الأفكار السعيدة تطيل الحياة

TT

اذا كنت سعيدا وتعلم بأنك سعيد فإنك ستعمر طويلا، فقد بين بحث حديث نشأ من دراسة دامت خمس عشرة سنة حول الهرم وداء الزهايمر عند الراهبات. ويقول الباحثون في هذه الدراسة بأن الافكار السعيدة والمشاعر الايجابية في مرحلة باكرة من الحياة قد تساعد في الوقاية من الامراض وقد تطيل العمر ايضا.

ويقو الدكتور ديفيد سنودون استاذ الامراض العصبية في جامعة كنتاكي ومدير هذه الدراسة: معروف منذ زمن بعيد ان المشاعر المرضية كالكآبة والعدائية يمكن ان تؤدي لحدوث الامراض. وتقول نظريتنا بأن حالات المشاعر السلبية كالقلق والضغينة والغضب يمكن ان يكون لها تأثير تراكمي على الجسم بمرور الوقت. فعلى مدى عقود عديدة من الزمن تؤذي هذه المشاعر اليومية اصحابها ويصبحون اكثر عرضة للوقوع ضحايا لامراض القلب والسكتات الدماغية.

ويقول الدكتور ريتشارد سوزمان مدير المعهد القومي للشيخوخة: انه بحث مثير للاهتمام، وانا اعتقد ان هذه النتائج التي تشير الى ان التفاؤل يمكن ان يساعد على اطالة العمر ستقود لمزيد من الدراسات في هذا المجال.

وقد عمل الدكتور سنودون منذ عام 1986 بحرص على تتبع المشاركين في هذه الدراسة، وجميعهم اعضاء في مدرسة نوتردام للراهبات. حيث وافقت جميع الراهبات البالغ عددهن 678 على اجراء فحوص سنوية لتقييم الحالة العقلية والجسمية وبالاضافة لفحوص دموية، كما وافق جميعهم على التبرع بأدمغتهم لفريق البحث بعد الموت.

وقد اظهرت هذه الدراسة دلائل على ان السكتات الدماغية ورضوض الرأس تزيد من فرصة الاصابة بالخرف وداء الزهايمر في مرحلة لاحقة من الحياة. وبينت ايضا ان حمض الفوليك يمكن ان يساعد في وقف التأثيرات المخربة لداء الزهايمر التي تسلب القدرة العقلية للمسنين قبل ان تقتلهم.

وكان الدكتور سنودون ومساعدوه، قبل عدة سنوات مضت، قد قاموا بتحليل مذكرات 180 راهبة كتبنها وهن في العشرينات من العمر، فوجدوا ان الراهبات المسنات اللواتي عبرن عن انفسهن بطريقة ومستوى معقدين في مذكرات ايام الشباب كن اقل عرضة لاظهار علامات داء الزهايمر في شيخوختهن. ويقول الدكتور سنودون: لقد تعلمنا انه من تقييم الوظيفة العقلية في مرحلة باكرة من العمر يمكننا ان نتنبأ بنسبة دقة تصل الى 85 ـ 90% بمن ستظهر لديه اذيات دماغية تتوافق مع داء الزهايمر بعد مرور ستين عاما.

وبعد تأمل ودراسة المذكرات مرة بعد مرة والبحث عن كلمات مثل سعادة وسرور، وفرح، وحب، وامل، وقناعة، ورضا، وجد سنودون ان الراهبات اللواتي عبرن عن مشاعر ايجابية أكثر، عشن أكثر بحوالي عشر سنوات من اللواتي عبرن عن مشاعر ايجابية اقل. وهذا يتوافق مع الدراسات الاخرى التي بينت ان الاشخاص الذين سجلوا معدلات اكثر ايجابية في اختبارات الشخصية كانت فرصتهم للعيش حياة اطول اكثر من الذين صنفوا من بين المتشائمين، فكلما كان الشخص اكثر تفاؤلا، انخفضت نسبة الشدة والتوتر الذي يحمله الشخص لجسمه.

ومعرفة ان المشاعر السلبية يمكن ان تؤثر بشكل سلبي على طول العمر، وتعلم كيفية التخلص من هذه المشاعر، يؤدي بلا شك لحياة صحية اطول، وكم هو امر رائع ان يكون المرء سعيدا ومليئا بالامل، وانها لمتعة حقيقية ان نخلص حياتنا من اكبر قدر من التوتر والشدة. وهي نعمة اخرى يمكن ان يقدمها الناس لأنفسهم في محاولة لجعل حياتهم اطول.

=