مشروع طبي سعودي لرصد أزمات القلب الحادة

النتائج النهائية للمرحلة الأولى منه تشير إلى تحسن طرق ونوعية علاجها رغم تأخره

TT

«تسجيل ودراسة أزمات شرايين القلب الحادة»، مشروع سعودي يعتبر الأول من نوعه ضمن الدراسات والأبحاث التي أجريت في هذا المجال في المملكة العربية السعودية، حيث تستمر الدراسة لمدة ثلاث سنوات، تحت اشراف جمعية القلب السعودية.

الدراسة التي سجلت أكثر من 1300حالة مرضية حتى الآن، وتسعى الى الوصول إلى تطوير نوعية وطرق العلاج للمرضى الذين تعرضوا لأزمات قلبية حادة، انطلقت في شهر ديسمبر 2005 بلقاءين علميين في مدينتي الرياض والخبر، وبمشاركة 14طبيبا من ابرز أطباء القلب في المملكة العربية السعودية. ثم عُقد اللقاء العلمي الثالث برعاية شركة «سانوفي ـ افنتس» لتقييم المرحلة الأولى من هذه الدراسة في مدينة دبي في الفترة ما بين 8 ـ 6 ديسمبر الماضي 2006 وشارك فيه أكثر من 20 طبيباً سعودياً. وكانت «الشرق الأوسط» التقت بالدكتور خالد فايز الحبيب، رئيس قسم أمراض القلب بمستشفى الملك خالد الجامعي بجامعة الملك سعود بمدينة الرياض، عقب تقديمه هذه الدراسة في المؤتمر السنوي لجمعية القلب السعودية المنعقد في مدينة جدة، الذي اختتم أعماله في هذا اليوم، الذي صرح بأنه فخور بانتهاء المرحلة الأولى من هذا المشروع الوطني بنجاح كبير، وأنه قد تم الإعلان في يوم الثلاثاء الماضي عن النتائج النهائية للمرحلة الاولى من الدراسة في مؤتمر الجمعية السعودية للقلب.

* أهداف ونتائج وعن أهم أهداف هذه الدراسة، قال الدكتور الحبيب إن الأزمات القلبية هي أكثر الأمراض التي تؤدي إلى الوفاة في العالم عموما، لذا فإن الهدف الرئيس للدراسة هو تسجيل وتوثيق الحالات المرضية التي استقبلتها المراكز الطبية في جميع أنحاء المملكة.

وأوضح أنه بينما كانت المرحلة الأولى من الدراسة تعتمد على الاستمارات الورقية المملوءة بخط اليد فإن المرحلة الثانية ستتم عبر شبكة الانترنت مما سيساعد على زيادة فعالية تسجيل الحالات المرضية بدرجة أكبر، وسيتم الحصول على نتائج الدراسة في وقت قياسي قصير. وعلق الدكتور الحبيب معلقاً على نتائج المرحلة الأولى: «لقد لاحظنا أن المرضى المصابين بأزمات قلبية حادة يصلون إلى المستشفيات والمراكز الصحية بعد مضي وقت طويل من أعراض الجلطة القلبية». واضاف انهم في اغلب الأحيان يأتون عن طريق الأهل والأصدقاء وليس عن طريق استخدام سيارات الإسعاف المجهزة لنقل مثل هذه الحالات، وأن الدراسة أوضحت أن نسبة المرضى الذين استخدموا سيارات الاسعاف لم تتعدََّ 5% فقط.

كما لوحظ تأخر إعطاء المريض المصاب العلاجات المذيبة للجلطة القلبية حال وصوله للمستشفى، حيث أشارت نتائج الدراسة الى أن متوسط الوقت الذي يقضيه المريض حتى تلقي العلاج قد وصل الى 60 دقيقة مقارنة بما هو متعارف عليه عالمياً وهو ألا يتعدى 30 دقيقة. وعلى النقيض من ذلك، لوحظ في الدراسة ارتفاع نسبة العلاجات الأخرى الفعالة في علاج أزمات شرايين القلب الحادة مثل الأسبرين وأدوية تخفيض مستوى الكوليسترول في الدم (ستاتين)، والتي وصلت الى معدلات استخدام أكثر من 90%، وهي نسبة عالية قد تقارب أو تفوق معدلات استخدام هذه الأدوية في كثير من الدول ذات النظم الصحية المتطورة عالمياً.

* السكري والقلب ومن نتائج الدراسة أيضاً، النسبة العالية لمرض السكري عند هؤلاء المرضى مقارنة بالدول الغربية، حيث وصلت النسبة الى ما يقارب 60% وهو ما يمثل تقريباً معدل ضعف نسبة الاصابة بمرض السكري عند مرضى القلب في الدول الغربية. وأشار الدكتور الحبيب الى أن سبب ذلك غير واضح حتى الآن، لذا فإن هذه الدراسة تعتبر خطوة أولية لإجراء المزيد من الأبحاث المستقبلية حول هذا الموضوع.

واختتم الدكتور الحبيب تصريحه بأن هذه الدراسة توصي بضرورة انخراط كافة المستشفيات العاملة في المملكة العربية السعودية في هذه الدراسة حتى يتم تسجيل أكبر عدد من المرضى المستهدفين في الدراسة، مما يسهم في النهاية للوصول إلى كيفية تشخيص وعلاج هؤلاء المرضى في السعودية وتوفير رعاية صحية عالية الجودة.

واشتملت هذه الدراسة على مجموعة كبيرة وقيمة من النتائج التي سوف تساعد على رفع مستوى الأداء والتعامل مع مرضى القلب، وسوف نقدم تفاصيلها في أحد الأعداد القادمة.

* أربعون من كبار أطباء وجراحي القلب في العالم يشاركون زملاءهم السعوديين في مؤتمر القلب > أحدث التطورات في تشخيص وعلاج أمراض القلب تُختتم اليوم الخميس بمدينة جدة أعمال مؤتمر أمراض القلب التي نظمها مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة بالاشتراك مع جمعية القلب السعودية، ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بجدة، وجمعية القلب العربية للأمراض الخلقية عند الأطفال، على مدى ثلاثة الأيام الماضية.

وقد أوضح لـ «الشرق الأوسط» الدكتور خالد فيصل الشيبي، استشاري أمراض القلب في مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة، ورئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر، أن مؤتمر القلب لهذا العام تميز بحضور أكبر عدد من المتحدثين العالميين عن أي مؤتمر سابق لأمراض القلب عقد في المملكة حتى الآن، حيث شارك فيه أكثر من أربعين أستاذا واستشاريا في أمراض وجراحة القلب من الولايات المتحدة وكندا وأوروبا وغيرها، و30 أستاذاً من العالم العربي والإسلامي وأكثر من 70 أستاذاً من داخل المملكة.

وعن المواضيع التي نوقشت في المؤتمر قال الدكتور الشيبي إنها كثيرة ومتعددة وقد غطت أمراض وجراحة القلب للبالغين وكذلك أمراض وجراحة قلب الأطفال المتعلقة بالعيوب الخلقية.

وكان من أبرز المواضيع:

« مشكلة تصلب الشرايين التي نلاحظها اليوم في سن مبكرة عما اعتاده الطب في العقود الماضية، وذلك بسبب انتشار مرض السكري (الذي بلغت نسبته في المملكة أكثر من 25% من البالغين) وإزدياد ظاهرة السمنة وقلة الحركة إضافة الى الأكل غير الصحي والتدخين. ويعتبر الأطباء مشكلة تصلب الشرايين وباء القرن «الواحد والعشرين».

« ظاهرة إحتمال حدوث تجلط داخل الدعامات المعالجة، بعد عدة سنوات من تركيبها والتي نوقشت اخيرا في لجان وكالة الغذاء والدواء الاميركية في شهر ديسمبر الماضي ولا يزال اختلاف آراء المختصين قائماً حولها.

« المستجدات في علاج الفشل القلبي، خاصة الطرق الجراحية وتركيب منظم خاص للقلب يعيد تنظيم انتشار الشحنة الكهربائية داخل البطينين.

« الطرق الحديثة في بعض العمليات الجراحية للقلب عبر فتحات صغيرة عوضاً عن إجراء شق في منتصف القفص الصدري لإجراء العملية كما هو معتاد.

« اللجوء إلى القسطرة كوسيلة علاجية لبعض العيوب الخلقية لدى الأطفال عوضاً عن العمليات الجراحية.

واضاف الدكتور الشيبي أن هذا المؤتمر قد تميز أيضاً بمناقشة آخر المستجدات في استخدامات الاشعة الطبقية المحورية في تشخيص إنسداد الشرايين التاجية والذي سوف يحل محل القسطرة التشخيصية في المستقبل القريب، وكذلك استخدامات الرنين المغناطيسي في تقييم عضلة القلب ومدى استفادة المريض المصاب بجلطة من عملية إعادة التروية.

وأخيرا يؤكد أن السعودية قطعت شوطاً كبيراً في مجالات الطب وبالذات في طب القلب، ولدينا من المختصين السعوديين في مجال القلب نخبة ممتازة ولديهم من الكفاءة ما يصل إلى المستوى العالمي، ومن خلال هذا المؤتمر اتضحت للخبراء الأجانب هذه الصورة المشرفة التي تخفى على كثير منهم.