التهاب الحلق أو اللوزتين يسبب حدوث الحمى الروماتيزمية

تهدد بتليف صمامات القلب وزيادة سماكتها وتضيقها

TT

قد يخفى على البعض أن التهاب الحلق أو اللوزتين البسيط في أعراضه، قد يؤدي إلى إصابة القلب بالكثير من المتاعب، أن لم يتم علاجه بطريقة فعالة، فالحمى الروماتيزمية ما هي إلا انتكاس مناعي قد يلي التهاب الحلق أو اللوزتين بجرثومة بكتيرية تدعى المكورات السبحية (streptococci).

تبدأ أعراض الحمى الروماتيزمية عادة بعد اسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من التهاب الحلق أو اللوزتين، وقد تحدث في بعض الأحيان بعد أسبوع واحد، وتتسبب في ارتفاع شديد في درجة الحرارة تصاحبه آلام والتهاب في بعض المفاصل، فتغدو حمراء منتفخة وساخنة ومؤلمة عند الحركة، وعادة ما تختفي علامات الالتهاب خلال أربعة وعشرين إلى ثماني وأربعين ساعة من بدء العلاج، أما في حال عدم أخذ العلاج فينتقل الالتهاب ليصيب مفاصل أخرى.

وأكثر المفاصل إصابة هي مفصل الرسغين والمرفقين والركبتين والكاحلين ونادرا ما تصاب مفاصل أصابع اليدين والقدمين بالالتهاب، وإذا كانت نوبة الحمى الروماتيزمية خفيفة فقد لا تظهر أية أعراض على المصاب تشير إلى إصابة عضلة القلب، لذا قد تمر الحالة دون تشخيص، أما في حال حدوث نوبة شديدة فتكون الأعراض أكثر وضوحا، وقد يصاب المريض بضيق في التنفس عند بذل الجهد أو عند استلقائه على ظهره، وقد يصاب بتورم الساقين، وسرعة نبضات القلب، كما ويبدو المريض شاحبا ومتعرقا.

أن عدم علاج نوبة الحمى الروماتيزمية المتكررة يؤدي إلى ازدياد خطر الإصابة في صمامات القلب، حيث يحدث تليف في الصمامات فتزداد سماكتها مما يؤدي إلى حدوث تضيق أو تسريب فيها. وفي الدول الغربية تحدث إصابة الصمامات بعد سنوات عديدة من نوبة الحمى الروماتيزمية، أما في الدول النامية فتحدث إصابة القلب بصورة مبكرة جدا. وتصيب الحمى الروماتيزمية الأطفال بين عمر الخامسة والخامسة عشرة وتعتبر أكثر إصابات القلب المكتسبة عند الأطفال واليافعين شيوعا، وتعد سببا رئيسيا من أسباب الوفاة بأمراض القلب في الدول النامية، وتشير الإحصاءات إلى أن ثلاثة من كل ألف طفل يصاب بالحمى الروماتيزمية في العالم العربي، في حين تصيب خمسة أطفال من كل مائة ألف طفل في الولايات المتحدة وأوروبا.

من الصعب التفرقة بين التهاب الحلق الفيروسي والالتهاب البكتيري، ومن المعروف أن معظم حالات التهاب الحلق سببه الفيروسات ولكن 10 ـ 20% من هذه الحالات قد تحدث بسبب التهاب بكتيريا المكورات السبحية streptococci، وهنالك أعراض قد تساعد في التفريق بينهما، كحدوث الألم فجأة في الحلق، والصداع وارتفاع درجة الحرارة وقد يصاحبه ألم في البطن وغثيان وقيء ووجود صديد على اللوزتين، وتورم بعض العقد اللمفاوية في الرقبة، كلها أعراض ترجح الالتهاب البكتيري الجرثومي للحلق واللوزتين. ويتم تشخيص المرض بأخذ مسحة من الحلق واللوزتين وعمل مزرعة لها للتأكد من وجود البكتيريا المسببة للمرض، كما وهنالك فحص دم خاص يمكن من خلاله معرفة إن كانت هنالك إصابة بالمكورات السبحية، وقياس سرعة ترسب الدم ESR الذي عادة ما يكون مرتفعا.

وفي حال كانت نتيجة المزرعة إيجابيا، يتم علاج الحمى الروماتيزمية بالراحة التامة في الفراش إلى أن تختفي أعراض الحمى تماما كأن يعود معدل نبضات القلب ودرجة الحرارة إلى المعدل الطبيعي وعودة نسبة ترسب الدمESR إلى المؤشر الطبيعي وذلك بإعطاء المريض المضاد الحيوي لمدة عشرة أيام، وما زال البنسلين هو العلاج الأمثل لهذه الحالات، وتعطى المريض حبوب الأسبرين وإن أحتاج الأمر قد يصف الطبيب علاج الكورتيزون، وفي حال إصابة المريض بحساسية ضد البنسلين، يمكن استخدام الايرثرومايسن لنفس المدة حتى لو زالت الأعراض خلال الأيام الأولى من بدء العلاج.

اما كيفية منع تكرار الإصابة بالحمى الروماتيزمية ومنع تطور الإصابة بأمراض صمامات القلب، فان الطريقة المثلى للوقاية هي بتناول البنسلينbenzathin penicillin كحقنة في العضل مرة كل 3 إلى 4 أسابيع، أو الايرثرومايثن erythromycin عن طريق الفم لمن لديه حساسية ضد البنسلين، ولكن استخدام الحبوب لسنوات يعتبر أقل فاعلية في الوقاية من نوبات التهابات الحلق البكتيرية.

ويستمر إعطاء البنسلين على حسب حال ووضع القلب للمريض، ففي حال وجود إصابة قلبية قد يستلزم الأمر تناول الحقن إلى سن الثلاثين أو الخامسة والثلاثين وهذا ما اختلف عليه العلماء.

أما في حال عدم وجود إصابة في صمامات القلب فيعطى البنسلين كل 3 إلى 4 أسابيع لمدة خمس سنوات بعد أول نوبة، أو حتى يبلغ المصاب سن العشرين، ومن الأفضل أن يقرر الطبيب المعالج تلك المدة الزمنية تبعا لحالة المريض ومدى استجابته للعلاج والمتابعة الطبية.