شلل الأطفال والانتقال المحلي له منذ عام 1995 واستمرت في المحافظة على ذلك طوال السنوات الماضية. وأشار إلى أن هذا النجاح تحقق بفضل التغطية العالية بالتحصين ضد شلل الأطفال بالجرعات الأساسية والمنشطة والتي تجاوزت نسبة 95 في المائة، إضافة إلى تنفيذ الحملات الوطنية والخليجية للتحصين ضد شلل الأطفال في عقد التسعينات من القرن الماضي في كافة أنحاء المملكة، ومن ثم تطبيق الحملات المحدودة السنوية منذ سنة 2001 في المناطق الأكثر عرضة، مثل مناطق الحج (مكة المكرمة، المدينة المنورة وجدة)، إضافة إلى تطبيق برنامج خاص للمتخلفين عن الحج والعمرة في المناطق الأكثر عرضة، وذلك بالقيام بحملات سنوية لتطعيمهم. كما أن هناك برنامجا قويا للرصد الوبائي والتبليغ تطبقه جميع مستشفيات المملكة الحكومية منها والخاصة والقطاعات الحكومية الأخرى، وهذا ما أشار إليه فريق منظمة الصحة العالمية الذي زار المملكة في بداية هذا العام، وذلك من خلال تفقده للوضع في العديد من المناطق. مدير الشؤون الوقائية بمديرية الشؤون الصحية بجدة الدكتور غازي الشيخ يوضح أن شلل الأطفال هو مرض فيروسي يصيب الجهاز العصبي من عمر 3 شهور وحتى سنتين، ويؤدي في معظم الحالات إلى شلل رخو في أحد الساقين أو كليهما. ويتراوح ما بين عدوى خفية وبين مرض شللي قد يفضي إلى الوفاة. ويتسبب عن فيروس ضاري يسمي فيروس بوليو Poliovirus يهاجم بصفة خاصة الخلايا العصبية الحركية في النخاع الشوكي والدماغ، مما ينتج عنه إتلافها. ومصدر العدوى هو الإنسان حيث يعيش ويتكاثر الفيروس في قناته الهضمية وتتم العدوى بواسطة: (1) الاختلاط المباشر مع المريض أو حامل المرض. (2) إفراز المريض (إفرازات الحلق أو البراز).

(3) الماء والحليب الملوثين بالفيروس.

(4) الخضار والأطعمة الأخرى الملوثة. ويضيف الدكتور غازي الشيخ أن هذا الفيروس له قدرة فائقة على الانتقال والعدوى. ويمكن مشاهدته في إفرازات الحلق في وقت مبكر يصل إلى 36 ساعة بعد التعرض للعدوى. كما يشاهد في البراز بعد 72 ساعة من التعرض. وكل شخص ليست لديه مناعة ضد المرض يمكن أن تصيبه العدوى. ويواصل القول ان معدل الوفاة بين المصابين بشلل الأطفال منخفض، وعادة أقل من 50%، وغالباً ما تنجم الوفاة عن فشل الجهاز التنفسي. أما الشفاء من الإصابات الشللية فيتوقف على مدى تأثر العضلات. فبعد بداية المرض بستة أسابيع يختفي معظم التلف العصبي القابل للتحسن. أما العضلات التي تظل مشلولة بعد الأسابيع الستة فيرجح أنها تبقى مصابة بشلل دائم. وأي تحسن قد يحدث بعد ذلك سوف يكون طفيفاً، ويعتمد على تضخم حجم العضلات وتدريبها، وليس على استعادة وظائف الخلايا العصبية.

استراتيجية استئصال شلل الأطفال من العالم

* اتخذت منظمة الصحة العالمية عام 1988 قراراً يقضي باستئصال مرض شلل الأطفال بحلول عام 2000. لكونه مرضاً يصيب الإنسان فقط، ويوجد له لقاح فعال ضده، والمناعة ضده تستمر طوال العمر، كما لا يوجد له مستودع من الحيوانات أو الحشرات، ولا يستطيع الفيروس أن يعيش في البيئة المحيطة إلا مدة قصيرة، وسرعان ما يهلك بمجرد حرمانه من الإنسان (المضيف). وسوف يتم الإشهاد باستئصال المرض بعد مضي ثلاث سنوات من تسجيل الحالة الأخيرة. وتعمل منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع العديد من الهيئات الدولية والطوعية وعلى الأخص اليونيسيف والروتاري ومراكز مكافحة الأمراض باتلنتا، في دعم البرامج الوطنية لتحقيق هدف وقف انتقال فيروس شلل الأطفال الضاري من جميع أنحاء العالم. وكان الهدف ان يتم ذلك بحلول عام 2000 . وتتكون استراتيجية منظمة الصحة العالمية لاستئصال شلل الأطفال من أربعة عناصر:

ـ التغطية الواسعة بالتطعيم الروتيني (على الأقل 90%) بثلاث جرعات من اللقاح الفموي، بعد الولادة.

ـ التطعيمات الإضافية (الحملات الجماعية، والأيام الوطنية للتحصين) بهدف تعزيز التطعيمات الروتينية لجميع الأطفال من دون الخامسة من العمر في نفس الوقت تقريباً. ـ إجراء ترصد محكم للبحث عن أي حالات من الشلل الرخو الحاد. التعاون الوثيق بين المسؤولين وأفراد المجتمع.