أجهزة إنذار الحريق بصوت الأم تُفيق الأطفال من نومهم العميق بسرعة أكبر

بعدما ثبت أن نغمات المنبهات العادية تفشل غالبا في إيقاظهم

TT

في واحدة من الدراسات الطبية النادرة والمفيدة جداً في نتائجها، يقول الباحثون من ولاية أوهايو الأميركية، في دراستهم المنشورة في عدد أكتوبر من مجلة طب الأطفال الأميركية: إن استخدام نوعية خاصة من أجهزة إنذار الحريق تتميز بأنها مزودة بصوت الأم حين ندائها على أبنائها بصوت فيه خوف وقلق بضرورة السرعة في الاستيقاظ من النوم لأن ثمة حريق في المنزل، هو أقوى تأثيراً من أصوات النغمات العادية المستخدمة في أجهزة إنذار الحريق العادية.

ويقول الدكتور غاري سيمث من مركز أبحاث الإصابات في مستشفى الأطفال بمدينة كولومبس في ولاية أوهايو الأميركية بأن نتائج الدراسة الجديدة تضمنت أخباراً سيئة وأخرى سارة. الأخبار السيئة هي أن الدراسة أثبتت ما تحدثت عنه التقارير العلمية السابقة أن بعض الأطفال لا يستجيبون ويتفاعلون بالشكل المطلوب عند انطلاق نغمات وصفارات الإنذار من أجهزة إنذار الحريق المنزلية حتى في حال رفع شدة الصوت أربعة أضعاف المعتاد. أما الأخبار الجيدة في الدراسة فهي أنها أثبتت أن الأطفال عموماً يستجيبون بشكل أفضل حين سماع صوت أحد الوالدين وهو يناديهم وينبههم الى وجود الحريق.

* اختبار ونتائج

* وقام الباحثون في الدراسة باختبار وسائل محاولة إيقاظ 24 طفلاً يمرون بالمرحلة الرابعة من النوم، وهي مرحلة النوم العميق. وتراوحت أعمار الأطفال هؤلاء ما بين 6 الى 12 سنة. وتمت اختبارات محاولة الإيقاظ باستخدام نوعين مختلفين من أصوات ونغمات المنبهات في أجهزة إنذار الحريق، إحداهما بصوت الأم وهي تنادي بعبارات صريحة على الأطفال للاستيقاظ والأخرى مزودة بنغمات التنبيه المستعجل المعتادة.

وأظهرت نتائج الدراسة ثلاثة أمور مهمة:

الأول: أن 96% من الأطفال أفاقوا عند سماع التحذير بصوت أمهاتهم، مقارنة بـ 58% فقط أفاقوا عند سماع صوت الإنذار العادي. الثاني: أن 83% ممن استيقظوا على صوت تحذير الأم، قاموا بإتمام خطوات الهروب من الحريق بنجاح خلال خمس دقائق من بدء صوت التحذير، بينما نجح فقط 38% من الذين أفاقوا على صوت المنبه العادي في إتمام خطوات الهروب خلال خمس دقائق من بدء صدور صوت التنبيه.

الثالث: معدل الوقت فيما بين بدء صوت جهاز الإنذار بالعمل وبين استيقاظ الطفل كان 20 ثانية في حال استخدام الجهاز المزود بصوت الأم، بينما طال معدل المدة الى 180 ثانية عند استخدام جهاز إنذار بالنغمات التحذيرية المعتادة.

وعبر الدكتور سميث عن ارتياحه للنتائج، وعلل ذلك بأنه بالرغم من توقعه اختلافات بيولوجية حيوية بين الأطفال في الاستجابة، إلا أنه لم يتوقع الوقع المُؤثر والإيجابي الذي قارب 100% عند استخدام التحذير بالصوت. وأضاف إن مستوى التفاعل كان يختلف بحسب سن الطفل، إذْ كان أقل لدى من هم حول سن السادسة. ولذا لم يشمل الباحثون في الدراسة الأطفال ممن هم في سن الخامسة وما دون، لأنهم صغار جداً على القيام بعمليات إنقاذ النفس عند التعرض لحالات الحريق المهددة للحياة.

* كلام أم نغمات؟

* وقال الباحثون بأنهم تعمدوا رفع شدة صوت النغمات التحذيرية الصادرة عن أجهزة الإنذار كي يتمكنوا من مقارنة الاستجابات لدى الأطفال، لأنهم يعلمون أن من الصعب على الطفل الاستيقاظ لدى سماع تلك النغمات عادة. ولذا لاحظوا أن رفع شدة الصوت الى مستوى 100 ديسيبل، أي أعلى أربعة مرات من الصوت الصادر عادة عن أجهزة التحذير من الحريق العادية، واستمرار النفير لمدة خمس دقائق متواصلة، كله لم يُفلح في إيقاظ بعض الأطفال. لكن حينما تم إيقاف ذلك الصوت الشديد والبدء بإصدار صوت تحذير الأم، فإن أولئك الأطفال استيقظوا فورا على حد تعبير الباحثين. وعلقت جودي كوموليت مساعدة نائب رئيس التثقيف العام في الرابطة القومية للحماية من الحرائق في الولايات المتحدة بأن النتائج تؤكد نتائج الأبحاث السابقة حول فاعلية التحذير بالأصوات للأطفال. لكنها استدركت بأن الدراسات الحديثة قد أشارت في الوقت نفسه الى أن التنبيه بالأصوات أقل فاعلية لدى كبار السن من أصوات التنبيه المستعجل العادية. ولذا أكدت بأن ثمة ضرورة لإجراء المزيد من الدراسات والأبحاث بغية وضع وسيلة تحذيرية بديلة تحقق نتائج أفضل في إفاقة الناس من مختلف الأعمار عند نومهم العميق. وقالت بأنه حتى حين تحقيق ذلك الأمر فإن الرابطة تنصح وتحث العائلات على وضع أجهزة التحذير من الحرائق في المنازل، وأيضاً على وضع خطة للهروب من الحريق داخل المنزل، وإجراء تجارب لممارسة أفراد الأسرة لها.

وذكّرت جودي كوموليت بأن الرابطة القومية للحماية من الحرائق كانت قد راجعت في يونيو الماضي مجموعة القوانين القومية للتحذير من الحرائق. وللمرة الأولى في تاريخها أعطت الرابطة موافقتها واعترافها بأن منبهات التحذير من الحرائق التي تستخدم التنبيه بأصوات الكلام تتوافق مع متطلبات هذه القوانين القومية، ويُمكن بالتالي استخدامها في المنازل.

* نذير الحريق

* وتُؤكد إدارة الإطفاء بالولايات المتحدة على أن من الواجب توفير نذير حريق واحد على الأقل في كل منزل والتأكد بأنه يعمل بكفاءة مرة كل شهر. والحرص على إبعاد الغبار والأتربة عنه، وتغيير بطاريته كل سنة. وتغيير الجهاز نفسه مرة كل عشرة أعوام أو وفق إرشادات الشركة المنتجة له. وهناك أنواع جيدة تعمل ببطارية الليثيوم فيها لمدة عشر سنوات. وذكرت في نشراتها أن توفر نذير الحريق في المنزل هو وسيلة زهيدة الثمن لحماية أفراد الأسرة. ويُحقق مضاعفة لفرص النجاة حال نشوب الحرائق، أي بعبارة أخرى تقليل احتمالات الإصابات من أي نوع كانت بمقدار النصف. والإحصاءات أكدت على أن 60% من إصابات حوادث الحرائق كانت في منازل لا تتوفر فيها أجهزة نذير الحريق. وتنصح هيئات السلامة بأن يتم اختبار كفاءة الأجهزة تلك شهرياً. والحرص على حضور الأطفال آنذاك كي يكون صوت نذير الحرائق مألوفاً لهم ويعلموا بالتالي ما الواجب عليهم فعله حين صدور صوت النذير في النهار أو في الليل.

ولأن من خصائص الدخان الارتفاع الى أعلى، فإن من الضروري تثبيت تلك الأجهزة على سقف الغرف أو أجزاء عالية من الجدران. ولذا فإنه يجب توفرها في كل حجرات النوم وفي كل طابق من المنزل وفي المطبخ.

وعلى ربات المنزل عدم تعطيل أجهزة إنذار الحريق عبر فصل البطاريات عنها بحجة احتمال صدور الصوت منها من آن لآخر، لأنها ربما تنسى إعادة تثبيت البطاريات حال الفراغ من عملية الطهي، وبالتالي لن تعمل تلك الأجهزة. وهناك أنواع من الأجهزة هذه مناسبة للمطابخ تتميز بإحساسها بالدخان وبدرجة الحرارة المحيطة بها، ولذا لا تُصدر النفير إلا حينما ترتفع الحرارة ويظهر الدخان.

* تعليم الأطفال حقائق الحرائق وكيفية التصرف أثناءها

* يلجأ الأطفال، للأسف، عادة الى الاختباء من النار حين حصول الحرائق. وهو ما يفعله على وجه الخصوص الصغار منهم، كدخول أحد خزائن الملابس أو الانبطاح تحت الأسرة أو خلف الكراسي أو وراء الستائر.

لكن هؤلاء الأطفال لو تم تعليمهم الحقائق البسيطة عن معنى الحريق والنار، وكيفية انتقالها السريع من مكان لآخر، لما تصرفوا تلك التصرفات من الاختباء وغيره. إن من المهم تعليم الطفل أن النار تنتقل من مكان لآخر بشكل متواصل وسريع جداً، وإفهامه هذه الحقيقة كي يستوعبها جيدا. وأن إصابات الناس، خاصة الوفيات نتيجة حوادث الحرائق، ليست بسبب الحروق المباشرة للجلد وباقي الجسم، بل بسبب استنشاق الدخان والغازات والأبخرة المتصاعدة من الأشياء المحترقة. وأن تأثيرات الغازات والأبخرة هذه قد تكون ضارة بشكل سريع جداً. هذه الحقائق الثلاث تُسهل استيعاب الطفل لخطوات سلامة الحياة والحماية من الإصابات والحروق حال الحريق.

ولذا يجب التأكد من استيعاب الأطفال للخطوات التالية:

ـ تغطية الأنف والفم بمنشفة مُبللة أو أي قطعة قماش رطبة بالماء لإبعاد خطر الأبخرة والدخان أثناء عملية الإخلاء لمنطقة الحريق. ـ الزحف تحت مستوى الدخان، والبقاء دوماً في مستوى أدنى منه وقريب من الأرض.

ـ لمس أي باب (وليس مقبض فتح الباب) لاختبار حرارته قبل فتحه. وإذا كان حاراً فتجنب فتح ذلك الباب للخروج، بل حاول إيجاد مخرج آخر.

ـ تجنب استخدام المصاعد، بل البحث عن سلالم النجاة أو مخارج النجاة. والتأكد من استيعاب الأطفال لمعنى عبارة «مخرج نجاة».

ـ افهام الطفل أن في حال الحريق فإن عليه عدم التأخر في إخلاء المكان بحجة تجميع الأشياء الشخصية أو الألعاب العزيزة أو غيرها، أو بحجة البحث عن الحيوانات المنزلية، أو الاتصال بخدمات الطوارئ. وافهام الطفل على وجه الخصوص أن الحيوانات غالباً ما تُتقن كيفية الهرب من الحريق أكثر مما يظن الطفل.

ـ عدم العودة الى منطقة الحريق المشتعلة بعد النجاة منها.

ـ اتباع خطوات: توقف واسقط على الأرض ثم التف حول نفسك، وذلك إذا ما اشتعلت ملابس الطفل. وتفهيم الأطفال أن المزيد من الركض والهرب يزيد من لهب واحتراق الملابس آنذاك.