زيادة الوزن .. أفضل من السمنة؟

عوامل متداخلة عديدة تؤثر على مؤشر الكتلة الجسدية

TT

نسبة الأميركيين الذين يشكون من البدانة تضاعفت أكثر من مرتين منذ الستينيات في القرن الماضي. وفي العام 1960 كانت نسبة الأميركيين البدينين نحو 13 في المئة ، وهم الذين كانوا يوصفون بأن مؤشر الكتلة الجسدية BMI لهم يبلغ 30 وما فوق. وبالنسبة الى اغلبية الناس فان مؤشر 30 يعني زيادة في الوزن تبلغ 30 رطلا انجليزيا ( نحو 14 كيلوغراما).

واليوم هناك أكثر من 30 في المئة من الأميركيين يعتبرون من المصابين بالسمنة. ويتفق الخبراء ان ذلك من المؤشرات السيئة بالنسبة الى صحة المواطنين العامة، لأن ذلك يزيد من خطر أمراض السكري وحصاة المرارة (الحويصلة الصفراوية) والقلب وضغط الدم العالي والأنواع العديدة من السرطان (سرطان القولون والمرئ والكلى، والثدي بعد سن توقف العادة الشهرية «الحيض»).

ولكن ماذا اذا كانت زيادة الوزن لاتتعدى الكيلوغرامات القليلة؟ ومثل هذا الأتجاه ليس بذلك الأمر الكبير، ففي العام 1960 يمكن تعداد نحو 31.5 في المئة من الأميركيين على انهم كانوا يعانون من الوزن الزائد، وهذا يعني على مقياس مؤشر الكتلة الجسدية بين 25 و29.9. لكن هذه النسبة ارتفعت نقاطا قليلة الى نحو 34 في المئة. في هذا الوقت يبدو أن الأبحاث سببت نوعا من الأضطراب في ما اذا كان الوزن الزائد عن الحد (وهو امر مخالف للسمنة) مضر للغاية.

وفي العام 2005 اثار باحثو الصحة الاتحادية في الولايات المتحدة ضجة عندما افادوا ان تحليلاتهم للمعلومات التي استقوها من الاحصائيات الصحية في البلاد افادت ان زيادة الوزن لاتزيد من مخاطر الوفاة باكرا. كما لاحظوا ان مخاطر الوفاة من السمنة هي اقل مما كانت عليه في السنوات السابقة. ربما كان لأساليب العلاج الأفضل لأمراض القلب والحالات المتعلقة بالوزن الزائد علاقة بذلك. لكن الدراسة تعرضت الى الكثير من الأنتقاد، لانها لم تأخذ في الحسبان معدلات الوفاة في الاشخاص ذوي الوزن الزائد التي قد تبدو جيدة مقارنة بأولئك الاشخاص النحيفي البنية، لأن بعضهم بات نحيفا لأنه يشكو من أمراض مزمنة خفية.

وكان فريق أخر من الباحثين الأميركيين قد توصل الى نتائج دراسة كبيرة اخرى تتعلق بالعلاقة بين الزون الزائد والوفاة ونشرت في عدد 24 أغسطس الماضي من مجلة “نيوإنغلاند جورنال أوف ميديسن”. وقام هؤلاء الباحثون بإجراء بعض التعديلات في ما يتعلق بتأثير الأمراض المزمنة وأثرها المشوش على النتائج. كما ركز هؤلاء الباحثون ايضا على الأشخاص الذين لم يدخنوأ بتاتا، لكون هؤلاء ،أي غير المدخنين، يميلون الى أن يكونون أكثر نحافة من المدخنين. لذلك اذا أدخل المدخنون في دراسة وزن الجسم، فإن ذلك قد يعني ان النحافة قد تكون امرا غير صحي، في الوقت ان التدخين هو السبب. من هنا عندما قام الباحثون بحصر تحليلاتهم على الأشخاص الذين لم يدخنوا في حياتهم، ولم يشكوا من امراض مزمنة أدت الى فقدان كيلوغرامات زائدة من الوزن، فالأشخاص الذين كانوا يشكون من الوزن الزائد في أوائل الخمسينيات من أعمارهم كانوا في عداد نسبة ال 20 الى 40 في المئة التي زادت احتمالات وفاتهم خلال السنوات العشر التالية من الدراسة من اولئك الذين كانت مؤشرات كتلتهم الجسدية أقل (23.5 - 24.9). وكل هذه الأمور تبين كم من الصعب على الباحثين تمييز عوامل الخطورة، لاسيما ما يدعى عامل خطورة وزن الجسم الذي هو في الوقت نفسه سبب وتأثير، والذي يتعرض بدوره الى العديد من العوامل الأخرى.

وكل هذه الأمور لها علاقة أيضا بمؤشر الكتلة الجسدية. ولكوننا نود أن تكون معلوماتنا عن صحتنا العامة قصيرة وموجزة مرتبطة فقط ببضعة ارقام قليلة، نلجأ الى هذا المؤشر الجسدي الذي يدل الى المجرم، أو الخطر الفعلي، ألا وهي تأثيرات الأيض على الأنسجة الدهنية في أجسامنا، ولاسيما النشطة منها على صعيد الأيض التي تتجمع حول خواصرنا ومعدنا. والأكثر من ذلك فان الأشخاص الذين يملكون مؤشر الكتلة الجسدية ذاتها تتجمع حول خصورهم كميات مختلفة من الدهونات وفقا لكمية العضلات التي يملكونها وكيفية توزع الدهونات في اجسامهم، فقد دلت دراسات عديدة ان الخصر الجيد الرفيع الخالي من الدهونات والشحوم قد يكون افضل مؤشر على كمية الدهونات المضرة الموجودة في اجسامنا، والتي ينبغي علينا التخلص منها.

* خدمة هارفارد الطبية – الحقوق: 2005 بريزيدانت آند فيلوز – كلية هارفارد