سرطان المريء.. وسائل علاجية مختلفة

الحل الجراحي يقدم نتائج أفضل من السابق ويرفع من فرص الحياة

TT

ضمن النقاش العلمي الدائر بين الأطباء حول أفضل سبل معالجة حالات الإصابة بسرطان المريء، ولملاحظة الدراسات التي تغير اختيار الطرق العلاجية لديهم، نشرت مجلة الكلية الأميركية للجراحين نتائج أبحاث الأطباء في المركز الطبي لجامعة روشستر، وفيها أن نتائج علاج الحل الجراحي ترفع فرص الحياة خلال خمس سنوات بعد الإصابة بسرطان المريء الى 50% بدل 20% كما كان يُظن في السابق. ويعزو الباحثون سبب ارتفاع فائدة الحل الجراحي بالمقارنة مع الحلول الأخرى من أدوية كيميائية وعلاج إشعاعي الى تحسن وسائل الكشف المبكر والعناية بالمرضى.

دراسة استعادية

* قام الباحثون بمراجعة استعادية للمعلومات حول حوالي 300 مريض ممن تم إجراء عملية جراحية لاستئصال ورم المريء بين عامي 1992 و2002. وتبين أن أكثر من 60% كانوا إما في المرحلة الأولى أو الثانية من ضمن أربعة مراحل لتصنيف حال الورم وانتشاره، وأن حوالي 50% منهم لم يصل الورم لديهم الى الغدد الليمفاوية المحيطة، وبشكل أدق في الدراسة، فإن 50% من الحالات التي تمت معالجتها جراحياً في السنتين الأخيرتين كانت في مراحل مبكرة. وأن 62% منهم كان لديهم تغير باريت في المريء، كما سيأتي إيضاحه. وأضافت النتائج أن نسبة البقاء على قيد الحياة بعد خمس سنوات من العملية الجراحية كان حوالي 50%، وتحديداً 80% لمن لديهم الورم في المرحلة الأولى و50% لمن في المرحلة الثانية، و14% للمرحلة الثالثة، و0% للمرحلة الرابعة. ونسبة الوفيات في العملية الجراحية لم تتجاوز 4%.

هذه النتائج تُعطي صورة أوضح اليوم لنتائج الوسيلة الجراحية. فهي تشير الى أن الاكتشاف المبكر للحالات هو ما يُعطي نتائج أفضل، وأن كثيراً من الحالات يكون نتيجة تغيرات المريء بفعل تأثير المعدة وأحماضها، الأمر الذي يُمكن الكشف عنه ومتابعة بدايات ظهوره.

حلول علاجية مختلفة

* ومنذ مدة طويلة، يدور نقاش بين الأطباء عن أفضل وسيلة للبدء في علاج حالة الإصابة بسرطان المريء، وتحديداً هل هي الجراحة أو العلاج الإشعاعي أو الدواء الكيميائي؟ وبالرغم من انتشار القناعة مؤخراً بأن الاستئصال الجراحي للورم هو الحل الذهبي، إلا أن اعتراضات بعض الأطباء حول اللجوء اليها، بسبب ارتفاع مخاطر العملية وقلة فرص النجاة بعدها، يدفع كثيراً منهم الى تفضيل بدء العلاج بالأدوية الكيميائية أو العلاج الإشعاعي دون اللجوء الى الجراحة كحل أولي.

الباحثون في الدراسة فندوا أسس قناعات الأطباء هذه، وقالوا إن من غير الصواب اعتبار أن العملية الجراحية تحمل خطورة بنسبة 15%، واعتبار أن فرص الحياة لمدة خمس سنوات بعد العملية لا تتجاوز 20%. وأوضح الدكتور جيفري بيترز رئيس قسم الجراحة في جامعة روشستر أن من المقلق أن تعتمد قرارات العلاج اليوم على نتائج قديمة ظهرت قبل عدة عقود بناء على مضاعفات جراحية لم تعد موجودة وحول أنواع من سرطان المريء اختفت اليوم، وأضاف: نتائجنا اليوم تُظهر أن الاستئصال الجراحي للورم يعطي نتائج أفضل مقارنة بوسائل العلاج الأخرى. ويقول الباحثون إن حالات سرطان المريء التي تزداد الإصابة بها ارتفاعاً في مناطق شتى من العالم، كانت في السابق بسبب التدخين في الغالب ومن نوع سرطان الخلايا الحرشفية Barrett"s esophagus، والحالات لا تصل الى الجراح إلا في مراحل متقدمة جداً من المرض، والغاية من إجراء العملية كان تسهيل مرور الماء والسوائل عبر مجرى المريء المغلق بنمو الورم. أما اليوم وخلافاً لما كان في الماضي، فإن المصابين بسرطان المريء هم أصغر سناً، وفحص نوع خلايا الورم هي من نوع الخلايا الغددية adenocarcinoma.

وهذا النوع يسهل علاجه خاصة إذا ما تم التشخيص في مراحل مبكرة. وسبب التحول في النوع والسن مرتبط بمشاكل فوهة المعدة، وهو ما سبق لي في ملحق الصحة في الشرق الأوسط الحديث عنه وبيان أسبابه، خاصة ارتخاء العضلة العاصرة لفوهة المعدة نتيجة السمنة وغيرها. ولذا فإن النتائج الجراحية أفضل من السابق، وفرصة الشفاء أعلى. «تغيرات باريت» .. تنتج عن حرقة الفؤاد

* حينما ترتخي العضلة العاصرة لفوهة المعدة والتي تقع في أسفل المريء، فإن حالة من الارتجاع غير الطبيعي تعتري عصارات المعدة الحمضية، وتصل بالتالي الى أسفل المريء حيث يعمل الحمض على تهييج طبقة بطانة المريء في تلك المنطقة منه.

وتشير الدراسات الطبية الى أن استمرار ارتجاع عصارات المعدة الى المريء لمدة خمس سنوات يُنشئ لدى خمس من يعانون منها تغيرات باريت.

ومع مرور الوقت واستمرار تأثير الحمض الذي يسبب الشعور بحرقة الفؤاد أو الألم في أعلى المعدة والبطن، فإن تغيرات تطال شكل الخلايا وتركيبها، الأمر الذي يُؤثر على نموها ويحولها الى خلايا ذات هيئة معينة تُدعى بتغيرات باريت. أي أن الخلايا التي تبطن المريء تتغير وتتحول نحو خلايا أكثر قابلية بنسبة أربعين ضعفاً أن تتحول الى خلايا سرطانية مقارنة بالخلايا الطبيعية للمريء. وتشير الإحصائيات الحديثة الى أن حالات حرقة الفؤاد منتشرة اليوم، ففي الولايات المتحدة يعاني حوالي 20 مليون شخص منها.