هرمونات المرأة.. ترفع من أخطار الإصابة بالربو

زيادة الوزن عامل مؤثر في حدوثه .. وسباق عالمي للبحث في الأسباب والعلاج

TT

طرح باحثون من النرويج مزيداً من الأمور التي تزيد في تعقيدات استخدام النساء اللائي يكنّ في سنوات أعمار تتراوح حول موعد انقطاع الدورة الشهريةMenopause أي سن اليأس، للأدوية الهورمونية التعويضية، وذلك وفق دراسة نشرت في عدد يناير الحالي من مجلة القفص الصدري البريطانية، مفادها ان استخدام هذه الهرمونات يزيد من عرضة الإصابة بنوبات الربو، خاصة لدى من أوزانهن متدنية من النساء. وبعد متابعة استمرت مدة سنتين لحوالي 9 آلاف امرأة، اعمارهن دون السادسة والأربعين، ممن كن غير حوامل ولا يتناولن أياً من حبوب منع الحمل، في مجموعة من دول شمال أوروبا، تبين بالنتائج أربعة أمور:

الأمر الأول: تناولهن حبوب الهرمونات التعويضية الأنثوية يزيد في إثارة حالات الربو بنسبة 56%، وصفير الصدر بنسبة 60%، وكذلك حالات الحساسية الموسمية بنسبة 48%. والثاني: تتضاعف على وجه الخصوص نسبة احتمال حصول هذه الأمور الثلاثة لدى من تكون أوزانهن هزيلة من النساء. الثالث: في نفس الوقت لاحظ الباحثون أن مجرد بلوغ المرأة لسن اليأس لا يعني بالضرورة زيادة في عرضة إثارة أعراض الحساسية المرضية الثلاثة المتقدمة. الرابع: أنه لم يُلاحظ أن زيادة وزن المرأة يؤثر في أمور الصدر هذه بمجرد تناولها للهرمونات التعويضية. وعلى حسب قول الدكتور غومز ريل من مستشفى جامعة هيوكلاند في بيرغن بالنرويج فإن مزيداً من الدراسات حول آليات تأثير الهرمونات التعويضية على مجاري هواء التنفس في الرئتين، أمر يجب إجراؤه، خاصة علاقة كلا الأمرين باختلاف وزن جسم المرأة.

* نتائج دقيقة

* النتائج الأربع دقيقة، وتراجع أموراً مهمة بالنسبة لموضوع الربو والنساء، تحتاج الى قراءة متأنية من قبل الأطباء ومن قبل الناس أيضاً، لما للأمر من فائدة عملية في الوقاية وفي علاج الربو، فأهمية مثل هذه الدراسة تنبع من عدة جوانب سنعرضها، لكن أهمها هو أنها قدمت مزيداً من الفهم لدور اضطرابات هرمونات الجسم، سواء أكانت زيادة أو نقصاً، في عمليات الحساسية والالتهاب المؤدية الى أعراض نوبات الربو، إضافة الى ماهية الآلية التي عبرها تؤثر مُثيرات الحساسية أو الالتهابات في حال وجود اضطرابات في نسب الهرمونات الأنثوية لدى المرأة، وعلاقة الأمر برمته مع تدني وزن جسم المرأة أو زيادته.

هذه الدراسة الأخيرة هي فصل في بحوث متعدد الأوجه تمت في السنوات العشر الماضية حول أمرين مهمين، الأول هو الآلية التي عبرها تكثر إصابة النساء بالربو مقارنة بالرجال، والثاني العلاقة بين زيادة الوزن وارتفاع معدل الإصابة بالربو. ولإيضاح العلاقة والتسلسل المنطقي للبحوث نحتاج الى عرض ثلاث مقدمات:

الأولى: ان الفارق الأهم بين النساء والرجال هو وجود الهرمونات الأنثوية، أي هورمون استروجين وهورمون بروجسترون، لدى النساء دون الرجال. وهما ما دارت الدراسات الطبية حول دورهما وتأثيراتهما في الجسم، خاصة ما ينعكس منها على الرئتين ووظائفهما، كالإصابة بالربو ابتداء، وإثارة نوباته لدى من هن مرضى به.

الثانية: التتبع العملي المُشاهد من تأثير التغيرات الطبيعية المتكررة كل شهر للهورمونية الأنثوية ضمن فصول الدورة الشهرية، وربط ظهور انتكاسات حالات الربو تبعاً لارتفاع أو انخفاض نسبة الهرمونات الأنثوية.

الثالثة: إن أفضل الحالات لدراسة وفهم تأثير الهرمونات الأنثوية على الربو بشكل عام هو مقارنة ثلاث حالات للمرأة من ناحية وجود الهرمونات الأنثوية، الأولى: هي الحالة التي يكون فيها جسم المرأة عامراً بالهرمونات أي من سن البلوغ الى سن ما قبل انقطاع الدورة الشهرية، الثانية: هي الحالة التي يُصبح فيها جسمها خالياً منها، أي في مرحلة ما بعد سن اليأس، والثالثة حينما تُعطى المرأة التي بلغت ما بعد سن اليأس هرمونات أنثوية بنفس الكمية التي يُفرزها الجسم عادة أو بكمية أكبر، ومن ثم مقارنة ظهور الربو أو انتكاس حالة من هن مُصابات به وذلك في خلال الثلاث حالات المتقدمة. أي كأننا أجرينا تجربة عملية من ثلاث مراحل.

* الهرمونات التعويضية

* إن فهم تأثير الهرمونات الأنثوية والأهمية العملية له هو في امان استخدام النساء حينما يقتربن من عمر انقطاع الدورة الشهرية بالكامل أو سن اليأس، الذي تصاحبه أعراض عدة تسبب إزعاجاً للمرأة، كما أن هناك تغيرات جسدية أخرى تزيد من بدء عرضة إصابة المرأة بعد سن اليأس بأمراض مختلفة. وأحد الحلول الطبية المطروحة التي كانت شائعة منذ سنوات لتفادي كل هذه الأمور أو بعضها هو تناولهن علاج الهورمون التعويضي hormone replacement therapy (HRT) للنساء، الذي يحتوي كمية من هورمون الإسترجين تعادل ما يفرزه الجسم عادة بشكل يومي، أو هورمون الإستروجين Estrogen زائداً هورمون البروجسترون Progesterone الأنثوي الآخر، وكلا العلاجين يُطلق عليه علاج الهورمون التعويضي للنساء. والسبب هو أن اليأس من المحيض يحصل بالأصل نتيجة لجملة من التغيرات الفسيولوجية في جسم المرأة، علاماتها النهائية توقف المبيضين ovaries عن إفراز هورمون الإستروجين الأنثوي. وبالتالي انقطاع تكرار حصول الدورة الشهرية، وهو ما معدل بلوغه سن الحادية والخمسين، بيد أن الأمر يختلف لدى بعض النسوة ليتراوح سن بلوغه ما بين الثلاثينات وحتى الستينات من العمر.

وُصفت هذه العلاجات الهورمونية التعويضية أساساً للتخفيف من نوبات الحرارة مع الطفح الجلدي، وتغيرات المزاج، وأعراض المهبل والجهاز البولي، المصاحبة كلها لبلوغ المرأة سن اليأس. وبالرغم من الملاحظات الكثيرة جداً حول جدوى تناولها، والآثار الجانبية العديدة لها إلا أن الأمر لا يزال محل الدراسة والبحث. ومن أولى الدراسات التي ربطت بين تناول النساء هذه الهرمونات وزيادة عرضة ظهور حالات الربو أو تفاقم نوباته لدى المرضى به هي دراسة صحة الممرضات. وهي إحدى دراسات المتابعة العالمية في الولايات المتحدة، وشملت حوالي 122 ألف امرأة، ممن تراوحت أعمارهن عند البدء في الدراسة ما بين الثلاثين والخامسة والخمسين عاما 1976، و تناولت بالبحث و المتابعة عدة أمور صحية وتأثيرات علاجية.

ونشر الجزء الخاص من الدراسة و المُتعلق بنوبات الربو مع تناول الهرمونات التعويضية في أواخر التسعينات، بعد متابعة لتناولها منذ 1984 من قبل أكثر من 43 ألف امرأة بلغن سن اليأس من المحيض. وبحسب ما تم إعلانه في مؤتمر الكلية الأميركية لأطباء الصدر عام 2000 فإن تناول هؤلاء النسوة لهورمون الإستروجين فقط وبشكل يومي يرفع معدل ظهور حالات الربو بنسبة 80%، وتناول هورمون الإستروجين مع هورمون البروجستيرون يرفع النسبة بمقدار 60%، هذا كله بالمقارنة مع المعدل الطبيعي لارتفاع حالات الإصابة بالربو بعد سن اليأس من المحيض ودون تناول أي من الهرمونات والبالغ 40% أي أن هناك اختلاطا وتداخلا يحتاج الى فهم دقيق حول دور هورمون الإسترجون الأنثوي في ظهور الربو، فمن جهة نقصه يزيد بدرجة متوسطة نسبياً في ظهور الربو، ومن جهة ثانية فإن إضافته ترفع بدرجة كبيرة من ظهور الربو، ومن جهة ثالثة إضافة البروجسترون الى الأستروجين تخفف نسبياً منها. والتأثير السلبي هذا مرتبط أيضاً بزيادة كمية جرعة هورمون الإستروجين وطول مدة تناوله. وعلق حينها الدكتور غراهام بار من كلية هافارد للطب والمشارك في الدراسة بقوله: إن تأثير الهرمونات الأنثوية التعويضية يختلف في حالات الربو عنه في حالات الأمراض المزمنة لضيق مجاري الرئة الهوائية، فالهرمونات الأنثوية تسبب انتكاساً وظهور لحالات الربو لكنها لا تؤثر على الأمراض الرئوية المزمنة. ولا مجال فيما يدور الحديث بصدده في هذا المقال للاستطراد وبسط موضوع العلاج الهورموني التعويضي وضوابط تناوله نتيجة استفاضة الدراسات الطبية حول نتائج استخدامه على مدى السنوات ولعله يتيسر عرضه لاحقاً، لكن الذي يهم هو أن نفهم تأثير الهرمونات الأنثوية على الجهاز التنفسي.

* الهرمونات والجهاز التنفسي

* هناك هورمونان يدور حولهما البحث والحديث، وهما هورمون البروجسترون وهورمون الاستروجين. وبعبارات مبسطة ومختصرة فإن الدراسات الفسيولوجية الوظيفية المجردة قالت لنا أمرين، الأول أن هورمون الإستروجين الأنثوي يزيد من كمية الماء وكمية الملح (كلوريد الصوديوم) في جسم المرأة كلما ارتفعت نسبته، وهو ما يفسر الإحساس بالامتلاء الذي ينتاب النساء قبل بدء الدورة الشهرية، وذلك حينما ترتفع قبلها بأيام وبالتدريج نسبة هورمون الإستروجين وبالتالي فإن زيادة تدريجية في كمية الماء والملح تحصل في جسم المرأة. الثاني أن هورمون البروجسترون يعمل في الحقيقة على ارتخاء العضلات الناعمة في الجسم، التي تُوجد في الرحم، كما وتوجد في أماكن عدة من الجسم أهمها العضلات المغلفة للشعب الهوائية. ولذا فإن ارتفاع نسبة هذا الهورمون تسبب توسعاً في الشعب الهوائية.

ولذا حينما قالت الدراسة المتقدمة بأن هورمون الاسترجين يرفع من الربو بنسبة 80%، وتقل النسبة الى 60% في حال وجود البروجسترون مع الاستروجين فإن الأمر يبدو منطقياً ومفهوما، لكن غير المفهوم والذي يحتاج الى مزيد من الدراسة هو تعليل اختلاف تأثير هورمون الاسترجون باختلاف الكمية المتناولة منه، زيادةً أو نقصا.

وهنا اتخذ الباحثون طرقاً شتى لدراسة العلاقة الهورمونية الأنثوية والرئة. أحدها ما نشرتها مجلة القفص الصدري البريطانية في يونيو من العام الماضي للباحثين في مجموعة من الدول الإسكندنافية لبحث هل وجود الربو أو حالات الحساسية يؤدي الى اضطرابات هورمونية أنثوية وبالتالي اضطرابات في انتظام الدورة الشهرية؟، وهل العكس صحيح؟. وبعد دراسة متابعة استمرت ثمانية أعوام وشملت ما يُقارب 9 آلاف امرأة، خلصوا الى أن النساء الأصغر سناً ( أقل من 42 سنة) اللائي يعانين من الربو أو حساسية الجلد هن عرضة بشكل أكبر لاضطرابات الدورة الشهرية، ولا علاقة للأمر بالأدوية التي يتناولنها كعلاج لأي من الحالتين.

وكذلك الأمر في المقابل، فإن النساء الأصغر سناً ممن لديهن اضطرابات في الدورة الشهرية هن عرضة لزيادة الإصابة بالربو أو حساسية الجلد بنسبة تفوق 60% مقارنة بالنساء في نفس العمر ممن دورتهن الشهرية منتظمة. هذا كله بخلاف حالات اضطراب الدورة الشهرية المرتبطة بالرضاعة الطبيعية، إذْ حينها لا تأثير لاضطرابات الدورة الشهرية بالربو أو الحساسية. هذه الدراسة بحسب قول فريق البحث هي أول دراسة تظهر العلاقة بين اضطرابات الدورة الشهرية والاضطرابات الهورمونية المصاحبة لها و بين الربو وحساسية الجلد. وإذا أخذنا في الاعتبار ما توصل اليه الباحثون من أن واحدة بين كل سبع نساء ممن أعمارهن تتراوح ما بين 25 و 42 لديها اضطرابات في الدورة الشهرية، وأن ثلث من هن بين 43 و 54 من العمر كذلك، فإن المعقول ما قاله الدكتور كليفورد باسييت الناطق الرسمي باسم الأكاديمية الأميركية للحساسية والمدرس في كلية الطب بجامعة نيويورك، من إن هذه الدراسة غير معتادة، والتقييم المبدئي لها غاية في الأهمية، وربما تكون شاحذة للبحث في سبب الانتشار الوبائي للربو في العالم اليوم.

* زيادة الوزن والربو

* والحقيقة أن هذا الفهم لآليات نشوء الحالات المرضية هو في الواقع أساس في وضع خطط العلاج للمرضى، فعلاقة الربو بالنساء أمر يحتاج الى فهم متعمق لتبرير زيادة إصابة النساء به مقارنة بالرجال، وأحد الأمور التي تفرق بين النساء والرجال كما ذكرنا هو وجود هرمونات الأنثوية لدى النساء، و أفضل الحالات التي يتم من خلالها فهم تأثير الهرمونات الأنثوية هو في مرحلة ما بعد بلوغ سن اليأس من المحيض، لأن نسبة الهرمونات الأنثوية تتدنى، والمتوقع أن تتدنى بالتالي نسبة الإصابة بالربو. لكن الدراسة الأخيرة من النرويج تسلط مزيداً من الضوء حول صفات المرأة أو الحالات المصاحبة فيها والتي ترفع من معدل ظهور الآثار الجانبية لعلاج الهرمونات التعويضي على الجهاز التنفسي وحالات الربو على وجه الخصوص، وقالت إن ارتفاع الإصابة بالربو لا تحصل بسبب بلوغ سن اليأس، بل إن تدني وزن جسم المرأة هو ما يُظهر الزيادة في عرضة الإصابة بالربو مع تناول الهرمونات، أما كون وزن جسم المرأة مرتفعاً عن الحد الطبيعي فهو بحد ذاته عامل قوي قبل وبعد بلوغ سن اليأس من المحيض لدرجة أن تأثير العلاج الهورموني الضار على الرئتين هو تأثير ضئيل مقارنة بتأثير العامل الأقوى وهو زيادة الوزن. وهنا مربط الفرس كما يُقال، وهو ما يُعدل الفهم للأمر برمته، ففي مايو الماضي أعلن الباحثون من جامعة أوتاوا في أونتاريو بكندا ضمن محاضرات المؤتمر السنوي لمجمع الصدر الأميركي دراسة مهمة مفاد نتيجتها أن زيادة وزن الجسم عامل قوي في ظهور الربو لدى النساء بخلاف الرجال. وعلى قول البروفيسور ياى شن فإن البحث أظهر أن هناك علاقة قوية تربط ما بين السمنة و الربو، لكنها لا تظهر إلا لدى النساء وليس لدى الرجال.

وللتعليل كانت الدراسة الشهيرة المُسماة «صحة التنفس في شمال أوروبا» المنشورة في عام 2004 بالمجلة الأوروبية للتنفس والتي شملت ما يزيد على 16 ألف شخص قد ربطت بين كل من السمنة وارتداد محتويات المعدة الى المريء والشخير وبين ظهور حالات الربو. بينما تحدثت دراسات أخرى عن تأثير السمنة على مناعة الجسم، ودور اضطرابات عمل وكمية هرمونات الجسم خاصة مقاومة الجسم لمفعول هورمون الأنسولين لدى البدينين، أو دور ارتفاع هورمون لبتان لدى البدينين في مجموعة من المركبات الكيميائية ضمنظومة مناعة الجسم مثل مركب إنترليوكين ـ 6 وغيره. لكن المثير للانتباه منها هي الدراسات التي أشارت الى دور الأنزيمات الموجودة في الأنسجة الشحمية لتكوين هورمون الإستروجين، وأن ارتفاع نسبتها ترفع من تفاعل انقباض الشعب الهوائية.

الأهمية التي يكتسبها البحث اليوم في أسباب الربو هي اتجاه الدراسات في أكثر من مجال قد يكون مؤثراً في ظهور حالاته. والبحث في أسباب الجسم الداخلية جانب يحتاج الى تطوير المزيد من وسائله ونتائجه. فالأصل أن هناك خللا ما يحصل في الجسم يؤدي الى أن تكون قابلية ظهور حالات التفاعل التحسسي أقوى وبالتالي الإصابة بنوبات الربو المتكرر. والفائدة العملية حتى اليوم ربما تفرض البحث عن علاج مشاكل السمنة واضطرابات الدورة الشهرية لدى النساء كأحد جوانب العلاج والوقاية.

* دور المثيرات المنزلية لحساسية الرئة

* المثيرات المنزلية للحساسية عامل مهم في ظهور وانتكاس حالات الربو، والتحكم المتقن فيها وبالتالي تأثر الأطفال المرضى بالربو يُؤتى ثماراً مجدية في الوقاية والعلاج لحالاته. الباحثون من كلية الطب بجامعة جون هوبكنز في بالتيمور بولاية مأرييلاند الأميركية نشروا في عدد ديسمبر الماضي من مجلة مدونات الحساسية والربو والمناعة الأميركية نتائج دراسة تقارن التأثير العملي في صحة مرضى الربو من الأطفال عند تحكم ذويهم في نسبة مجموعة من العناصر المنزلية والتي تشكل عوامل مهمة في إثارة الحساسية، والتي لخصها الدكتور بيتون إيغلستون الباحث الرئيس في الدراسة بقوله كلما تغيرت بيئة المنزل الداخلية كلما تحسنت أعراض الربو لدى الأطفال فيه.

الباحثون شملوا بالدراسة 100 طفل ممن تتراوح أعمارهم بين 6 و 12 سنة، وقسموا الى مجموعتين. المجموعة الأولى تم فيها إعطاء توجيهات لذويهم حول التنقية للبيئة المنزلية كالهواء والتخلص من الصراصير والحشرات الزاحفة، واستخدام مراتب لا تحتوى مواد مثيرة للحساسية وكذلك تغطية الوسائد، إضافة الى استخدام وسائل فعالة لتنقية الهواء المنزلي. هذا بخلاف منازل المجموعة الأخرى من الأطفال. وتمت مراقبة تطبيق هذه الأمور المنزلية في فترات متعاقبة من قبل الباحثين.

عند بدء الدراسة كان أكثر من نصف الأطفال قد شكا خلال الأسبوعين الماضيين من أعراض الربو بدرجات متفاوتة أثناء النهار، وكذلك لدى 40% منهم أثناء الليل. وثلثهم قد راجع الطبيب لعلاج الربو خلال الاشهر الثلاثة السابقة. وبعد سنة من المتابعة وتطبيق التعديلات البيئية المنزلية تبين أن مقدار المثيرات والتلوث المنزلي تدنت، فعلى سبيل المثال قلت نسبة تلوث الهواء الداخلي ـ نتيجة التدخين أو طهو الطعام وغيره ـ في المنزل مقارنة بخارجه قلت بنسبة 39%، ونسبة المواد المثيرة للحساسية من الصراصير قلت بنسبة %51.

أما من ناحية الأعراض الليلية للربو والحاجة الى مراجعة أقسام الإسعاف في المستشفيات وغيرها من المؤشرات على حدة نوبات الربو بين الأطفال فإنها لم تكن مختلفة بين كلا المجموعتين من الأطفال، لكن الذي ظهر التميز فيه وقل بين من تمت لديهم تحسين البيئة المنزلية هو حالات أعراض الربو في النهار. والأهمية المبدئية للنتيجة هي ضرورة أن تسير المتابعة الطبية مع تحسين البيئة المنزلية، لكن تعليل عدم وضوح فائدة كبيرة يجب أن يكون محل بحث بشكل أكبر. والأسباب إما أن تكون هذه الأمور التي ركزت الدراسة عليها هي ليست ما يثير الأعراض الليلية بخلاف الأعراض النهارية. فحينما يتنقل الطفل داخل المنزل أثناء النهار فهو لا يتعرض للتأثيرات الآنية لمثيرات الحساسية المنزلية، بينما في الليل ومع عدم تعرضه بشكل كبير لها فإن عوامل أخرى تلعب دوراً أو عدة أدوار، كالتغيرات الهورمونية اليومية وخاصة هورمون الكورتسول الذي ينخفض في ساعات الصباح الباكر وغيرها من المتغيرات.