ابحث عن مكيف الهواء إن كنت متقدما في السن فربما ينقذ حياتك

العالم يشهد موجات حر قاتلة

TT

فرنسا احدى أكثر بقاع العالم حرارة بالنسبة للسائحين، هي جملة ذات مغزى للسائحين فيها والمقيمين، ففي صيف عام 2003 ضربتها موجة من الحر الشديد وبشكل غير معهود، استمرت تلك الموجة تسع ليال وتسببت في وفاة ما يربو على 14800 إنسان. وعانت الولايات المتحدة كذلك من موجات الحر القاتلة، كالتي أصابت مدينة شيكاغو عام 1995 وتسببت في وفاة 500 شخص.

إن ارتفاع نسبة الأوزون يصبح السبب في أن درجة الحرارة في الليل لم تعد تتدنى كثيراً كما كان في السابق، كما ان نقص العاملين في المستشفيات، وتدني كفاءة تجهيزاتها ربما كلها عوامل ساهمت في جعل نتائج موجة الحر تلك التي ضربت فرنسا غاية في الفداحة. لكن نقص أجهزة التكييف كان العامل الأقوى خاصة في مدينة باريس حيث سجلت أعلى معدلات الوفيات. إن حصول مثل هذه الموجات القاتلة من الحر الشديد غدا أمراً شائعاً اليوم في عالمنا المعاصر، فسخونة الكرة الأرضية لا ترفع درجة الحرارة فحسب، بل تعمل على ظهور تقلبات مناخية غاية في الاختلاف. أضف إلى هذا فإن نسبة المعمرين في الدول الأوروبية ودول أمريكا الشمالية أخذت في الزيادة مما يعني زيادة عدد الناس المعرضين للتأثر بسرعة جراء ارتفاع درجة حرارة الجو. وبإحصائيات بسيطة فإن عدد من توفوا في الولايات المتحدة وحدها بسبب الحر الشديد فقط في فترة التسعينات فاق عدد من توفوا أثناء نفس الفترة جراء العواصف والفيضانات والبرق والأعاصير مجتمعة.

حرارة الجسم

* الحرارة هي ناتج ثانوي من كل العمليات البيولوجية في الجسم، فالعضلات مثلاً تصدر حرارة حينما تتحرك، وأجسامنا في العادة تتخذ من الوسائل ما يخفف من أثر ذلك، فحوالي الثلثين منها (الحرارة) تخرج من الجسم عبر الجلد إلى الجو الخارجي إن كان بارداً، وباقي حرارة الجسم يخرج إما مع تبخر العرق عبر الجلد أو مع الهواء الذي يخرج رطباً من الرئتين.

حينما ترتفع حرارة الجو فإن كمية ما يتخلص منه الجسم من الحرارة تقل، ونعتمد بالتالي على خروج الحرارة مع العرق، لكن حينما يكون الجو شديد الرطوبة فإنه يصعب على الجسم إفراز العرق لأن الجو مشبع بالماء، وبالتالي تحتبس الحرارة في الجسم. ومع تقدم العمر تصبح الأمور أشد صعوبة، نظراً لأن كفاءة الغدد العرقية تضعف كثيراً لأنها ببساطة قد تليفت، كما أن الشعور بالعطش يقل، من هنا يعاني كبار السن من الجفاف، والعرق الذي يفرزه الجسم يحتوي على الملح فيؤدي خروجه مع العرق إلى اختلال نسبة أملاح الجسم وبالتالي ينخفض الضغط.

إضافة إلى ما تقدم فإن غالب كبار السن يتناول أدوية تقلل من كمية الماء في الجسم كالملينات ومدرات البول. وكل هذا يجعل من كبار السن أناساً أكثر عرضة للأذى والتأثر بارتفاع حرارة الجو، فأكثر من ثلثي الوفيات في صيف فرنسا الشهير كانوا ممن تجاوزوا الخامسة والسبعين من العمر.

الاحتراس من الحر

* اقتراحات لتجنب الإصابة بالأضرار الصحية للحر 1 ـ اصغ جيداً لما يقوله جسمك: فآلام العضلات والإعياء والضعف وقلة التركيز والدوخة والغثيان وسرعة التنفس وزيادة النبض وانقباض الصدر، كلها إشارات بأن هناك شيئاً ما غير طبيعي في جسمك. وحين الشعور بهذا توجه مباشرة إلى مكان بارد وتناول كثيراً من الماء وتأكد أن قربك من يستطيع مساعدتك لو احتجت إلى ذلك.

2 ـ مكيف الهواء: فهو في حقيقة الأمر منقذ الحياة في حالات الحر الشديد، حتى لو قضيت بضع ساعات يومياً تتنعم به. وكثير من المدن الكبيرة اليوم تجهز صالات مكيفة أثناء موجات الحر. وكما يقترح البعض خفض فاتورة الفقراء لتدفئة الشتاء، فكذلك يقترح البعض خفض فاتورة التكييف في الحر.

3 ـ ارتد الملابس المناسبة: الألوان الفاتحة من القماش الخفيف تسهل على الجسم التخلص من الحرارة.

4 ـ ابتعد عن الشمس: ولن تعجب حينما تسمع عمن عانوا من مشاكل التعرض الزائد للشمس خصوصاً حينما يفترشون الشواطئ ويمضي الوقت دونما انتباه منهم.

5 ـ تفقد الجيران دوماً: العزلة الاجتماعية أحد أسباب الوفيات من موجات الحر، فلو تعلم أن ثمة أحداً من الجيران كبيراً في السن يعيش وحده ولا يملك جهاز تكييف فتتفقده بين الفينة والأخرى.

6 ـ راجع دوماً أدويتك: فبعضها ربما يؤثر على مراكز في الدماغ، تفقدك التحكم في حرارة الجسم والتعامل السليم معها وخاصة مركز الحرارة أو الترموستات في «الهايبوثلامس». الأدوية المسكنة للألم ربما تقلل من إحساسك بالحرارة، فقدان السوائل نتيجة تناول الأدوية المدرة للبول مثل «لزكس» والأدوية الخافضة للضغط ربما تسبب مشاكل في درجات الجو الحارة، وبعض الخبراء يشيرون إلى أدوية مضادات أو محاصرات «البيتا» ربما تقلل من تعامل الجسم الجيد مع ارتفاع درجة الحرارة عبر تقليل معدل النبض. لكن هذا لا يدعوك لوقف تناول كل هذه الأدوية بل يوجهك إلى الاهتمام بنفسك عند ارتفاع حرارة الجو وأيضاً أن تناقش الأمر مع طبيبك خاصة إن لم تكن تملك جهاز تكييف هواء.

* خدمة هارفارد الطبية ـ الحقوق: 2005 بريزيدانت آند فيلوز ـ كلية هارفارد الأمراض الناتجة عن الحرارة وأضرارها

* ألم الحر يصيب العضلات نتيجة زيادة إفراز العرق من الجسم وخاصة أثناء المجهود البدني وفقدان الأملاح. يجب عليك الحذر أثناء ازدياد حرارة الجو وانخفاض نسبة الرطوبة، حيث لا يدرك المرء كمية العرق الهائلة التي تحدث فيه لأن العرق يتبخر بسرعة. تستطيع مداواة الحالات البسيطة من ألم العضلات عند حصول عرق شديد أثناء ممارسة الرياضة بتناول المأكولات المالحة وشرب المشروبات الرياضية.

* ضربة الشمس هي حالة إسعاف طبي وهي المميت في موجات الحر الشديد. تبدأ ربما بشعور بالتعب لكن الأعراض تتطور سريعاً إلى ما هو أسوأ من الإعياء والضعف والتشويش الذهني إلى الهذيان ونوبات التشنج وربما يصل الحال إلى الإغماء. ترتفع هنا درجة حرارة الجسم بشكل سريع يتجاوز 41 درجة مئوية. لدى صغار السن يرتفع معدل النبض، بينما لدى الكبار ينخفض النبض وضغط الدم.

ومن العجيب أنه بالرغم من ارتفاع درجة حرارة الجسم فإن الجلد يبدو باهتاً وجافاً لأن الغدد العرقية لا تعمل حينها.

يجب خفض درجة حرارة الجسم لهؤلاء المرضى بأسرع وقت ممكن لمنع حصول تلف دائم في القلب والجهاز العصبي والأعضاء الأخرى في الجسم. وغالباً يكون المغطس البارد هو الحل الأمثل لذلك.