ما لا تعرفه عن ضغط الدم العالي

10 خطوات ضرورية لمعالجته لئلا يتسبب في مشاكل مرضية أخرى

TT

* لقد مضى أكثر من قرن على قيام جراح روسي بوصف الاسلوب البسيط والدقيق لقياس ضغط الدم والذي ما زال مستخدما حتى اليوم· غير اننا تعلمنا الكثير منذ ذلك الحين وتعرفنا على التأثيرات الكبيرة التي يخلفها ضغط الدم العالي وكيفية قيامه بتحطيم الجسم البشري· لكن الامر الذي لم نستطع أن نفعله هو إقناع الجمهور وعدد كبير من الاطباء في أخذ ضغط الدم العالي بمحمل الجد، إذ إن نحو ثلثي الـ 65 مليون اميركي من البالغين يعانون منه اليوم، ولا يقومون بالسيطرة عليه· وهذه مشكلة كبيرة لأنه السبب الرئيسي للنوبات والسكتات القلبية وفشل القلب والكليتين والوفاة المبكرة· وفي هذا المقال نلقي نظرة على اخر النظريات والافكار حول هذا الموضوع ونقدم 10 خطوات للسيطرة على ضغط الدم·

* أساسيات ضغط الدم

* ضغط الدم هو أمر أساسي لدوران الدم، ومن دونه لا يستطيع الدم الانتقال من القلب الى الدماغ وأصابع الرجلين رجوعا اليه، فالقلب يؤمن القوة الدافعة لأنه مع كل عملية انقباض للبطين الايسر الذي هو حجرة الضخ الرئيسية للقلب، تتولد موجة من الضغط التي تمر عبر الاورطة وجميع الشرايين في الجسم· والشرايين المرتاحة والمرنة تشرع في إبداء مقاومة صحية ضئيلة لكل نبضة من نبضات القلب التي تدفع الدم· أما الشرايين المتوترة الضيقة المتقلصة، أو المتصلبة، فتبدي مقاومة أكثر، التي تظهر على شكل ضغط دم عال، كما تجعل القلب ينبض ويعمل بمشقة أكثر· وضغط الدم العالي ليس مرضا بل علامة على أن أمرا ما غير صحيح موجود في القلب، أو في شرايين الدم، أو الكليتين، أو في عضو آخر· وفي بعض الاحيان ينتج ضغط الدم من زيادة إنتاج الهورمونات من الغدة الدرقية، أو الغدة الكظرية· وقد ينتج أيضا من استخدام الادوية التي تصرف بوصفات طبية، أو من دونها، مثل الاسبرين والأيبوبروفين والسيديوفيدرين وبعض عقاقير معالجة الاكتئاب والستيريودات وغيرها· وفي أغلب الحالات لا يمكن إرجاع ضغط الدم العالي الى سبب معين· ويستخدم الاطباء عبارةhypertention لوصف هذه الحالة، وهي أقل وصفية من عبارة «ضغط الدم العالي» التي سنستخدمها هنا·

* تغير القياسات المعلوم أن ضغط الدم العالي يتغير باستمرار، فهو يتجاوب فورا مع ما تفعله، أو تفكر وتشعر به· وهو يتابع الدورة اليومية للشخص بحيث يكون في أقل معدلاته قبل الاستيقاظ في الصباح ليرتفع الى أقصاه في منتصف اليوم· وقراءاته التي تسجل في عيادة الأطباء هي مجرد تسجيل سريع خاطف لا يتميز بالدقة· كما أن الكثير من الاطباء والممرضات والطواقم الطبية لا يحصلون على قراءات صحيحة لكونهم لا يتبعون الاجراءات الصحيحة لقياس الضغط· والاكثر من ذلك فإن بعض الاشخاص يسجلون قراءات أعلى في عيادات الاطباء من منازلهم، وهو تباين يعرف بـ «الرهبة» أو «الخشية من ثوب الطبيب الابيض»· إن الكشف على ضغط الدم العالي في المنزل يقدم لك ولطبيبك معا فكرة أكثر دقة عن حالتك· وبغض النظر عن المكان الذي يجري فيه قياس ضغط الدم لا بد من اتباع هذه الخطوات:

* تجنب التدخين والكفايين قبل قياس ضغط الدم بنصف ساعة·

* اجلس هادئا لمدة خمس دقائق قبل إجراء القياس·

* خلال إجراء القياس، اجلس على كرسي مع وضع قدميك على الارض شرط أن تكون ذراعك مسنودة وكوعك على مستوى قلبك·

* الجزء المنفوخ الذي يطوق الذراع يجب وضعه على الجلد العاري وليس فوق القميص وبحيث يطوق نحو 80 في المائة من الذراع·

* قم بقياس ضغط الدم مرتين مع فاصل زمني قصير بين الاثنتين· وقياس ضغط الدم يولد قراءتين، كما هو الحال في القياس 128/78 الذي نأخذه كمثال· وكل رقم يمثل قياسا ملمتريا زئبقياmm Hg ، لأن جهاز القياس العادي التقليدي يستخدم أنبوبا زجاجيا، مليئا بالزئبق· والرقم الاعلى هو الضغط الانقباضي، والاسفل هو الضغط الانبساطي أو التمددي· ويعكس الضغط الانقباضي كمية الضغط الذي يولده القلب في حالة الانقباض، أي في حالة الضخ· وهذا يظهر الجهد الذي يبذله القلب لدفع الدم عبر الشرايين· أما الضغط الانبساطي فهو الضغط في حالة الانبساط عندما يعود القلب الى الامتلاء بالدم بين نبضة وأخرى· وهو يعكس مدى تمدد الشرايين في كل مرة· وثمة أساليب بديلة لقياس حالة القلب والاوعية الدموية التي شرع الاهتمام بها، وإحداها ضغط النبضة التي يجري حسابها عن طريق طرح قراءة الضغط الانبساطي من الضغط الانقباضي· وكلما كان الفرق كبيرا كلما كانت الشرايين اكثر تصلبا· ويجري أيضا استخدام أجهزة تقيس الوقت اللازم الذي تستغرقه موجة النبضة لتقطع شبكة الشرايين، أو تلك التي تحلل شكل موجات ضغط الدم وذبذبتها للحكم على تصلب الشرايين· وهناك اسلوب آخر وهو «تخطيط المعاوقة» الذي يتعقب أثر الاشارات الكهربائية، وما يحصل لها، التي ترسل عبر الصدر والاوعية الدموية· وهذا من شأنه تقدير قدرة القلب على تسليم الدم الى الجسم، والقوة التي ينبغي على القلب أن يضخ عبرها، وكمية السوائل الموجودة في الصدر·

* الوضع الطبيعي

* التحديد بين ضغط الدم الطبيعي والعالي تطور عبر السنوات، ففي السبعينات لم يكن القلق يساور الاطباء إلا عندما كان ضغط الدم الانقباضي يتجاوز الـ 160 والضغط الانبساطي 95· ولكن منذ ذلك الحين شرع الفرق بين ما هو عادي وصحي، وما هو عال في الهبوط والانخفاض بشكل ثابت· واخر التوجيهات القومية التي شرع الاطباء في اعتمادها لتشخيص ضغط الدم العالي ومعالجته حددت أربع فئات: عادي (تحت 120/80)، وشبه ضغط دم عال (الانقباضي 120 ـ 139، أو انبساطي 80 ـ Blood Pressure ، والطور الاول من ضغط الدم العالي انقباضي 140ـ 159، أو انبساطي 90 ـ 99)، والطور الثاني من الضغط العالي (انقباضي 160 أو أكثر، وانبساطي 100 أو أعلى)· وكل فئة من فئات ضغط الدم هذه تأتي مع توصيات حول ماذا ينبغي فعله لزيادة السيطرة على الوضع بدءا بتغييرات حول أسلوب الحياة وانتهاء بالادوية والعقاقير والعلاجات الاخرى· وتعتقد الجمعية الاميركية لضغط الدم العاليASH أن هناك الكثير في ما يتعلق بالتشخيص من مجرد قراءة أرقام الضغط· من هنا فقد اقترحت هيئة من خبراء ASH أن الاشارات التحذيرية الاولى عن وجود مشاكل في القلب والأوعية الدموية والكليتين أو أي عضو آخر من الأعضاء المستهدفة، أو حصول إشارات عن وجود تلف، أو عطب فيها، ينبغي الاهتمام بذلك كالاهتمام بضغط الدم ذاته· ومثل هذا المسعى منطقي جدا لان من التضليل القول إن الشخص الذي يبلغ ضغط دمه 119/79 هو أفضل صحيا من الشخص الذي يبلغ ضغط دمه 121/81 وأن الاخير يعاني من ضغط الدم العالي· لذلك لا بد من النظر الى المخاطر الاجمالية بدلا من الاعتماد على عامل واحد، أو رقم واحد هو ضغط الدم الذي يعني المزيد من العمل بالنسبة الى الاطباء· غير أن ذلك يؤدي الى جهود أكثر جدية لتمييز الاشخاص الذين يحتاجون الى العناية القصوى ومعالجتهم مثل أولئك الذين يعانون من السكري وأمراض الكلى وإشارات التلف الاخرى التي لها علاقة بضغط الدم العالي·

* أدوية متنوعة

* وتتوفر هناك عشرات من الادوية لتخفيض ضغط الدم وتأتي جميعها بأنظمة مختلفة من (حبة يومية الى عدة حبات) واسعار متفاوتة، ولها تأثيرات مختلفة، حيث تتفاعل الادوية الاخرى مع تأثيرات جانبية· والجدل الكبير في الطب اليوم هو أي هي العقاقير هي الافضل لمعالجة ضغط الدم العالي· والتوجيهات الحالية للعام الحالي تقول ان الخيار الاول هو الدواء المدر للبول· لكن بعض الخبراء يقولون ان مثبطات «أيه سي إي» ACE، أو حاصرات قناة الكالسيوم هي الافضل للشروع في العلاج· وفي الواقع أن ما هو مفيد لك ليس بالضرورة مفيداً لشخص آخر· وأغلبية الناس تحتاج أكثر من دواء واحد للسيطرة على ضغط الدم، وأحدها قد يكون المدر للبول· إن ضغط الدم العالي شأنه شأن أي شيء آخر في الطب هو حالة شخصية جدا· ومنعه من التسبب في أي أذى يتطلب تقييما فرديا دقيقا من قبل طبيبك، مع التزام عميق من جهتك· * خدمة هارفارد الطبية ـ الحقوق: 2005 بريزيدانت آند فيلوز ـ كلية هارفارد

* عشر خطوات فعّالة الخطوات العشر للوصول الى ضغط دم أفضل: ضغط الدم ليس بالامر الذي يمكن علاجه فهو مثل الحماة التي تقرر السكن معك الى الابد، مما يعني ضرورة التأقلم على العيش معها· وتقدم الادوية والعقاقير علاجا سهلا، لكن أغلبيتها تسبب تأثيرات جانبية غير مستحبة· لكن إجراء تغييرات صحية في نمط الحياة هو الاصعب، لكن ينتج عنها بعض الفوائد التي تتعدى السيطرة على ضغط الدم· لذلك كان من المفضل الشروع بذلك وإضافة العقاقير فقط عند الضرورة· وهنا الخطوات العشر التي قد تساعد في تخفيض ضغط الدم وإبقائه تحت السيطرة· ـ اكشف على ضغط الدم فأنت لاتستطيع فعل أي شيء إزاءه ما لم تعرف مقداره· وعلى الطبيب المعالج أن يكشف عليه في كل زيارة له، إلا أن الكشف عليه في البيت هو الافضل، وهناك العديد من أجهزة قياس الضغط الرخيصة الثمن المتوفرة في الصيدليات· ـ الحركة، فالتمارين المنتظمة حتى البسيطة منها كالمشي السريع من شأنها تحسين مرونة الاوعية الدموية ووظيفة القلب· وهي قادرة على تخفيض ضغط الدم بنحو 10 نقاط ومنع حصول ضغط الدم، أو حتى تخفيض حجم عقاقير الضغط التي تتعاطاها· ـ الطعام الصحي الصحيح، فقد اظهرت دراسة مهمة دعيت «الوسائل الغذائية لمنع ضغط الدم» DASH أن بالامكان الوصول الى ضغط دم أفضل عن طريق الطعام· وتؤكد الوجبات الموصى بها من قبل DASH على أهمية الفواكه والخضار ومنتجات الألبان المنخفضة الدسم والحبوب الكاملة والدجاج والسمك والمكسرات، مع إهمال اللحوم الحمراء والحلويات والمرطبات الغنية بالسكر والأغذية الغنية بالدهونات المشبعة والكوليسترول، بقدر الامكان· ـ تحكم بوزنك، فإذا كنت تحمل الكثير من الكيلوغرامات فإن تخسيسها يساعد على تخفيض ضغط الدم· ولست بحاجة الى أن تصبح ضعيفا كالعود، إلا أن فقدان 10 في المائة من وزنك الحالي، أو حتى خمسة كيلوغرامات من شأنه أن يصنع الفرق الكبير· ـ لاتدخن فالنيكوتين يضيق الاوعية الدموية الصغيرة ويعرقل عملها· وتدخين سيجارة واحدة قد يسبب ضررا مقداره 20 نقطة في ضغط الدم الانقباضي· ومما لاشك فيه أن التوقف عن التدخين هو عملية صعبة، ولكن هناك اليوم أموراً تساعد على ذلك· ـ ابتعد عن تناول المشروبات الكحولية، فكأس واحدة يوميا للنساء وواحدة، أو اثنتان للرجال هما مفيدان للقلب وللاوعية الدموية شرط عدم الزيادة على ذلك لان ذلك قد يساهم بضغط الدم العالي· ـ تأكد من كمية ملح الطعام الذي تتناوله لان الكثير من الصوديوم والقليل من البوتاسيوم يزيدان ضغط الدم لدى الاشخاص الحساسين من الملح· وعدم التوازن هذا هو من الضخامة في الولايات المتحدة بحيث ان «الجمعية الطبية الاميركية» شرعت تطلب من معدّي الطعام والوجبات الغذائية والمطاعم تخفيض محتوى الصوديوم في الطعام بمقدار 50 في المائة مع حلول العام 2016· حاول أن تحدد كمية الصوديوم اليومية بنحو 1.5 غرام والبوتاسيوم بنحو 4.7 غرام· ـ النوم عامل مهم لان السهر ليلة بعد الاخرى قد يساهم في زيادة ضغط الدم من دون ذكر زيادة إمكانية الاصابة بأمراض القلب أو بأزمة قلبية· ولكن ما هي المدة الكافية للنوم؟ ست ساعات على الاقل ليلياً رغم أن ثماني ساعات هي المناسبة أكثر لأغلبية الناس· ـ خفف من عوامل التوتر لا سيما العقلية والعاطفية التي ترفع ضغط الدم، كما أن التأمل والتنفس العميق والنشاطات الاخرى قد تخفضه· ـ احرص على تناول أدويتك فتناولها لتخفيض ضغط الدم قد لا يجعلك تشعر بأي اختلاف، لكنها قد تبعد عنك النوبات والازمات القلبية والمشاكل الاخرى·