قلق كبار السن .. لا يلقى العناية الطبية

TT

ضمن فعاليات المؤتمر السنوي للرابطة الأميركية للأمراض النفسية الذي عقد فيما بين العشرين والخامس والعشرين من شهر مايو بمدينة تورنتو الكندية، أثار الباحثون من كلية الطب بجامعة بتسبيرغ الأميركية موضوع معاناة كبار السن من القلق النفسي generalized anxiety disorder (GAD).

ودلت المراجعات للأبحاث في مجال الطب النفسي للمتقدمين في العمر أن القلق يمثل ربما أكثر الاضطرابات النفسية شيوعا لديهم، حيث ان الإحصاءات تشير إلى أن واحداً بين كل عشرة أشخاص ممن تجاوزوا الستين من العمر يعاني منه، وأن حوالي7% منهم يعانون تحديداً من اضطراب القلق العام Anxiety وهو مع هذا يظل واحداً من أكثر الحالات النفسية التي لا تلقى اهتماماً من الأطباء أو كبار السن أنفسهم بتشخيصها أو معالجتها. ويعلق الدكتور إيرك لينزي بأن الدراسات بينت أن اضطراب القلق العام أكثر شيوعاً لدى الكبار في السن، إذْ يصيب7% منهم، بينما لا تتجاوز نسبة الاكتئاب بينهم 3%.

وتأتي هذه الملاحظات بالتزأمن مع صدور إحصاءات حديثة هذا العام تؤكد ارتفاع نسبة من تجاوزوا الستين عالمياً في شرق العالم أو غربه، إذْ في الولايات المتحدة وحدها سيزيد عدد من تجاوزوا الستين من العمر رقم 80 مليون شخص، مما يُملي مزيداً من الاهتمام الطبي في مناطق العالم المختلفة بطب وأمراض كبار السن. ويضيف الدكتور إيريك قائلاً، ومن الغريب أن الأبحاث لم تول اهتماماً مناسباً باضطراب القلق النفسي العام لدى الكبار، مما جعل الأطباء في الماضي إما أن يظنوا أنه نادر بينهم أو أن ما يلحظونه على نفسيتهم وتعاملهم هو جزء طبيعي من النفسية المتوقعة من المتقدم في السن. في حين أن واقع الأبحاث الحديثة يشير إلى أنه شائع بينهم وذو مردود سلبي بالغ على حياتهم.

القلق أنواع

* والقلق في الأصل جزء من الشعور الطبيعي للإنسان السليم. وهو ما يحس به الإنسان من آن لآخر، فالمراهقون والأطفال يقلقون من أداء الاختبارات أو عند دخول خبرات جديدة كقيادة السيارة أو التعامل مع الجنس الآخر. وهو ما يعتبر الشعور به جيداً، لأنه يساعد على ضبط تحركه في الأنشطة اليومية أو إتقان أداء دراسته أو المهارات العملية الأخرى. ويستمر الشعور به من آن لآخر لدى متوسطي العمر والكبار في السن من الجنسين، ويفيد في أحيان كثيرة. لكن المشاكل المرتبطة بالقلق في حالاته المرضية هي نتيجة للشعور به بدرجة تتميز بتأثيراتها السلبية على الإنسان، بعكس فوائد المقدار الطبيعي منه.

ويعتبر اضطراب القلق العام أحد أنواع القلق الأربعة الرئيسية، وهي بالإضافة له تضم الخوف المرضي أو الفوبيا phobia، واضطرابات الوسواس القهري obsessive compulsive disorder، واضطرابات الذعر panic disorder. ويتميز القلق العام بالزيادة والإفراط في القلق حول الأحداث اليومية العادية التي تمر في حياة الإنسان أو أنشطة حياته اليومية، حينما تستمر المعاناة من هذا الشعور أكثر من ستة أشهر. وبالرغم من أن من الطبيعي أن يزداد قلق الإنسان كلما تقدم به العمر نظراً لتأثر صحته أو نتيجة لاختلال الأوضاع المالية لديه وعدم توفر مقومات القدرة لديه على تحسينها كما في السابق، إلا أن القلق العام شأن آخر، لأنه يغدو قلقاً ثابتاً ومتكرراً وملازماً لنفسية الإنسان.

أعراض القلق

* وتتنوع أعراض اضطراب القلق العام، ويختلف ظهورها بين المصابين. وتشمل الشعور بالتوتر وعدم الاستقرار، وبغصة في الحلق، وعدم القدرة على التركيز، والشعور بالإعياء، وسهولة التأثر، وعدم الصبر، والشد العضلي، واضطرابات في النوم، مع نوبات من كثرة العرق أو آلام في المعدة أو الإسهال أو ضيق في التنفس أو الصداع.

واستمرار الشعور بالقلق لمدة طويلة وبالكيفية العميقة، ومن أشياء متكررة في الحياة اليومية، له آثار سلبية عدة قد تصل بالإنسان إلى حد الإعاقة النفسية وإعاقة نشاط الحياة اليومية الطبيعي من أسري واجتماعي وحتى مالي. وعلى سبيل المثال فإن اضطرابات النوم أو البعد عن الأنشطة الأسرية والاجتماعية شائعة بين من لديهم القلق العام.

ولأن هناك فروقا بين ما يصيب المتقدمين في العمر وما يصيب متوسطي العمر من القلق العام، فإن الدكتور إيرك يؤكد الحاجة إلى مزيد من الأبحاث حول أفضل سبل علاجه، وهو ما يقوم به الباحثون من جامعة بتسبيرغ ضمن مجموعة من الدراسات التي تدعمها المؤسسة القومية للصحة العقلية في الولايات المتحدة.

وتختلف نسبة الإصابة باضطرابات القلق في المجتمعات المختلفة لأسباب عدة، فهي قد ترتفع إلي حد يقارب 100% في حالات الحروب أو المجاعة أو الكوارث الطبيعية، وقد تنخفض إلى حد 15% في المجتمعات المستقرة بصفة عامة.