إفراز «هرمون الحليب» الزائد يؤثر على الصحة والخصوبة

د. منى نصر الله لـ«الشرق الأوسط»: البرولاكتين يعيق الانتصاب لدى الرجل

TT

البرولاكتين «هرمون الحليب» هو هرمون، عبارة عن مادة كيميائية بروتينية تفرز في كل من الذكر والأنثى من الفص الأمامي للغدة النخامية التي تقع في الجزء السفلي الأمامي للدماغ. ولا يُعرف لهذا الهرمون، بالنسبة للذكور، أي وظيفة فسيولوجية حتى الآن، أما بالنسبة للإناث ففي مرحلة النشاط الفسيولوجي يعمل البرولاكتين على نمو الأعضاء الأنثوية وخاصة الثدي بالمشاركة مع الإستروجين. ويكون البرولاكتين أثناء الدورة الشهرية منخفضا في النصف الأول منهاFollicular Phases ويرتفع في النصف الثاني Luteal Phases أما اثناء الحمل فيزداد مستوى هرمون الحليب أو البرولاكتين في الدم تدريجياً مع استمرار الحمل (يصل مستواه خلال الحمل من 10 ــ 300 نانوجرام/1مللتر)، ليصل إلى أقصاه بعد الولادة، وتعمل هذه الزيادة على تهيئة الثدي لتكوين الحليب من أجل إرضاع المولود حيث ينتج الثدي الواحد ما بين 11 ــ 58 مللترا في الساعة الواحدة، ويتناقص البرولاكتين تدريجياً بعد الولادة ليصل إلى مستواه الطبيعي في مدى أربعة أسابيع تقريباً.

وارتفاع نسبة هرمون الحليب في الدم «هايبربرولاكتينيميا» Hyperprolactinemia هي حالة ارتفاع نسبة «البرولاكتين» في الدم، وغالباً ما تحدث عند النساء وتسببها عدة عوامل.

إفراز زائد

* حول هذا الموضوع تحدثت إلى «الشرق الأوسط» الدكتورة ـ منى نصر الله: أستاذ مساعد علم الغدد ونموّ الخلايا (ميتابوليزم) بكلية الطب، بالجامعة الأميركية في بيروت A.U.B. وأوضحت أن الزيادة في إفراز هرمون «برولاكتين» قد تحدث نتيجة انخفاض نسبة هرمون الغدة الدرقية الأولى في الجسم (ثيرويد) Thyroid Gland، أو في حالات الفشل الكلوي وفشل وأمراض الكبد، أو نتيجة تناول بعض العقاقير التي توصف غالبًا في علاج بعض الحالات النفسية ولعلاج حالة الغثيان. كما يمكن أن تحدث زيادة «برولاكتين» بسبب تغييرات فسيولوجية جسدية وأهمها الحمل. وعندما يعطي التحليل المخبري رقماً عالياً، يصل إلى عشرة أضعاف الطبيعي، يكون السبب ظهور وَرَم حَميد في الغدة النخامية، والذي يعرف باسم «برولاكتينوما».

زيادة إفراز هرمون «برولاكتين» يمكن أن تؤدي إلى مشاكل صحية عديدة عند المرأة، من أهمها: غياب الحيض أو عدم انتظام مواعيده، مما يعرقل الحمل، ويؤثر سلبًا على البشَرة والجلد كظهور حبّ الشباب وازدياد نمو الشعر. بالإضافة إلى ذلك فان اختلال مواعيد الحيض يسبب حالة ترقق العظام أوستيوبوروسيس Osteoporosis.

أما لدى الرجال فان ارتفاع نسبة «البرولاكتين» في الدم قد يبقى خامداً فترة طويلة. ومن بعض أعراضه الاختلال في الانتصاب، الأرق، الشعور بالإرهاق، الصداع وضعف الدائرة البصرية.

لذا فان الرجال الذين عندهم أعراض «برولاكتينوما» يكون الوَرم لديهم أكبر حجمًا. وعندما يكون الورم ضخماً فان الأعراض تكون بنسبة ذلك الحجم.

ويلاحظ أن معظم الضغوط النفسية ترفع مستوى هرمون الحليب.

متى يُنصح بعمل فحص عن «البرولاكتين»؟

ان فحص «البرولاكتين» ليس من الفحوصات الروتينية، لكن من الضروري فحصه في الحالات التالية:

ـ المرأة التي تشكو من اختلال الحيض كانقطاع الدورة الشهرية Amenorrhea أو قلة الحيض Oligomenorrhea ـ المرأة التي تواجه صعوبة في الحمل.

ـ الرجل ذو الإفرازات الضعيفة في الخصية كقلة تكوين الحيوانات المنوية Oligospermia.

ـ المرأة أو الرجل الذي يعاني من مشاكل في الغدة النخامية كالاشتباه في ورم الغدة النخامية.

ـ افراز الحليب في امرأة غير مرضع Galactorrhea.

ـ افراز الحليب في الرجلGalactorrhea وبروز ثدييه Gynecomastia.

ـ نقص الشهوة والطاقة الجنسية لدى الرجل والمرأة.

فإذا وُجدت نسبة هرمون «برولاكتين» عالية في الفحص ينبغي الاهتمام بالحالات الثلاث التالية:

ـ الفحص للحمل.

ـ فحص نقص إفراز الغدة الدرقية.

ـ الاستعلام عن العقاقير المتناولة والتي قد تؤدي إلى ارتفاعه قبل إجراء الفحص، وقد يقرر الطبيب فحوصات إضافية أخرى كفحص الرنين المغناطيسي MRI. اما علاج «هايبربرولاكتينيميا» فيتوقّف على المسبب، فاذا كان السبب توَرّماً في الغدة النخامية فيجري معالجته بالعقاقير التي تخفض «برولاكتين» ويجري تناولها على مدة طويلة تصل لعدة سنوات. وفي بعض الحالات يلجأ الطبيب إلى الجراحة لاستئصال الورم مثلاً. وباختصار «هايبربرولاكتينيميا» حالة تؤثر على الصحة والخصوبة وينبغي اكتشافها ومعالجتها مبكراً. وهذا ضروري لأن هنالك وسائل فعّالة لذلك. وعلى القارئ أن يكون واعياً وملمّاً بمظاهر هذا المرض، ويقوم بزيارة الطبيب مرّة كل سنة لإجراء الفحوص الصحية العامة.