نظريات جديدة لتفسير مرض الانطواء على الذات

الصينيون عرفوا مرض التوحد منذ 2000 سنة

TT

التوحد هو أحد الإعاقات التطورية الروحية، التي توصف بعجز يعيق تطوير المهارات الاجتماعية، والتواصل اللفظي وغير اللفظي، والإبداع والخيال، فينعزل المصاب التوحدي تدريجياً. وتظهر أعراض التوحد جلية في السنوات الثلاث الأولى، وتبدأ معاناة الأسرة المبتلاة في محاولة مضنية للتعرف على ماهيّة إصابة فلذة كبدهم، وما هو سبب تلك الإصابة، وما هي الفرص المتاحة للعلاج؟ إن الإجابة عن هذه الأسئلة كلفت العلماء الكثير من الجهد والوقت منذ أن وُصف التوحد على يد الطبيب النفسي الأميركي «ليوكانر» عام 1943، حيث ما زال البحث جاريا من دون توقف في مجالات علم أعصاب المخ، والطب النفسي، والاضطرابات المعوية، والتربية الخاصة، وغيرها من المجالات الخصبة للبحث، وقد وضع الباحثون العديد من النظريات كل حسب مجال بحثه ومن هذه النظريات، نذكر ما يلي:

1 ـ نظرية زيادة الأفيون المخدر في الجسم.

2 ـ نظرية تسريب الأمعاء.

3 ـ نظرية نقص هورمون السيكريتين.

4 ـ نظرية نقص أو زيادة السيراتونين.

5 ـ نظرية الأوكسيتوسين والفاسوبرسين.

6 ـ نظرية التحصين ـ التطعيمات MMR/DPT.

7 ـ نظرية عدم احتمال الغلوتين.

8 ـ نظرية التلوث البيئي.

9 ـ نظرية العقل.

10 ـ نظرية الأحماض الأمينية.

11 ـ نظرية جاما انترفيرون.

12 ـ نظرية التمثيل (الاستقلاب).

13 ـ نظرية الجهد والمناعة.

14 ـ نظرية قصور فيتامين (أ).

15 ـ نظرية التعرض للأسبارتيم قبل الولادة.

16 ـ نظرية بروتين الأورفانين.

وهناك العديد من النظريات التي لم نذكرها وما زال البحث قائما حولها. وقد عرف الصينيون إعاقة التوحد وقاموا وما زالوا يعالجون التوحد منذ أكثر من 2000 سنة، عن طريق تحسين الجهاز الهضمي والمناعي للمصابين بالتوحد، الذي كانت نتائجه تحسن أعراض التوحد والسلوكيات الشاذة المصاحبة له.

وقد افترض الباحثون في مجال التوحد، أن مسببات التوحد ربما تكون بعد الولادة أو أثناء فترة الحمل، (وبمقارنة المصطلحات الطبية الصينية بعلم التشريح في الطب الغربي الحديث، نجد أن هناك اختلافات واضحة في تفسير المصطلحات الطبية الصينية ربما لا تتوافق مع الغرب). وما أريد توضيحه، هو أن الاختلافات ربما تكون مفيدة ومثيرة للجدل أحياناً. دعونا نلقي الضوء على «نظرية الكلى»، التي وضعها الباحثون الصينيون في مجال التوحد، حيث تنص هذه النظرية على أن الكلى هي عضو خلقي موجود منذ الولادة postnatal. وبناء على هذه النظرية، فإن سبب التوحد بعد الولادة غالباً ما يكون تلفا في الجهاز الهضمي، وهو عبارة عن مشكلة في الطحال أو المعدة معا، تمنع الجسم من امتصاص فيتامين B6 وغيره من العناصر الغذائية التي تساعد على نمو وتطور المخ وصيانته. والكليتان والطحال التالفة أيضاً، تسبب تلف الجهاز المناعي.

النظرية الطبية الصينية تقول «إن المخ هو محيط النخاع، والكليتان تهيمنان وتنتجان النخاع»، بالنسبة للأطفال التوحديين. واستناداً إلى النظرية الطبية الصينية، فإن التوحد الذي يحدث أثناء الحمل، يُعزى إلى مشكلة في وظيفة الكلى لدى الوالدين، التي ربما تكون عن طريق الأم وأحياناً الأب. وقال الأطباء الصينيون: إنه عندما تكون لدى الأم كُلية ضعيفة، فإن الجسم لا يمتص فيتامين B6 بطريقة فعالة. وإن نقص فيتامين B6 وبعض العناصر الحيوية يعوق عمليات بناء ونمو المخ، ونتيجة لذلك يولد الطفل باضطراب وظيفي في المخ.

إن الباحثين الذين كرّسوا جهودهم لدراسة التوحد، توصلوا إلى نتيجة مشابهة لنتائج الأطباء الصينيين، وانهم بتطوير الجهاز الهضمي والمناعي لدى المصابين بالتوحد، تحسنت أعراض التوحد لديهم. وقد وجدوا أيضاً أن التوحديين الذين يتبعون نظام الحمية الخالية من الكازبين والفاوتين وبعض الملاحق الغذائية الأخرى، قد تحسنت لديهم أعراض التوحد، وبعض السلوكيات الشاذة قلصت بنسبة %90.

إذن ابتدأ العلماء بالتركيز على أن سبب التوحد ربما يكون خللاً عضوياً. ومهما كانت الأسباب، فإن التدخل المبكر يعتبر من أهم مراحل العلاج، بالإضافة إلى برامج التربية الخاصة الموجهة. كما أن العلماء وحتى هذه اللحظة، لم يتمكنوا من الوصول إلى علاج طبي يشفي المصابين بالتوحد تماماً، حيث أن بعض أعراض التوحد تستمر مدى الحياة، لكن نجح بعض الباحثين في تقليص هذه الأعراض عن طريق الغذاء والملاحق الغذائية المساندة لمساعدة المصاب بالتوحد.

* رئيس مركز والدة الأمير فيصل بن فهد للتوحد في الرياض (والد لطفل مصاب بالتوحد) =