تاميفلو والآمال غير الواقعية للحد من إنفلونزا الطيور

انتشار الوباء في تركيا يشير إلى احتمال ظهوره بين البشر دونما توقع

TT

نفت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي وبشكل قوي أن تكون تحذيراتها من إنفلونزا الطيور مبالغا فيها ودعت في نفس الوقت إلى تشديد الرقابة على الحالة الصحية لأنواع الطيور بغية تحقيق الاكتشاف المبكر لحالات مرض إنفلونزا الطيور عالي الخطورة على حياة المصابين به.

وأعطى لي جونغ لي المدير العام للمنظمة مثلاً بما حصل في تركيا اخيرا، حيث انتشرت الإصابات بين مجموعة الأطفال في وقت واحد، متزأمن مع وباء حقيقي بين الطيور فيها، الأمر الذي يؤكد ضرورة تضافر جهود الدول المختلفة في تكوين أنظمة للإنذار المبكر للحيلولة دون تفشي هذا الفيروس. وأضاف أن الوسيلة الوحيدة للتقليل من التأثير المهلك للبشرية والاقتصاد في حال ظهور الوباء بين الناس هي أن يأخذ كل منا الأمر على محمل الجد اليوم والاستعداد للمستقبل، فالمشكلة عالمية على حد قوله. وكانت المنظمة الدولية قد توقعت أن يتراوح عدد الضحايا من البشر في حال ظهور الوباء واكتساب الفيروس القدرة على الانتقال بين البشر ما بين مليونين وسبعة ملايين ونصف.

الذي حصل في تركيا وبقراءة متأنية هو خلاف ما يحصل اليوم في شرق آسيا، ففي الشرق ظهرت الحالات بين الناس بعد استفحال انتشارها بين الطيور والحيوانات، أما في تركيا فتزأمن الأمران، لا بل إن المؤشرات لم تكن تُعطي أي انطباع عن وباء بين الطيور بشكل ملحوظ، وهو ما يؤكد ضرورة التدقيق في فاعلية وسائل الكشف للإنذار المبكر لحالة الطيور، ويضع في نفس الوقت احتمال ظهور الوباء بين البشر دونما توقع، كما ويؤكد فائدة تكاتف الجهود الدولية في مواجهة الظروف الصحية الطارئة. إذْ أنه خلال بضعة أيام أُخذت العينات من الحالات المُحتملة لمختبرات المنظمة في بريطانيا، وظهرت النتائج خلال 24 ساعة، وتم تزويد 100,000 مجموعة علاجية من تاميفلو بعد يوم واحد من التأكد من ثبوت أولى الحالات.

من جهة أخرى حذر العديد من الخبراء في الولايات المتحدة أخيرا من أن أدوية مقاومة فيروسات الإنفلونزا القديمة مثل أمنتادين وريمانتادين amantadine and rimantidine يجب عدم استخدامها لمعالجة الإنفلونزا الموسمية أو أوبئة الإنفلونزا لأن مفعولها غير كاف كعلاج يخفف من الأعراض المرضية إضافة إلى أن الآثار الجانبية لها ربما تكون مؤذية بدرجة بالغة. كما ذكروا أن الأدوية الأحدث من نوع ريلينيزا وتاميفلو يجب استخدامها فقط في حالات أوبئة الإنفلونزا الخطيرة إضافة إلى استخدام وسائل الوقاية الأخرى المفيدة من النظافة الشخصية وغيرها.

إضافة إلى ما تقدم، فقد أعلن أيضاً الدكتور توم جيفرسون في بحثه المنشور في العدد الأخير من مجلة لانست العلمية، والذي راجع فيه أكثر من 50 دراسة حول استخدام هذه الأدوية، أنه لم تثبت فائدة لا لعقار ريلينيزا أو تاميفلو Relenza and Tamiflu في معالجة إنفلونزا الطيور، وليس من الضروري استخدامها في حالات الإنفلونزا المعتادة ما لم يثبت أنها نتيجة الإصابة بفيروسات الإنفلونزا من نوعي إيه أو بي. بينما يُصر المنتجون لتاميفلو أنه من المفيد تناوله عند الإصابة بالإنفلونزا العادية أياً كان نوعها.

وتأتي هذه التوضيحات العلمية مع الموجة من الإقبال على طلب كميات من عقار تاميفلو على وجه الخصوص تحسباً لوباء محتمل لإنفلونزا الطيور قد يعصف بالعالم.

والحقيقة أن الباحثين من الأطباء وغيرهم تتعالى اليوم تنبيهاتهم حول محدودية الفائدة المحتملة للأدوية المخففة من أعراض الإنفلونزا وذلك بعد المراجعات الدقيقة للأبحاث المنشورة حولها خلال الأربعين سنة الماضية، ويُؤكدون على ضرورة الاهتمام بوسائل الوقاية بمعناها الواسع وفق توجيهات منظمة الصحة العالمية وغيرها من الهيئات الطبية العالمية. هذا بالإضافة إلى ورود تقارير غير واضحة لكنها ذات دلالات مهمة حول ظهور درجة من المناعة اكتسبتها فيروسات الإنفلونزا لتأثير عقار تاميفلو كما في اليابان، حيث الاستخدام الواسع لها، والتقارير التي تحدث ملحق الصحة في الشرق الأوسط قبل أسابيع عن ملاحظة الأطباء في فيتنام، حيث تكثر نسبياً حالات إنفلونزا الطيور، من محدودية فائدته في معالجة أو تخفيف أعراض هذه الحالات.

ويعتبر عقار تاميفلو أحد أهم الأدوية المتوفرة نسبياً اليوم للتخفيف من حدة الإصابة بالإنفلونزا، إذا ما تم تناوله في أول 48 ساعة من الإصابة بأحد فيروسات الإنفلونزا، خاصة نوع إيه ونوع بي منها. فالذي يُذكر أنه قادر على الحد بشكل نسبي من تكاثر الفيروس وانتقاله بين خلايا الجسم، كما ويقلل من وقت المعاناة من أعراض الإنفلونزا كالصداع والرعشة وارتفاع درجة حرارة الجسم وألم العضلات وألم الحلق واحتقان الأنف وغيرها.

ويتم للعلاج تناول الدواء بالفم مرتين يومياً ولمدة خمسة أيام، ولا علاقة للأمر بتناول الطعام، أي أن المرء يستطيع تناوله قبل أو بعد تناول الوجبة الغذائية. ويستمر المريض في تناولها لمدة خمسة أيام حتى لو تحسنت حالته الصحية. والمهم تنبيه الطبيب في حال وجود أمراض حساسية أو كلى أو الحمل وكذلك إلى جميع الأدوية التي يتناولها المرء بشكل يومي.