بين الخطأ والصواب

TT

الكورتيزون.. ليس دوما ضاراً > من الأخطاء الشائعة، والتي تنتج عن سوء التثقيف الصحي، أن يمتنع المريض أو أهله (إذا كان طفلاً) من أخذ أدوية الكورتيزون، بالرغم من أنها موصوفة من قبل الطبيب وذلك خوفاً من الآثار الجانبية المرتبطة بتعاطي هذه المركبات الدوائية.

الكورتيزون هو أحد هورمونات الجسم الرئيسية والذي بدونه لا يمكن للحياة أن تستمر. وهو يُستخدم في علاج العديد من الأمراض وقد يعتبر الملجأ الوحيد لكثير من المشاكل الصحية المستعصية.

وبالفعل فإن الكورتيزون ومشتقاته لها من الآثار الجانبية الكثير مما يجعل الطبيب حذراً في وصف هذا المستحضر الدوائي، ويجعل المريض أيضاً حذراً في استخدامه، فالاستخدام المفرط لعقار الكورتيزون قد يؤدي إلى احتباس السوائل داخل الجسم مما يؤدي إلى انتفاخ الأطراف وتورم القدمين، وكذلك يؤدي الاستخدام المستمر لعقار الكورتيزون ومشتقاته إلى ارتفاع ضغط الدم وكذلك سكري الدم، وكذلك يؤدي إلى هشاشة العظام وتقرح المعدة وترقق الجلد والعديد من الآثار السلبية الأخرى. وهذا ما يدفع الكثير من المرضى إلى رفض استخدام الدواء المحتوي على هذا العقار خوفاً من آثاره السلبية وتأثيراته الجانبية.

ولا شك أن هذا الاعتقاد يشوبه الكثير من المغالطة، حيث ان الطبيب لا يقدم على وصف مثل هذا العقار لمرضاه دون وجود فائدة مرجوة تفوق المضاعفات المتوقعة. والأدلة الطبية تشير إلى وجوب استخدامه في بعض الحالات وقد يعود الفضل لهذا العقار في إنقاذ حياة العديد من المرضى. ولما كان عقار الكورتيزون يتمتع بصفات عديدة لا تجتمع لعقار غيره حيث انه الدواء الأول المضاد للالتهاب فهو يعد العقار الأول في علاج أمراض الالتهابات وعلى رأسها حساسية الشعب الهوائية وكذلك الربو الشعبي المزمن. وقد استفسرت شخصياً من أحد المتخصصين في الأمراض الصدرية أ. د. سيد عرابي فأكد لي أن هذا العقار قد أثبت فعالية عالية في علاج الأزمات الربوية الحادة والتي يكون المريض فيها أقرب إلى الموت منه إلى الحياة. وقد دلت الأبحاث العلمية على أن استخدام هذا الدواء بشكل موضعي أي في صورة بخاخ يفيد مرضى حساسية الصدر فائدة كبيرة لا يمكن لعقار غيره تحصيلها، واستخدام هذا العقار في شكل بخاخ يكاد يلغي تماماً آثاره الجانبية، والتي تنحصر على ضعف بسيط في قوة الصوت. وقد أثبتت التجارب العلمية العديدة أن الآثار الجانبية سالفة الذكر لعقار الكورتيزون ليس لها ظهور ملحوظ إذا ما استخدم عن طريق البخاخ. وهذا ما أدى إلى توصيات جميع المجتمعات العلمية والطبية بضرورة وصف هذا العقار لكل مرضى الحساسية الصدرية وحديثا لمرضى الربو الشعبي المزمن. وقد نفت الأبحاث والتجارب ما أشيع عن بخاخ الكورتيزون من أثار جانبية مثل ارتفاع نسبة السكري في الدم أو هشاشة العظام وكذلك تباطؤ معدلات النمو عند الأطفال. ويعتبر بخاخ الكورتيزون العقار الوحيد المتفرد بالأفضلية في علاج مرض حساسية الشعب الهوائية. وكما أوضحنا فإن آثاره الجانبية تكاد تكون منعدمة ولذلك فإن كل مريض بحساسية الشعب الهوائية يُنْصَحُ بالمضي قدما واتباع نصائح الطبيب في العلاج باستخدام بخاخ الكورتيزون دون تردد أو خوف.

* الدرن المقاوم للأدوية > من الأخطاء الشائعة التي وقع فيها مرضى الدرن الرئوي (السل) في العالم أجمع، وكانت سبباً في عودة هذا المرض وانتشاره بقوة وعناد، عدم انتظام المريض على أخذ الأدوية المضادة للدرن حسب الطريقة الموصوفة له من قبل الطبيب المعالج وللمدة الزمنية المقررة والانقطاع المتكرر عن تناول الدواء فتتحول الحالة إلى مرض مزمن وظهور جراثيم اكتسبت مناعة للمضاد الحيوي فتقاوم الأدوية الحديثة، وتكون النتيجة أن يستعصي القضاء على هذه الجراثيم وتكون مدعاة لانتكاس المرض من جديد وفقدان فاعلية الأدوية التي كان يتناولها سابقاً، وينشأ عن ذلك ما يعرف باسم الدرن المقاوم للأدوية والذي يبدأ بالانتشار في محيط الأسرة وأفراد المجتمع، حتى أصبح يصيب نحو 5 آلاف نسمة يوميا أغلبهم من أفقر مجتمعات العالم النامي.

وترتفع نسبة الإصابة بمرض الدرن لدى الأشخاص الذين تنقل لهم العدوى من مريض مصاب بجراثيم مقاومة للعلاج، ولدى القادمين من مناطق تمتاز فيها البكتيريا بالمقاومة العالية للأدوية الحديثة، والمرضى الذين يصابون بالمرض مرة أخرى بعد أن يكونوا قد تناولوا الأدوية سابقاً.

ويساعد على ذلك إصابة الشخص بأحد أمراض سوء التغذية أو أحد الأمراض المزمنة المنهكة للصحة والمضعفة لجهاز المناعة مثل المصابين بداء السكري ولا يلتزمون الحمية والعلاج، أو المصابين بالفشل الكلوي، أو بعد زرع الأعضاء، وكذلك الموجودين باستمرار في أماكن الزحام والسكن في مساكن غير صحية وعديمة التهوية. وحتى نتعاون للقضاء على هذا المرض الخطير، الدرن، يجب أن تتبنى كافة دول العالم، وبالذات الفقيرة منها، الاستراتيجية التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية لاكتشاف الدرن ومعالجته وشفائه ـ بإذن الله ـ وتطبيق استراتيجية العلاج قصير المدى تحت الإشراف المباشر. وعلى مرضى الدرن أن يَعُوا دائماً أن المدة المثالية لعلاج الدرن هي على الأقل 6 شهور متواصلة، وأن الطبيب المعالج هو الذي يقرر متى يتوقف العلاج، فمن الخطر التوقف عن العلاج قبل تمامه حتى وإن تحسنت الحالة، وفي ظروف السفر يجب التأكد من وجود كمية مناسبة من الدواء بصفة مستمرة حتى لا تنقطع عن تناوله، لأن الانقطاع المبكر عن تناول العلاج يعرض المريض للانتكاس. ويجب تهوية الغرف جيدا وتعريضها للشمس، كما يجب تغطية الفم عند العطس أو السعال.