سرطان الثدي وضرورات تشخيصه السريع

حملة دولية حول العالم في «شهر التوعية بسرطان الثدي»

TT

سرطان الثدي، مرض العصر وأحد أبرز هموم الأنثى أينما كانت على سطح الكرة الأرضية، هو بحق همٌّ مشترك لكل نساء العالم. إنه من أكثر أمراض السرطان انتشارا بين النساء، ويعد السبب الرئيسي للوفيات من السرطان عندهن. إن الاكتشاف المبكر لهذا المرض يزيد من فرصة الشفاء الكامل إلى 97%، فيعمل على توفير الموارد الصحية ويقلل من حجم تكاليف علاج الحالات المتقدمة. وغالباً ما يتحول المرض إلى مشكلة صحية مستعصية بفعل حواجز الصمت في المجتمعات المغلقة، مثل مجتمعاتنا، حيث يعتبر السرطان مرادفا للموت. ولأنه يصيب عضوا حساساً في جسم المرأة فنجد أن ما يتعلق بهذا العضو من فحوصات يكون أمرا مثيرا للحساسية إن لم يكن الرفض المطلق. لذلك فلا بد من مراعاة طبيعة المجتمع وتركيبته العقائدية وموروثاته الاجتماعية عند طرح هذه المشكلة أو بحثها.

الدكتورة سامية العمودي، استشارية نساء وتوليد وأطفال أنابيب ووكيلة كلية الطب والعلوم الطبية بجامعة الملك عبد العزيز سابقا، تحدثت الى «الشرق الأوسط» واشارت إلى إصابتها بسرطان الثدي في أبريل 2006 وقد أسمت ذلك الابتلاء «رسالة حب من الله» ونذرت ما تبقى من عمرها، لدق جرس الإنذار عاليا حتى يعي الجميع حجم المشكلة وتأثيرها على الأنثى وعلى الأسرة، فالسرطان لا يعني أن هناك مريضاً وإنما أسرة مريضة.

* مشكلة عالمية

* يعتبر سرطان الثدي من أهم أسباب وفيات السرطان في العالم عند السيدات حيث يتم تشخيص أكثر من 1.1 مليون حالة سرطان ثدي جديدة كل عام وتمثل نسبة الوفيات 410.000حالات وفاة كل عام، وتشير المعدلات إلى ارتفاع نسبة الإصابة وتزايدها بمعدل 5% سنويا مما يدل على خطورة الوضع مما حدا بمنظمة الصحة العالمية إلى وضعه عام 2005 على أجندتها ودعت لتكاتف الجهود لتقوية برامج دعم سرطان الثدي لتقليص نسبة الوفيات وتحسين نوعية الحياة للمرضى وعائلاتهم.

وتقول د. سامية العمودي ان سرطان الثدي يعتبر من أكثر الأورام شيوعا عند السيدات في المملكة العربية السعودية بنسبة 20.6% من جميع الأورام الخبيثة الأخرى بناء على إحصاءات السجل الوطني للأورام عام (1999 ـ 2000) وبمعدل 2809 حالات سنويا.

ونسبة الإصابة عند السيدات في المملكة هي 13.6حالة لكل 100.000 سيدة، وهي أقل من المجتمعات العربية الأخرى حيث تشير الإحصاءات إلى أن النسبة في مصر، الأردن، عُمان هي: 40، 33، 11.7حالة لكل 100.000 سيدة.

ومقارنة بالدول الغربية فهي أقل بكثير حيث تشير الإحصاءات إلى أن النسبة في هولندا، الولايات المتحدة الأميركية، فرنسا، اليابان هي: 91.6، 91.4، 83.4، 31.4 حالة لكل 100.000 سيدة.

ومن المهم جدا أن نأخذ في الاعتبار أولا أن هذه الإحصاءات قد لا تعكس الواقع الصحي الحقيقي نظرا لعدم توافر قاعدة بيانات دقيقة وثانيا لأن هذه الإحصاءات قد لا تشمل حالات وفيات تحدث ولا يتم تشخيصها وتُعزى وفاتها إلى أسباب أخرى في مجتمع له معتقداته الدينية والعرفية الخاصة به.

* خطورة المرض

* واشارت الى خطورة الوضع في المملكة بوجود مؤشرات هي:

أولا: تمثل السيدات اللواتي يقل عمرهن عن 40 سنة، 30% من الحالات مقارنة بـ7% في الولايات المتحدة مما يعني إصابة الشابات في عمر مبكر.

ثانيا: تدل الإحصاءات على أن 73% من حالات سرطان الثدي بالمملكة تصل إلى الطبيب في مراحل متقدمة مقارنة بأقل من 30% بالولايات المتحدة مما ينعكس على نسبة الشفاء لأن الاكتشاف المبكر هو العامل الرئيسي في رفع معدل الشفاء وتقليل نسبة الوفيات. ثالثا: طبيعة المجتمع وتركيبته أدتا إلى انتشار معتقدات خاطئة حول المرض فارتبط بكثير من المغالطات مما أدى إلى اللجوء إلى العلاج غير الطبي بكافة أنواعه.

رابعا: دور المعتقد الديني الذي يؤثر على قناعات الأفراد بشكل خاطئ مما يؤدي إلى حدوث خلط بين مفهوم القضاء والقدر وما نحن مأمورون به شرعا من طلب العلاج.

* ما المطلوب عمله في مجتمعنا؟

* أولا: دور التوعية الاعلامية، اذ يلعب الاعلام دورا رئيسيا في تغيير أنماط التفكير في المجتمعات ويلعب دورا أكبر في المجتمعات المنغلقة مثل مجتمعاتنا مما يجعل الحاجة واضحة إلى تبني الاعلام لحملات توعية مركزة لكسر حاجز الصمت والذي يغلف الحديث عن هذه المشاكل الصحية بغلاف من الخوف والخجل فكأنما هو تابو أو وصمة عار لا ينبغي الخوض فيها أو معرفة أحد بها.

ثانيا: دور القادة الدينيين، اذ مثل رجل الدين في مجتمعاتنا مرجعية هامة ذات تأثير كبير على مجتمع عقائده الدينية عالية ومحركة له في جميع مناحي حياته حتى الصحي منها. ويلعب رجل الدين دورا أساسيا في تغيير المعتقدات التالية: أ ـ مفهوم الابتلاء والرضا والإيمان بالقدر خيره وشره وتغيير نظرة المجتمع لهذه الأمراض.

ب ـ البشارة للمريض.

ج ـ مشروعية العلاج والتداوي وقيمة حفظ النفس والبدن.

د ـ أحكام مداواة الرجل للمرأة، خاصة في ظل غياب المتخصصات في جراحة الثدي والعلاج الكيميائي وأهم من ذلك ندرة طبيبات الأشعة الخاصة بالثدي أي أشعة الماموجرام.

هـ ـ مفهوم الرقية الشرعية الصحيحة والثابتة.

و ـ حكم اللجوء إلى غير المتخصصين من مدعي العلاج والشفاء.

* ثالثا: دور المجتمع المدني

* نقرأ عن الدعم المادي وغير المادي لمشاهير العالم وأثريائه من مليارديرات العالم الغربي وأقطاب الاعلام عندهم أمثال تيد تيرنر وأوبرا ونفري وتوم كروز وجوليا روبرتس ونيكول كيدمان وميل جيبسون وغيرهم ممن لا يتسع المجال لحصرهم وممن تعمل الجهات العلمية على استقطابهم وطلب الدعم منهم. هنا نسأل أنفسنا: أين مجتمعنا المسلم المعاصر وأين هم كبار المسلمين وأثرياؤهم وأين أموالهم وصدقاتهم وزكاتهم من أبواب الخير هذه.

وفي مجتمعنا السعودي، هناك جمعية الايمان لمرضى السرطان على سبيل المثال لا الحصر وهناك برنامج الشراكة الشرق أوسطية والذي نعمل عليه في المملكة بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية ودولة الامارات، وهناك برنامج صحة الثدي لمحاربة السرطان الذي نقوم به مع جمعية تعزيز الصحة، وهناك غيرهما مما يحتاج إلى الدعم المالي لهذه البرامج ودعم هذه البحوث لرفع المعاناة عن الأنثى أينما كانت.