بذلة خاصة أثناء الولادة تقلل من آثار النزيف على حياة الأم

دراسة أميركية أجريت في مصر أثبتت فاعلية ارتدائها

TT

وجدت أخيراً المضاعفات الخطيرة والمهددة لحياة الأم نتيجة نزيف الولادة، حلاً بسيطاً لها وفق ما يقوله الباحثون من جامعة كاليفورنيا بلوس انجلوس، حيث نشرت المجلة البريطانية للنساء والتوليد في عدد مارس الحالي نتائج دراسة المقارنة للباحثين من كاليفورنيا حول استخدام رداء معين من البذلات البسيطة أشبه بالجزء السفلي مما يلبسه الغواصون. وشملت الدراسة التي تمت في مصر 364 امرأة ممن أصابهن نزيف الولادة، ارتدت هذا اللباس الخاص منهن 206 امرأة، بينما 158 امرأة لم يرتدنه. ويعد نزيف الولادة مسؤولاً عن أكثر من ثلث حالات الوفيات المصاحبة للولادة والمقدرة بحوالي 500 ألف حالة سنوياً.

* رداء بسيط

* النتائج كانت غاية في الإبهار، إذ ان ارتداء النساء لهذا اللباس الخاص والبسيط التركيب والسهل الاستعمال عند حصول نزيف الولادة وأثناء نقلهن الى المستشفيات لتلقي العلاج اللازم وتعويض ما فقدنه بنقل الدم إليهن، قد قلل من نسبة الوفيات بمعدل الثلثين، كما أن حاجتهن الى تعويض كمية الدم المفقود قد قلت أيضاً الى النصف، كل هذا بمقارنة الأثر بين من ترتدي هذا الرداء الخاص من النساء اللائي أُصبن بنزيف الولادة ومن لم تفعل ذلك. مما دفع الباحثة الرئيسة الدكتورة سولين ميلر من جامعة كاليفورنيا الى القول بأن النتائج مفاجئة، خاصة إذا علمنا أن هذا الرداء البسيط يمكن أن يلبسه أي إنسان بسهولة ولا يتطلب تمرينا طبياً مسبقاً عليه. وأضافت قائلة إن النساء ممن كن في عداد الموتى حيث لا يمكن قياس النبض ولا ضغط الدم نتيجة تدني مقدارهما الشديد بفعل النزيف والصدمة الناجمة عنه، هؤلاء النسوة قد أمكن الإبقاء عليهن أحياء بهذه الوسيلة البسيطة لمدة تصل الى يومين في انتظار تلقيهن عملية نقل الدم. ورأى الباحثون أن استخدام هذه الوسيلة من المفيد جداً في المجتمعات النامية التي ربما تتم الولادة فيها في المنزل أو كانت المرأة الواضعة تقطن في مكان بعيد عن خدمات المستشفيات القادرة على نقل الدم والتعامل السليم مع حالات النزيف وأسبابه المعقدة.

* نزيف الولادة

* ويعتبر نزيف الولادة أحد المضاعفات ذات الطابع المهدد لحياة الأم حديثة الوضع سواء تم ذلك عبر الولادة الطبيعية أو العملية القيصرية. ويعرف معظم أطباء النساء والتوليد نزيف الولادة بأنه فقد الأم الواضعة أثنائها كمية من الدم تتجاوز مقدار 500 مللي لتر أو نصف لتر عند الولادة بالطريقة الطبيعية أو مقدار يتجاوز لترا واحدا عند الولادة القيصرية. لكن مما تجدر الإشارة إليه أنه بالرغم مما تقدم فإن الكثير من الأمهات يضعن ويفقدن كمية عالية نسبياً من الدم أثنائها دون أن يكون لهذا تأثير خطير على صحتهن أو حياتهن نتيجة لحالتهن الصحية الجيدة بشكل عام.

لذا يرى البعض من أطباء النساء والتوليد أن التعريف الواقعي لنزيف الولادة هو ما كان بكمية مؤثرة على الأم من ناحية تماسك مقدار ضغط الدم ومحافظة القلب على إنتاج نبضات تزود الجسم بكمية قادرة على تزويد الأعضاء الحيوية في الجسم كالقلب والدماغ والرئتين بكميات كافية من الدم تمكنها من أداء أدوارها الحيوية في الجسم، أي بعبارة أخرى ينظر هؤلاء الأطباء الى التأثير الواقعي للنزيف على النبض وضغط الدم ونسبة هيموغلوبين الدم لدى الأم الواضعة.

كما أنه بالنظر الى وقت حصول النزف نجد أن هناك نوعين منه، الأول هو النوع المبكر أي الذي يحصل في أول 24 ساعة ما بعد الولادة، والثاني هوالنوع الذي يحصل في الفترة فيما بين ما بعد أول 24 ساعة ومدة تصل الى 6 أسابيع بعدها.

ويصعب تحديد نسبة احتمال إصابة الحوامل بنزيف الولادة، وإن كان هناك اعتقاد بأن معدل النسبة قد يصل الى 4% في الدول المتقدمة، وأكثر في المجتمعات النامية أو التي لا تحرص الحوامل على مراجعة الطبيب أثناء الحمل للمتابعة وتحري وجود أي اضطرابات في الحمل. وبناء عليه فإن احتمالات الوفاة نتيجة له تختلف من مجتمع الى آخر، فإحصائيات الولايات المتحدة تشير الى أن نزيف الولادة سبب في 13% من أسباب الوفاة مع الولادة، بينما تشير إحصائيات الدول النامية الى أنه مسؤول عن 50% من حالات الوفاة معها، ولهذا الاختلاف أسباب منطقية وواقعية معلومة بداهة تبعاً لمستوى الخدمة الطبية المُقدمة، إضافة الى ما تشير بعض الدراسات إليه أن النسوة من الأعراق الآسيوية والهيسبانك أو الأسبانية عرضة بشكل أكبر من الأعراق الأخرى.

* أسباب النزيف

* هناك العديد من الأسباب والآليات التي عبرها يتم حصول حالة نزيف الولادة، إلا أن أهمها خمسة أمور:

ـ وهن الرحم، والمقصود هي حالة الإرهاق والتعب إن صح التعبير التي تصيب الرحم بعد خروج الجنين والمشيمة، الأمر الذي لا يُمكن الرحم آنذاك من الانقباض الطبيعي. ومن المعروف أن انقباض الرحم بعد الولادة مباشرة يُسهم في منع نزيف الأوعية الدموية في منطقة التصاق المشيمة ببطانة الرحم، وعدم حصول هذا الأمر هو السبب في 70% من حالات نزيف الولادة.

ـ ويعتبر حصول تهتك في عنق الرحم أو في المهبل السبب الثاني بعد وهن الرحم في حصول نزيف الولادة.

ـ كما ويعد بقاء أجزاء من المشيمة أو عدم خروجها كلها أصلاً أحد الأمور التي تسبب نزيفاً مباشراً أو في مرحلة لاحقة ما بعد الولادة.

ــ بينما يظل وجود اضطرابات مرضية أو علاجية في الإتمام الطبيعي لعملية تخثر الدم أحد الجوانب المهمة والمتعددة الأسباب في حصول حالات نزيف الولادة، والتي تحتاج الى بحث في كل حالات النزيف عموماً.

ـ وبالرغم من أن تهتك الرحم أو حصول تشقق في جدرانه لا يؤدي إلا الى نزيف قليل من الدم عبر المهبل وتلحظه الأم الواضعة، إلا أنه يؤدي الى نزيف أكبر في البطن وألم متفاوت القوة فيها، ويعتبر من الأسباب الحرجة لحصول النزيف، ويتطلب تدخلاً جراحياً ربما قد يصل الى استئصال الرحم. هذا بالإضافة الى حالة انقلاب جدار الرحم الى الداخل، والذي يشير البعض الى أن شد الحبل السري أثناء خروج المشيمة قد يسببه.

ولذا نلحظ مما تقدم من آليات نزيف الولادة، أن هناك آلية وظيفية كوهن الرحم عن إتمام انقباضه أو انقلاب جداره الى الداخل، وآلية بنيوية كحصول تهتك أيا كان في الرحم أو عنق الرحم أو المهبل وما قد يصطحبه من نزيف خارجي يظهر عبر المهبل أو داخلي يتجمع في البطن، وآلية متعلقة بالدم نفسه كوجود اضطرابات في تخثر الدم.

* احتمالات التعرض للإصابة بنزف الولادة

* نظرياً تصبح أي من الحوامل عرضة للإصابة بنزيف الولادة، إلا أن من الملاحظ أن ثمة عوامل ترفع من احتمالات عرضة الإصابة. ولذا فإن تعدد ولادة المرأة في السابق فوق خمس مرات، وكبر حجم الجنين أو وجود أكثر من جنين، وكبر حجم السائل الأميوني الذي يسبح فيه الجنين داخل الرحم، وطول أمد عملية الولادة، وحصول تعسر يستدعي استخدام الطبيب لوسائل تسهيل خروج الجنين كالملاقط أو الشفط، ووجود اضطرابات في المشيمة كأن يكون التصاقها ببطانة الرحم في منطقة قريبة من عنق الرحم أو تغطيه بالكامل، وإصابة الأم أثناء الحمل باضطرابات في ضغط الدم إما ارتفاعاً أو انخفاضاً، أو وجود اضطرابات في تخثر الدم، والتي سبق حصول نزيف لديها في ولادة سابقة، كلها عوامل تزيد من احتمالات الإصابة. ومن المهم التنبيه الى أن ارتفاع الاحتمال بالمنطق الطبي لا يعني حتمية حصول الأمر، كما أن ذكر هذه الأمور الشائعة نسبياً يعني وجوب أخذ الاحتياطات الطبية، وهو ما تساعد الحامل فيه كثيراً عبر عدم إهمالها للمتابعة الطبية أثناء الحمل. كما أن ولادتها تحت إشراف طبي من الطبيب أو القابلة المتخصصة يُمكن من إتمام الولادة ومساعدة ولادة الجنين، وخروج المشيمة كاملة والتأكد من ذلك.

ويظل حث الرحم بالطريقة الطبيعية على الانقباض عبر إرضاع الوليد في أقرب وقت ممكن مباشرة بعد الولادة هو الأفضل، لأنه يرفع من إفراز جسم الأم لهرمون أوكسيتوسن الطبيعي، والذي أحد فوائده انقباض عضلات الرحم، الأمر الذي يمكنه من العودة الى الحجم الطبيعي وكذلك لدفع المشيمة الى الخارج. والتدليك الخفيف للرحم عبر جدار البطن كما أنه يطمئن الطبيب أو القابلة الى التأكد من عودة حجم الرحم الى مقداره الطبيعي فإنه أيضاً يُسهم في حصول انقباض الرحم. وهو أيضاً ما يساعد فيه إفراغ الواضعة لمثانتها من البول والتأكد من ذلك حتى لو استدعى الأمر إدخال قسطرة الى المثانة.