مسحة من بلسم مثير لتخفيف معاناة الرجل من ضعف الانتصاب

تحذيرات من بعض مستحضرات لتقوية القدرة الجنسية

TT

نشرت مجلة «علم المسالك البولية» الأميركية، في عددها الحالي، نتائج دراستين كبيرتين للتحقق من مدى فاعلية وأمان استخدام الرجال لأحد المستحضرات الطبية على هيئة كريم (بلسم) في رفع قدرات الانتصاب.

والنتائج التي وصفها العديد من المصادر الطبية بأنها مهمة، تميزت بأن الاستخدام الموضعي على القضيب لكريم ألبروستاديل Alprostadil cream، يُقلل بدرجة مهمة من ضعف الانتصاب لدى شريحة واسعة من المرضى المُصابين بتلك الحالة. كما أن تقبلهم لهذا الكريم كان بشكل عام جيدا، وأن أكثر ما ذُكر من آثاره الجانبية، هو شيء من الاحمرار أو الحرقة في مكان وضعه من جلد العضو الذكري.

وتأتي هذه النتائج بعد التحذيرات الأخيرة التي أطلقتها إدارة الغذاء والدواء الأميركية، في 12 يوليو (تموز) الماضي، حول أنواع شتى من مستحضرات تقوية الانتصاب والمتوفرة في الأسواق الأميركية وغيرها من مناطق العالم المختلفة.

ولا تزال معاناة نسبة مهمة من الرجال تستحوذ على اهتمام علمي ملحوظ بغية إيجاد حلول تُبعد شبح الكآبة والشعور بالحرمان لدى الرجل وشريكته، وتبعث بالتالي مزيداً من الحياة والدفء للعلاقة العاطفية في ما بينهما.

* بلسم مفيد

* وذكر كل من الباحثين في الدراسة، الدكتور هارين بادما ـ ناثان، من جامعة جنوب كاليفورنيا في بيفيرلي هلز، والدكتور جيمس ييغر، من ليك فورست بولاية إلينويز الأميركية، بأن استخدام حقن عقار ألبروستاديل كان يتم مباشرة في القضيب لمعالجة حالات ضعف الانتصاب، بيد أن الأمر لم يكن بلا إزعاج للمرضى وشعور بالألم في العضو الذكري. وفي الدراستين الجديدتين، تمت مقارنة استخدام الرجال لكريم مزيف باستخدامهم كريم ألبروستاديل. وشملت الدراستان أكثر من 1700 رجل ممن يُعانون من ضعف في الانتصاب لأسباب مختلفة كمرض السكري، أو من تم استئصال البروستاتا لديهم، أو من يتناولون أدوية النيترات التي تمنعهم من استخدام عقار الفياغرا، أو مَن فشلت الفياغرا في تحسين حالة الانتصاب لديهم. وكان متوسط عمر هؤلاء الرجال حوالي 60 سنة. بمعنى آخر أنها شملت مجموعة من حالات ضعف الانتصاب الصعبة العلاج أو متدنية الاستجابة للأدوية من فئة فياغرا وأخواتها.

وتم إعداد الكريم بتركيبة تسمح للمادة الفاعلة فيه بالتمكن من اختراق الجلد بسهولة، واستخدمه بشكل موضعي بالدهن على جلد العضو الذكري، وبقوة تركيز للمادة الفاعلة تتراوح ما بين 100 و300 ميكروغرام.

ووفق معيار خاص لتقويم وظيفة الانتصاب، فإن معدل الارتفاع والتحسن بلغ إلى حد 2.5 مما كان عليه الحال قبل استخدام كريم ألبروستاديل، بينما الارتفاع مع الكريم المزيف لم يتجاوز 0.7. كذلك تحسنت بشكل طفيف القدرة على اختراق المهبل والإبقاء على حالة الانتصاب فيه حتى القذف. وبالرغم من أن التحسن بشكل عام كان متوسطاً، إلا أن الباحثين لاحظوا أن 52% ممن استخدموا الكريم بقوة 300 ميكروغرام، أبدوا شعوراً بالتحسن، بينما فقط 20% أبدوا ذلك بين من استخدموا الكريم بقوة 100 ميكروغرام.

* تحذيرات متكررة

* وكانت إدارة الغذاء والدواء الأميركية، قد كررت تحذيراتها في 12 يوليو من مجموعة مستحضرات مُستخدمة من قِبل الرجال لتقوية قدرة الانتصاب لديهم. وذكرت سبعة أنواع مما يتم الإعلان عليه في مواقع شتى على الإنترنت، التي تُصنف من قِبل العارضين كإضافات غذائية وليس أدوية علاجية للخروج من تحمل مسؤولية قانونية أمام السلطات حيال الشكوى من فشلها في تحقيق المراد، أو حصول أية آثار جانبية جراء تناولها أو استخدامها. وشملت زيماكس Zimaxx، وليبيدس Libidus، ونيوفيز Neophase، وفيغروـ 25 Vigor-25، وأكترا ـ أر إكس Actra-Rx، وفور إيفيرون 4EVERON.

وأضافت الإدارة بأن المجموعة هذه لم تنل منها إجازة أمان وفاعلية استخدامها ولا نقاء محتوياتها، لذا فإنها نصحت عموم الناس بالتوقف عنها واستشارة الأطباء حول أفضل طريقة للتعامل العلاجي مع حالات ضعف الانتصاب.

وقال الدكتور ستيفن غالسون، مدير مركز إدارة الغذاء والدواء الأميركية لتقويم الأدوية والأبحاث، بأن المستحضرات هذه تهدد صحة الناس لأنها تحتوي على مواد كيميائية مجهولة ومواد كيميائية مشابهة أو مطابقة لأدوية سمحت باستخدامها الإدارة، لكن مما يجب أن يتم وفق وصفة طبية. ومن دون أن يُذكر ذلك، من قِبل المنتجين، على عبوات تلك المستحضرات أو أوراق التعريف المرفقة بها. والخطورة، على حد قوله، ترتفع حينما لا يعلم المستهلك أنها تحوي مواد تتعارض مع أدوية طبية يستخدمها ذلك الإنسان وقد تُؤدي إلى خفض شديد في ضغط الدم.

وأشارت الإدارة في نشرتها الإعلامية، إلى أن التحليل الكيميائي من قِبل مختبراتها أكدت مثلاً أن زيماكس يحتوي على عقار فياغرا، وغيرها احتوى على لفيترا، وكلاهما عقار لمعالجة ضعف الانتصاب يُوصفان تحت الإشراف الطبي.

وعلقت الإدارة بأن طريقة الخداع هذه تحمل في طياتها مخاطر قد يتعرض له المرضى ممن يتناولون أدوية النترات، الموصوفة لمرضى شرايين القلب من أجل توسيعها عند حصول الذبحة الصدرية أو مرضى ارتفاع ضغط الدم أو مرضى السكري، وهو ما يُؤدي إلى خفض شديد لضغط الدم بصورة قد تهدد الحياة.

وقالت عبارة غاية في الدقة لتصوير دواعي استخدام البعض لها، وهي أن الإصابة بضعف الانتصاب حالة شائعة لدى الرجال ممن يعانون من أمراض شرايين القلب أو السكري أو ارتفاع الكوليسترول أو ضغط الدم، وربما يلجأون إلى مثل هذه المستحضرات لأنها تُسوّق على أنها «مواد طبيعية» لا تحتوي على أية مواد يجب أن يتم تناولها تحت إشراف طبي، ليس كيفما اتفق.

* أداء جنسي

* وتمتاز حالات اضطرابات الأداء الجنسي لدى الرجال، ولدى النساء أيضاً، بنوع من الحساسية في طلب المعونة الطبية في معالجتها، أو التفهم والتعاون في التغلب عليها أو تقبلها من قِبل الشريك. والغالب أن المدة طويلة، وتُقاس بالسنوات، كما لاحظتها الدراسات في المجتمعات الغربية، من حين بدء الشعور بضعف الانتصاب أو غيرها من حالات اضطرابات الأداء الجنسي لدى الرجال، وبين اللجوء إلى الطبيب مباشرة طلباً للعلاج في العيادة. وتطول تلك المدة الزمنية بينهما لدى الرجال في المجتمعات المحافظة لأسباب عدة، ناهيك عن المدة الزمنية التي ربما لا نهاية لها لدى النساء بين شعورهن بأي من أنواع اضطرابات الأداء الجنسي وبين طلب المعونة الطبية.

وفي أثناء تلك المدة الطويلة، يلجأ الرجل إلى أنواع شتى من المستحضرات أو أنواع شتى من الطرق للتغلب على الحالة لديه، التي ربما تصل لدى البعض إلى حد استبدال الشريك أو الاستعانة بقوى غير طبيعية.

والمشكلة أبسط وأهون من كل هذا بكثير من ناحية الأسباب، وإلى حد كبير جداً من ناحية وسائل المعالجة. والأساس المنطقي للتفكير، هو أن المشاكل الطبية أو غيرها لا تُحل بطريقة كيفما اتفق، ومن أينما توفر، وبأي كُلفة كانت، طالما كانت مشاكل معروفة الأسباب وضمن حدود المعقول ولا تأثير لها يُهدد سلامة الحياة.

* أسباب شائعة

* وضعف الانتصاب اليوم منتشر أكثر مما كان في الماضي، ولا عجب من هذا، لأن أسباب ضعف الانتصاب أصبحت معروفة أكثر من السابق. وهي أسباب شائعة لدى الرجال أيضاً أكثر من السابق، هذا بالإضافة إلى أن البحوث والدراسات تناولتها في السنوات الماضية بشكل لم يسبق له مثيل من قبل. ووفق ما تقوله رابطة أمراض المسالك البولية الأميركية، فإن أهم أسباب الإصابة بحالات ضعف الانتصاب هي وجود أمراض مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري وارتفاع الكوليسترول وأمراض شرايين القلب. والعمليات المرضية في هذه المجموعة من الأمراض الشائعة اليوم تُؤدي إلى تلف في الأوعية الدموية داخل عضو الذكر، ما يعني قلة تدفق الدم من خلال الشرايين فيه، وأيضاً سرعة تسريب الدم من خلال أوردته. وأضافت بأن الاختيارات الحياتية تقرر مدى عرضة الإصابة بتلف الأوعية الدموية في أنسجة الانتصاب وظهور الضعف فيها، مثل التدخين وتناول الكحول والمخدرات لفترات طويلة، وقلة ممارسة الرياضة البدنية. هذا بالإضافة إلى أن تناول أدوية عدة يُؤثر بشكل متعارض مع الانتصاب. واستطردت قائلة بأنه لسنوات طويلة مضت كان يُعتقد بأن ضعف الانتصاب هو نتيجة لمشاكل نفسية، وذلك لأننا، كأطباء، أهملنا النظر إلى الآلية الطبيعية لحصول الانتصاب والأسباب الحقيقية للضعف فيه. لكننا نُدرك اليوم أن ثمة أسبابا عضوية، وليست مجرد نفسية، لدى أكثر الرجال الذين يعانون من ضعف الانتصاب.

* علاجات دوائية بمراحل لضعف الانتصاب

* ترى العديد من الهيئات الطبية العالمية أن الخط الأول لمعالجة حالات ضعف الانتصاب غير المعقدة هو استخدام الحبوب الدوائية من مجموعة مثبطات أنزيم ثنائي فسفودايإستر-5 phosphodiesterase-5 inhibitors (PDE-5)، مثل فياغرا وليفيترا وسياليس.

وهي حبوب يُمكن للرجل تناولها قبل بدء النشاط الجنسي، حيث تُؤدي إلى تقوية الانتصاب لدى 80% من الحالات، عبر آليات عدة محصلتها زيادة تدفق الدم واحتباسه في عضو الذكر. وهي أدوية آمنة إلى حد بعيد، وعلى وجه الخصوص مرضى القلب، إلا من يتناول منهم أدوية النايتريت الموسعة للشرايين أو من لديهم ضيق في بعض الصمامات أو ضعف شديد في عضلة القلب أو آلام مستمرة للذبحة الصدرية، حيث يجب أن يتم النظر في مدى تحملهم لها لدى طبيب القلب. ومن الملاحظ أن 40% ممن لا يستجيب لديهم ضعف الانتصاب بتناول أي من هذه الأدوية، يتحسن لديهم الوضع متى ما تلقوا التعليمات الصحيحة لكيفية تناولها.

ومن يثبت عدم استجابتهم لهذه الأدوية التي تُؤخذ عبر الفم، فإن مما أقرت جدواه وأمانه الهيئات الطبية والدوائية العالمية هو استخدام حقن عقار ألبروستاديل على أحد جانبي الذكر، أو وضعه كتحميلة يتم إدخالها في فتحة الإحليل للذكر، أي فتحة خروج البول. والتحميلة أضعف في 40% من الحالات مقارنة بالإبرة، وآثارها الجانبية هي الشعور بالحرقة في الذكر، والأخطر هو زيادة التأثير فوق ما هو مطلوب، أي بعبارة أخرى حصول انتصاب أقوى وأطول من اللازم، قد يطول إلى عدة ساعات وقد يُؤثر في الذكر نفسه. هذا غير العلاجات الجراحية.

والمهم أن المتابعة الطبية ضرورية عند حالات ضعف الانتصاب، من أجل معالجة الأمراض المتسببة فيه وتقويم تأثيرات أدوية رفع قدرة الانتصاب أيضاً وطرح الخيارات المتاحة له.

* آلية الانتصاب في الحالات الطبيعية

* تحقيق الانتصاب لعضو الذكر عملية غاية في التعقيد. وتتطلب توفر جملة من الدوافع والرغبات النفسية الصادرة عن الدماغ استجابة لعدة مؤثرات خارجية، ومعدلات طبيعية لوهرمون الذكورة تستوستيرون testosterone، وجهاز عصبي يعمل بطريقة طبيعية، وأنسجة وعائية دموية كافية وبحالة صحية جيدة في عضو الذكر.

ولو أننا نشبه آلية العمل داخل الجسم في تحقيق الانتصاب، فإن أقرب الأمثلة آلة الغسيل، حيث تبدأ إثارة العملية كما يُقال بالكبس على زر أو مفتاح تشغيل الغسالة (الدماغ)، ثم تعمل الأسلاك الكهربائية (الأعصاب)، على توصيل التيار الكهربائي (رسائل الدماغ بتهيئة ما يلزم للعملية الجنسية)، إلى محركات تشغيل أنابيب الماء (الشرايين)، التي ما أن تصلها الطاقة لفتح الصمامات فيها حتى تبدأ في ملئ حوض الغسالة بالماء (عضو الذكر)، ومن ثم تجري عملية الغسيل (العملية الجنسية). وعند الفراغ من العملية، يُقفل مفتاح التشغيل المُبرمج (الدماغ)، وبعدها تعمل أنابيب أخرى (الأوردة)، على تفريغ الحوض مما تجمع من ماء فيه، ويتلاشى ما في الحوض من ماء (زوال الانتصاب).

ودور الهورمون الذكري هو المحافظة على ظروف ملائمة في الدماغ وفي خصائص الرجولة وفي الأعضاء التناسلية الذكرية، كي يقوم الجسم بالعملية الجنسية، أي أشبه بعمليات الصيانة وعمليات المحافظة على كفاءة أجزاء الغسالة الفاعلة في إتمام عملية الغسيل.

لذا، فإن نقص الهورمون يُسهم في إعاقة بلوغ الانتصاب، لكن النقص هذا ليس هو السبب المباشر إلا لدى من هم مصابون بتعطيل في جوانب أخرى. وتبدو أعراضه كانخفاض في الرغبة الجنسية وفقدان للشعور بطاقة الجسم وحيويته واضطرابات في المزاج، وهو ما سبق عرضه في عدد سابق من ملحق الصحة بـ «الشرق الأوسط».