تناول الأسماك يُقلل من الوفيات الناجمة عن اضطرابات إيقاع النبض

فائدته تفوق تأثير أجهزة الصدمات الكهربائية

TT

طريقة مخالفة للمعتاد، تلك التي اعتمدها الباحثون من مركز القلب في سانت بول بولاية مينيسوتا الأميركية عند حديثهم عن فوائد تناول وجبات الأسماك. ووفق ما سيُنشر في عدد أكتوبر القادم من مجلة الطب الوقائي الأميركية فإن زيت السمك لديه القابلية على تقليل نسبة الوفيات بكفاءة أكثر مما يُحققه استخدام أجهزة الصدمات الكهربائية عند حصول حالات توقف القلب أو ظهور أنواع عالية الخطورة بكل المعايير من اضطرابات إيقاع النبض.

وكانت الدراسات السابقة قد أكدت أن للزيوت العديدة غير المشبعة من نوع أوميغا 3 Omega-3 fatty acids، والمتوفرة بغزارة في زيت السمك، دورا فاعلا في تقليل خطورة الوفاة بسبب أنواع اضطرابات النبض عالية الخطورة. وعليه فإن الباحثين حاولوا معرفة مدى الفائدة العملية التطبيقية، وعلى مستوى مجتمعات الناس، من هذه الملاحظة العلمية حول تأثير ارتفاع نسبة أوميغا3 نتيجة تناول زيت السمك.

وباستخدام تحليل المعلومات بأجهزة الكومبيوتر لحوالي 100 ألف شخص تم شمولهم في دراسات سابقة حول أمراض القلب، تمكن الباحثون من تأكيد أن رفع نسبة أوميغا3 يُؤدي إلى إنقاذ حياة حوالي 60 شخصاً من بينهم، وذلك في كل عام! وهذا المقدار من خفض الوفيات، أي 6.6%، هو غالباً نتيجة منع حصول وفاة الفجاءة فيما بين هؤلاء الناس، كما يُؤكده الدكتور توماس كوتكي، الباحث الرئيس بالدراسة. ليس هذا فحسب، بل حينما راجع الباحثون عدد الأشخاص الذين يتم إنقاذ أرواحهم باستخدام أجهزة الصدمات الكهربائية، وجدوا أمراً غريباً.

وتُعطي أجهزة الصدمات الكهربائية Defibrillators، حين استخدامها بشكل إسعافي لإنقاذ الحياة، شحنة كهربائية عالية تعمل على وقف الاضطرابات عالية الخطورة في نظام كهربائية القلب، وبالتالي تمكين القلب من ضخ الدم بشكل منتظم إلى كافة أجزاء الجسم الهامة. والمعروف أن اضطرابات إيقاع النبض الخطيرة والمهددة لحياة الإنسان تسري في القلب وتُؤدي إلى شلل قوة الضخ فيه. ما يعني عدم وصول الدم إلى أجزاء هامة وحيوية في الجسم كالدماغ أو القلب. ثم ما يلبث أن يتوقف القلب عن الحياة. ولذا فإن عملية إعطاء الصدمة الكهربائية تُعيد الانتظام إلى حالة القلب.

والذي وجده الباحثون أن توفر مثل هذه الأجهزة في كل منزل أو مكان عام، واستخدامها بكفاءة لن يُؤدي إلا الى تقليل نسبة الوفيات بمقدار لا يتجاوز بحال 1%! ولنا أن نتخيل في المجتمعات التي لا تتوفر فيها مثل هذه الأجهزة الصغيرة ولا يُدرك الكثيرون كيفية استخدامها، ناهيك عن توفرها بإعطاء توجيهات إسعافية باللغة العربية! والنوع المُبرمج من هذه الأجهزة، أو ما يُعرف إيه إي دي automated external defibrillators or AEDs، والمتوفر في الأماكن العامة، يُمكن أن يستخدمه الإنسان العادي في إنقاذ أرواح من يسقطون مغشياً عليهم بلا نبض أو وعي. لكن حتى دور النوع هذا من الأجهزة في إنقاذ حياة الناس، هو دور محدود جداً كما يقول الباحثون.

كما ولاحظ الباحثون أن النوع الذي تتم زراعته في داخل القلب من أجهزة الصدمات الكهربائية، يُقلل من الوفيات بنسبة لا تتجاوز 3.3%. وهي نسبة قليلة مقارنة بما في وسع تناول زيت الأسماك فعله لإنقاذ أرواح الناس، والبالغة كما تقدم 6.6%. وبالرغم من الجدوى النسبية لأجهزة الصدمات الكهربائية المزروعة داخل القلب في تقليل الوفيات المفاجئة، إلا أن غالبية من يُصابون بالموت المفاجئ لم يسبق لهم إبداء أي علامات تحذيرية تُملي على الأطباء تركيب تلك الأجهزة في صدورهم لوقايتهم من الموت المفاجئ.

وهذه النتائج التي ستُنشر في أكتوبر الماضي تم التوصل إليها بتحليل المعلومات بالكومبيوتر. ويعكف الباحثون في إيطاليا وفي بريطانيا على متابعة إجراء دراستين واسعتين لمعرفة مدى فائدة تناول زيت السمك من قبل الأصحاء من الناس والسليمين من أمراض القلب، في تقليل الوفيات المفاجئة فيما بينهم.