الأفوكادو يفيد القلب ويحمي من سرطان البروستاتا

إضافة صحية للسلطات وعصير الفاكهة تقلل من الكوليسترول ومن الجلطات الدماغية

TT

واحدة من الفواكه اللافتة للنظر الطبي في الآونة الأخيرة هي ثمار الأفوكادو التي دخلت العالم بعد اكتشاف القارة الأميركية وذات المحتوى الغني بمادة لذيذة تشبه «الكريم» فاتحة اللون مغلفة بقشرة طرية وبها بذرة كبيرة الحجم نسبياً.

الأفوكادو يحتوي على أحد أهم الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة التي تشبه ما هو متوفر في زيت الزيتون وذلك في تأثيرها على نسبة كوليسترول الجسم، وكان هذا أحد أهم بدايات الاهتمام الطبي بثمار الأفوكادو. وفي عام 1996 قام الدكتور لوبيز ليديسما بنشر دراسته في مجلة أرشيفات الأبحاث الطبية حول تناول وجبات غذائية تحتوي كميات كبيرة من ثمار الأفوكادو ذات الكمية العالية من الدهون الأحادية غير المشبعة وتأثيرها على كوليسترول الدم لدى الأشخاص ممن لديهم ارتفاع في نسبته.

وبعد سبعة أيام من هذا البرنامج الغذائي نقصت نسبة الكوليسترول الكلي والكوليسترول الخفيف الضار على الجسم بنسبة يصفها الباحثون أنها مهمة، وارتفعت نسبة الكوليسترول الثقيل المفيد للجسم بنسبة 11% ولم يعرف حينها السبب في ذلك، بيد أن الدراسات اللاحقة وجدت أن الدهون الأحادية غير المشبعة والمتوفرة فيه إضافة إلى المواد المضادة للأكسدة من نوع كاروتين والفيتامينات الأخرى وعلو نسبة البوتاسيوم كلها عوامل تسهم في نشوء فائدة هذه الثمار الجديدة على العالم نسبياً.

وبتحليل القيمة الغذائية لكوب واحد من ثمار الأفوكادو نجد أنه يحتوي على كمية من فيتامين «كي» تؤمن من الحاجة اليومية نسبة 37%، ومن الألياف 30% ، ومن البوتاسيوم 25% ومن الفوليت 24% ، ومن فيتامين بي ـ6 حوالي 20% وكذلك من فيتامين سي ومن عنصر النحاس. وكمية الطاقة فيها تبلغ حوالي 235 كالوري (سعر حراري).

الفوائد الصحية للأفوكادو على القلب تعتمد بطبيعة الحال على محتواه من العناصر الغذائية المتقدمة وهيئة اجتماعها مع بعضها البعض في الثمرة الواحدة منه، فمحتواه العالي من البوتاسيوم يجعله من مصادر الغذاء الجيدة له مما يعني استفادة الجسم منه في خفض مقدار ضغط الدم وتنظيم إيقاع ضربات القلب وتقليل نسبة الإصابة بجلطات الدماغ، وهيئة الغذاء والدواء الأميركية تتبنى التوجيه بتناول البوتاسيوم من مصادره الطبيعية حينما تقول: الوجبات الغذائية ذات المحتوى الجيد من البوتاسيوم وقليلة المحتوى من الصوديوم تقلل من نسبة خطورة الإصابة بارتفاع ضغط الدم وجلطة الدماغ. كما أن تأمين كوب واحد منه لحوالي 24% من الحاجة اليومية من الفوليت أمر مهم في صحة القلب وشرايينه بالذات، وحينما بحث العلماء في أهمية الفوليت للقلب بمتابعة ما يربو على 80 ألف شخص لمدة تزيد على 14 سنة تبين أن من يكثرون تناول الفوليت من المصادر الغذائية الطبيعية هم أقل بنسبة 55% للتعرض إلى النوبات القلبية وخاصة المميتة منها. وكذلك صدرت دراسة في مايو من عام 2002 في مجلة جلطة الدماغ الأميركية للدكتور إل بازانو تبين دور الفوليت في تقليل نسبة الإصابة بجلطة الدماغ والنوبات القلبية مما يؤكد الحرص على تناوله من المصادر الطبيعية بالذات وذلك مقارنة بمن لا يحرصون على تناوله. تأثيرات الأفوكادو على السرطان متعددة الفائدة، فاحتواؤه على الدهون الأحادية غير المشبعة يطرح احتمال فائدته على سرطان الثدي وهو ما تحدثت عنه الدراسات الحديثة، لكن هذا ليس كل شيء فهو يحتوي أيضاً على نسب عالية من مواد أخرى خاصة مادة ليوتين من مجموعة كاروتينيد التي توجد بأعلى نسبة في الأفوكادو مقارنة بالمنتجات النباتية الأخرى قاطبة، إضافة إلى ألفا وبيتا كاروتين ومادة زيزانثين وفيتامين إي أو توكوفيرول. إن توفر المواد التي تحمي من السرطان في ثماره يجعلها إحدى الإضافات الغذائية الجيدة والتي ربما كانت هناك فائدة عالية من إضافتها إلى وجبات السلطات أو العصير لمن ليس متعوداً على تناولها.

وكانت مجلة كيمياء الغذاء الأميركية قد نشرت في يناير هذا العام دراسة تقول: ان المواد المستخلصة من ثمار الأفوكادو ذات المحتوى العالي من مادة كاروتينويد وفيتامين إي لديها القدرة على تثبيط نمو أنواع السرطان المرتبطة بهرمون الأندروجين وتحديداً كان البحث حول خلايا سرطان البروستاتا. والطريف في البحث أن العلماء حينما استخدموا فقط إحدى المواد من مجموعة كاروتينويد وهي ليوتين لم يظهر التأثير في القضاء على خلايا البروستاتا السرطانية بعكس استخدامهم المجموعة الكاملة في الأفوكادو أي خليط العناصر منه، والسبب يعزوه الباحثون إلى دور الدهون الأحادية غير المشبعة في ذوبان وتسهيل نشاط المركبات التي تقي من السرطان، مما يسهل على الأمعاء امتصاصها أولاً وكذلك يسهل على هذه المركبات السباحة والتنقل في الدم وصولاً إلى مناطق السرطان والقيام بدورها الواقي هناك. ولذا وصفت الأمر بعض المصادر الطبية أنها عبوة متكاملة تُؤخذ مجتمعة من تناول ثمار الأفوكادو. ولذا تشير الأبحاث إلى ميزة تناول شرائح ثمار الأفوكادو مع السلطات أو وضع قطع منه أثناء إعداد أكواب عصير الفاكهة، فبالإضافة إلى إكساب هذا العصير أو السلطات طعماً لذيذاً فإن وجود الأفوكادو بعناصره من المركبات الكيميائية يسهل على الجسم امتصاص مواد صبغات كاروتينيد الموجودة في الخضار والفواكه الأخرى.

وفي دراسة نشرت في مارس هذا العام في مجلة التغذية الأميركية فحص العلماء وأثبتوا النظرية التي تقول: إن وجود الدهون الأحادية غير المشبعة في ثمار الأفوكادو على هيئة قطع أو ضمن المرق أو «صوص السلطة» بكمية 60 غراما يسهل امتصاص المواد النافعة من الخضروات الأخرى كالتي في الجزر والخس وبراعم السبانخ الصغيرة والطماطم ويرفع نسبتها في الدم، وهو ما تحقق مع مادة ألفا وبيتا كاروتين وأنواع مادة ليوتين 7, 2,15,3, بنسبة تفوق خمسة أضعاف ما لو لم تتم إضافة الأفوكادو! وكذلك ترفع امتصاص مادة لايكوبين الحمراء في الطماطم بنسبة 4,4 مرة. مما يطرح جدوى إضافة حتى لو قليل من الأفوكادو إلى السلطات أو العصير لرفع استفادة الجسم منها. والأمر لمن تأمل أشبه بإضافة الليمون إلى أطباق الأسماك لتسهيل امتصاص خلايا الأمعاء للمواد والزيوت النافعة في السمك.

ويعتبر الأفوكادو من الثمار الآمنة عموماً لكن من لديه حساسية لمادة صناعية تدعى لاتكس الموجودة مثلاً في أنواع من القفازات الطبية أو أنواع من الواقي الذكري وغيره، فيجب عليه الحذر من تناولها لاحتواء الثمار سواء النيئة أو المطبوخة على أنزيم شيتينيز المثير لتفاعل الحساسية لديهم.

الأفوكادو إحدى الثمار النباتية التي دخلت العالم بعد اكتشاف أميركا وموطنها الأصلي هو وسط وجنوب أميركا، وتنمو اليوم في المناطق الاستوائية وما حولها، وهناك إقبال عليها. وكثير من هيئات التغذية العالمية تنصح بإضافتها إلى وجبات الغذاء الصحي.