بين الخطا والصواب

TT

* الكشف المبكر يقي من مضاعفات الأمراض

* البعض يخاف من اكتشاف أي مرض في جسمه ليعيش في وهم الصحة والسعادة، وبالتالي فهو يرفض إجراء الفحوص، ليس فقط الروتينية منها، بل أيضاً التي يطلبها الطبيب المعالج. وهذا يعتبر أكبر خطأ يرتكبه الإنسان في حق نفسه، ناسياً أنه كلما اكتُشف المرض مبكرا كلما كان العلاج أسهل، وأن التحكم في المرض المزمن مثل داء السكري مثلاً يجنب المريض الكثير من المضاعفات الخطيرة.

هناك الكثيرون ممن يحملون أمراضاً كامنة في أجسامهم وهم لا يعلمون عنها شيئاً، وقد تكون في المرحلة الأولى من الإصابة ولم تبدأ الأعراض المرضية بالظهور بعد. وقد يكتشفون المرض بعد ظهور أحد أعراضه، والأخطر من ذلك اكتشافه بعد ظهور إحدى علامات مضاعفاته.

بالنسبة لداء السكري مثلاً، قد يكتشف بظهور مشاكل أخرى كالقروح والدمامل والالتهابات المختلفة أو أن يُلاحظ الشخص مترنحاً وتُظن به الظنون إلى أن ينقل إلى أقرب مستشفى لتوضح حالته بأنه في الحقيقة يعاني من هبوط أو خفقان في ضربات القلب مع صداع وعدم وضوح الرؤية، وهو في طريق الدخول في غيبوبة بسبب ارتفاع أو هبوط سكر الدم، ويحتاج إلى إسعاف عاجل. وطالما أن حالته لم تشخص بعد ولم يبدأ العلاج الفعلي للمرض فيكون عرضة لتفاقم المرض وتدهور حالته الصحية.

المشكلة تكمن في أن الكثير من الأعراض المرضية لا تكون واضحة في بداية الإصابة بالمرض، ونسبة كبيرة من الأشخاص لا يعلمون أنهم مصابون بالمرض. ويظل الحل الأمثل للوقاية من خطر مضاعفات الأمراض الكشف المبكر عنها وذلك بإجراء الفحص الدوري العام، خاصة إذا كان الشخص من أسرة أصيب أكثر من فرد واحد من أفرادها بمرض معين مثل مرض السكر وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأورام السرطانية.

* «العين الكسولة» تحتاج للعلاج مبكراً

* من الأخطاء الشديدة التي قد يقع فيها الوالدان هي عدم الاهتمام بفحص عيني الطفل المولود في حالة ملاحظة ضعف بهما من حيث عدم متابعة النظر إليهما مثلاً، ونفس الخطأ يشترك فيه طبيب الأطفال الذي يتابع الكشف على مثل هذا الطفل بدون أن تكون لديه الملاحظة الدقيقة والفراسة لاكتشاف ما يعاني منه هذا الطفل.

إنها «العين الكسولة» Amblyopia، ضعف البصر، وهي حالة مرضية تتصف بضعف الرؤية، ونموذجياً تكون في عين واحدة فقط.

تحدث العين الكسولة لأسباب غير معروفة وليست واضحة، ويكون فيها الدماغ غير قادر على ترجمة الصور التي تلتقطها وتتلقاها هذه العين المتأثرة أو المصابة.

هذه الحالة المرضية لا يمكن تصحيحها عادة بالنظارات الطبية أو العدسات اللاصقة.

إن جمعية أطباء العيون والمتخصصون في مقاسات العين يؤكدون على أن فحص العين بالنسبة للأطفال المواليد هو أمر في غاية الأهمية، ويجب أن يتم روتينياً. فإذا ما تم اكتشاف حالة العين الكسولة مبكراً، فإن فرصة العلاج تكون أكبر عادة. بينما المعالجة لاحقاً بعد عمر 17 سنة مثلا لا تكون فعالة في أغلب الأحيان.

النظارات الطبية لتصحيح عيوب البصر، قطرات العين، رقع العينِ، والعلاج بأنواعه قد يشجع ويساعد في انتقال الرؤية الصحيحة من العين المتأثرة إلى الدماغ إذا تم تطبيقه في وقت مبكر من العمر.

ويظل الكشف المبكر عن حالات العين الكسولة ثم تصحيحها قبل عمر السنتين هو الحل الأمثل الذي يمنح هذه العين فرصة أفضل للعلاج.

* زراعة القوقعة مبكراً تمنح مهارة نطقية أفضل

* من الخطأ أن يترك الطفل المولود أصم بدون مساعدة من قبل الأطباء والفنيين المتخصصين في مساعدته على اكتساب مهارة النطق التي فقدها بسبب الصمم.

إن الأطفال الصم الذين تزرع لهم قوقعة سمعية مبكرا، تكون قدراتهم على النطق والكلام جيدة عندما يبلغون عمر الثلاث سنوات ونصف، وهذا ما أكدته دراسة أمريكية حديثة.

القوقعة السمعية هي أداة سمع تزرع للأصم وتكون حساسة للصوت وترسل إشارات كهربائية إلى الأذن الداخلية لتحفز العصب السمعي في الأذن الداخلية.

الباحثون من كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس ومن الكلية الطبية بجامعة تكساس في دالاس اختبروا مهارات اللغة المنطوقة لـ 76 طفلاً، وجميعهم من عمر 42 شهراً، وتمت لهم زراعة قوقعة سمعية.

تم مقارنة نتائج اختبارات اللغة المنطوقة بطول المدة التي زرعت فيها القوقعة لكل طفل. فوجدت الدراسة علاقة بين طول مدة زراعة القوقعة وعدد المفردات الغنية، والجمل الأكثر تعقيدا وطولا، والاستعمال المتكرر للكلمات الشاذة.

الأطفال الذين لديهم قدر بسيط من السمع استفادوا من سماعات الأذن، لكن القوقعة المزروعة أعطت فائدة سمعية أكبر عن سماعات الأذن. والقوقعة استطاعت تزويدهم بمعلومات أكثر صحة.

وعلى سبيل المثال، الأصوات ذات الترددات العالية تم تكبيرها أكثر بالقوقعة المزروعة، لذا تمكن الأطفال من سماع الأصوات ونهايات الكلمات بشكل أفضل، وأصبحوا يميلون لالتقاط ألفاظ الجمع والأفعالِ أسرع من غيرهم. وفي هذه الدراسة، وجد أن العديد من الأطفال الذين أجريت لهم عمليات زراعة قوقعة في أعمار أصغر كان عندهم تقريبا نفس مهارات اللغة المنطوقة كالأطفال الطبيعيين سمعيا.

وقد نشرت نتائج هذه الدراسة في عدد يونيو (حزيران) 2006 من مجلة الأذن والسمع.