بناء عضلة القلب للبطين الأيسر.. أمل يتحقق

خبراء عالميون يتباحثون بجدة في أحدث الوسائل لإنقاذ آلاف المرضى المنتظرين زراعة القلب في العالم

TT

القلب هوذلك العضوالعضلي الحيوي القابع وراء عظمة الفص مع ميلان بسيط إلى الجانب الأيسر، صغير في حجمه، كبير في أدائه، مهم في تحكمه في حياة المخلوقات التي تتوقف حياتهم مع توقف نبضاته التي يصل معدلها إلى 70 نبضة في الدقيقة و4200 في الساعة و100800 اليوم و37.000.000 نبضة في السنة. تتحكم في تنظيم عملية النبض هذه انقباضا وانبساطا مضخة عجيبة، هي عضلة القلب التي تتجدد خلاياها وأنسجتها على مر السنين ليصبح المرء قادراً على مواجهة متطلبات الحياة في كل الأعمار.

إن ما طرأ على حياتنا حديثا من نمط غذائي خاطئ وخمول وعدم ممارسة الرياضة وما نتج عنها من زيادة في الوزن وسمنة خطيرة، بالإضافة إلى التدخين والانفعالات العصبية والنفسية وما نتج عنها من ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري، من شأنها كلها أن تحول عضلة القلب إلى مضخة ضعيفة تؤثر على وظائف القلب وقد تؤدي إلى ظهور علامات هبوط القلب ومضاعفاته. وهذا ما دعا الخبراء والمبتكرين إلى البحث عن وسائل متطورة لعلاج هبوط وضعف عضلة القلب خاصة الناشيء عن ضيق وإنسداد الشرايين التاجية.

* جراحة القلب

* البروفسور العالمي الفرنسي الدكتور فنسنت دور رئيس مركز جراحة القلب بمركز القلب بموناكو، وهومبتكر عملية إزالة الأجزاء التالفة من عضلة القلب واستعادة شكله المخروطي، أوضح في بحثه الأخير الذي قدمه في المؤتمر الدولي الأول لأمراض وجراحات القلب الذي اختتم أعماله الأسبوع الماضي في المستشفى السعودي الألماني بجدة، أن تمدد عضلة القلب عقب الإحتشاء تتسبب في فقدان القلب لشكله المخروطي ليصبح كرويا مما يؤدي إلى ضعف القدرة على ضخ الدم، وعرض كثيرا من الحالات التي تم علاجها بإزالة الأجزاء المتليفة من عضلة القلب لتصغير حجمه واستعادة قدرته على ضخ الدم مما أدى إلى تحسن كبير في وظيفة العضلة.

وتشير الدراسات الإحصائية إلى أن نسبة المصابين بهبوط عضلة القلب في الولايات المتحدة الأميركية وحدها تصل إلى حوالي خمسة ملايين شخص، وأن هناك زيادة تصل إلى نصف مليون حالة في كل سنة. وكان الحل الوحيد في الماضي لإنقاذ هؤلاء المرضى من الموت المحقق هوزراعة القلب، ولكن وكما هومعروف أن عدد القلوب غير كافٍ لإجراء عمليات الزراعة لكل هؤلاء المصابين الذين يصل عددهم إلى 300 ألف مريض محتاجين للزراعة.

* بناء عضلة القلب

* وفتحت هذه الطريقة الجراحية الحديثة وهي «بناء عضلة القلب للبطين الأيسر» الباب لهؤلاء المصابين لإجرائها بدون انتظار طويل أملاً في زراعة قلب أوالتعرض لحدوث أعراض جانبية خطيرة قد تنتهي بالوفاة.

والجدير بالذكر أن أول من أجرى هذه الجراحة هود. فنسنت دور عام 1984 ثم طورها في عام 2000 البروفيسور الإيطالي الدكتور لورنزومانيكانتي رئيس مركز جراحة القلب بمستشفى سان دوناتوبميلانوإيطاليا، وهومبتكر القالب الذي يتم عليه تشكيل عضلة القلب وتكوين قمة جديدة للبطين الأيسر بعد إزالة الأجزاء التالفة، وذلك عن طريق استخدام بالون المانيكان حيث تمت مناقشة هذا الأسلوب الجراحي الجديد في عالم جراحات وأمراض القلب ومدى الاستفادة الكبيرة التي تحدث للمريض بعد هذه العملية.

وقد تم التركيز على أهمية فحص القلب بالرنين المغناطيسي قبل وبعد العملية لتحديد وظيفة عضلة القلب والأماكن التالفة من العضلة وتقييم التحسن بعد إجراء العملية.

* توصيات

* وعن المؤتمر الدولي الأول لأمراض وجراحات القلب الذي اختتم أعماله الأسبوع الماضي في المستشفى السعودي الألماني بجدة أوضح الدكتور مروان مصطفى استشاري جراحات القلب والصدر ورئيس المؤتمر، أن المؤتمر قد حقق أهدافه الرئيسية التي عقد من أجلها ونجح في استقطاب أطباء القلب وجراحيه حيث دارت المناقشات المثمرة التي أوضحت مدى التقدم العلمي الذي وصل إليه العلم في علاج أمراض القلب. كما نجح المؤتمر في نقل الخبرة العالمية والمحلية للشباب من الأطباء في العالم العربي وفي المملكة حيث وفر عليهم مشقة الانتقال والسفر للخارج للحصول على مثل هذه المعلومات وأحضر إليهم المؤتمر بالمتحدثين البارزين فيه مما يعود عليهم بالنفع للارتقاء بمستوى أدائهم والخدمة الطبية التي يقدمونها للمواطنين .

كما أتاح فرصة تبادل الخبرات بين أطباء أمراض وجراحات القلب من مختلف أنحاء العالم للاطلاع على الجديد في طرق تشخيص وعلاج أمراض القلب. ومن ذلك مناقشة جراحات توصيل الشرايين التاجية بدون استعمال جهاز القلب الصناعي المعروفة بطريقة القلب النابض. وكذلك استخدام جهاز النبض المعاكس (EECP) كوسيلة مفيدة لعلاج قطاع من الشرايين التاجية التي لا يمكن علاجها عن طريق توسيع الشرايين بالبالونات والدعامات أوعن طريق التدخل الجراحي وذلك بواسطة إعطاء المريض جلسات بالعيادة الخارجية تؤدي في النهاية إلى فتح شرايين جديدة مما يساعد على تحسين التروية في وظيفة عضلة القلب. كما ناقش المؤتمر أيضا وسائل علاج ضعف عضلة القلب عن طريق حقن الخلايا الجذعية في الأجزاء التالفة من القلب حيث تنشأ خلايا مما يفتح أفاقا لإمكانية علاج ضعف عضلة القلب الناشيء عن انسداد الشرايين التاجية.

وقد أوصى المؤتمر عقب انتهاء أعماله بالتالي: ـ التوسع في استعمال الدعامات الذكية الباعثة للدواء في توسيع الشرايين التاجية ومحاولة تطبيق التقنية الجديدة المعروفة باسم بالون المانيكان للعلاج الجراحي لهبوط عضلة القلب في كافة مراكز المملكة وداخل الشرق الأوسط.

ـ إدخال تقنية استخدام الخلايا الجذعية في حالات فشل عضلة القلب واستخدام البالون المساعد لعضلة القلب.

ـ الاهتمام بعمل دراسات إحصائية لتحديد نسبة المرضى المصابين بأمراض القلب في الشرق الأوسط حيث لا توجد دراسات في هذا المجال.

ـ الاهتمام بإقامة المؤتمرات الدولية لمعرفة الجديد في عالم الطب وأهم ماتوصل إليه العلم.

ـ الاهتمام بالتوعية الصحية للأشخاص بالغذاء الصحي والتمارين الرياضية التي تقلل من فرص الإصابة بالأمراض، وأهمية الوقاية من أمراض الشرايين باتباع العادات الصحية السليمة مثل الامتناع عن التدخين وتناول الغذاء الصحي وممارسة الرياضة كوسيلة هامة للمحافظة على قلب سليم.