ثقة المريض في الطبيب أساس نجاح العلاج

دراسة أميركية تبحث في مدى التزام المرضى بالإرشادات الطبية وتنفيذها

TT

ستصدر في الثاني والعشرين من هذا الشهر نتائج دراسة أجراها الباحثون من مركز «آنا أربور» للرعاية الصحية التابع لجامعة «متشغن» بالولايات المتحدة حول مدى اتباع مرضى السكري لإرشادات الأطباء وخاصة تناول العلاجات الموصوفة لهم، وذلك ضمن مواضيع العدد القادم من مجلة «مدونات الطب الباطني» الأميركية. وكثيراً ما يتساءل الأطباء في أحاديثهم عن سبب عدم تناول المرضى لأدويتهم، ويتشعب الحديث عن الأسباب برغم يقين تشخيص المرض وضرورة العلاج، والدراسة التي شملت حوالي ألف مريض بالسكري من خمسة مراكز طبية في أرجاء الولايات المتحد تحاول الإجابة عن هذا السؤال.

الثقة هي الجواب، فالمرضى الذين تتميز علاقاتهم بطبيبهم المعالج بالثقة هم أقرب الى الالتزام بتناول الأدوية، خاصة في حال وجود صعوبات مالية تعيق حصول المريض على العلاج، إذ ان تزعزع أو تدني الثقة بينهما أو معاناة المريض مما يشبه الاكتئاب لأسباب عدة هما من أهم ما يجعل المرضى لا يلتزمون بتناول أدويتهم، خصوصاً حينما يكون الدواء مكلفاً مادياً.

في هذه الدراسة كان معظم المرضى من الذكور ممن تجاوزوا الخامسة والستين ودخلهم المادي السنوي يعتبر متدنيا الى متوسط، ولذا يشير الباحثون الى ربط هذه الدراسة بين عدة متغيرات وبين المحصلة وهي تناول المريض للدواء، فالسن وكلفة العلاج والدخل المادي والصحة النفسية والثقة بين المريض والطبيب كلها عوامل تؤثر في نجاح العلاج، فبالنظر الى نسبة ترك تناول العلاج بين المرضى والذي يكلف أكثر من مائة دولار نجد أن حوالي 30% هم الذين لم تكن لديهم ثقة عالية في طبيبهم بينما فقط 11% من المرضى لم يتناولوا العلاج المكلف بنفس القيمة المادية لكن لديهم ثقة عالية في طبيبهم!، فسبب الفرق هنا هو الثقة.

والعامل الآخر كان هو المعاناة من أعراض تشبه الاكتئاب، فلدى تحليل مجموعة المرضى الذين تركوا تناول العلاج وجد الباحثون أن من يعانون من الاكتئاب كانوا ضعف من لا يعانون منه. والعامل الأخير الغالب كان عدم القدرة على دفع تكاليف العلاج.

الدراسة تعيد التأكيد بدليل واقعي على أن نوعية ومستوى العلاقة بين الطبيب والمريض على درجة عالية من الأهمية في نجاح العلاج الذي أولى مفاتيحه تناول الأدوية الموصوفة. وتتأكد الحاجة الى الاهتمام بكيفية المحادثة والمحاورة حين ذكر الدواء للمريض ليس من جانب فائدته العلاجية فحسب بل كيفية حصول المريض عليه بما يوافق إمكانياته المادية وطرح خيارات من الأدوية ذات كلفة معقولة وممكنة للمريض.

وهو ما يؤكده الدكتور «جون بيتتي» الباحث الرئيس في الدراسة قائلاً: بناء الثقة بين المريض والطبيب أمر في غاية الأهمية خصوصاً حال مواجهة المريض صعوبات مادية الأمر الذي يجنبه التعرض للمخاطر الصحية الناجمة عن ترك تناول العلاج، وثلثا المرضى في هذه الحالة لا يخبرون أطباءهم عن هذا السبب قبل تركهم العلاج وحتى بعد الانقطاع عن تناوله فإن 35% لا يذكرون مطلقاً الصعوبات المادية كسبب حقيقي لذلك ما لم تكن هناك ثقة فيه وهو ما ذكرته في دراستي التي نشرتها في سبتمبر العام الماضي، وفي محاولتنا لفهم أسباب التزام المرضى بتناول العلاج رغم كلفته العالية عليهم وجدنا أن نوعية العلاقة المتميزة بالثقة بينهم وبين أطبائهم هي أكبر حافز حينها وهي المفتاح، كذلك الاكتئاب له دور في الأمر. ويضيف الدكتور «بيتتي» قائلاً: الرسالة من هذا البحث موجهة للأطباء بغية إدراكهم دور بناء علاقة أقوى مع مرضاهم حتى سؤالهم مباشرة عن قدرتهم على تحمل تكاليف العلاج، فالصراحة والشفافية بين الطبيب ومريضه يجب أن تكونا أكثر مما هو حاصل اليوم.