اليرقان عند الأطفال حديثي الولادة وعلاجه

ضوء مصباح النيون وإعطاء الطفل الماء والسكر ممارسات خاطئة في العلاج

TT

اليرقان هو أحد العلامات السريرية التي تؤدي إلى اصفرار في لون الملتحمة (بياض العين) والجلد والأغشية المخاطية للجسم. وهذا يحدث بسبب تراكم صباغ معين يدعى (بيليروبين) في الدم والأنسجة السابقة الذكر. ولأهمية هذا الموضوع فقد كان واحداً من المواضيع التي حظيت بالمناقشة في المؤتمر العالمي الثالث لصحة الطفل لتصحيح بعض الأخطاء الشائعة في العلاج. الدكتور سعد الصاعدي رئيس قسم الأطفال بجامعة الملك عبد العزيز واستشاري الأطفال حديثي الولادة وعضو اللجنة العلمية للمؤتمر العالمي الثالث لصحة الطفل يوضح أولاً كيفية تكوين (البيليروبين) في الجسم. من المعروف أن كريات الدم الحمراء موجودة في الدم بأعمار مختلفة والدم يتجدد باستمرار، والكريات الحمراء تحوي مادة الخضاب الدموي (الهيموغلوبين)، ولها عمر معين في الجسم الطبيعي وهو حوالي 90 ـ 120 يوما. وبعدها تتحلل، ونتيجة لتحللها يتحول بروتين الخضاب إلى مادة البيليروبين، ويقوم الكبد بالتقاط هذه المادة أثناء مرور الدم بها وطرحها مع مادة الصفراء إلى المرارة ومنها إلى الأمعاء، ثم إلى الوسط الخارجي مع البراز. إن هذه المادة (بيليروبين) موجودة بالدم عند الشخص الطبيعي بكميات ضئيلة جدا ومعروفة القيمة. ويحدث اليرقان عندما يرتفع تركيز هذه المادة بالدم.

يعتبر اليرقان (الصفاري) عند الأطفال حديثي الولادة من الظواهر الشائعة والتي قد تصل نسبة الإصابة به 40% من الأطفال في هذا العمر. وتتدرج أسباب الإصابة به من ما هو فسيولوجي طبيعي لا يحتاج إلى أي تدخل إلى ما هو مرضي يحتاج إلى تدخل علاجي. الأسباب

* اليرقان الطبيعي أو الفسيولوجي هو اليرقان الذي يحدث عند الأطفال في الأيام الأولى (اليوم الثاني إلى الخامس) بعد الولادة، وتتفاوت نسبته من طفل إلى آخر. وهو أكثرها سببا إلا أن معظم حالات هذا النوع لا تقتضي التدخل الطبي، ويعتقد أن السبب في ذلك هو عدم نضج وظائف الكبد بعد الولادة مباشرةً بحيث إن الكبد لا يستطيع التخلص من كمية البيليروبين الزائد في الدم، كذلك زيادة إنتاج البيليروبين في هذه الفترة من حياة الطفل نتيجة زيادة الهيموجلوبين عند الولادة وزيادة امتصاص البيليروبين من أمعاء الطفل. أضف إلى ذلك بعض العوامل الموجودة في حليب الأم (ولا يعني ذلك إيقاف الرضاعة الطبيعية أبداً) وهذا النوع نادر جدا ما يرتفع إلى نسبة يحتاج معها إلى تدخل طبي وإنما يمكن مساعدة الطفل بزيادة كمية الحليب والتأكد من عدم تعرض الطفل لجفاف قد يؤدي إلى زيادة المشكلة وبالطبع متابعة نسبة البيليروبين لأنه من الممكن الكن يحتاج الطفل إلى المعالجة الضوئية وذلك لخفض نسبة البيليروبين.

أما النوع الأخير وهو النوع المرضي وله أسباب كثيرة، منها ما هو متعلق بأنحلالات الدم. فكل مرض يؤدي إلى زيادة تحطم كريات الدم الحمراء ويزيد نسبة الخضاب الدموي وبالتالي يزيد نسبة البيليروبين عن حد يعجز الكبد عن تصريف الكمية الزائدة فيظهر اليرقان. ومن أمثلة ذلك اختلاف نوعية فصيلة الدم بين الطفل ووالدته، خصوصا عندما تكون فصيلة دم الأم من النوعية السالبة وفصيلة دم الطفل من النوعية الموجبة، وهذا قد يؤدي إلى انحلال (تكسر) كريات الدم الحمراء ويجب أن تعطى الأم علاجا خاصا بعد الولادة إذا كان طفلها يحمل فصيلة دم موجبة بأسرع وقت لكي لا يتعرض بقية أطفالها في المستقبل إلى متاعب.

مثال آخر، هو مرض نقص الخميرة G6PD (أنيميا الفول) والذي يؤدي إلى نقص عمر كريات الدم الحمراء ومن ثم تحللها. وهذا المرض منتشر نوعا ما في الوطن العربي بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الأمراض التي يطول شرحها ولكنها ليست بنفس الانتشار والأهمية.

المضاعفات

* أكثر حالات الصفار عند الأطفال حديثي الولادة هي حالات سليمة وتزول لوحدها ولكن أحيانا إذا حدث ارتفاع شديد في كمية البيليروبين يمكن أن يكون الصفار خطيرا جدا ويؤدي الى تراكم هذه المادة في دماغ الطفل وتأذيه وإصابة الطفل بحالة خطيرة تسمى اليرقان النووي وقد يصاب نتيجة لذلك بالتخلف العقلي والشلل الحركي.

ويعتمد ذلك على كمية البيليروبين (المادة الصفراء) في الدم والتي يصبح عندها اليرقان خطرا على الطفل وذلك حسب وزن وعمر الطفل ووجود حالة مرضية معينة لديه، ويتم تحديد كمية البيليروبين من خلال معايرة هذه المادة بأخذ عينة من دم الطفل. وأفضل طريقة يلجأ إليها الأهل هي زيارة الطبيب، وهو الذي يقرر حاجة الطفل لأي إجراء مثل هذا.

العلاج

* وبالنسبة للعلاج فمبدئيا يجب على الأم أن تتأكد أن طفلها يأخذ نسبة جيدة من الحليب تمنع الجفاف وثانيا يجب مراجعة الطبيب فقد يحتاج الطفل إلى تعريضه إلى ضوء خاص (وليس إلى ضوء الشمس أو ضوء مصابيح النيون كما يعتقد البعض فهذه عديمة الفائدة لأنه يجب أن يكون الضوء بنسبة معينة وبطول موجات معين). ويمكن أن يحتاج الطفل في الحالات الشديدة إلى تغيير دم.

وعلى الوالدين ان يتذكرا ما يلي:

ـ مراجعة الطبيب عند ملاحظة اليرقان لدى الطفل.

ـ عدم إعطاء الطفل الماء والسكر فهذا خطأ شائع بينت الدراسات الحديثة أنه يؤدي الى زيادة اليرقان.

ـ عدم وضع الطفل تحت ضوء مصباح النيون لإزالة اللون الأصفر من الطفل وهذه ممارسة خاطئة.