حالات المعاناة من القلق في ازدياد مستمر

التأثير السلبي له على الصحة يتجاوز المعقول ويؤثر على سلامة الجسم

TT

السويديون يتفننون في الدراسات الاحصائية ويهتمون بشكل واع في ما يتعلق منها بالأمراض كي يسهل وضع برامج واضحة وسليمة للوقاية والعلاج. ففي اواخر شهر اغسطس الماضي نشر الدكتوران فياتوفت وروزين في مجلة «علم الأوبئة» وصحة المجتمع نتائج دراسات إحصائية تقول إن هناك زيادة تبلغ الضعف في نسبة الناس الذين يصفون نمط حياتهم بانه مزيج من الشعور بالقلق والعصبية وسلسلة من مواجهة الصعوبات. والمؤشرات بنتيجة المتابعة تقول ان هؤلاء الناس معرضون بشكل أكبر لظهور أمراض القلب والمعاناة من الاكتئاب وخطورة الإقدام على الانتحار.

والمميز فيما قدمه الباحثون من السويد هو أن التقييم كان بناء على وصف الناس انفسهم لما يحسون ويشعرون به، ومن ثم فإن مقارنة تأثير وجود هذه المشاعر بين مجموعاتهم بما يتعلق بفرص وفاتهم المبكرة أو إصابتهم بأمراض شرايين القلب هي عالية، بغض النظر عن مدى انتشار التدخين بينهم او مستواهم التعليمي أو مدى انتشار الأمراض المزمنة المؤثرة على الصحة بينهم.

وكان متوسط عمر الشخص في المجموعات التي شملتها الدراسة هو 42 سنة، وكانت الملاحظة أن الذين يشعرون بالعصبية أو القلق الشديد معرضون بنسبة الضعف للوفاة في خلال الخمس سنوات القادمة من اعمارهم. ويؤكد الباحثون ان حاجتهم إلى طلب المساعدة والعلاج النفسي هي أمر ملح وكذلك الى العناية بامراض شرايين القلب. هذا كله بخلاف من كان وصفهم الشخصي لحالتهم النفسية أنها أقل عصبية أو قلقاً.

القلق امر طبيعي يشعر به ويعيشه الإنسان الطبيعي، لكن ومع ذلك ربما لم يتحدث الأطباء عن القلق بما فيه الكفاية لأن اختلاط الفهم له ولدواعيه الطبيعية الفطرية ينشيء حيزا كثيفاً من الضبابية بين المشهد الطبي وبين الرؤية من قبل الإنسان القلق من ناحية ومن قبل الناس حوله في محيط المنزل أو العمل أو أوسع من هذا من ناحية اخرى.

فكثير من المؤشرات تقول ان نسبة المعاناة من القلق في ازدياد مستمر ويصيب اليوم صغار السن من كلا الجنسين بنسبة غير مسبوقة وبدأت تظهر حالاته حتى بين الأطفال. وأسبابه تتوسع يوماً بعد يوم مع تحول العالم كما يقال إلى قرية صغيرة فلو ارتفعت درجة حرارة أحدهم في أطرافها قلق الباقون في الأطراف الأخرى، أو لو مرضت بقرة أو دجاجة في جزيرة ما لبلغ الخبر آفاق الدنيا ولقلق الكثيرون دونما أي سبب منطقي لديهم للقلق أو دواعيه ودونما تصور لآلية تأثير هذا الأمر عليهم بالذات.

ولو نظرنا إلى جانب من مسببات القلق في العالم اليوم وهو الجانب المتعلق بالصحة والأمراض نجد أن في كل ما يكتشفه الطب وتتحدث عنه الدراسات الطبية بطيفها الواسع أمرا يشكل لدى شريحة واسعة من الناس مصدراً للقلق بعكس المطلوب منها وهو أن تشكل مصدراً للأمان والطمأنينة للناس أولاً وحسن التصرف إزاءها ثانياً.

ان الصورة يمكن ان تكون قاتمة فيما يهدد البشرية من مخاطر صحية، لكنها يمكن ان ترى بشكل أكثر إشراقاً وأقل سلبية أيضاً.

إن هناك اليوم حقائق تبدو اكثر وضوحاً لكنها ليست وليدة اليوم ولا حتى وليدة القرن، فحينما يتحدث الأطباء ان نسبة مرض السكري في ازدياد أو ان امراض السرطان بأنواعه منتشرة أو أن أمراض القلب ومسبباته شائعة فهذا لا يعني مطلقاً انها لم تكن موجودة أو منتشرة منذ آلاف السنين. وهناك أسباب لرؤيتنا الطبية اليوم للأمور بشكل أدق نتيجة للتقدم المطرد في الخدمات الطبية المقدمة لقطاعات واسعة من شرائح المجتمع في شتى أنحاء العالم، لأن التشخيص اصبح ايسر ووسائله اضحت اكثر دقة والوعي بين الناس حول صحتهم أمسى أوسع قلقاً ولذا فإن جانبا من ارتفاع أرقام الإحصائيات الحديثة هو التقدم في عملية تشخيص وجود الأمراض.

ونقول جانباً لأن هناك أيضاً جانباً آخر حقيقيا لا يستطيع احد إنكاره وهو أن هناك زيادة في انتشار أنواع مهمة من الأمراض بصورة لم تكن من قبل سواء منها أوبئة الأمراض المعدية أو الأمراض المزمنة.

هذا بشكل عام، وبشكل خاص هناك حالة طبية توصف بأنها مزيج من الخوف والقلق على الصحة الذي يصل الى حد الإعاقة النفسية التي تربك حياة المريض وتستهلك كثيراً من الجهد الطبي سواء من الطبيب أو اقسام المستشفيات.

ولو وجد شخص ما كتلة أو ورما جلدياً بحجم حبة اللوز في مكان غير طبيعي أو احس بخفقان في القلب أو الم في الصدر يوقظه من النوم أو غيرها من الأعراض المرضية ثم بعد إجراء الطبيب للبحث والاستقصاء الطبي لم يجد سبباً له أو وجده سبباً لا خوف منه على الإطلاق على الصحة ولا يعني البتة وجود أي مرض، فإن الطبيعي أن يحس هذا المرء بالارتياح. لكن هؤلاء الأشخاص ممن يعانون من حالة القلق المفرط والمرضي والوسواسي على الصحة بتوهم وجود أخبث الأمراض لمجرد الشعور بأي أعراض غير طبيعية فإن الأمر لا يقف لديهم عند حد الاطمئنان، ولذا يشكون في حقيقة النتيجة المطمئنة بل وتبدأ لديهم رحلة من الشك والعذاب تتمثل في عيش القلق والخوف طوال الوقت التي تظهر على هيئة تنقل بين قائمة طويلة ومتكررة من الأطباء والمستشفيات بحثا عن سبب غير موجود لما يشكون منه واقتناعهم الراسخ أن ثمة مرضاً لم يتمكن الأطباء من كشفه إما بسبب قلة اهتمامهم به أو بسبب عدم قدرته هو على اقناعهم بما لديه.

إن من الممكن أن يخطئ طبيب واحد أو انه لا يبذل غاية الجهد في الكشف عن سبب الأعراض، لكن أن يتكرر الأمر بعد إجرائه كل الفحوصات المتوفرة فهو غير طبيعي، والمشكلة تتعمق حين يذكر له فلان من الناس أو غيره قصصاً عما جرى لمريض آخر حينما حصلت له نفس القصة إلى أن أتى طبيب ما وكشف عن مرض خبيث لديه، فيزداد شعوره بالقلق والبحث والتنقل بين المستشفيات ومن طبيب لآخر.

إن القلق على الصحة أمر غريزي ولكن ان يتحول إلى إعاقة لنشاط وحياة الإنسان ويصبح امراً مسيطراً يشل حياته وتفكيره فهذا غير طبيعي.. وتشير بعض الإحصائيات كالتي من استراليا مثلاً ان حوالي 7% من مراجعي عيادات الجراحة هم كذلك، وان هؤلاء المرضى يستهلكون من الجهد والإمكانيات الصحية والطبية اكثر من عشرة اضعاف ما يحتاجه المريض العادي، مما يعني ان القلق على الصحة إلى هذا الحد هو أمر منتشر ويحتاج إلى فهم ومعالجة أكثر مما هو مبذول حتى اليوم.

يصف الطبيب النفسي الدكتور مايكل كللتاغ من جامعة سيدني باستراليا هذه الحالة النفسية بأنها خوف مستمر وبإصرار مما يعاني منه المرء أو ما سيعاني منه من مرض معين أو من حالة مرضية خطيرة. ويؤدي ربما إلى شلل في التفكير ونمط الحياة يظل مسيطرا على الشخص. لذا فإن بعضهم يصف الحالة التي يمر بها وذلك اثناء تعبيره عن حقيقة ما يشعر به في اثناء العلاج النفسي بقوله شعرت بأن لدي جلطة في القلب او سرطانا في الرئة، وما ان ادخل في هذا التفكير حتى يصعب عليَّ الاقتناع او الاصغاء لمن يقول لي عكس هذا.

ان المهم تنبه الاطباء او الاشخاص الذين يعيشون مع هذا الانسان القلق انه يحس حقيقة بما يقول فهو ليس واهماً في شعوره بمعنى انه يختلق الاعراض والشكوى فهو يحس بألم في البطن او الصدر او يشعر بالخفقان وغيره، لكن المشكلة كما يقول الدكتور كافتاغ هو تكرار الفهم الخاطئ لسبب ذلك برغم اخبار الطبيب ونتائج الفحص له بعدم وجود مرض عضوي.

ويقول الدكتور ارثر بارسكي من مستشفى النساء في بوسطن بالولايات المتحدة ان هؤلاء المرضى يبدون تمنعا ورفضا للاقتناع بأن هناك دورا للعامل النفسي في ظهور الاعراض التي يشعرون بها، ويحسون بشيء كبير من عدم الثقة بالطبيب، بل ويغلب عليهم شعور باهمال كافة الاطباء السابقين وكثيرا ما يذم فيهم امام الطبيب الجديد. ويشكل هؤلاء المرضى بالنسبة للطبيب المعالج جهدا مهدرا وصعوبات في المعالجة. وبالنتيجة يواجه الاطباء معضلة في التعامل معهم وربما يجرون لهم فحوصات متكررة برغم قناعتهم عدم جدوى تكرارها، والادلة العلمية تشير الى ان تكرارها لا يحل المشكلة، بل يزيدها تعقيدا، ويطيل أمد معاناة المريض وكذلك الطبيب وكثيرا ما تظهر امراض عضوية نتيجة هذا القلق وهنا تتعمق المعاناة بشكل أكبر وتتعقد المشكلة بأن ظهر المرض الذي كان مختفيا طوال الوقت!.

لكن السؤال المهم من الناس هم عرضة للمعاناة من هذه الحالة؟ يقول البروفيسور ارثر فرانكلين اعتقد انهم الاشخاص الخائفون بالطبع ومن لديهم تاريخ عائلي لمثل هذا الامر، لكن المهم والشائع بينهم انهم ممن لديهم كبت في ابداء المشاعر ولديهم تعقيدات اخرى في حياتهم الاسرية والعاطفية والوظيفية وهي ما تظهر على هيئة اعراض صحية ويظل يستخدمها للشكوى.

وتشير كثير من مصادر الطب النفسي الى ان من الطبيعي ان يقلق المرء على صحته ومن الممكن ان يشك بعدم نجاح الطبيب في كشف سبب المعاناة المرضية او العضوية، فالاطباء بشر وليس من العيب بمكان البحث عن رأي طبي آخر او حتى ثالث، بل كثير من الاطباء، خاصة اطباء القلب يطلبون من مرضاهم هذا، خاصة عند وجود خيارات للعلاج كاجراء توسيع لضيق شريان تاجي بالقسطرة او اصلاح الامر بالعملية الجراحية، كل هذا ليس خطأ، لكن القلق والغاء التقدم الذي حصل في الفحوصات وغيرها للكشف عن المرض والتصور الواهم بأن الاطباء لا يهتمون به لو ان ما لديه هو اعقد من ان يتمكن طبيب ما من كشفه فهنا تنتج المشكلة وتتوسع لتصل الى حد شل تفكيره ونشاط حياته.

في الماضي كانت خيارات العلاج المطروحة لمثل هذه الحالات محدودة جدا والنظرة اقرب الى عدم امكانية حل هذه المشكلة وتخليص الشخص منها، لكن النظرة بدأت في التغير، فالقلق من الامراض من نوع هايبوكوندريا هو واحد من مجموعة الاعراض والاسباب النفسية للشكوى المرضية التي لا تجد سببا عضويا في الجسم لها.

واصعب مراحل العلاج هو اقناع الشخص المعاني ان الاعراض التي يشكو منها ليست بالضرورة ناجمة عن سبب عضوي، وهنا يلعب التفكير والدماغ دورا مهما في تعريف وفهم كيفية الاحساس بالجسم والآثار التي تظهر عليه وهذه نقطة اساسية، ولذا يعتقد البروفيسور ارثر بارسكي ان طبيب الاسرة والمجتمع يلعب دوراً مهماً في مساعدة هذا الشخص وتنمية وعيه بحقيقة ما يجرى، ويقول ان النجاح طويل الأمد لهذه المشكلة، يتطلب ثقة متبادلة بين المراجع والطبيب، ولذا يجب وضع جدول واضح للمراجعة في العيادة بصفة منتظمة وان لا تكون على وجه الخصوص فقط عند الحاجة اي حينما يشعر المراجع بأمر صحي ما. وهذا هو الاساس الآخر للعلاج بمعنى ان لا يدع المراجع يشعر ان رؤية الطبيب للشكوى من الاعراض الصحية مرتبطة فقط بوجود مرض او اعراض صحية فقط.

ومناقشة خيارات العلاج الذي هو نفسي بالدرجة الاولى تتطلب مهارات فنية واجتماعية وطبية من الطبيب، ولذا فان كثيرا من الاطباء ومنهم البروفيسور بارسكي يرى ان تحويل الشخص مباشرة وبسرعة للطبيب النفسي يؤدي الى نتائج عكسية وسيولجية تكون غالبا بالرفض من المراجع وربما ينسف العلاقة والثقة المتبادلة بين الطبيب والمراجع، فالمراجع قد يتصور ضرورة مراجعة الطبيب النفسي عند وجود مرض نفسي، لكن مجرد الشكوى من ألم في الصدر او خفقان او غيرها من الاعراض المرضية العضوية لا تستدعي مراجعة الطبيب النفسي.

بينما تشير المصادر الطبية الى ان اكثر من %75 من هؤلاء الاشخاص لديهم امراض عصبية ونفسية مصاحبة، %40 منهم لديهم اكتئاب، و%20 منهم لديهم نوبات الذعر والخوف وحوالي %10 منهم لديهم وساوس قهري وحالات من اضطراب القلق العام، والدراسات أكدت ان معالجة هذه الامور النفسية بكفاءة تحد بشكل كبير من حالة القلق على الصحة هذه، ويعول الكثيرون على دور جلسات العلاج النفسي في علاجها.

* القلق يتحول من شعور طبيعي إلى مرضي > ليس بالضرورة ان يكون القلق امرا مضرا بالانسان، بل هو أحد وسائل الدفاع المنبهة الى المخاطر التي قد تعترض الشخص في حياته، لكنها حينما تتحول الى قوة مسيطرة باستمرار على الانسان وتؤثر في كل صغيرة وكبيرة في حياته فإنها تصبح حالة نفسية مرضية تصيب على حسب بعض الاحصائات ـ كما يشير الباحثون من مايوكلينك ـ واحدا بين كل عشرين شخصا، لكن قلة منهم قد يحتاجون الى العلاج النفسي بشكل فعلي وهو ما ينجح بالعادة.

ليس من المفهوم بشكل واضح ما الذي ينشيء حالة القلق لدى انسان ما وان كانت هناك الكثير من النظريات وتشبه حالة القلق حتى في مراحله المرضية المتقدمة، الحالة التي يمر بها الانسان عند التعرض للخطر وتفاعله الفطري من المواجهة او الهرب، والتأثير البيولوجي الحيوي في الجسم يشمل ارتفاع نسبة هورمونات الادرينالين والكورتيسول مما يرفع معدل نبض القلب وقوة ضخه للدم كي ما تتزود العضلات والدماغ وغيرهما من الاعضاء المهمة بكمية وافرة من الدم والغذاء تمكنها من بذل اقصى طاقتها في الهروب الجسمي او التفكير القوي، ثم بعد زوال المؤثر او الشعور بالامان تقل بنسبة كبيرة تغيرات الجسم وقد تستمر في حال وجود تداعيات للمؤثر انما على الناحية المادية للشخص او العاطفية او غيرها. واحدة من النقاط المثيرة للجدل هو اختلاف الاشخاص في مقدار التفاعل مع مثيرات القلق او الخوف، فالبعض قد يمر بحالات مؤثرة بصفة بالغة دون ظهور حالة القلق او استمرارها بينما على العكس تماما بعض الاشخاص اذ يتأثرون من ادنى اسباب القلق بشكل بالغ.

الباحثون حاولوا تعليل الامر بعدة اسباب، منها العامل الوراثي الذي يلعب دورا مهما، فمن الملاحظ على حد وصف الباحثين من مايو كلينك ان بعض العائلات دون غيرها ينتشر فيها هذا الأمر، وكذلك لوحظ الأمر على التوأم حتى لو نشأ كل منهما في بيئة مختلفة ومنفصلة عن الآخر.

المميزات الشخصية وخاصة الشعور بالثقة بالنفس بمعناها الواسع ومدى القناعة بالقدرات والمهارات، فمن الملاحظ انه في حال تدنيها ترتفع حالات القلق ويغدو الشخص عرضة بشكل سريع له.

وهناك تعليل آخر يتعلق بمدى توفر الناقلات الكيميائية العصبية في الدماغ التي تنقل الرسائل بين خلايا الدماغ والتي يصفها الباحثون من جامعة هارفارد بأنها وسيلة للتخاطب بين خلايا الدماغ بعضها مع بعض، ويذكرون مادة سيراتونين ومادة غابا على ان لهما علاقة بالأمر، لكن حتى اليوم يعد تأثيرهما غير مفهوم بالكامل. وانواع القلق متنوعة منها حالة القلق العام مما يجعل المرء يقلق حتى من الاسباب الصغيرة غير ذات العلاقة المباشرة بما يهدد الانسان ويجعله غير قادر على النوم او ممارسة النشاط الحياتي من اسري واجتماعي او وظيفي، ويشعر المرء بالغثيان وشد العضلات والصداع والتوتر والتعرق وغيرها مما يعكس زيادة مفرطة في هورمونات الجسم. ومنها نوبات الذعر التي تحل على المرء بشكل مفاجئ لدى حصول بعض الامور التي لا تفزع الانسان الطبيعي. فينتاب المرء شعور بالخوف المفرط من الموت او التعرض للاذى.

وهناك حالات الفوبيا او الخوف من امور معينة كالمناطق العالية او المظللة او لدى رؤية اشياء محددة وخاصة في الاماكن العامة الاجتماعية من الاسواق او وسائل النقل او الحفلات او غيرها. ومنها الوسواس القهري بما يعاني منه الشخص من الخوف من ارتكاب ما يؤذي الناس او التصرفات الجنسية الشاذة، فيمارس المرء تكرار فعل بعض الامور غير الضرورية كغسل اليدين باستمرار وبتكرار ما يستهلك كثيرا من الوقت ويبعثر جهوده. وغالبا ما يحس هؤلاء بالخجل من تصرفاتهم لذا لا يبدونها امام الناس.

* علاج القلق النفسي والدوائي > يعتقد كثير من الناس ان القلق لا يحتاج الى علاج لأنه ليس مشكلة صحية حقيقية وان الشخص بذاته هو اقدر انسان على التعامل معها وعلاجها، وهو امر في غالب الحالات غير صحيح، ولذا تشير الاحصائيات الى ان ثلث المعانين من القلق يطلبون العلاج الطبي!.

العلاج ممكن ويؤتي ثمارا طيبة في غالب الاحوال ان لم يكن كلها وهو ما يلمسه كثيرا منهم حينما يوضع برنامج العلاج بصفة شخصية تناسب حالة المرء بعينه.

وتلعب انواع من تقنيات العلاج النفسي دورا اساسيا في العلاج على المدى البعيد بخلاف الادوية ذات المفعول قصير الامد. لكن المشكلة انها مكلفة وتتطلب توفير وقت لها من قبل المريض ووجود المتخصص في هذه الوسائل العلاجية النفسية. واهم الوسائل العلاجية النفسية:

ـ تقنيات الاسترخاء وهي ما تهدف الى حث العقل والجسم على الدخول في حالة من الاسترخاء والسكينة ويستخدم البعض تمارين استرخاء العضلات والتنفس ببطء.

التعريض المتدرج للسبب المؤدي الى القلق او الخوف عبر تنمية نوع من المناعة لدى التعرض لها حتى الوصول الى مرحلة يتغلب المرء عليها لو واجهته.

ـ العلاج المعرفي وفيه تتم جلسات مناقشة حل المشاكل ويتم تعليم الانسان القلق كيفية التعامل مع الامور المثيرة للقلق من معرفتها حقيقة ووضع حلول مناسبة لتخفيف اثارها، وفكرة العلاج المعرفي تعتمد على توسيع افق المعرفة والفهم لحل المشاكل، وهي من الوسائل المفيدة للغاية.

ـ العلاج النفسي ويأخذ اشكالا متعددة وهو مصمم لاجل مساعدة الشخص على تذكر الصراعات القائمة في جزء اللاوعي من النفس للتحرر من تأثيرها وقبضتها. وهي وسيلة تأخذ وقتا لكنها ايضا مفيدة جدا وتحرر المرء من كثير من ترسبات الماضي.

ـ العلاج الدوائي اقل تأثيرا ولا يحبذ استخدامه كما يقول الباحثون من مايو كلينك إلا في حالات القلق العام وحينما يكون مع العلاج النفسي.

بروزلك أو زولفات وهما من العقاقير التي تمنع اخذ خلايا الدماغ لمادة سيرتونين وهو مفيد جدا خاصة للحالات التي يصاحب القلق فيها حالة الاكتئاب. مجموعة بنزو ديازالين كالفاليوم وغيرها من المشتقات الدوائية الاسرع مفعولا من الفاليوم وهي مفيدة لكن لو استخدمت لمدة محدودة وتحت اشراف طبي مباشر. مضادات البيتاكالتنيرموين والاندرال المستخدمة لعلاج ضغط الدم او اضطرابات النبض تخفف من بعض اعراض القلق العضوية والنفسية. وعقاقير ثلاثية الحلقات المضادة للاكتئاب ايضا مفيدة في بعض الحالات.

العلاج الدوائي يقدره الطبيب حسب حاجة كل مريض.