النوم العميق ليلا يحسن الذاكرة ويقوي ممارسة المهارات

TT

* النوم العميق ليلا يحسن الذاكرة ويقوى ممارسة المهارات لماذا ننام؟ سؤال تهم في الواقع الإجابة عليه، فالنوم حاجة حيوية مرتبطة بالحياة ارتباطاً وثيقاً، الدراسات على الحيوانات وعلى الإنسان ربطت بين مدة الحياة ومقدار النوم، إذْ ان الحيوانات التي متوسط عمرها ثلاث سنوات مثلاً، تعيش خمسة أسابيع فقط لو حرمت من مرحلة النوم ذات حركة العين السريعة، وتعيش ثلاثة أسابيع بدل ثلاث سنوات لو حرمت من النوم بالكلية! هناك من الدراسات ما يؤكد أن اضطراب النوم يقلل من كفاءة جهاز المناعة في الجسم، ويؤثر سلباً على النمو خاصة في الأطفال والمراهقين ذلك أن هورمون النمو لا يتم إفرازه بصورة كافية من الغدة النخامية التي تقع في قاع الدماغ إلا أثناء النوم العميق في الليل. الكثير جداً من خلايا الجسم تنشط أثناء النوم العميق لترميم ما تهدم أو تهتك من تركيبها نتيجة النشاط والحركة ولذا تسترخي عضلات الجسم خلاله أو تمر بفترة شلل، فيزيد بناء الخلايا وإنتاج البروتينات في هذه الأوقات وهو ما يلاحظ من نضارة الجسم بعد النوم العميق.

حاجة الدماغ للنوم كبيرة ومتشعبة الأهمية، فمراكز التحكم في العواطف وعمليات التفكير واتخاذ القرارات وتميز التفاعلات الاجتماعية كلها يقل نشاطها وترتاح أثناء النوم وتأخذ فرصتها لتعيد أجزاء أخرى في الدماغ ترتيب أوراقها كما يقال، وهو أشبه بسيارات السباق التي تتوقف للصيانة فيقوم الفنيون بضبط المحرك والإطارات وملء الوقود لتعود مرة أخرى للانطلاق الميمون الموفق، لينتج عن كل هذا الترتيب تحسن الذاكرة التي لمن تأمل ثمرة عقل الإنسان وخبرة تجاربه طوال الحياة.

تقول دراسة صادرة عن الباحثين من كلية الطب بهارفارد صدرت قبل أسبوعين ونشرت في مجلة علوم الأعصاب الأميركية أن النوم العميق بالليل يحسن الذاكرة ويقوي سرعة الاستفادة منها في ممارسة المهارات كالعزف على البيانو على حد قول الدكتور «ماثيو والتر» الباحث الرئيس، بما يعلل حاجة الأطفال الصغار خاصة الرضع الى النوم ساعات طويلة، وكذلك يسهم في تأهيل كبار السن وخاصة منهم من أصيبوا بجلطات الدماغ أو من المصابين بحوادث أثرت على الدماغ لديهم بغية تمكينهم من استرداد الكثير من قدرات التفكير ولوازمه وأهمها الذاكرة، والدراسة اعتمدت استخدام تقنيات دقيقة كتصوير الدماغ بالأشعة المغناطيسية.

علاقة مرض السكري وزيادة الوزن بالنوم تأخذ صورة لم يلتفت إليها في السابق بنفس الأهمية التي تبديها الدراسات الحديثة، ففي مجلة «العلم» الأميركية نشر بحث قبل شهرين للباحثين من جامعة «نورث وست» بالولايات المتحدة دراسة أظهرت علاقة مترابطة بين الساعة البيولوجية في الدماغ المتحكمة بالنوم من جهة وتناول الطعام من جهة أخرى، وهو ما عبر عنه الدكتور «فرد تيرك» أحد الباحثين في الدراسة قائلاً: الدراسة تعطي برهاناً جينياً حول التأثير الفسيولوجي لساعة النوم البيولوجية في الدماغ من جهة وبين تناول الطعام وتربط فيما بينهما على مستوى جزيئات المركبات الحيوية التي في الجسم وعلى المستوى السلوكي أيضاً، بما قد يترجم الى إستراتيجية جديدة في إنقاص الوزن. هذه الدراسة تؤكد نتائج دراسة الباحثين من بريطانيا التي نشرت في ديسمبر الماضي من أن عدد ساعات النوم تؤثر في هورمونات تناول الطعام، فكما هو معلوم هناك هورمون،«لبتن» الذي يكبح الرغبة في تناول الطعام، وهورمون «غرلن» الذي يرفع الإحساس بالجوع، فالأشخاص الذين ينامون خمس ساعات يحسون بالجوع أكثر نظراً لأن لديهم معدل أعلى من هورمون الجوع أو «غرلن» وأقل من هورمون «لبتن» ممن ينامون ثماني ساعات، ولذا قال الباحث الرئيس الدكتور شهرياد طاهري من جامعة برستول، ان أخذ قسط كاف من النوم من الأمور المهمة في مكافحة السمنة». والحقيقة أن هذه الدراسة من أهم الدراسات حول النوم وهورمونات السمنة التي تمت في السنوات الماضية لأنها شملت أكثر من ألف شخص وتمت الدراسة والمتابعة ضمن حياتهم الطبيعية وأظهرت فروقاً واضحة ومهمة إحصائياً وبالتالي طبياً.