نظريات جديدة في معالجة السرطان

خبراء عالميون في لقاء علمي في سويسرا يناقشون أفضل سبل القضاء عليه

TT

خلق الإنسان من ملايين الخلايا التي تنقسم وتتكاثر، وكل خلية تصل إلى عمر معين تموت عنده ليكون هناك توازن، بحيث يظل عدد الخلايا التي تولد مساوياً لعدد الخلايا التي تموت، فيتم المحافظة على كمية معينة من الخلايا في الجسم لا تزيد ولا تنقص.

إلا أنه في بعض الأحيان، يكون هناك تغيرات في المادة الوراثية للخلية فتجعلها تتكاثر بشكل غير طبيعي، بحيث يتضاعف عدد مرات الانقسام مقارنة بالمعدل الطبيعي. وبالإضافة إلى ذلك يكون عمر الخلية هذه أطول من عمر الخلية الطبيعية فبدلاً من أن تعمر الخلية 3 أسابيع يصل عمرها في هذه الحالة إلى سنة فيحدث تراكم غير طبيعي للخلايا مكونة ورماً غريباً على جسم الإنسان وهذا هو السرطان بشكل عام. وتشكل الأمراض السرطانية هاجساً للمجتمعات البشرية بشكل عام ولعلماء الطب بشكل خاص والذي أشغلهم ليلاً ونهاراً في المختبرات وبين التحاليل والدراسات، حتى تم التعرف بدقة على كيفية عمل هذا الداء، مما ساهم في اكتشاف أسلحة وآليات تساعد في القضاء على هذا الوباء الخطير، وما زالت الدراسات تواصل إنجازاتها في تقديم كل ما هو كفيل بالقضاء على هذا الوباء.

* لقاء علمي

* تحدث إلى «الشرق الأوسط» البروفيسور وليام بيرنز المدير التنفيذي لقسم الأدوية بشركة «روش»، عن النظرة الحديثة في علاج الأورام، وذلك خلال المؤتمر الذي عقد يوم الثلاثاء 20 يونيو (حزيران) 2006 بمدينة بازيل بسويسرا وضم مستويات مختلفة من الحضور من كافة دول العالم، الأميركية والأوروبية والشرق أوسطية، وكان تحت عنوان «نظرات جديدة في مُعَالَجَة السرطانِ»، وأوضح أن الهدف إيضاح المعلومات الأساسية للعهد الجديد من مراحل علاج أمراض السرطان، ومنها:

* التقدّم الذي تحقق في علاجِ السرطان خلال السَنَوات القليلة الماضية وكيف وضعت الأدوية الموجَّهة والمبتكرة حديثاً معاييرَ جديدةَ للعنايةِ بالمرضى به.

* تحديات أدوية السرطانِ الناميةِ في منظمة علمِ الأورام في الشركة.

* الاختلاف والتغيرات التي أدخلتها، اليوم، أدوية السرطانِ والاختبارات التشخيصية الحديثة في حياةِ المرضى.

وأضح البروفيسور وليام بيرنز أن هناك عاملين رئيسيين وضروريين لنمو وتطوير الخلايا السرطانية للأورام الخبيثة، هما عامل نمو الخلايا الوعائية في إي جي إف) VEGF Vascular Endothelial Growth Factor ومُستقبِل عامل نمو الخلايا الجلديِة (إي جي إف آر) EGFR Epidermal Growth Factor Receptor.

ولأهمية هذين العاملين، فإن الأبحاث تركّزُ عليهما كأهداف لعلاجٍ متطور للسرطانِ، حتى أَصْبَحَ «موضوعاً ساخناً، مثيراً وبارزاً». وعلى الرغم مِنْ دورِهما المركزيِ في نمو الأورامِ وإمكانيتِهما في معالجة الأمراضِ السرطانية المُخْتَلِفةِ، فإن هذين العاملين يؤدّيان أدواراً مختلفةَ جداً ضمن الخليةِ، كعلاجِ دوائي هدفه العمل المضاد يتم وفق طرقِ مختلفةِ جداً.

* عامل نمو الخلايا الوعائية

* عاملVEGF هو مركب بروتيني يُنتجُ بكمياتِ كبيرة بواسطة الخلايا السرطانِية، ويعتبر منبّهاً قوياً لعمليةِ تكوينِ الأوعية angiogenesis (تطوير ونمو أوعية دموية جديدةِ) وهي «إشارة بقاءِ وحياة» للأورامِ. وهذا العامل VEGF يَرْتبطُ ويتحد مع مُستقبِلاتِ موجودة على الأوعية الدموية المجاورة للأورامِ، ويشيرُ عليها بالمُضَاعَفَة والتكاثر ثم الهجْرة إلى موقعِ الورمِ. وهناك تتكون أوعية دموية جديدةَ لتَغْذِية الورمِ، فيمدها بالأوكسجينِ والمواد المغذّيةِ الضروريةِ لدَعْم نموه.

إنّ مفهومَ «ضِدِّ تكوينِ الأوعيةanti-angiogenesis »، يعني، جوهرياً، تجويع الورم وحرمانه من جهازِ إنعاشه ـ وهو حالياً منطقة رئيسية ومهمة لأبحاث السرطان. بينما هناك عوامل عديدة يُعْتَقَد بأنَّها تَلْعبُ دوراً في تكوين الأوعية، إلا أن عاملVEGF هو المعتَرفُ به على نحو واسع كمفتاح رئيسي للعملية، وبالتالي هو هدف مهم للتدخّلِ العلاجّيِ. وأحد أدوية العلاج المضادّة للسّرطان بهذا الأسلوب هو أفاستين Avastin الذي يستعمل حالياً لمُعَالَجَة المرضى بسرطان القولون والمستقيم.

* مُستقبِِلُ عامل النمو الجلديِ

* EGFR هو مركب بروتين كبير يَعْبرُ غشاءَ الخلية ويَرْتبطُ متحداً مع شكل خاص من البروتينِ الذائِعِ الصيت الذي يُدعى عامل النمو. وتحت الظروفِ الطبيعيةِ تُحفّزُ هذه العمليةِ تنشيطَ مجالِ إنزيمِ تايروسين كايناز tyrosine kinase المُستقبِلِ لعامل النمو الجلديِ EGFR، الذي ينشّطُ بدوره عددا مِنْ الجزيئاتِ ضمن الخليةِ، وبذلك يُروّجُ للنمو المسيطر عليهِ للخليةِ. وعلى أية حال، فهناك نوع مختلف مِنْ الأورامِ الصلبةِ، تكون معه إشارة النمو لمُستقبِلِ العامل EGFR كبيرة بشكل واسع. َيحْدثُ هذا إما من أن المستقبلEGFR أكثر من اللازمُ جداً، وإما أن ممرات إشارة المركّبُ الذي يُشيرُ إلى الممراتِ، تم تنبيهها بعوامل النمو المرْتبطُة إلى مُستقبِل EGFR، فيَبْقى نشيطَاً بشكل ثابت. ويُؤدّي إلى نمو غير متحكم فيه، لذا، فإن مُستقبِل العامل الجلديEGFR يُعْتَقَد أيضاً بأنَّه يَلْعبُ دورا مركزيا في التطويرِ ونمو الورمِ في الخلايا السرطانية. إن مُستقبِل العامل EGFR هو هدف منطقيّ للعلاجِ ضدّ السّرطانِ بالهدفِ الأساسيِ لتَقويض انتشار الخلايا السرطانِية ومثاله دواء Tarceva. ويُعْتَقَد أيضاً أنّ مُستقبِل العامل الجلدي EGFR يَلْعبُ دوراً في تَحفيز تكوينِ الأوعية، ويَرْفعُ انتشار الخلايا السرطانية metastasis.

* دراسة استطلاعية

* البروفيسور بيتر هاربر استشاري علاج الأورام بمستشفى جايز وسانت توماس بلندن، شارك في هذا المؤتمر وتحدث عن التطورات الحديثة في علاجِ السرطان. وتم عرض نتائج دراسة استطلاعية أجرتها روش على 500 من اختصاصيي ومرضى السَرَطانٍالأوروبيينِ، تَتعلّقُ بمواقفِهم نحو علاج السرطان الحاليِ والأحدثِ مثل كونه مضادا لتكوينِ الأوعية، وكانت النتيجة كالآتي:

ـ 70% مِنْ اختصاصيي السَرَطان الذين شاركوا في ذلك المسح يَعتقدُون أنّ المرضى والاشخاص الذين يعتنون بهم يَجِبُ أَنْ يَعْرفوا أكثر حول المعالجةِ المضادة لتكوين الأوعية.

ـ 70% مِنْ الأطباءِ مستاءون من المعالجةِ الكيميائية القياسيةِ.

ـ نِصْف اختصاصيي علاج السَرَطانٍ، في الدراسة، الذين كانوا يَعتقدون أنّ العلاجِ المضاد لِتكوين الأوعية يُمْكِنُ أَنْ يُؤدّي إلى السرطانِ، أصبحُوا ينظرون إليه كوسيلة للعلاج يَعِيش معها المريض من ثلاث إلى خمس سَنَوات، وأنّ العلاجِ ضِدِّ تكوينَ الأوعية يُبشّرُ بعصر جديد في علاجِ السرطان.

ـ تسعة من عشَرة من المرضى الذين يصارعون السرطان لمَ يسَمعوا أبداً عن مضادات تكوينِ الأوعية.

ـ 60% مِنْ مرضى الدراسة يَتوقّعون أَنْ يُصبحَ السرطانَ مرضاً مُزمناً يُمْكِنُ أَنْ يَعِيشَ معه المريض من ثلاث إلى خمس سَنَواتِ مقبلة.

ـ 100% مِنْ المرضى الذين عولجوا بعلاجِ مضِادِّ لتكوينَ الأوعية متفائلون بشأن فعاليته.

* العلاجات المناعية الحديثة للسرطان > يعتمد العلاج المناعي على تثبيط عملية تكوين الأوعية الدموية المغذية للسرطان ومن ثم يقطع عنها الإمداد اللازم مما يجعل نموها عملية صعبة. ولذلك يلجأ إليه الأطباء لمعالجة حالات سرطان القولون والمستقيم المنتشر، الامر الذي يؤدي إلى ضمور الورم وصغر حجمه، فتتم السيطرة عليه، ومن ثم زيادة أعمار المرضى.

وقد صادقت وكالة الغذاء والدواء الأميركيةFDA والسلطات الصحية في أوروبا على ادوية بعض الشركات المنتجة لهذه الأدوية مثل: روش، جلاكسو سميث كلاين، أسترا زينكا، وباير. وتعتبر مجموعة روش Roche، متضمنة الشركتين العضوين جينينتيك Genentech في الولايات المتّحدة وشوجايChugai في اليابان، المزود والمَصْدَرُ الرئيسي في العالم لمُنتَجاتِ العنايةِ بالسرطانِ، التي تشمل المعالجةِ ضدّ السّرطانِ treatment، مُنتَجات العنايةِ المساعدةِ supportive، ووسائل التشخيص diagnostics. وقد طور ُ قسم علمُ الأورام خمسة مُنتَجات لم يسبق لها مثيل، فقد أثبتتْ مقدرتها على تَزويد المرضى بفرص البقاء في مختلف الأورام الكبيرة وهي:

ـ أفاستين Avastin: لسرطان القولون والمستقيم.

ـ هيرسيبتين Herceptin: للمرحلةِ الأولية لسرطان الثدي الإيجابي.

ـ إكسيلودا Xeloda: للمرحلةِ المتقدّمِة من سرطان الثدي.

ـ مابثيرا MabThera: لورم الغدد اللمفاويةِ غير هودجكنز.

ـ تارسيفاTarceva: لسرطانِ البنكرياسِ.

ـ أفاستين وإكسيلوداAvastin & Xeloda : لسرطانِ القولون والمستقيمِ.

ـ أفاستين وتارسيفاAvastin & Tarceva : لسرطانِ الرئة ـ الخلية غير الصغيرة.

أما شركة جلاكسو سميث كلاين، فقد أنتجت الدواء لاباتينيب (Lapatinib) وهو عبارة عن جزيئة صغيرة يتم تناوله عن طريق الفم، ووظيفته أن يمْنع مكوّناتَ الانزيم tyrosine kinase مِنْ مستقبلات المادتينErbB1 and ErbB2. إن تَحْفيز وتنبيه المادتين ErbB 1 وErbB 2 مرتَبط بتكاثر وانتشار الخليةِ وبعمليات متعددةِ تشارك في تقدم الورم وهجومه وانتشارهmetastasis . وقد سبق أن سُجل نشاط زائد لهذه المستقبلات في تشكيلة من الأورام البشرية وكانت مرتبطة بنهاية سيّئِة وانخفاض في فرصة البقاء والحياة. وقد تم تطوير الدواء لاباتينيب Lapatinib كعلاج لسرطان الثدي والأورامِ الصلبةِ الأخرى.

شركة أسترا زينكا Astra Zeneca أنتجت الدواء فانديتانيب Vandetanib وهو علاجُ موجَّهُ جديد في مرحلةِ التطوير، يَعملُ كعلاجِ عن طريق الفم لسرطانِ الرئةِ مع العلاج الكيميائي فيمَنْع كلا من العاملين VEGFR and EGFR وهما مثبطان للانزيم Tyrosine Kinase. يعمل هذا الدواء على إيقاف انتشار الورم وعملية تكوين الأوعية في نفس الوقت.

شركة باير Bayer انتجت الدواء سورافينيب Sorafenib وهو أيضاً علاج موجه جديد آخر يمنع بعض الإشارات من المرور داخل الخلية. وقد تم المصادقة عليه اخيرا لعلاج سرطانِ الكليةِ باستعماله مرتين في اليوم.

بالإضافة إلى الأدوية المضادة للسرطانِ، فإن حقيبة علمِ الأورام بشركة روش تتضمن مجموعة شاملة مِنْ الأدوية التي يمكن أَنْ تُساعدَ على تَحسين نوعيةِ حياةِ مرضى السرطان، ومنها:

بوندرونات Bondronat : لمنع الإصابات الهيكلية في مرضى سرطان الثدي والذي ينتشر إلى الجهاز العظمي، وارتفاع كالسيوم الدم بعد الإصابة بالمرض الخبيث.

كيتريل:Kytril لعلاج الغثيان والقيء الناتجين من العلاج الكيميائي والإشعاعي.

نيوبوجينNeupogen : لعلاج حالات نقص كريات الدم المتعادلة neutropenia.

نيوريكورمون NeoRecormon : لعلاج فقر الدم الناتج من السرطانِات المختلفة.

سيرا:CERA هو أحدث علاج لحالات الأنيميا أو فقرِ الدم المتعلق بالأورام.

فيرتولون: Furtulo للسرطان القولوني المستقيمي.

روفيرون ـ أ: Roferon-A للخليةِ المُشْعِرة وسرطان الدم المزمن لوكيميا، والورم اللحمي Kaposi، وورم ملاني الخبيث، وسرطان الخلية الكلوية.