تساؤلات طبية حول مشاكل عقار «أكيوتان» الشهير لعلاج حب الشباب

دراسات حديثة تشير إلى رفعه مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية بنسب عالية

TT

لا يزال عقار «أكيوتان» لمعالجة حب الشباب يُثير من آن لآخر مناقشات علمية بين الأطباء، خاصة حول آثاره الجانبية، ففي عدد أغسطس من مجلة أرشيفات طب الجلدية الأميركية، ذكر الباحثون من سان فرانسيسكو أن مضاعفات عقار أكيوتان على اضطرابات نسب الدهون الثلاثية والكوليسترول في الدم لدى مستخدميه هي أعلى بكثير مما كان يُظن في السابق. وفي الشهر الماضي راجع الباحثون من نيوهمبشير، في دراسة نُشرت في المجلة الأميركية لأمراض الجهاز الهضمي، التأثير المحتمل لتناول عقار أكيوتان على اضطرابات الجهاز الهضمي، خاصة متلازمة القولون العصبي. ووجدوا أن ثمة علاقة لكنها غير واسعة كما يبدو. وهاتان الدراستان تستحقان المراجعة والفهم نظراً لأن العقار هذا يُمثل الدواء المستخدم لدى 80% من المصابين بحب الشباب.

* الكوليسترول والدهون

* ولدى الذين كانت المعدلات طبيعية لديهم قبل بدء تناول العقار هذا، يقول الباحثون من جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو ان 31% ممن يتناولون أكيوتان يُصابون بارتفاع في معدلات كوليسترول الدم، وان 44% منهم يظهر لديهم ارتفاع في نسبة الدهون الثلاثية.

وبرغم أن هذه الآثار الجانبية معروفة للأطباء من قبل، إلا أن النسب العالية للإصابة بها لم تكن في الحسبان، كما لم تُشر إليها الشركة المنتجة في النشرات المُرفقة بعبوات الدواء هذا. وكمراقب غير مشارك في إعداد الدراسة، يعلق الدكتور ستيفن ستون، رئيس الأكاديمية الأميركية لطب الجلدية والبروفيسور في كلية الطب بجامعة جنوب إلينويز في مدينة سبرينغ فيلد، بالقول إن الأثر الجانبي لهذا العقار على الدهون معروف لنا منذ مدة طويلة، ولذا فإننا نتابع نسب الدهون لدى المرضى الذين يتناولونه من حين أن ظهر العقار في الأسواق. لكن الشيء المختلف في هذه الدراسة هو أن عدد المرضى الذين تظهر لديهم ارتفاعات في الدهون الثلاثية وفي الكوليسترول هو أعلى مما تذكره النشرات المُرفقة بالدواء.

وأضاف الباحثون في نتائجهم، أن 10% من مستخدمي العقار هذا ترتفع لديهم معدلات أنزيمات خاصة في الكبد. ومع هذا كله يقول الدكتور ليي زاني، الباحث الرئيس في الدراسة: إنه يجب عدم التجاوز في عرض هذه النتائج. وهو ما يعلله بالقول إن ظهور اضطرابات في التحاليل لا يعني أنها مؤشر على نتائج سيئة للاستخدام، فهي على حد وصفه مجرد نتائج تحاليل لا إصابة بالنوبة القلبية! وأضاف بأن العقار هو أكثر الأدوية المتوفرة إيجابية في التأثير على الحالات الشديدة من حب الشباب، ولذا يُمكن أن يكون دواءً يُغير نوعية حياة البعض من الناس، فنحن لا يُمكننا إغفال أن عقار أكيوتان هو أهم اكتشاف في معالجة الأمراض الجلدية خلال الثلاثين سنة الماضية.

وهو كلام يبدو واقعياً، إذْ صحيح أن أكيوتان المحتوي على مادة أيزوتريتينون هو أكثر الأدوية المتوفرة في الأسواق كفاءة في معالجة حب الشباب، إذْ ينجح في أكثر من 89% من الحالات، لكن هذا لا يُعفي من ذكر أن ثمة محاذير من تناوله أو الإسراف في وصفه من قبل الأطباء، والأهم أن هناك استهانة بذكر الآثار الجانبية له. وحول تأثيراته على الدهون الثلاثية والكوليسترول، فإن من غير المنطقي أن تشير النشرات المُرفقة بالدواء إلى أن ربع المستخدمين سترتفع لديهم الدهون الثلاثية في الدم وأن 15% سترتفع لديهم أنزيمات الكبد. حتى لو كانت دراسات قديمة قالت لنا في السابق إن النسب هذه صحيحة. ويكفي أن النتائج هذه مبنية على دراسات شملت عدداً قليلاً من المرضى.

* آثار جانبية

* أما دراسة باحثي جامعة كاليفورنيا هذه فشملت حوالي 14 ألف شخص، تتراوح أعمارهم ما بين 13 إلى 50 سنة، ممن تناولوا العقار هذا في ما بين عام 1995 وعام 2002.

وعدد من تصيبهم اضطرابات في الدهون والكوليسترول وأنزيمات الكبد هو كبير إلى حد لافت للنظر، وفوق ما كان متصوراً. ولا يُخفف منه أن الغالبية من المتناولين والمتضررة لديهم هذه الجوانب الثلاثة لن يُعانوا من الأمر بدعوى أن نسب المؤشرات الثلاثة ستعود إلى معدلاتها الطبيعية عند وقف الدواء. وذلك لسببين، الأول أن الارتفاع وإن كان لا يعني أن الإصابة بأمراض القلب تحققت، لكنه أيضاً يعني أنها في سبيل التكون والتشكل طالما ظلت نسب الدهون الثلاثية والكوليسترول عالية في الدم. والثاني أن النتائج لا تشير إلى عودة النسب إلى سابق عهدها الطبيعي بمجرد وقف تناول العقار. والدراسة تشير إلى أن 92% ممن لديهم ارتفاع في أنزيمات الكبد ستعود النسبة لديهم إلى سابق عهدها، وكذلك 80% ممن ارتفعت الدهون الثلاثية لديهم، و79% ممن ارتفع الكوليسترول لديهم. أي أننا نتحدث عن 21% سيظل لهم ارتفاع في الكوليسترول، و20% سيظل لديهم ارتفاع في الدهون الثلاثية، و8% ستستمر لديهم حالة اضطراب أنزيمات الكبد، فهل من المعقول أن يُقال عنها بأنها تأثيرات تزول بمجرد التوقف عن التناول! والواقعية في التعامل مع نتائج هذه الدراسة تفرض أن يُعاد النظر في مبررات وصف العقار لمعالجة حالات حبوب الشباب وكذلك في الكيفية التي تتم بها متابعة المرضى عند بدئهم واستمرارهم في تناوله. بمعنى آخر أن يُنظر بجدية أكثر إلى تناول هذا العقار. وأبسط الأمور هو تنبه المتناولين لهذا العقار إلى هذه النتائج، فالمتابعة يجب أن تكون أكثر دقة في تحاليل الدم لهذه العناصر الثلاثة. وحين وجود أي اضطرابات فيها فلا يكفي مجرد التوقف عن تناول العقار، بل استمرار المتابعة مدة أطول للتأكد من عودة الأمور إلى حالاتها الطبيعية. كما أن من الواجب أن يكون مجرد وجود اضطرابات في الدهون الثلاثية أو الكوليسترول سبباً في مراجعة الحاجة لوصف عقار أكيوتان للمصابين بحبوب الشباب. وكذلك الاهتمام بوصف أدوية خفض الكوليسترول حين ظهور اضطرابات في الكوليسترول، خاصة عند اتخاذ قرار طبي بضرورة الاستمرار بمعالجة حبوب الشباب بهذا العقار، مثل الحالات الشديدة منه التي لا تُفلح في الغالب الأدوية الأخرى في معالجتها. والأهم أن لا تظل موانع تناوله منحصرة ضمن ما تذكره وكالة الغذاء والدواء الأميركية، وهي الحمل أو الإرضاع ومن لديهم حساسية منه، بل ربما يجب البحث في مناسبة تناوله للمصابين بمرض السكري واضطرابات الكوليسترول والدهون ومن لديهم أمراض شرايين القلب وغيرها من الحالات التي قد يتفاقم سوؤها بارتفاع الدهون الثلاثية والكوليسترول، وذلك بشكل أكثر من الأهمية التي يُعطى لها اليوم. وربما أيضاً لدى من هم مصابون بالتهابات الكبد الفيروسية وغير الفيروسية. وغيرها من مظاهر الاهتمام بهذه الجوانب المؤثرة على الصحة بشكل أكبر بكثير من مجرد حبوب الشباب.

* أكيوتان علاج فعال لحب الشباب > يُوصف العقار هذا لمعالجة الحالات المستعصية من حبوب الشباب، التي لا تُفلح الأدوية الأخرى والكريمات في معالجتها. وهو يعمل على إبطاء تكوين الجسم لعناصر عدة، تُسهم في حال توفرها، على تكوين حبوب الشباب. وهو العقار الأفضل حتى اليوم في معالجة مثل هذه الحالات.

ويتوفر العقار كحبوب تُتناول عبر الفم، تُؤخذ مرتين يومياً مع وجبات الطعام. وتنصح الهيئات الطبية بأخذ الكمية التي يصفها الطبيب دون زيادة أو نقصان. وينظم الطبيب كمية الجرعة حسب ضوابط عدة أهمها استجابة حبوب الشباب للمعالجة. والملاحظ لدى البعض أن حبوب الشباب قد يسوء حالها عند البدء باستخدام هذا العقار، ولا يدل ذلك البتة على أن العقار غير مناسب أو انه لا يؤدي عمله.

ومن الضروري ملاحظة عدة آثار جانبية محتملة لتناوله تتطلب مراجعة جملة من الأمور مع الطبيب المعالج واتباع تعليمات التناول والفحوصات التي يطلبها أثناء تلك المرحلة. وكانت وكالة الغذاء والدواء الأميركية قد بدأت بوضع ضوابط أكثر حزماً تم تطبيقها بدءا من مارس الماضي لمراقبة وصف أكيوتان للنساء في سن الحمل بغية التأكد من خلوهن منه. ونبهت في يوليو 2005 على ضرورة ملاحظة أي آثار جانبية نفسية تنجم عن تناوله، والتي لو ظهرت فلن يكون كافياً وقف تناوله، بل تنصح الوكالة باستمرار المتابعة لأي تطورات أو انحسار في تلك الأعراض النفسية خاصة ما يتعلق بحدة المزاج والتوتر والمرتبطة كما تقول الوكالة بحالات الانتحار أو محاولة الانتحار.

* توجيهات ومحاذير لاستخدام النساء لعقار أكيوتان > تنبه وكالة الغذاء والدواء الأميركية عموم النساء الى اتخاذ احتياطات لدى تناول أكيوتان، اذ قد يتطلب ذلك استخدام نوعين من وسائل منع الحمل، وأن يتم تناول عقار أكيوتان وفق برنامج «آي بليدج»IPLEDGE بدءا من مارس الماضي. والحذر الذي تُبديه الوكالة مبني على احتمالات تأثر الجنين حال الحمل أثناء تناول العقار هذا. وتصل إلى حد النُصح باستخدام وسيلتين لمنع الحمل بدءا من شهر قبل تناوله وأثناء تناوله والاستمرار لمدة شهر بعد التوقف عن تناوله. كما وتُؤكد على ضرورة أن يُجرى تحليلان للحمل قبل البدء بتناوله وتكون نتائجهما سلبية. وكذلك إعادة تحليل الحمل لدى إعادة وصف كمية من هذا الدواء. بل وتصل إلى حد المنع من التبرع بالدم أثناء مدة تناوله وكذلك شهر بعد قطع ذلك كي لا تكون هناك فرصة أن يُعطى الدم المحتوي على العقار لحامل أو من ربما تحمل. وأن لا يصف الأطباء كمية من العقار هذا لأكثر من شهر، وإعادة وصفه بعدها. وبالطبع فإنها تُحذر من الحصول عليه عبر الشراء من خلال الإنترنت.

والسبب في كل هذا قول الوكالة بأن هناك خطورة عالية، على حد وصفها، لتعرض الجنين لعيوب خلقية تطال الدماغ والعينين والأذنين والوجه لدى الجنين. حتى لو تم تناول كميات قليلة منه. وحتى لو لم تظهر عيوب خلقية فإن الجنين معرض للإصابة باختلال عقلي وذهني، بالإضافة إلى احتمالات الاجهاض والولادة المبكرة جداً.