شيخوخة الجلد تصيب النساء أسرع من الرجال

أشعة الشمس أحد أهم أسبابها.. خصوصا لذوي البشرة البيضاء

TT

أعلن الباحثون الألمان في دراسة حديثة ان التغيرات التي تطال الجلد بفعل التقدم في العمر تصيب النساء بسرعة تفوق ما يحصل لدى الرجال. واستخدم الباحثون في دراستهم، المنشورة ضمن عدد هذا الشهر من مجلة المجمع الأميركي لعلوم الإبصار، إحدى التقنيات الحديثة لأشعة الليزر التي تقيس مدى الضرر الذي يُصيب الجلد نتيجة التعرض لأشعة الشمس أو التقدم في العمر. وقام الأطباء بتسليط دفعات متقطعة من الأشعة تحت الحمراء لضوء الليزر على الجلد بغية تفحص الطبقات العميقة من الجلد ورصد مدى تغلغل تغيرات الشيخوخة فيها.

* مرونة ونضارة

* وتبين لهم من خلال التصوير لكميات ألياف الكولاجين Collagen، وهي ألياف ضامّه قوية، وإلاستين elastin، التي تمنح مرونة ونضارة للجلد، أن جلد النساء يفقد هذه الألياف بسرعة تفوق فقد جلد الرجال لها.

وذكر الباحثون من جامعة فريدريك شيللر بألمانيا أن الاختلاف في سرعة الفقد لمواد الألياف التي تشد الجلد بشكل طبيعي هو اختلاف مرتبط ومعتمد على حسب نوع الجنس، حيث أن الإناث أسرع من الذكور في ظهور علامات تغيرات الشيخوخة الجلدية.

والمعروف أن تغيرات الترهل والشيخوخة في الجلد تنجم عن عمليات الهدم للبنية الطبيعية في تراكيب طبقاته، خاصة محتوى الجلد من مواد كولاجين. ما يُؤدي الى ظهور التجاعيد وفقد الجلد للنعومة والنضارة.

وألياف الكولاجين هي مجموعة من التراكيب البروتينية في طبقة الأدمة، وهي الطبقة الجلدية التي تقع تحت طبقة البشرة الخارجية، يعمل وجود أليافها على اكتساب طبقة الجلد خاصية التلاحم والضم، ما يُعطي للجلد قوة في البنية والمظهر. وجسم الإنسان يُنتج كميات عالية من هذه المادة في سن الشباب، لكن الإنتاج يقل كلما تقدم الإنسان في العمر.

ويرى الباحثون أن الطريقة الجديدة في الكشف عن حالة شبكة ألياف الكولاجين الجلدية تُغني عن الطريقة المُتبعة اليوم. والمعلوم أن الأطباء يلجأون الى أخذ عينة من الجلد وفحصها تحت الميكروسكوب (المجهر) لمعرفة وضع الكولاجين. بينما الطريقة المطروحة من قبل الألمان ربما تُغني في المستقبل عن الطريقة الحالية، وتُعطي بالتالي سرعة أكبر في تقويم الاستجابة لمستحضرات تخفيف علامات شيخوخة الجلد إضافة الى متابعة حالات الأمراض الجلدية التي تتأثر فيها كمية الكولاجين.

* شيخوختان جلديتان

* وتقول الأكاديمية الأميركية للأمراض الجلدية إن الأبحاث والدراسات أثبتت في الحقيقة وجود نوعين منفصلين من الشيخوخة في الجلد. الأولى الشيخوخة التي تتسبب بها الجينات الوراثية، وهي ما تُسمى بالشيخوخة الداخلية. والنوع الثاني تتسبب به جُملة من العوامل البيئية المحيطة بالإنسان، كالتعرض لأشعة الشمس مثلاً، وتُسمى بالشيخوخة الخارجية.

* الشيخوخة الداخلية

* وهي العملية الطبيعية للشيخوخة. وتبدأ بوتيرة بطيئة من بعد منتصف العشرينات من العمر. والذي يحصل هو أن الكمية التي يتم إنتاجها في الجلد من مادة الكولاجين تقل، وكذلك الحال مع توفر إنتاج مواد إلاستين. بالإضافة الى هذا فإن عملية التخلص من طبقة الخلايا الميتة على سطح البشرة أيضاً تُصبح أكثر بُطئاً، وكذلك الحال مع عملية إنتاج طبقات جديدة من الخلايا لتغطية البشرة الخارجية. وبالرغم من أن بدء هذه التغيرات في تكوين الجلد من ناحيتي الألياف والخلايا يحصل في منتصف العشرينات، إلا أن آثار ذلك لا تبدو إلا بعد عدة عقود تالية من العمر. وعلامات الشيخوخة الداخلية الطبيعية تشمل:

ـ تجاعيد خفيفة.

ـ رقّة في طبقة الجلد، ولذا يُصبح الجلد أكثر شفافية في رؤية ما تحته من أنسجة.

ـ فقد طبقة الشحوم التي تقع تحت الجلد، ما يُؤدي الى فقد بروز الخدود في الوجه، والى ظهور العينين غائرتين، وزوال ذلك الامتلاء في شكل الرقبة واليدين.

ـ فقد كميات من العظم، ما يُساهم أيضاً في ظهور التغيرات السابقة في الوجه.

ـ جفاف الجلد المُهيج للرغبة في الحك.

ـ فقدان القدرة على إفراز الكميات اللازمة من العرق، كي يعمل ذلك على تبريد الجسم عند ارتفاع حرارة الجو.

ـ تغير لون الشعر نحو الأبيض، أو ما يُسمى بالشيب.

ـ تساقط الشعر من الأماكن الطبيعية، وبالمقابل ظهور الشعر غير المرغوب فيه خاصة عند النساء، كما في مناطق من الوجه.

ـ ترقق في سُمك طبقة الظفر، وزوال الهلال الأبيض عند أصل منبت الظفر.

والحقيقة أن العلماء لم يستطيعوا حتى اليوم فهم لغز كيفية عمل الجينات في تسريع أو إبطاء ظهور علامات الشيخوخة في الجلد.

* الشيخوخة الخارجية

* وهناك عدة عوامل تلعب أدواراً مختلفة في ظهور علامات الشيخوخة في الجلد قبل أوانها الطبيعي وبشكل مبكر. وغالب تلك الحالات من الشيخوخة الجلدية المبكرة تنتج عن كثرة التعرض لأشعة الشمس. بالإضافة الى هذا فإن الجلد قد يشيخ نتيجة لعمل الإنسان تعبيرات في الوجه بشكل متكرر كالعبوس أو غيره، ونتيجة لأوضاع النوم المختلف أو لممارسة التدخين أو لتأثيرات الجاذبية الأرضية.

وحينما يتعرض الإنسان لأشعة الشمس لسنوات طويلة دون اتخاذه وسائل الحماية من تأثيرات الأنواع المتعددة من حزم الأشعة فيها، فإن تغيرات بنية الجلد تظهر حتى لو كان التعرض لبضع دقائق فقط يومياً، كالتجاعيد والبقع الجلدية وخشونة الجلد وترهل الجلد وظهور شبكة من الأوردة الصغيرة على الجلد، وحتى سرطان الجلد. ويستخدم أطباء الجلدية تعبير الشيخوخة الضوئية لوصف هذا النوع من الشيخوخة الجلدية. ومقدار التغيرات في شكل وبنية الجلد تعتمد على اللون الأصلي لبشرة الإنسان وعلى طول مدة التعرض للأشعة الشمسية. وذوي البشرة البيضاء أكثر تأثراً من ذوي البشرة الداكنة والسمراء. ولعل أوضح الأمثلة لتأثر الجلد ما نلحظه لدى الكثيرين من تجاعيد على جانبي الرقبة دون باقي أجزاء الجسم نتيجة تعرض تلك المنطقة لأشعة الشمس عبر سنوات طوال دون حماية منها.

وترى الأكاديمية الأميركية لطب الجلدية أن شد عضلات الوجه لإبداء تعبيرات مختلفة بشكل متكرر أو لإجراء بعض التمارين لعضلات الوجه كي يظهر تعبير الوجه شبابياً كما يُقال، تُسهم في نشوء تجاعيد دائمة على الجلد. كما أن تأثير الجاذبية الأرضية هو ما يجعل أرنبة الأنف تسقط الى الأمام، وكذلك يطول جلد صوان الأذن، ويهبط جلد الحاجب على العين، وكذلك تسقط الشفة السفلى.

بالإضافة الى هذا تقول الأكاديمية إن النوم على جهة ووضعية واحدة بشكل متكرر يعمل على ظهور خطوط تجاعيد النوم. وهي وإن كانت في البدايات تزول بعد الاستيقاظ من النوم، إلا أنه بعد سنوات تظل تجاعيد ثابتة لا تزول.

وهذا النوع من تجاعيد الشيخوخة يظهر لدى من ينامون على وجههم، أي يضعون صفحة الوجه على سطح الوسادة، بخلاف من ينامون على ظهرهم.

أما تأثيرات التدخين على شيخوخة البشرة فتحصل عبر تغيرات كيميائية عديدة في الجسم، تتسارع نتيجة لها وتيرة الشيخوخة. وتُؤكد الأكاديمية الأميركية لطب الجلدية أن الأبحاث دلت على أن من يُدخنون 10 سجائر أو أكثر يومياً لمدة 10 سنوات على أقل تقدير، هم عرضة بشكل أكبر لظهور تجاعيد عميقة وخشونة في الجلد مقارنة بغير المدخنين.

* وقاية وحماية من مظاهر شيخوخة الجلد

* إن كان أحدنا حتى هذه اللحظة لا يستطيع إيقاف عملية شيخوخة الجلد الداخلية الطبيعية، إلا أننا نستطيع عمل الكثير لوقف تسارع وتيرة الشيخوخة بفعل العوامل الخارجية. وذلك عبر تقليل التعرض للشمس بشكل غير طبيعي وغير ضروري للجسم، والامتناع عن التدخين، وتقليل ممارسة الأنواع عديمة الجدوى من تمارين تعبيرات الوجه، والنوم بطريقة تُقلل من ظهور تجاعيد الوجه والرقبة.

وبشكل أدق حول الوقاية من تأثيرات أشعة الشمس، ترى الأكاديمية الأميركية لطب الجلدية أن النقاط التالية مهمة في ذلك:

ـ تجنب القيام المتعمد بـ «الصن تان» أو برونزاج سُمرة البشرة، حتى ذلك الذي يتم من خلال أجهزة البرونزاج داخل أماكن العناية بالبشرة.

ـ تجنب الخروج الى تحت أشعة الشمس فيما بين العاشرة صباحاً وحتى الرابعة ما بعد الظهر، لأن الأشعة الشمسية تكون الأقوى في تلك الفترة.

ـ ارتداء ملابس واقية تحمي من أشعة الشمس كالقبعات ذات الإطار المظلي الواسع، لحماية أجزاء أكبر من جلد الوجه والرقبة. وارتداء ملابس سابغة في تغطية أجزاء الجسم من اليدين والساقين حينما يخرج الإنسان تحت أشعة الشمس.

ـ استخدام كريم (بلسم) الوقاية من أشعة الشمس، أو ما يُسمى صنسكرين. وسبق لملحق الصحة في أغسطس الماضي الحديث عنه.

هذا بالإضافة الى العناية بالبشرة ونظافتها ورطوبتها، وتجنب المواد الكيميائية الرخيصة المستخدمة في مستحضرات العناية بالبشرة. والاهتمام بالتغذية الصحية المحتوية على العناصر والمنتجات الغذائية الطبيعية، الغنية بالفيتامينات والمعادن والأملاح. والاهتمام بسلامة ونظافة وجودة الماء المستخدم في تنظيف الجسم.

ولو كان المرء يود التخلص من التجاعيد أو غيرها من مظاهر شيخوخة الجلد البادية للعيان، فإن عدة وسائل يُمكن لطبيب الجلدية أن يستخدمها في تخفيف أو إزالة تلك الآثار. وسبق في الأسبوع الماضي أن عرضت الدكتورة عبير مبارك في صفحة الأسرة عمليات شد الوجه لإزالة التجاعيد كأحد الحلول المطروحة والمتوفرة في معالجة تجاعيد الجلد. كما أن حقن عدة مواد لملئ فراغات الوجه أو العنق، أو حقن سموم البوتوكس هما حلّان سريعان لمن يُريد التخلص المؤقت من التجاعيد. هذا بالإضافة الى تقنيات الليزر أو التقشير الكيميائي أو التقشير الدقيق وغيرها من الخيارات العلاجية الأخرى. وهي ما تستدعي المناقشة مع طبيب الجلدية لوضع حلول مناسبة لكل حالة.