بين الخطأ والصواب

TT

* «أُترك طعام وجبة العشاء لأعدائك» > من الأخطاء الشائعة في المجتمعات الخليجية ومنها المجتمع السعودي العزوف عن تناول وجبة الفطور من قبل البعض، والمحافظة مع الاهتمام بوجبة العشاء من قبل الأغلبية، إضافة إلى الاهتمام بكمية الطعام ونوعيته. وكانت نتيجة هذا النمط المعيشي الخاطئ والعادات الغذائية غير السليمة، انتشار السمنة المفرطة بما تحمل من مؤشرات خطيرة لهذه الأنماط غير الصحية وتأثيرات سلبية على الجسم عامة، وعلى الإصابة بأمراض عديدة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والشرايين والأمراض النفسية وغيرها من المشاكل الصحية، ليس فقط لدى الرجال بل امتدت إلى النساء وهن أكثر اهتماماً وحرصاً بالمظهر المتناسق لأجسامهن. الغذاء نعمة من نعم الله علينا ولذة مباحة نرضي بها غريزة شهوتنا للطعام. وبالاستعمال الحكيم لهذه النعمة يمكننا أن نستفيد منها ومن فوائدها الجمة على الجسم، فالغذاء الصحي يساعد على بناء الجسم وتعويض ما يفقد من أنسجة وخلايا خلال العمليات الحيوية التي يقوم بها الجسم بشكل طبيعي، كما يساعد على نمو العقل وتطوره، ويقي من الأمراض، ويجعل الجسم يتمتع بالنشاط والحيوية.

ولكن ما يحدث في الواقع والحياة اليومية هو مخالف لذلك. فبالفعل كثير من أفراد المجتمع يقومون بممارسات خاطئة في طريقة التغذية وأسلوب الحياة ولا يتناولون غذاء صحيا مفيداً، وبالتالي فهم يعانون من مشاكل صحية مختلفة وأمراض جسمية ونفسية عديدة ذات مخاطر على المستوى البعيد.

وهناك العديد من الدراسات العالمية والدراسات الإقليمية التي أجريت على مستوى الدول الخليجية وأخرى محلية أجريت على المجتمع السعودي، تؤكد ذلك وتجمع على فداحة الوضع الصحي وانتشار السمنة مثلاً بين مختلف شرائح المجتمع. وتشير الدراسات الوبائية، التي أوردناها مفصلة في أعداد سابقة من «الشرق الأوسط» إلى ارتفاع نسبة المصابين بالسمنة بين البالغين خصوصاً السيدات وأصبحت تمثل إحدى أهم المشاكل الصحية، حيث يتراوح معدل انتشار السمنة في السعودية ما بين 14 و83 في المائة. ويرجع السبب في الاختلاف الكبير بين النسبتين إلى اختلاف مقاييس قياس السمنة وكذلك اختلاف العمر والجنس والحالة الصحية.

ولذلك ينصح بالمحافظة على تناول وجبة الفطور وتناول وجبة العشاء قبل النوم بساعتين على الأقل. وهناك من العلماء من ينصح بالتخلي عن وجبة العشاء نهائياً نزولاً عند الحكمة الآسيوية القديمة التي تقول «أُترك طعام وجبة العشاء لأعدائك». ومن هؤلاء البروفيسور الألماني يوهانيس هوبار الذي يؤكد أن النوم ليلاً بمعدة فارغة يساعد الجسم على تزويده بهورمون الفتوة والشباب «دي. اتش. إي. ايه، dehydroepiandrosterone DHEA» و «ميلاتونين Melatonin» المسؤول عن تركيب وبناء هورمونات الرجولة وهورمونات الأنوثة. وأن التخلي عن النهم والإفراط في تناول الطعام يعمل على تنشيط عملية الاستقلاب في الجسم. كما يعمل على تخفيف الوزن وتنشيط الجسم ومده بحيوية ونشاط.

* التمييز بين الأبناء والآثار المترتبة > يقع كثير من الآباء والأمهات في خطأ التعامل مع أبنائهم. البعض منهم يتعمد ذلك وهم قلة، لكن الأغلبية تقع بطريقة عفوية وبدافع العطف أو الخوف أو الشفقة وبدون المساس بدرجة الحب الأبوي أو الأمومي. كأن يميز الوالدان أو أحدهما بين الصغير والكبير أو بين البنت والولد أو بين المريض والسليم.

تتعدد أشكال التمييز بين الأبناء وتتنوع، فهناك التمييز في المصروف اليومي، التمييز في الاصطحاب عند الخروج من المنزل، التمييز في منح الهدايا وإحضار الحلوى، التمييز في تلبية الطلبات والرغبات، التمييز في درجة الاهتمام والمداعبة، وحتى في الثواب والعقاب ..الخ وتكون النتيجة زرع الحقد والكره في قلوب الأبناء تجاه بعضهم بعضا، والقضاء على سمات الصداقة والأخوة التي تولد بالفطرة في قلب كل ابن منهم وتنمو مع نموه وأخيراً تؤدي إلى الفرقة بينهم وإصابة البعض منهم بأمراض نفسية مختلفة.

ولتجنب الوقوع في مثل هذه الأخطاء التربوية، فإن علماء النفس واختصاصيي الطب النفسي ينصحون بانتهاج السلوكيات التربوية الصحيحة في التعامل مع الأبناء، ومنها:

* لا بد أن نعدل في تربية أبنائنا وأن نغرس روح المحبة بينهم وننمي أواصر الأخوة التي تحافظ على تقاربهم من بعضهم بعضا.

* في حال وجود طفل صغير في الأسرة أو آخر مريض ويحتاج إلى إيلائه اهتماماً أكثر من غيره، فلا مانع من إعطائه هذا الحق ولكن بطريقة غير لافتة للنظر ونعني إخوانه الذين يكبرونه سناً حتى لا يفسر ذلك بأنه نوع من التمييز بينه وبينهم. وحبذا لو كان هناك مجال للتعبير عن احتياجات كل فرد في الأسرة وشرح ذلك للآخرين والاستماع لآرائهم مما يحافظ على الثقة بينهم وينمي روح المحبة والعطاء بين الكبير والصغير، السليم والمريض. ويبعد فكرة التمييز للصغير والمريض على الآخرين.

* كما يجب على الوالدين، خاصة في مثل هذه الظروف، الابتعاد عن أسلوب الشتم والتجريح وذكر سلبيات أحد الأبناء أمام بقية إخوانه، بل عليهم اتباع أسلوب التفاهم والمناقشة على انفراد.

أما عن تعليمات وأنظمة الحياة في المنزل كوقت النوم والاستيقاظ والخروج للنزهة وأوقات اللعب ومشاهدة التلفاز، فيجب أن تطبق بنفس الأسلوب على الجميع دون تفريق أو تمييز.

وبانتهاج العدالة في التعامل مع الأبناء رغم اختلاف ظروفهم واحتياجاتهم، سوف تسود روح المحبة والأخوة بينهم من جهة وبين الوالدين من جهة أخرى وترفرف أعلام السعادة على الأسرة بأكملها.

* استشاري في طب المجتمع