بين الخطأ والصواب

د. عبد الحفيظ خوجة *

TT

تقليل مدة التنويم بالمستشفى.. أفضل من الأخطاء الشائعة في كثير من الشعوب في العالم أن المريض خاصة مريض القلب يتوقع البقاء بالمستشفى لفترة طويلة عقب تعرضه لنوبة قلبية مثلا، وقد يرفض الخروج إذا قرر طبيبه المعالج ذلك. دراسات ميدانية تُوّضح بأنّ الناس المصابين بالنوبات القلبية البسيطةِ نسبياً ويكون فيها الخطر منخفضاً يُمْكِنُهم ترك المستشفى بسلامة بعد ثلاثة أو أربعة أيامِ. ونَعْني «بسلامة» هنا بأنّهم على الأرجح لن يتعرضوا لمشاكل في نسق دقّات القلبِ، أو فشل وظائف القلب، أَو نوبة قلبية أخرى. فالأمان والسلامة بالتأكيد لهما اعتبارٌ مهمُ. والهدف من التنويم بالمستشفى في حالة المصاب بنوبة قلبية مثلا، مكافحة ألمِ، إزالة الجلطة بالأدوية أَو إجراء فَتْحة جراحية لترقيع الشريان التاجي، المعالجة السريعة بعمل صدمة كهربائية على القلب في حالة الحاجة إليها، المراقبة الدقيقة لعلامات فشل القلب أَو المضاعفات الأخرى، البدء ثم الاستمرار في أخذ أدوية لمَنْع حدوث نوبة قلبية أخرى.

خروج المريض مبكراً من المستشفى يُمْكِنُ أَنْ يُوفر من تكاليف العلاج ويتيح الفرصة لمريض آخر للدخول في الحالة الحرجة المماثلة، لَكن ليس ذلك هو الهدف الرئيس، فهناك أيضاً جوانب سلبية للبقاء في المستشفى. ومن أهمها الإصابة بما يسمى «بعدوى المستشفيات» حيث تعتبر المستشفيات ملاجئ للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية. إن الطبيب المعالج هو المخول بقرار توقيت الخروج من المستشفى مثلما كان مسؤولاً عن تنويم المريض.

السعال والتهاب القصبة الهوائية

* من الأخطاء اليومية الشائعة أن يخلط الشخص بين السعال العادي الذي يحدث كردة فعل لطرد ما يعلق بالحلق أو الحنجرة من أجسام غريبة أو إفرازات مخاطية تتكون بسبب التعرض لملوثات الهواء في البيئة وبين السعال المصاحب لالتهابات القصبة الهوائية. والتفريق بينهما على درجة كبيرة من الأهمية، حيث تختلف طريقة العلاج لكل منهما. وبالرغم من أن الأعراضِ الأوليةِ لالتهاب القصبة الهوائيةِ قَدْ تَبْدو مماثلة لأعراض الرشح والزكام، فإن هذه الأعراض سوف تستمر إلى الأسوأ إذا لم تعالج مبكراً حتى يضطر الشخص للذهاب إلى الطبيب لأخذ العلاجِ المناسب.

وحتى لا يصل المريض إلى هذا الحد من المعاناة فإن المكتبة الطبية الوطنية الأميركية تقدم بَعْض العلامات التحذيريةِ لالتهاب القصبة الهوائيةِ، ومنها:

ـ يجب ملاحظة أن السعال في حالة التهاب القصبة الهوائية يكون مستمراً وتزداد حدته في الليل؛ ثم يتغير مِنْ سعال جافِ إلى سعال مُتقَطِّع ومصحوب بإفرازات مخاطية (بلغم)؛ ويستمر على ذلك لمدة أسبوعين تقريباً.

ـ هناك صعوبة في التنفّس، مع صفير وضوضاء أثناء الشهيق والزفير.

ـ يكون هناك، في معظم الحالات، ألم وضيق في الصدر.

ـ صوت اهتزاز وصفير في القفص الصدري.

ـ حُمَّى مصاحبة لتلك الأعراض.

ـ التهاب في الحنجرة أَو الشعور بدغدغة في الحنجرة.

عليه فلا بد من أخذ تلك العلامات التحذيرية بعين الاعتبار واستشارة الطبيب مبكراً.

القولون العصبي.. مرض مؤقت ومتكرر

* من الأخطاء الشائعة أن يظل الشخص يتنقل من عيادة طبية إلى أخرى ومن طبيب لآخر لأنه يحس بآلام غامضة ومتكررة في منطقة البطن مع انتفاخ وصعوبة وعدم ارتياح أثناء قضاء الحاجة، وقد سبق أن شخص حالته أكثر من طبيب بأنها «القولون العصبي».

إن القولون العصبي مشكلة مزمنة وواسعة الانتشار وتكون عادة مؤقتة ولكنها تتكرر فينتج عنها اضطراب في عمليات الهضم والامتصاص بسبب حركة عضلات الجهاز الهضمي المحيطة بالقولون غير الطبيعية، والتي إما أن تكون عشوائية وسريعة بحيث لا تعطي الطعام الفرصة للهضم وللسوائل الامتصاص، فيحدث الإسهال. أو بطيئة فتؤدي إلى بقاء الطعام وقتا طويلا في القولون، وامتصاص الماء منه فيحدث الإمساك.

وبدلا من تحمل مشقة التنقل بين عيادات الأطباء ننصح بتجنب المسببات والتي تخص عادة المريض نفسه، كأن يقلع عن التدخين إذا كان مدخناً، وعن شرب الكحوليات إذا كان مدمنا عليها ويتجنب بعض المأكولات مثل الشطة الحارة، والخضروات غير المطبوخة كالخيار أو الفجل، والبقوليات عموما كالفول والعدس، وشرب القهوة، والإكثار من الأطعمة التي تحتوي على كثير من الألياف والسكريات والخس والجرجير؛ حيث تساعد على حركة الأمعاء. وهناك بعض الحالات النفسية التي يكون فيها الشخص قلقا أو مكتئبا أو حزينا فتحدث معها الأعراض، لذا كان لا بد لعلاج هذا المرض الابتعاد عن التوتر النفسي والعصبي، مع ضبط النفس والهدوء.

أما عن الأدوية فإن تناول أحد مضادات التقلص أو الإنزيمات الهاضمة وقت الشعور بالألم يكون مفيدا جداً، إضافة إلى تناول أدوية، تحتوي على مادة (Tegaserod)، تساعد على تنظيم حركة القولون وتقضي على أعراضه المزعجة مثل انتفاخ البطن والإمساك والتقلصات وتقلل من حساسية الجهاز الهضمي للاضطرابات الداخلية دون أي تأثير على الجهاز العصبي المركزي. ولا ننسى ممارسة الرياضة بشكل منتظم.

* استشاري في طب المجتمع - مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة [email protected]