البيض: الغذاء المظلوم يعود أخيرا

الدراسات الطبية الحديثة تشير إلى أن البيض لا يرفع الكوليسترول في الدم برغم محتواه العالي منه

TT

بعد الحملة الطبية النيوزلندية، بدأت الحملة الأسترالية تأخذ شكلاً منظماً في توعية الأطباء والناس بفوائد تناول البيض وتفند المزاعم التي تدعي أن سبب ارتفاع كوليسترول الدم هو نتيجة لتناوله، والمخيف اليوم ليس هو انطباع الناس حول البيض، بل أن تجد دراسة استرالية أن 73% من الأطباء العامين يشاطرون الناس نفس الاعتقاد برغم توفر الدراسات الطبية في السنتين الأخيرتين والتي تذكر بشكل صريح لا لبس في عباراتها أن البيض لا يرفع الكوليسترول في الدم برغم محتواه العالي منه. وأخيراً بدأ الأطباء يتحدثون بكل قوة حول الظلم الذي وقع في حق البيض منذ حوالي نصف قرن وتحديداً منذ أن استفاق الأطباء في ستينات القرن الماضي على أن ارتفاع الكوليسترول سبب في نشوء أمراض شرايين القلب، وكان أقرب وأشهر منتج غذائي يحتوي على كمية عالية من الكوليسترول هو البيض فكان هو كبش الفداء، إذْ عزيت إليه أسباب ارتفاع الكوليسترول لدى الناس وأخذت النصائح الطبية باستنتاج سطحي تنهل بغزارة لتحذر من تناوله وتحدد حتى عدد البيضات التي يتناولها المرء أسبوعياً!، واستمر الحال كذلك الى أن ظهر من الدراسات ما يفند هذا الاستنتاج الجائر. وبدأ الحديث عن هذا الأمر على استحياء من قبل بعض الأطباء في السنتين الماضيتين الى أن وصلنا الى بدء حملات طبية لتوعية الناس والأطباء بالذات بفائدة تناول البيض والى اعتراف هيئات طبية عالمية بأن النصائح القديمة لم تكن على أساس علمي سليم.

«مجموعة النصيحة بفوائد البيض» تشكلت من أطباء للقب وأخصائيي التغذية على أعلى المستويات حقيقة في أستراليا، والسبب هو أمران، الأول هو دفع الناس الى الاستفادة من المجموعات الغذائية العالية القيمة في البيض والتي لا تتوفر مطلقاً في أي منتج غذائي آخر بهيئة غنية ومتوفرة لكل الناس مهما كانت حالتهم المادية وأيضاً سهلة التناول والهضم. الأمر الثاني وهو الأهم إعادة ترتيب فهم الأطباء والناس الى أوليات حمية الكوليسترول، فمن العبث الاهتمام بكوليسترول الغذاء الذي لا يشكل نسبة مهمة على الإطلاق في مستوى كوليسترول الدم. فهناك خلل في الفهم محصلته النهائية النصيحة بالحد من تناول البيض، مما يعني جهداً كبيراً على الأطباء في مجالي القلب والباطنية أن يبذلوه لتوجيه النصيحة الطبية والسلوك الغذائي للناس نحو الطريقة السليمة للتعامل مع الكوليسترول. ارتفاع الكوليسترول < الأولوية للحد من ارتفاع نسبة كوليسترول الدم هي التقليل الى حد كبير من تناول الدهون المشبعة كالتي في الشحوم الحيوانية ومنتجات الألبان وزيتي النخيل وجوز الهند بالذات من الزيوت النباتية. ثم الإكثار من تناول الزيوت النباتية غير المشبعة وبالأخص ما كان منها طبيعياً أي غير الزيوت الصناعية المهدرجة، فالطبيعي كزيت الزيتون أو أي زيت نباتي آخر، ولعل أفضل مصدر وأضمن أن يكون طبيعياً هو الزيوت التي في المكسرات كالجوز واللوز والبندق وغيرها التي استفاضت الدراسات الطبية الحديثة في بيان فوائدها. ثم الحد قدر الإمكان من الشحوم الصناعية التي توصف بأنها متحولة كالتي في الحلويات المخبوزة مثل الدونات والكيك. بعد هذا كله يأتي دور الكوليسترول في الغذاء كالذي في البيض أو الربيان ومنتجات الألبان أي أنه أقلها أهمية. يؤكد هذا الدكتور «كارام كوستنر» أستاذ القلب المشارك بجامعة «كوينزلاند» بأستراليا وعضو المجموعة المتقدمة الذكر قائلاً: الأدلة العلمية تشير بوضوح الى دور مفيد للغاية يقوم به البيض متى ما أضيف الى الوجبة الغذائية الصحية بما يفوق في الأهمية بمراحل الحديث الذي يذكره الناس عن علاقته بالكوليسترول، فالمجموعة راجعت بتمعن الدراسات الحديثة التي اشارت بوضوح الى أن تقليل تناول الدهون المشبعة وإنقاص وزن الجسم وتناول أدوية ارتفاع الكوليسترول هي أمور أهم بكثير من البحث في فوائد تقليل تناول البيض. شارون ناتولي مديرة إدارة الأطعمة والتغذية الأسترالية تقول: بعدما راجعنا كل ما هو متوفر من دراسات طبية وجدنا أن البيض غذاء صحي عالي الفائدة، فهو يحتوي على 18عنصراً غذائياً ما بين فيتامينات وأملاح ومعادن مما يحتاجه الناس في كافة الأعمار، وفي الدراسة التي أجريناها على معلومات الأطباء العامين أكدت الأغلبية معرفتهم أنه مصدر جيد للبروتينات لكن قلة منهم تدرك أيضاً أنه مصدر للفيتامينات والمعادن بدرجة عالية، كما أن قلة منهم تعلم أنه قليل المحتوى من الدهون المشبعة، وتضيف قائلة: سنركز في الحملة على إعطاء معلومات مبسطة وذات أسس علمية سليمة لإزالة اللبس الحاصل اليوم في علاقة البيض بالكوليسترول إضافة الى الفوائد الصحية لتناوله. والحقيقة أن البيضة التي تزن 50 غراما، فيها كوليسترول بمقدار 213 مليغراما، ودهون مشبعة 1.5 غرام، ودهون غير مشبعة 4.5 غرام، هذا في الصفار، و6 غرامات من البروتينات تشمل جميع البروتينات الأساسية، وليس فيها سكريات، كما تحوي الحديد والفسفور بنسب عالية وبهيئة سهلة الامتصاص إضافة الى معادن أخرى، وقائمة من الفيتامينات الهامة. مما يعني أن البيضة تحتوي على جميع البروتينات الأساسية، ودهون غير مشبعة ثلاثة أضعاف ما فيها من دهون مشبعة، وخالية من السكريات، وكمية الطاقة فيها لا تتجاوز 70 كالوري.