عكس الاعتقاد الشائع: حبوب فيتامين «سي» لا تفيد لمقارعة نزلات البرد

TT

يبدو أن السمعة الطيبة والذكر الحسن حول تناول فيتامين «سي» لنزلات البرد لدى الأطباء و عامة الناس سيخف كثيراً وربما يتلاشى، هذا ما تذكره دراسة مراجعة تحليلية بهذا الخصوص صدرت أواخر شهر يونيو المنصرم. الأمر الذي يخالف الاعتقاد الشائع في طول العالم وعرضه لدى الناس قديماً وترسخ بعد صدور كتاب لينس بولينغ «فيتامين سي ونزلات البرد» عام 1970 وبلغ أعلى المبيعات.

لقد قام الباحثون من الجامعة الوطنية الأسترالية في كانبيرا ومن جامعة هلسنكي من فنلندا بمراجعة كافة الدراسات التي أجريت حول تناول فيتامين سي للوقاية من التعرض لنزلات البرد أو حين الإصابة بها الصادرة خلال الخمسة والستين سنة الماضية، وبلغت جميعها خمسا وخمسين دراسة شملت عشرات الآلاف من الناس وقامت بتحليل نتائجها فلم تجد أي فائدة ملموسة تدعو إلى النصيحة بتناوله!. صدرت الدراسة في الجزء الثاني من أعداد شهر يونيو الماضي من «المكتبة العامة لعلم الطب».

شملت الدراسة التحليلية التي بين أيدينا ثلاثة جوانب لتناول فيتامين سي، هي تناوله بصفة يومية طوال العام للوقاية من الإصابة بنزلات البرد، والجانب الثاني تأثير التناول اليومي له في تقليل مدة نزلة البرد حين الإصابة، والثالث تأثير تناوله عند بدء أعراض نزلة البرد كدواء ضمن أدوية العلاج لمن لا يتناوله يومياً من قبل. ففي جانب الوقاية راجع الدكتور «ماك دوغلاس» والدكتور «هميلا» 23 دراسة من أفضل الدراسات التي بحثت تناول ما بين 200 ملغ إلى 2000 ملغ يومياً مقارنة بتناول حبوب وهمية على أنها فيتامين سي، فلم تجد أن ذلك يقلل من عدد الإصابات بنزلات البرد مما حداهما القول: «تلقى هذه النتيجة كثيراً من ظلال الشك حول ما يراه الناس من الأمور المسلمة!». و لم تكن لفيتامين سي فائدة تذكر إلا عند الرياضيين المحترفين كعدائي المارثون أو التزلج على الجليد تحديداً أو الجنود المعرضين للطقس البارد والجهد البدني الشاق، إذْ لدى هؤلاء فقط نجح في الوقاية من عدد نزلات البرد السنوية، وحتى هؤلاء كما يقول الدارسون يجب التأني في تعميم النصيحة لهم وكذلك في استنتاج فائدة لفيتامين سي يمكن تعميمها لكل الناس.

أما عن تأثير تناول فيتامين سي يومياً على مدة الوعكة الصحية لنزلة البرد فلقد وجد الباحثون تأثيراً مفيداً طفيفاً لا يتجاوز عشرة في المائة للأطفال أو البالغين، بمعنى لو أن مدة المرض عشرة أيام فإنها تقل يوماً واحداً بتناول الفيتامين طوال العام، فهل هذه الفائدة تستحق كل عناء التناول المنتظم يومياً له؟. و لكن ماذا عن تناول فيتامين سي عند بدء الإصابة بنزلة البرد؟.

حينما راجع الباحثون سبع دراسات تمت حول هذا الجانب لتحديد هل تناول فيتامين سي يقلل من مدة المرض فإنهم لم يجدوا فرقاً بين من لم يتناول فيتامين سي ومن تناوله في كل الدراسات، ما عدا دراسة واحدة تناول فيها المصابون بنزلة البرد كمية من فيتامين سي تبلغ 8 غرامات أي ستة عشر قرصا يومياً منذ أول يوم! حينها فقط نقصت مدة الوعكة الصحية لنزلة البرد بمقدار النصف. أما تناول حتى 2000 ملغ يومياً أثناء المرض فلا تأثير واضحا له.

فهل سيغدو بعد هذا من التندر والتنكيت أن يقال: كان الناس في الماضي يتناولون فيتامين سي عند نزلة البرد!