دراسات أميركية حول أفضل الطرق الصحية لشواء اللحوم

مخاوف من أخطار المواد المسببة للسرطان وخبراء ينصحون بإضافة إكليل الجبل إلى اللحم المشوي

TT

رشات قليلة من إكليل الجبل أو الروزماري لا تحسن طعم اللحم فقط بل تحمي كذلك من الكثير من المواد المؤدية الى نشوء السرطان فيه وخاصة أثناء شواء اللحم على الفحم، هذا ما يقوله الباحثون في دراسة صدرت هذا الشهر عن جامعة كنساس بالولايات المتحدة. وفي كل عام ومع بدء فصل الصيف وانطلاق الرحلات، تصدر تحذيرات من المراكز الصحية خاصة ما يعنى منها بعلاج الأورام وأخرها كان هذا الشهر من مؤسسة «دانا ـ فاربر» لعلاج السرطان بالولايات المتحدة. إكليل الجبل

* الروزماري أو إكليل الجبل نبات عشبي ذو أوراق إبرية خضراء طوال العام تنتج زهوراً زرقاء فاتحة اللون تنمو غالباً في مناطق البحر الأبيض المتوسط ومنها انتشرت الى مناطق العالم. استخدم منذ القدم في صنع العقاقير الطبية وكإضافة غذائية سواء في السلطات أو طهي الطعام وخاصة اللحوم. اسم الروزماري ليس مأخوذاً من «روز» و«ماري» إذ لا علاقة له بهما بل التسمية مأخوذة من الكلمة اللاتينية روزماريين وتعني «ندى البحر» كما تشير مصادر علم النبات. ويحتوي الروزماري على زيوت طيارة ومضادات للأكسدة إضافة الى الأحماض كحمض الروزمارينيك وحمض كارنوزك، وكلها لها أثار في تنبيه الدماغ وتقوية الذاكرة وتخفيف آلام الصداع والحيض إضافة الى آثاره على الجهاز الهضمي كطرد الغازات وآثار عامة كزيادة النشاط كما يصرح مستخدموه ومروجوه، وتحتاج الى المزيد من الأبحاث كي ما يثبت كل هذا، لكن بالدراسة التي بين أيدينا فإن هناك فائدة من إضافته للحم الشواء. ولقد ركز البروفسور سكوت سمث من جامعة كانسس في الدراسة التي عرضها في مؤتمر الكيمياء التحليلية وتطبيقات التحليل الطيفي المنعقد في بتسبيرغ بالولايات المتحدة على دور إضافة الروزماري الى اللحم قبل الطهي، ووجد أن مركبين كيميائيين هما حمض الروزمارينيك وحمض كارنوزك المضادين للأكسدة يعملان على تقليل ظهور نوعين مهمين من «الأحماض الأمينة مختلفة الحلقات» التي هي مواد مرتبطة بنشوء السرطان عبر تغير تركيب جينات الإنسان (الحمض النووي «دي أن أي») وبالتالي إذا ما تناولها الإنسان فإنها تزيد خطورة نمو الخلايا السرطانية. تظهر هذه المواد عند طهي اللحم بدرجات حرارة تتجاوز 200 درجة مئوية كما في الشواء والقلي. ويؤكد البروفسور سميث أن إضافة أوراق الروزماري الطازجة تلعب دوراً هاماً في الحماية من تكون المواد الضارة متى ما نقعت مع اللحم قبل الطهي بالشواء سواء على الفحم أو بالمقلاة لطهي أقراص البرغر.

الشواء والسرطان

* طهي اللحم باستخدام درجات عالية من الحرارة كما في الشواء على الجمر أو الشواء بالمقلاة ينتج عن كلاهما مركبات ثبت ارتباطها بنشوء السرطان وضعتها مؤسسة السرطان الأميركية بشكل واضح في التقرير الحادي عشر لها ضمن قائمة المواد المؤدية الى السرطان، فما من مجال لمراجعة الأمر. والمواد هي نوعان، الأول هو ما ينتج من بروتينات اللحم على أنواعه وتسمى مركبات الأحماض الأمينة مختلفة الأشكال وهي على نوعين، والثاني ما يلوث ويتشبع به قطع اللحم من غازات الفحم والدخان المتصاعد من سقوط قطرات السوائل من اللحم والشحم نفسه وأهمها مركبات «الهايدروكربون المتطايرة متعددة الأشكال» وخاصة «الديوكسين»، وهو قصة أخرى يطول شرحها فهو مركب يؤدي الى السرطان، وضعته مؤسسة السرطان الأميركية ضمن المواد المسرطنة قبل عشرة أعوام ونسمع من حين لأخر حالات التسمم به.

المهم حول شواء اللحم والديوكسين هو ما أظهرته الدراسة الفرنسية الشهيرة عام 2003م من أن كمية الديوكسين الناتجة من شواء غداء عائلي لمدة ساعتين مكون من أربعة قطع ستيك وأربعة قطع من لحم الديك الرومي وثماني قطع من النقانق الكبيرة يصدر في الجو كمية من الديوكسين توازي ما يصدره تدخين 220,000 لفافة سجائر! إن هذه المواد الضارة المسببة للسرطان تظهر في الشواء بمعدل أكبر بكثير من الغلي بالماء كما في الطهي العادي أو بالبخار أو حتى الطهي بشواء الفرن العادي، إن المشكلة ليست في الشواء بحد ذاته بل أساس المشكلة هو في تعرض اللحم على أنواعه الى درجات حرارة عالية مباشرة فدرجة الحرارة داخل جمر الفحم تصل الى ما يزيد عن 900 درجة مئوية يتعرض اللحم الى كمية كبيرة منها كلما قرب أكثر من مصدر الحرارة وكلما زادت مدة تعرضه لها وتتأثر المركبات التي فيه تبعاً لذلك. والأهم كما تقول «سيفاني فانغسنس» أخصائية التغذية من مركز «دانا ـ فاربر» للسرطان هو الدخان المتصاعد من حرق قطرات السوائل المتساقطة من اللحم على الفحم. الشواء نشاط أسري مليء بالمتعة والترفيه واللحم المشوي لذيذ ومحبب للناس في كافة بقاع العالم والمخاطر المذكورة من اليسير تجنبها بشيء من اهتمام ربة الأسرة في إعداد اللحم وكذلك رب الأسرة في مباشرته الشواء. وسأركز الحديث حول الشواء على نار الفحم مباشرة ونفس النصائح موجهة من الهيئات الطبية نحو الشواء بالمقلاة للبرغر. إرشادات الشواء الصحي

* الخبراء من مركز دانا ـ فاربر لعلاج السرطان وغيره من المراكز والهيئات الطبية وضعوا إرشادات لطيفة وسهلة الاتباع لتقليل مخاطر الشواء تشمل الآتي:

ـ اختيار اللحم قليل الدهن وإزالة قطع الدهن قدر الإمكان لأجل أمرين، الأول تقليل تناول الشحوم والثاني تقليل احتمال تكون المواد والغازات الضارة بفعل حرق الجمر للدهون عند سقوطه عليها.

ـ تقطيع اللحم قطعاً صغيرة قدر الإمكان كي ينضج بسرعة للتقليل من مدة تعرضه لحرارة الجمر ما أمكن أثناء الشواء ولتمكين التوابل وغيرها من التغلغل فيها والتفاعل معها لتطريتها وحمايتها، وفي هذا تصرح كثير من المصادر الطبية الغربية أن تقطيع الشرقيين للحم في الكباب هو أفضل بمراحل من الطريقة الغربية التي تقطع لحم «الستيك» للشواء كبيراً.

ـ تتبيل اللحم بالخل أو الليمون يقلل كثيراً من فرصة تفحمه أثناء الشواء. وفي تقرير إدارة الصحة والخدمات الإنسانية بالولايات المتحدة وفق نتائج دراسة مركز السرطان في هاواي فإن تتبيل ونقع لحم الشواء بمرق الترياكي الياباني المعروف يقلل بنسبة 67% من تكون المواد المسببة للسرطان. وأن مرق مزيج الكركم مع الثوم أثبت تقليل تكون مركبات الأحماض الأمينة مختلفة الأشكال المسببة للسرطان في لحم الشواء بنسبة 50% بخلاف تتبيله بالعسل الذي يزيد من تكونها. كما أن هناك بحثاً للدكتور «جون ويسبرغر» من مؤسسة الصحة الأميركية يؤكد أن مزج بروتينات فول الصويا مع أقراص البرغر يقلل من تكون المواد المسببة للسرطان فيها بنسبة 95%. كما أن خلط اللحم المفروم المعد لأقراص البرغر أو الكباب بالعصير الطازج لبعض الفواكه كالكرز أو الرمان يقلل من ظهور المواد هذه كذلك ولا ننسى الروزماري سبب كل هذا الحديث.

ـ استخدام الحطب أو الفحم النباتي وتجنب الفحم الصناعي الحجري، وذلك لعدة أسباب منها أن الحطب بالذات تصدر عنه في دخانه مواد طبيعية مضادة للأكسدة وهو ما تشدد على تأكيده المراجع الطبية، أما الفحم الحجري فتتطاير منه غازات سامة كما تقدم ودرجة حرارته أعلى من الحطب أو الفحم النباتي.

ـ لتقليل فرصة تكون المواد المسببة للسرطان هناك عدة أمور يحرص المرء عليها أثناء الشواء، أولاً: لو أمكن طهي اللحم قليلاً في فرن المايكروويف لتقليل مدة الشواء الزمنية والتأكد من نضج اللحم، الثاني: تقليل كمية الجمر المستخدم وإبعاده عن اللحم كي لا يتعرض لحرارة عالية، ثالثاً: تقليب اللحم بشكل متكرر أي لا يتجاوز البقاء أكثر من دقيقة في وضعية مباشرة مع حرارة الجمر، رابعاً: تجنب بقاء اللحم مدة طويلة فوق الجمر أثناء الشواء، خامساً: الحرص دوماً على تصفية اللحم وتجفيفه تماماً من الماء أو خلطة المرق التي نقعت فيه.

ـ الحرص دوماً على حماية قطع اللحم من حرارة الجمر المباشرة بوضع قطع من الخضر كالفلفل البارد أو الطماطم أو غيرها مما يفضله كل إنسان. إن وجود الخضر بما فيها من مواد مضادة للأكسدة وحمايتها لقطع اللحم يقلل من نشوء المواد المسببة للسرطان.

ـ تناول الخضر والفواكه الطازجة مع تناول لحم الشواء الناضج وكذلك شرب الشاي كلها تقلل من تأثير المواد الضارة على الجسم بعد تناول وجبة شواء اللحم.

إن احتمال الضرر من المواد المسببة للسرطان يقل كثيراً باتباع الطرق الصحية في الشواء وهو ما يؤكد الحاجة الى الاستفادة منها في تغذية الصغار والمراهقين على وجه الخصوص.