تفتيت حصيات الكلى بالموجات الصاعقة يرفع من الإصابة بالسكري وضغط الدم

دراسة أميركية مثيرة تشير إلى تسجيل أضعاف الإصابات بالمرضين

TT

أثارت دراسة للباحثين من مايو كلينك في روشستر بالولايات المتحدة، نوعاً من الحذر لأول مرة حول الآثار بعيدة المدى لعلاج حصاة الكلى والأجزاء الأخرى من الجهاز البولي باستخدام الموجات الصاعقة الخارجية، حيث ذكرت دراستهم أن هذا النمط من الوسائل العلاجية يرفع بمقدار ثلاثة أضعاف من احتمالات الإصابة بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم في مراحل تالية من العمر. كما ولاحظ الباحثون أن خطورة ظهور مرض السكري تحديداً مرتبطة بشدة وكمية الموجات المستخدمة، بينما خطورة ارتفاع ضغط الدم مرتبطة بمعالجة إصابة كل من الكليتين بالحصاة.

عرض الدراسة

* ما يطرحه باحثو مايو كلينك جديد تماماً بكل المقاييس على حد وصف الدكتورة إيمي كرامبيك الباحثة الرئيسة في الدراسة، وتفتح أعين عالم طب أمراض المسالك البولية، على حد وصفها، نحو حقيقة ظهور مرض ارتفاع ضغط الدم والسكري كآثار جانبية محتملة لهذه الوسيلة العلاجية. واستدركت قائلة نحن لا نقول إن المعالجة بهذه الوسيلة تؤدي بنسبة 100% الى ظهور هذين المرضين، لكن هناك احتمالا عاليا لذلك. وأوضحت أن ظهور السكري لدى المعالجين يزداد بنسبة أربعة أضعاف، أي 400%، وارتفاع ضغط الدم بنسبة مرة ونصف أي 150%، وهما ما يُعتبران احتمالات عالية بصفة مهمة.

دراسة مايو كلينك يعتبرها المراقبون الطبيون الأولى من نوعها التي فحصت التأثير بعيد المدى للموجات الصاعقة العلاجية، وتمت فيها مراجعة ملفات حوالي 630 مريضا ممن تمت معالجتهم بها لتفتيت حصاة الكلى في مستشفيات مايو كلينك منذ عام 1985. وبمقارنة أوضاعهم الصحية مع أمثالهم من نفس العمر والجنس ممن تلقوا معالجة لحصاة الجهاز البولي بوسائل غير الموجات الصاعقة، فإن النسب المتقدمة في ظهور السكري وضغط الدم ظهرت بتحليل نتائج المتابعة لكلتا المجموعتين.

والفرضية التي يطرحها باحثو مايو كلينك هي أن الموجات الصاعقة الموجهة نحو الحصاة في الكلى لتفتيتها، هي موجات ذات قوة عالية وتتسبب في تدمير كتلة الحصاة لكنها في نفس الوقت لا تخلو من آثار تنعكس سلباً على بنية عضو البنكرياس القريب جداً من منطقة التفتيت الصاعق، الأمر الذي يُحدث خللاً في وظائف خلايا إنتاج الأنسولين. كما ويطرح الباحثون فرضية أخرى لنشوء ارتفاع ضغط الدم مفادها أن تفتيت عدد من الحصيات في كل من الكليتين يُؤدي الى ظهور ندب داخل بنية عضو الكلى، الأمر الذي يطال بالتأثير قدرات الكلى على إنتاج الهورمونات المنظمة لمقدار مستوى ضغط الدم.

ومع كل هذا فإن الباحثين لا يزالون يقولون انهم سيستخدمون هذه الوسيلة في معالجة حصاة الكلى، لكنهم سيبينون الأمر للمرضى كي يختاروا الوسيلة التي يفضلونها في ذلك.

فهم الدراسات

* والحقيقة أن هذه الدراسة مثل غيرها من الدراسات الطبية التي يتم في بعض منها مراجعة تأثيرات استخدام وسائل علاجية إما سلبية أو إيجابية. وتحتل مكان الصدارة بين الأخبار الطبية خاصة في المجتمعات التي يلعب تضخيم الخبر الطبي دوراً في تحقيق غايات شتى محمودة مثل لفت الانتباه أو استجلاب دعم مادي لجانب من الأمراض أو الوسائل العلاجية ببيان مدى انتشارها أو تأثيرها على الصحة والمجتمع، أو غايات أخرى كإثارة الملاحقات القضائية للمتضررين من وسائل علاجية من الأدوية أو غيرها. ولذا فإن قراءة مثل هذه الأخبار تحتاج الى تأن واسترشاد بآراء الخبراء الطبيين حولها وحول دوافعها والمقصود منها.

وحين محاولة قراءة ما بين سطور مثل هذه الدراسة، فقد يبدو للبعض ظاهراً صرف الكثيرين عن محاولة الاستفادة من أفضل ما هو متوفر في علاج حصيات الكلى. لكن المتأمل يجد أن ذلك ليس هو المقصود بدليل تعقيب الباحثين أنهم لا يزالون يعالجون الناس بها. كما أنهم يعلمون أن هناك عدة جوانب في البحث تحتاج الى مزيد من التأمل الموضوعي في طريقة الدراسة ومدى ما يُبنى عليها من نتائج، لأنها من نوع الدراسات الاستعادية وليست الاستشرافية. والفارق بينهما مهم جداً فيما يُبنى عليها من قوة في النتائج وعمق في الدلالات، ففي الدراسة الاستعادية يقوم الباحث بمراجعة ملفات مرضى أُجريت لهم أحد أنواع العمليات أو تناولوا علاجاً معيناً، ويتتبع بعد مدة من الزمن ما الذي حل بهم، بمعنى أنه لا يضع شروطاً مسبقة في اختيار من يتناولون العلاج ومن لا يتناولونه كي تتطابق المواصفات فيهم ومن ثم مقارنة التأثير كما يتم في الدراسة الاستشرافية لمستقبلهم.

وما بين أيدينا من نوع الاستعادية، وشمل متابعة أشخاص تم لهم تفتيت الحصاة منذ عام 1985. ومعلوم أن الآلات القديمة المستخدمة آنذاك قد تم تطويرها، وبعدها بلا شك اكتسب الأطباء خبرة أكبر وظهرت تحسينات كثيرة على دقة توجيه الموجات نحو الحصاة ومقدار قوة الموجات الموجهة. إضافة الى ذلك فإن عددا من شملته الدراسة قليل جداً مقارنة بعدد من تمت لهم المعالجة بهذه الطريقة، إذْ وفق إحصاءات مؤسسة الصحة في الولايات المتحدة فقط تمت المعالجة بهذه الطريقة لأكثر من مليون شخص سنوياً، ومن البدهي أن عدداً لا يصل الى الألف لا يُمكن بناء نتائج أو توجيهات طبية قوية.

وطريقة التفتيت هذه أثبتت كفاءة عالية في حماية المرضى من العمليات الجراحية بكل تداعياتها ومخاطرها، وهذا الجانب بالذات يحتاج الى مقارنة أيضاً، أي مقارنة آثار اللجوء الى العملية الجراحية أو اللجوء الى إدخال أنبوب عبر الجلد الى الحصاة وتحريكها من مكانها إما الى الخارج أو دفعها لأجزاء سفلى في الجهاز البولي.

كما أن الانتقاء العشوائي في الدراسة لم يكن دقيقاً جداً، لأن تعميم المقارنة بين حصيات تطلبت معالجتها بالموجات، بحصيات إما أهون بكثير نظراً لطبيعتها السهلة في الخروج أو ضعف تأثيرها بحد ذاتها على الكلى أو ناجمة عن أسباب لا علاقة لها بمرض السكري، ربما أمكن بالتالي معالجتها بوسائل أخرى. أو حصيات لا مجال لمعالجتها إلا بالعمليات الجراحية. فإنها كلها أيضاً ربما تكون عوامل تقلل من قدرة استخلاص فائدة في المقارنة.

الأمر الذي لم تشر اليه الدراسة بشكل مستفيض هو مقدار ضرر الحصيات في الكلى على وظائفها في المدى القريب والبعيد، إذْ من المعلوم أن ارتفاع ضغط الدم بحد ذاته مرتبط بتدهور وظائف الكلى، فأمراض الكلى ربما تنتج عن ظهور الحصيات، والحصيات في أماكن شتى من الجهاز البولي قد تؤثر على وظائف الكلى.

ومع هذا كله فإن الدراسة بالنسبة للأطباء والباحثين مفيدة جداً لما تحمله من إثارة للموضوع لديهم، وتنبيههم الى أن يعرضوا على المرضى أن هناك مبدئياً احتمالات تُذكر، لكنها تحتاج الى تحقيق ودراسة أوسع لفهم ما هي الحالات التي قد تسبب معالجتها بالموجات الصاعقة ظهور السكري وارتفاع ضغط الدم، إضافة الى تنبيه المرضى مراعاة أخذ جانب الحيطة بشكل أكبر نحو وسائل مقاومة ظهور السكري وارتفاع ضغط الدم، كالعناية بالوزن وممارسة الرياضة وتخفيف تناول الدهون والامتناع عن التدخين وغيرها من الأمور.

تفتيت الحصاة بالموجات الصاعقة.. حل يجنب الكثيرين العملية الجراحية

* استخدام الموجات الصاعقة في تفتيت حصيات الكلى أو الحالب أو المثانة أو حتى المرارة هو أحد التقنيات في معالجة مشاكل الحصيات وتداعياتها التي اكتسبت شعبية عالية عن جدارة واقتدار بين الأطباء والمرضى.

ويتم في هذه الطريقة توجيه حزمة من الموجات الصاعقة القوية نحو الهدف، وهو الحصاة، بغية خلخلة تماسكها، ومن ثم تفتيتها الى أجزاء صغيرة أشبه بحبيبات الرمل كي تخرج طبيعياً مع البول دونما معاناة أو صعوبات يواجهها المريض. وغالباً ما يتم فيها توجيه الموجات من مصدر ذلك في خارج الجسم. وخلال عملية التفتيت يتمكن الطبيب عبر صور الأشعة من متابعة ما يحصل للحصاة من تغيرات تعتريها.

والمطلوب من المريض هو الصيام لمدة 6 ساعات قبل إجراء عملية التفتيت التي تُجرى تحت درجة من التخدير العام، وتستغرق ما بين 45 دقيقة الى ساعة. والأجهزة الجديدة لا تتطلب غمر جزء من الجذع الجسم في الماء، بل يستلقي المريض على مرتبة خاصة تمر عبرها الموجات الموجهة نحو منطقة الحصاة. ويتم تحديد موقع الحصاة وفق صور الأشعة السينية بدقة كي تتوجه نحوها فقط كمية الموجات الصاعقة.

وعموماً تعتبر الوسيلة آمنة، ومضاعفاتها قليلة جداً، مثل حصول نزيف قليل في موضع تفتيت الحصاة، أو أن يعمل فتات الحصاة على التراكم في المجاري البولية وسدها، وهو ما يسهل التعامل الطبي معه، أو أن جلسة واحدة من التفتيت لا تكفي مما يستلزم تكرار عملية التفتيت.

ويعود غالب المرضى الى ممارسة حياتهم الطبيعية في خلال يومين على أبعد تقدير، ويتطلب الأمر متابعة خروج أجزاء الحصاة المفتتة عبر ملاحظة المريض وعبر صور الأشعة بعد شهر منها.